( الحوار ) و (اصلاح خلل الأدوار) من أجل طفولة بناءة و أرواح متفاعلة.
امثال شعبية رسخت في الوجدان، تدعم فكرة و تهدم غيرها، بل احيانا تهدم الفكرة التي قامت ببنائها، كثير منها تناول الاب و الام، بل و الاسرة، بطرق تفكير متباينة، الأمر الذي ساهم في قدر من الارتباك في مفاهيم التربية لدى معظم الناس، خاصة و أن اغلبنا غير متخصصين، و مع زيادة حجم الضغوط و فرط التواصل و الاطلاع على تفاصيل حياة بعضنا البعض، ادركنا ضرورة نشر المفاهيم الصحيحة حتى نتدارك هذه الأزمات التي يدفع الأبناء ثمنا باهظا لها ، بل و تدفع الاسرة باكملها ثمنا لا تطيقه،حفظكم الله و حفظ. ابناءنا جميعا،
نجد مثلا، الأم تعشش و الأب يطفش، اللي من غير أم حاله يغم، ان جالك الطوفان حط ابنك تحت رجليك، قعدة الراجل في الدار جنازة بتار، و هكذا،
و تداول الكثيرون في مجتمعنا العربي في الآونة الأخيرة العديد من الانتقادات للخلل في توزيع الأدوار و المسئوليات داخل الأسرة،
أدرك الباحثون في مجال الدراسات الإنسانية و رعاية الابناء أن مسؤولية رعاية الطفل لا يتولاها شخص واحد فقط، واهتموا بدور الآباء والأجداد و بعض المقربين في التربية السليمة للطفل. على اساس ان كل علاقة تسهم في تشكيل شخصية الطفل منذ الصغر .
وأشارت بعض الدراسات إلى أن مستوى هرمون أوكسيتوسين، المسئول عن تقوية الروابط الاجتماعية بين الآباء أو الأمهات والأطفال، يرتفع في الدم لدى الآباء عند اعتنائهم بصغارهم، و أن الآباء عندما يتولون مسئولية رعاية الأبناء في حالة غياب الأمهات، تنشط لديهم نفس المناطق من الدماغ التي تنشط لدى الأمهات للتكيف مع اداء هذه المسئولية الكبيرة،
يؤدي هذا التفاعل الايجابي بين الآباء و الأبناء إلى النمو العقلي والنفسي السليم لدى الطفل. فكلما زاد تفاعل الآباء مع الرُضع وجدانيا، قلت فرص ظهور المشاكل السلوكية لدى الطفل في المراحل اللاحقة من العمر، والعكس. وكلما زاد دعم الآباء، أو من يقوم مقامهم، للأطفال عاطفيا في الصغر، زاد رضا الطفل عن الحياة لاحقا، وتحسنت علاقته بمدرسيه وزملائه. بل و بذاته و بمجتمعه،
ان الاهتمام بجودة هذه العلاقات و رعايتها كفيل بانضاج الشخصية و التعامل مع مرحلة الطفولة لتمر بسلام و يخرج منها الطفل إلى مراحل أخرى في حياته أكثر نضجا و فهما و تكيفا مع متغيرات الحياة و مع الضغوط التي تفرضها الالتزامات اليومية الاجتماعية و التعليمية و العاطفية،
و انقل لكم هذه التجربة المؤثرة من خلال ورشة تدريبية حول مهارات الاتصال الأساسية، بين الأجيال داخل الأسرة، الورشة التدريبية اقامتها مؤسسة بلان بالتعاون مع جمعية خير و بركة بعنوان حوار الأجيال في اطار تنفيذ فكرة مدن آمنة للفتيات بحي الاسمرات،
و اشترط منظمو التدريب حضور الآباء والأمهات مع الأبناء،، لترسيخ مفاهيم حوار الأجيال داخل الأسرة حيث ان البيت اهم مكان،. وعلاقات المقربين أولى بالرعاية،، تناول التدريب موضوعات متعددة حول كيفية إقامة حوار بناء داخل البيت، و التركيز على تحقيق شروط الحوار الفعال ، مع اهمية الانتباه للمشاعر، و قبول اختلاف الافكار، و التأكيد على اننا جميعا شركاء في التغيير، متشابكون في علاقات القرب التي تتطلب مهارات الاتصال، فالاتصال كاحتياج إنساني من الاحتياجات الأساسية في الحياة ،
و توضيح مفهوم الاتصال الحازم الفعال ( الذي يقوم على انصات فعال نشط، فضول و تفاعل ، صدق و حقائق مع احترام الآراء و المعتقدات، ارساء قاعدة الاستفهام و عدم إصدار الأحكام في جمل تقريرية خالية من المرونة او اعطاء الطرف الآخر حق الرد و التحدث قبل إصدار الأحكام)
شملت الجلسة التدريبية تقديم معلومات و مفاهيم لتطوير اسس التواصل و الحوار داخل الاسرة، و السعي نحو حالة تغيير متوازية لكل افراد الاسرة، في اطار مجموعة من الأفكار الملهمة و شملت نقاشات متبادلة بين الاباء و الابناء و قدم الابناء من الأطفال و الطلائع اسكتشات درامية من ابداعهم ، و ذلك في اطار تغيير مفاهيم و سلوكيات الأسرة،و تم تقديم مجموعة من الانشطة التفاعلية،
تشاط ١ :_
حوار و تعبير عن الشعور و فتح النقاش و ادارته و بحث أهمية التغيير، و تبادل الافكار و الخبرات حول اهمية تحقيق الاتصال بين أفراد الأسرة،
نشاط ٢ :_
إعطاء المجال للابناء، من خلال التدريب على ابتكار حكاية داخل الأسرة، و اداء مشاهد تمثيلية حول توزيع الأدوار داخل الأسرة، و تغيير السلوك العدواني و التحفيز على التشارك، و الاحترام بين أفراد الاسرة، في اطار بث قيم استراتيجية أبطال التغيير لحقوق الفتيات والمساواة بين الجنسين . تشمل الاستراتيجية أنشطة دامجة وقابلة للتكيف لتشجيع الفتيات والفتيان على اكتساب المعرفة والسلوكيات والمهارات بناء على خبراتهم الحياتية،
( يركز نموذج الحوار بين الأجيال على إدماج الآباء ومقدمي الرعاية والآخرين من أعضاء المجتمع المؤثرين فى رحلة التغيير عبر ممناقشة القضايا التى تهم الشباب. و تتم بعض الأنشطة بالتعاون بين البالغين والصغار معا, وبعض الجلسات الأخرى تنعقد فقط مع البالغين سواء الاب او الام او غيرهم من مقدمي الرعاية)
و قام الأبناء أثناء جلسات التدريب بالتعبير بأسلوب المحاكاة الدرامية عن واقعهم و طموحاتهم لعلاقات اسرية افضل، و اعترفوا من خلال الاسكتشات الدرامية المرحة المبدعة بنقاط ضعفهم و تقصيرهم، و ما يرفضونه و ما يتمنونه في علاقاتهم الأسرية،
و اتبعت هذه الورشة التدريبية بجلسة أخرى بعد عدة أيام مع الآباء فقط لتطوير مهارات ادارة الغضب الذي يؤذي العلاقات الأسرية و يؤدي إلى نتائج عنيفة و سلبية جدا، نشهد جميعا على تبعاتها على شبكات التواصل الاجتماعي،
الملفت للانتباه تفاعل الآباء على اختلاف مستوياتهم مع مفاهيم و اساليب ادارة الغضب، ما يعكس الاهتمام باكتساب مهارات معرفية و سلوكية مهمة للنجاح في إدارة شئون الحياة الأسرية للسير بها نحو السلام و السكينة و المودة والرحمة لينجو افراد الأسرة من متغيرات كبيرة يمر بها الجميع و تهدد الاستقرار و السلامة، أكدت التجربة أن مشاركة الآباء ضرورة و خطوة مهمة لانجاح خطط التنمية و التطوير داخل الأسرة، هذه الخطوة تختصر الوقت و الجهد و تساند كل جهود الجهات المعنية بدعم قضايا الطفولة و الأسرة، فالأب قائد اذا احسن اداء دوره، و تمكن من أدواته، ستتضاعف نتائج الجهود الكبيرة التي تبذلها الحكومات و المؤسسات الداعمة لحماية الأطفال و الأسرة،
و تظل المعرفة و التشارك و التمكين من ادوات التطوير والتحديث و التغيير للأفضل هي القوة الدافعة لضمان سلامة المجتمع و استقراره.