لا يقاس البعد والقرب بالمسافات .. .حتى قبل ثورة الاتصالات .. فلا شىء يخدع كالمسافات خد عندك مثلاً شفتاك كيف لا يطيعانك حين تحاول أن تنتزع منهما ابتسامة تتصدق بها على أخيك.. ويدك التى ترفض أن تدخل جيبك لتستل بضعة جنيهات تمنحها لمحتاج ..فى الحياة العامه كما فى السياسة فليس كل معارض بعيداً عن النظام بل بعضهم فى سويداء القلب صنعهم النظام على عينية واصطفاهم ووزع عليهم دورهم ينتقدون ويرغون ويزبدون فيما لا يسمن ولا يغنى من معرفة ...يعارضون فيحصلون على البركة .. بركة من الداخل وبركة من الخارج ..كونوا ثروات بعد فقر وسكنوا القصور بعد القبور ..معظمهم يتصور أن تلك ثمار عبقريته، إنما هى فى الحقيقة ثمار الأمر المكلفون به فى موكب أعداء السلطان...وما اكثر المعارضين الذين اغتنوا من عصور الفساد ...وهم الآن يحنون اليها رغم أنهم ركبوا فى سفينة النظام الجديد بما لهم من قدرة على اشباع حاجة السلطان لمنافقين و آفاكين يرجون لعظمته ... صحيح معظمهم يشعرون ببعض الأمان ..لكن ما مضى كان أشهى وأحلى ...
هؤلاء يزعمون الثقافة الواسعة وكل ما يجودون به على الفضائيات يؤكد أنهم دجالون لا يقدمون سوى البضاعة الرخيصة ... نوع من العهر الثقافى ..لا بحث ولا تدقيق ولا تمحيص .. أحدهم وقد تقمص دور العالم بسيرة الصحابة لم يكن له من مصدر علمى سوى كتاب الأغانى لأبى فرج الأصفهانى رغم أن الاصفهانى صاحب كتاب الأغانى معروف بكذبه يروى عن شخصيات مزعومة وعن كذابين لا يعتد بروايتهم بل كان يشرب الخمر ويشترى الثوب فليبسه لا يخلعه إلا حين يبلى ..والغريب أن المثقف الجهبذ الذى يعظ كلما كتب أو تحدث ظل يزيف وعى الناس ويقبض آلاف الجنيهات على هذه المهمة ثم باع السلطة التى صنعته للأمراء بملايين الدولارات ثم باع من باع لهم السلطة التى صنعته .. وكل ما يملكه بضاعة رديئة ..لكنه بائع شاطر باعتبار الغش فى هذا الزمان شطارة ..الحقيقة أن هؤلاء كثر وهم آفة هذا البلد أمس واليوم وربما الغد أيضاً .