كنت أظن حينها أنها مستودع من الجان كما كان يظن البعض معى...فقد كان عرسها الغامض يوحى لمن يسمع أصوات الزغاريد والابواب موصدة كأن اباها الدجال سخر لها من خدام الجن ما يرسم لها عرسها...أحسست حينها برهبة فظيعة لا أعرف معناها الا بعد مرور الزمن الطويل على مجاورتى لها.
أول مرة يراها وجهى لا أنساها ....ليست متكلفة بلبسها ...العباءة البمبى الملونه وبنطال أحمر يظهر منها وايشاربها البسيط وهى تخرج بعد عرسها...الحزن فى وجهها وعيناها تنظر للأرض وبصوت خافت تلقى السلام....ويرد زوجى ويقول...هى العروسة....أتعجب منها تكاد تظهر فى سن مراهقتها قبل ذلك رأيت زوجها الذى يشبه العجوز فى شكله لا يليق بها فتساءلت أو بدون أن أسال تقريبا...تسرد لى قصتها ....ابوها من زوجها برجل عجوز ومريض بعد أن أخذ منه كل ما لديه من مال يقصد بهذه الزيجة أن يغطى على فعلته وما هى الا عبدا للمأمور...ويلى حين رأيتها شىء يهمس بى هى قدرك المنتظر فاحذرى منها....فهويمدحها بقوة ويشفق عليها من هذذه الزيجة بالرغم من عمره يقارب زوجها ولكن فارق كبير فمن يراه يجده فى عنفوان شبابه فى قوته وصحته.
الوهم يأتينى بطريق آخر عى شكل كابوس كاد يتكرر كل يوم بنفس الشكل حتى كاد قلبى يدق ويخاف ويرهب من المنتظر...بالرغم أنى كنت أتجاهل ألامر ولكن التكرار يؤلمنى....عاما بأكمله أرى هذا الكابوس ...بيتها الذى يجاورنى أدخله ليلا لظروف تنتابها وما ان دخلت حتى أجد حجرات متداخله واحدة تلو الأخرى أرى بيتها لا نهاية له ادرك حينها الخطر ولا اتعداه الا بتلاوة القرآن حتى أستيقظ من نومى وأنا أتلوه ودقات قلبى مرتفعة.....ويلى من هذا الكابوس ليس بمخيف ولكن تكراره يخيفنى حتى دعوت الله أن يبعده عنى وأن يكفينى شر ما به بالفعل ما عدت أرى ولا أتذكر شيئا الا أنه وهم يأتينى
من شيطان يدعونى الى قطع الصلة...قاومته برمى السلام عليها دائما لتبتسم وتفرح بقلبها وهى ترد السلام بكل حرارة...ولكن شىء من الخوف يأتينى...دام هذا الحال ما يقرب من عشرة أعوام لا يوجد بيننا الا السلام والتهنئة فى الاعياد فى ثوانى معدوده....وأنا مرتاحة البال وقلبى مطمئن الى أن حان وقت القلق والرهبة الفظيعة لتقلقل الماضى داخلى....زوجها الذى أكل منه الزمن وشرب قارب على الموت باقى من الزمن شهور...ويلى هى فى ريعان شباها فى السابع والعشرين من عمرها ...سيترك لها بنتين وولده الأكبر...العجب كل العجب أنها ما علمت بخبر قرب منيته الا وتبدلت بها الحياه...لبسها البسيط انقلب الى عباءة سواريه والطرحة اللامعة التى تهنئها بفك اسرها...وكأنها تقول للعالم من حولها...قد حان وقت الانتصار...العيون اليها تنظر تتعجب وعيون أخرى تنتظر طمعا....لا أعلم لماذا الخوف ولا أعلم لماذا تكرر فى نفسى كرهها ولماذا تذكرت هذا الكابوس الذى لا يخيفنى حينها...أخافنى فى هذا الوقت وكأن الحال تبدل...أنا من يعبس وجهها أنا من يهمل نفسه خوفا من الغد الذى أتمنى أن لا يأتى...عيبى الوحيد أن أرى المستقبل دائما...بل هذا مصدر تعاستى.
جاء اليوم الموعد...حان وقت رحيل زوجها...دخلت اليها كالباقى من الناس ...اليوم أنظر فى وجهها لأرى مالم يره الناس...أقسم بالله أنها تضع الماكياج وترتسم البسمة فى وجهها وهى تولول رحيله لتشد انتباه الناس اليها...خرجت من بيتها لألعنها داعية ربى أن يكفينى شرها.
حاوت أن أتناساها أبعد عنها كل البعد.....ولكنى لن انسى هذا اليوم الذى أقف فيه فوق سطح منزلى دون ترتيب لأراها وهى واقفة على ناصية الشارع وكأنها تقف فى عرض أزياء..فأطلب الستر من ربى...كل ذلك ولا أعلم لماذا...كل ما هنالك قلبى ينقبض.
تحقققت نبوءتى حينما أتى أحد شباب الحارة ليعلن أنها على علاقة باحد الشباب الذى يتسلل أليها ليلا...هذا الشاب متزوج وله بنت...اعلانه ليس اعتراضا منه بل حقدا على أن تركته من قبل بسبب هذا الشاب...يريد منها الانتقام بفضيحة أمرها...فيذهب الى كبير الحارة ليريه بعضا من رسائلها على التليفون....ويسرد له قصته مع هذا الشاب.....ليتصرف هو معها.
بقلمى // الهام شرف
....................................................................................ولها بقية.