الجميع يدّعي أنه يملك رؤية ورسالة وهدف في حياته لو سألته أن يفرق بين هذه المفاهيم لجاءك بالعجب!!
تجده يضع الشعار مكان الرؤية والهدف مكان الرسالة والهدف مكان الشعار!!
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
شرعت منذ يومين البدء بعرض تفصيلي ( برزينتيشن ) لاحد المشاريع الكبيره والعملاقه في نقطة تمهيدية استعدادا لبدء دراسه جدوى اقتصادية , وفي اجتماعاتنا طلبت رؤية ورسالة وهدف الشركة التي تتبنى هذا المشروع ففوجئت جدا ( مع انهم من كبار الشركات الرائده ) بالغلط الذي لا يفرقون به بين الرؤية والرسالة والهدف ولذلك احببت ان اضع هذا الموضوع هنا للاستفاده .
وأمر التفريق بين هذه المفاهيم وإن كان أمراً شكلياً في نظر البعض إلا انه أحد أساليب تنظيم التفكير والتخطيط والفهم
الرؤية
بشكل مختصر هي:
التوجه الذي تتبناه المنظمة أو الجهة أو المجموعة .. مستقبلاً
ولابد أن يكون هذا التوجه واضحاً للجميع .. وملهماً .. وقد يقترب إلى الاستحالة منه إلى التحقق
ولتقريب الصورة
الرؤية تشبه نجم سهيل الذي يهتدي به السائر ليلاً ويراه مهما كان موقعه
لو أسقطنا هذه الرؤية على الإسلام فأستطيع أن أدّعي أن الرؤية الإسلامية هي في قوله تعالى
(كتاب أنزلناه إليك لتخرج الناس من الظلمات إلى النور بإذن ربهم إلى صراط العزيز الحميد)
شرح الصحابي الشاب ربعي بن عامر رضي الله عنه هذه الرؤية تفصيلاً عندما سأله رستم قائد الفرس قبل معركة القادسية بـ مالذي جاء بكم!!!؟
فقال رضي الله عنه
أتينا لنخرج العباد من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد .. ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام .. ومن ضيق الدنيا إلى سعة الآخرة
رؤية واضحة جداً لا تتغير بتغير الأزمان
إخراج الناس من الظلمات إلى النور
الرسالة
جملة تشرح سبب وجود المنظمة أو الجماعة أو الجهة وهي نتيجة للرؤية
وهي تتعلق بالإجابة على أسئلة من قبيل (ما الطريقة!؟ ولماذا!؟ وأين!؟ ومتى!؟ وكيف!؟)
ويقال أن للرسالة عدد من العناصر (لابد أن تكون واضحة وظاهرة) وهذه العناصر هي
الفلسفة (بجميع جوانبها مثل .. القيم ، الطموح ، الأخلاق .. الخ) ، المستفيدون ، الخدمات والمنتجات التي تقدمها ، السوق والمكان الذي تعمل فيه ، الاستمرارية ، التقنية ، الخصوصية والتميز ، الصورة المرغوبة ، مدى تحقيقها لرغبات التابعين ، روح الحماس
ولان الإجابة على أسئلة الرسالة متغيرة بتغير الزمان والمكان كان لابد أن تتغير الرسالة أيضاً بدون أن تفقد صلتها بالرؤية
وأستطيع أن أزعم أيضاً أن مثل هذه الآية تعتبر من الرسائل المقدسة في الإسلام
(وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا إن الله لا يجب المعتدين .. واقتلوهم حيث ثقفتموهم وأخرجوهم من حيث أخرجوكم والفتنة أشد من القتل ولا تقاتلوهم عند المسجد الحرام حتى يقاتلوكم فيه فإن قاتلوكم فاقتلوهم كذلك جزاء الكافرين .. فإن انتهوا فإن الله غفور رحيم .. وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين لله فإن انتهوا فلا عدوان إلا على الظالمين)
لا يستطيع أحد أن يقول أن هذه هي رسالة الإسلام الوحيدة المناسبة لكل مكان وزمان
وحتى هذه الرسالة تظهر أن للعدوان وضع وللانتهاء من العدوان وضع آخر .. ولذلك عندما اختلط أمر الرؤية والرسالة على البعض حاول أن يشكك في بعض أسس الإسلام وأصبح ينظر إلى الرسالة أو الهدف على أنها هي الرؤية وبدأ في ضرب الإسلام بعضه ببعض
القيم
هي الأخلاقيات التي تحكم تصرفات المنظمة أو الجماعة أو الجهة وأسلوبها في العمل
وأعتقد والله أعلم أن أخلاقيات الإسلام واضحة ومرتبطة بالرؤية أيضاً بل تكاد تكون ثابتة
ولهذا لما وصفت عائشة رضي الله عنها رسول الله قالت (كان خلقه القرءان)
ولكن القيم ترتبط بشكل مباشر مع الرسالة .. فموقف الرسالة هو الذي يحدد نوع القيم التي تستخدم ولهذا اعتقد البعض أن القيم الإسلامية تتغير بتغير الزمان والمكان بسبب ارتباطها بالرسالة التي قلنا أنها تختلف باختلاف المكان والزمان
الأهداف
نأتي الآن إلى الغايات (الأهداف) والتي نستطيع أن نصفها بأساليب الوصول وتحقيق الرسالة
ويجب أن تكون هذه الأهداف محددة وواضحة ولو ارتبطت بنسب معينة يكون أفضل،
كما أن الأهداف لابد وأن تكون قابلة للقياس مما يعني أنها واقعية، وأن لا تكون أهدافاً سهلة وأن يحدد الفترات اللازمة لتحقيقها ..
وبالتالي فالأهداف تقسم إلى أهداف قصيرة وقريبة المدى وأهداف بعيدة أو طويلة المدى
لذلك فالأهداف تعتبر هي النتيجة العملية للرؤية مروراً بالرسالة
على سبيل المثال عندما تختل رؤيتنا من إخراج الناس من الظلمات إلى النور وتتحول إلى التمكين في الأرض أو الانتساب والتمحور حول جماعة أو فئة معينة
فهذا يخل بكل شيء .. يخل بالرؤية .. ويخل بالرسالة .. وبالتالي فالأهداف التي نحاول تحقيقها تكون أهداف وهمية تحقق رسالة وهمية ومنه ينشأ التنازع والفرقة والتشتت
الشعار
يوصف بأنه عبارة عن جملة رنانة ومسجوعة تدل على توجهات الجماعة والمنظمة والجهة
وأستطيع أن أقول وإن كانت الشهادة من أركان الإسلام إلا أنها في نفس الوقت تعتبر من أقوى الشعارات
لذلك كان الشعار الأبرز للأمة الإسلامية وعلى مر العصور هو
(( لا إله إلا الله محمد رسول الله ))
اتمنى الاستفادة للجميع والاخذ ذلك بعين الاعتبار .
ساحة النقاش