المــوقـــع الــرســمى الـخــــاص بــ "د/ تــامر المـــــلاح"

"تكنولوجيا التعليم " الحاسب الألى " الانترنت " علوم المكتبات " العلوم التربوية " الدراسات العليا "

شجاعة جيش

نرحل لوسط شبه الجزيرة العربية، في السنة الثامنة للهجرة، حيث صحراء العرب القاحلة، هنالك شبح قافلة من بعيد، لنقترب منها أكثر، فربما يسمحون لنا بالانضمام إليهم

إنها ليست قافلة!! يبدوا أنهم جيش!! ويبدوا أيضا أنهم من العرب، من هيئتهم ومن عدّتهم البسيطة!! لنسألهم عن وجهتهم.

<!--من أنتم؟ وأين وجهتكم؟! -  نحن جيش رسول الله صلى الله عليه وسلم. متوجهون لجهاد الروم.

<!--وأين ستلاقونهم؟  -  عند مؤتة.

<!--وكم عددكم؟  -  ثلاثة آلاف مجاهد أو نزيد قليلا.

- وكم عدد جيش الروم؟   -  لا علم لنا بهم!

أكمل الجيش مسيره، بجنود أقدموا على الله بأرواحهم وأموالهم، يرجون النصر في الدنيا، ليكملوا مسيرة الجهاد في سبيل الله. أو الشهادة ونيل رضوان الله تعالى وجنته.لكن هنالك منادٍ ينادي في كبار الصحابة ليجتمعوا!! ما الذي حدث يا ترى؟! لنجتمع معهم لنسمع ونرى.قام أحدهم قائلا: لقد وصلت الأخبار بأن هرقل جاء بمئة ألف من الروم وانضم إليهم من القبائل مئة ألف آخرين.فماذا نحن صانعون؟

مكث الجيش في مكانه ليلتين للتشاور. فهل يكملون المسير، أم يرسلون لرسول الله صلى الله عليه وسلم لإخباره بالأمر، منتظرين المدد أو أمر من عنده.

يا الله.. ما هذه الشجاعة!! ألم يفكر أحد بالانسحاب؟! ألم يقل أحدهم أنهم مئتا ألف ونحن ثلاثة آلاف فقط فنصرنا عليهم مستحيل. ألم يحسبها أحد بحساب المنطق في زماننا ليرى أن على كل رجل منهم مقاتلة خمسة وستين رجلا لوحده!! لماذا لا ينسحبون إذن ما دامت الكفتان غير متزنتان!!

لا عجب في ثبات هؤلاء الثلة من الرجال! فلقد رباهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بيديه الكريمتين فتشبعت قلوبهم بالإيمان بالله وبالتوكل عليه وباليقين بأنه لن يصيبهم إلا ما كتبه الله لهموهم يعلمون أن نصرالله لا يكون بالعدد وإنما يكون بالإيمان.

من ذلك الذي قام هناك؟! إنه عبد الله بن رواحة، قام ليشجع الناس. وها هم الناس بدءوا يجهزون أنفسهم لإكمال المسير.

بهذا الإيمان، وهذه الشجاعة، استطاع أجدادنا نشر دين الإسلام، ليمتد من المحيط الأطلسي إلى حدود الصين.

التقى الجيشان. واستشهد قائد الجيش، زيد بن حارثة رضي الله عنه، وبعده استشهد خَلَفُه، جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه، وبعده استشهد آخرهم عبد الله بن رواحة رضي الله عنه.

فتفرق المسلمون، حتى لم يبقى اثنان بجانب بعضهما البعض. ثم أخذ الراية أحد شجعان المسلمين، وسلمها لخالد بن الوليد رضي الله عنه. فتمكن خالد بخطة حكيمة من الانسحاب من المعركة من غير خسائر تذكر.

وعندما وصلوا المدينة المنورة، وجدوا الصبيان في استقبالهم. نعم يحق لهذا الجيش الشجاع حسن الاستقبال على ما فعلوه. لكن كان استقبالهم من نوع آخر، آخذ الصبيان بحث التراب في وجوههم ومناداتهم: يا فرار فررتم في سبيل الله.

لكن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ليسوا بالفرار ولكنهم الكرار إن شاء الله تعالى.

انتهت رحلتنا لهذا اليوم، وقد رأينا شجاعة المسلمين، وقوة إيمانهم بالله. وكيف أنهم أكملوا مسيرهم مع أن عددهم لا يقارن بأي حال من الأحوال بعدد عدوهم، لكن سلاحهم كان إيمانهم بالله، فوفقهم الله فيما كانوا فيه. ورأينا أيضا، التربية الحسنة للأبناء، وكيف أنهم فضلوا استشهاد آبائهم على أن يفروا من المعركة. فبهذه التربية، ظهر في الأمة رجال دافعوا عن هذا الدين ونشروه. وبمثل هؤلاء الرجال، ستبقى العزة للمسلمين، ومن دونهم يبقى حالنا مثل ما هو عليه الآن من ذل وهوان، وتعذيب وتقتيل وتشريد للمسلمين في شتى بقاع الأرض.

 

 

المصدر: إعداد م/ تامر الملاح
tamer2011-com

م/تامر الملاح: أقوى نقطة ضعف لدينا هي يأسنا من إعادة المحاولة، الطريقة الوحيدة للنجاح هي المحاولة المرة تلو المرة .."إديسون"

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 213 مشاهدة
نشرت فى 28 يونيو 2013 بواسطة tamer2011-com

ساحة النقاش

م/ تامر الملاح

tamer2011-com
باحث فى مجال تكنولوجيا التعليم - والتطور التكنولوجى المعاصر »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

3,917,151

بالـعلــم تـحـلـــو الحـــيـاة

للتواصل مع إدارة الموقع عبر الطرق الأتية:

 

 عبر البريد الإلكتروني:

[email protected] (الأساسي)

[email protected]

 عبر الفيس بوك:  

إضغط هنا

(إني أحبكم في الله)


أصبر قليلاً فبعد العسر تيسير وكل أمر له وقت وتدبير.