<!--<!--<!--<!--[if gte mso 10]> <style> /* Style Definitions */ table.MsoNormalTable {mso-style-name:"جدول عادي"; mso-tstyle-rowband-size:0; mso-tstyle-colband-size:0; mso-style-noshow:yes; mso-style-priority:99; mso-style-parent:""; mso-padding-alt:0cm 5.4pt 0cm 5.4pt; mso-para-margin:0cm; mso-para-margin-bottom:.0001pt; mso-pagination:widow-orphan; font-size:10.0pt; font-family:"Times New Roman","serif";} </style> <![endif]-->
كان للمرأة المصرية مكانة رفيعة في المجتمع المصري الفرعوني القديم باعتبارها الشريك الوحيد للرجل في حياته الدينية والدنيوية؛ طبقًا لنظرية الخلق ونشأة الكون الموجودة في المبادئ الدينية الفرعونية، من حيث المساواة القانونية الكاملة وارتباط الرجل بالمرأة لأول مرة بالرباط المقدس من خلال عقود الزواج الأبدية؛ فقد وضعت الحضارة الفرعونية أول التشريعات والقوانين المنظمة لدور المرأة وأول تلك التشريعات وأهمها تشريعات الزواج أو الرباط المقدس من حيث الحقوق والواجبات والقائمة على الاحترام المتبادل بين الزوج والزوجة باعتبارها هي ربة بيت والمتحكمة الأولى فيه، بالإضافة إلى حقها الكامل والمتساوي مع الرجل فيما يختص بحق الميراث، كذلك كان لها ثلث مال زوجها في حالة قيامه بتطليقها بدون سبب. كما كان المصري القديم دائم الحرص على أن تدفن زوجته معه في مقبرة باعتبارها شريكته في الحياة الدنيا وبعد البعث أيضًا. كما تجاوزت المرأة المصرية في التاريخ الفرعوني المكانة الهامشية التي عانت منها المرأة في ظلال اليونان، فنالت احترامًا كاملاً من الرجل، وشاركت في مناحي الحياة المختلفة اجتماعيًّا واقتصاديًّا وسياسيًّا بل ودينيًّا، حتى وصلت إلى درجة التقديس، فظهرت المعبودات من النساء إلى جانب الآلهة الذكور، بل إن آلهة الحكمة كانت في صورة امرأة، والآلهة إيزيس كانت رمزًا للوفاء والإخلاص، وجعل المصريون القدماء للعدل إلهةً وهي (ماعت(، وللحب الإلهة )حتحور(، وللقوة (سخمت( كما حصلت المرأة المصرية على وظيفة دينية في المعابد مثل كبيرة الكاهنات، وحتى الملكة حتشبسوت حصلت على لقب يد الإله، واستطاعت المرأة الدخول في العديد من ميادين العمل المختلفة، وشاركت في الحياة العامة، وكانت تحضر مجالس الحكم، وكان لها حقوق رضاعة الطفل أثناء العمل، ووصل التقدير العملي لها إلى درجة رفعها إلى عرش البلاد، فقد تولين المُلك في عهود قديمة، مثل (حتب)، أم الملك خوفو؛ و(خنت)، ابنة الفرعون منقرع، و(إباح حتب)، ملكة طيبة؛ و(حتشبسوت(؛ و(تي) زوجة إخناتون؛ و(كليوباترا) . كما عملت المرأة بالقضاء مثل )نبت)، حماة الملك تيتي الأول من الأسرة السادسة، وتكرر المنصب خلال عهد الأسرة السادسة والعشرين، وأيضًا العمل بمجال الطب مثل (بسشيت)، والتي حملت لقب كبيرة الطبيبات خلال عهد الأسرة الرابعة، ووصلت الكاتبات منهن لمناصب مديرة، رئيسة قسم المخازن مراقب المخازن الملكية، سيدة الأعمال، كاهنة. وحملت المرأة ألقابًا عظيمة في مصر القديمة مثل طاهرة اليدين؛ العظيمة في القصر؛ سيدة الحب، سيدة الجمال؛ عظيمة البهجة.
ثم تعرضت المرأة لامتهان واسترقاق وتهميش في ظلال جاهليات العالم العديدة[الروماني/الفارسي/الهندي/العربي] إلى أن جاء الدين الإسلامي المهيمن الخاتم فجعل المرأة بانية المجتمع، وجعل المجتمع راعيًا للمرأة ودرعًا لها؛ فالنصوص الإسلامية: قرآنًا كريمًا وسنة نبوية شريفة، تدل على ذلك؛ ففي القرآن الكريم سورة نزلت خاصة بهنَّ تسمى (سورة النساء) توضح فيها أحكام المواريث، وكيفية معاملة المرأة في حال صلاحها ونشوزها، والأمر بمعاملة النساء والأيتام بالعدل والإنصاف، وفي القرآن الكريم -أيضًا-سورة باسم امرأة هي السيدة مريم البتول-عليها وعلى ابنها السلام-والتي جعلها الله الأنموذج الأعلى للمرأة في قوله-عز وجل-:﴿وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِن رُّوحِنَا وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ﴾؛ فالمرأة في الإسلام مساوية للرجل كل المساواة في الأمور الحياتية، وفي الحقوق والواجيات، قال الله تعالى: ﴿مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً ۖ وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾. وهذا ما قرره رسول الله الخاتم- صلى الله عليه وسلم - في جملة من جوامع بلاغته بقوله - صلى الله عليه وسلم -: (إِنَّما النِّسَاءَ شَقَائِقُ الرِّجَالِ)؛ فالنساء يُماثِلن الرجال في القدر والمكانة، ولا ينتقص منهن أبدًا كونُهنَّ نساءً. إنها شقيقةً للرجل في كل أحواله وأفعاله، تشترك معه في تربية الأولاد، وتعمل على خدمتهم، واستقرار بيتهم، وباستقرار البيت بالزوجين يخرج بيتًا طيبًا على الهدي النبوي، ومن ثَمَّ يُسهم هذا البيت في بناء المجتمع. إنها نصف المجتمع، ويعيش في حضنها ورعايتها النصف الثاني.
وقد رفعَ الإسلام شأن المرأة في بلاد العرب وحَسَّنَ حالها، بل إن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر بالرفق بهن، ونهي عن تزويج الفتيات كُرهًا وعن أكل أموالهن، ولم يكن للنساء نصيبٌ في المواريث أيام الجاهلية، بل إنَّ الرجل كان إذا بشَّره أهله ببنتٍ اسودَّ وجهُهُ، وقد حكى القرآن ذلك فقال سبحانه وتعالى: ﴿ وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالْأُنْثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ * يَتَوَارَى مِنَ الْقَوْمِ مِنْ سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ أَلَا سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ ﴾، وفي الجاهلية كانوا يقتلون البنات وهنَّ أحياء، ولمَّا جاء الإسلام حرم وَأْد البنات، فقال عز وجل: ﴿ وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ * بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ ﴾! وقد حرَّم الله تعالى فيما يسمى بزواج المتعة حديثاً، وحَمْل الإماء على البغاء فيما سمَّاه القرآن الكريم، فقال عز وجل: ﴿ ... وَلَا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّنًا لِتَبْتَغُوا عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَنْ يُكْرِهْهُنَّ فَإِنَّ اللَّهَ مِنْ بَعْدِ إِكْرَاهِهِنَّ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾، وذلك حرصًا على سلامة المرأة من المخاطر التي تتعرض لها في نفسها وشخصها.
وقد خلق الله تعالى في النساء صورةٌ من صور الضعف، وهو ليس ضعفًا مذمومًا، بل هو محمود؛ لأنه ضعف القلب والعاطفة، بمعنى رقَّة المشاعر، وهدوء الطباع .وكان الرسول - صلى الله عليه وسلم - يُقَدِّر هذا الضعف في النساء، ويحرص على حمايتهنَّ من الأذى الجسدي أو المعنوي، ويُظهِر رحمته بهنَّ بأكثر من طريقةٍ، وفي أكثر من موقفٍ وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دائمَ الوصية بالنساء، وكان يقول لأصحابه: (اسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْرًا)، وتكررت منه النصيحة نفسها في حجة الوداع، وهو يخاطب أمته، وكان يوقن أنَّ هذه الوصية من الأهمية بمكانٍ حتى يُفردَ لها جزءًا خاصًا من خطبته في هذا اليوم العظيم، فقال رسول الله- صلى الله عليه وسلم-: ( وَاسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْرًا؛ فإنهن خُلقنَ من ضِلَعٍ، وإنَّ أعوجَ شيء في الضلَع أعلاه؛ فإن ذهبت تقيمه كسرته، وإن تركته لم يزلْ أعوج، فاستوصوا بالنساء خيرًا). كما قال- صلى الله عليه وسلم-: (فاتقوا الله في النساء؛ فإنكم أخذتموهنَّ بأمانة الله، واستحللتم فروجهنَّ بكلمة الله).
والمقرر أن الإسلام حافظ على المرأة وكرمها في جميع أحوالها وأعمارها:
فالمرأة/الطفلة: كرمها النبي - صلى الله عليه وسلم – بالحث على رعايتها؛ فعن عائشة رضي الله عنها قالت: (دخلتْ امرأةٌ معها ابنتانِ لها تسأَلُ، فلم تجدْ عندي شيئًا غيرَ تمرةٍ، فأَعطيتُهَا إيَّاها، فَقَسَمَتْهَا بينَ ابنتيْها، ولم تأكُلْ منها، ثم قامتْ فخرجتْ، فدخلَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - علينا فأخبرتُهُ، فقال: من ابْتُلِىَ من هذهِ البناتِ بشيءٍ كُنَّ لهُ سِترًا من النارِ).
والمرأة/الزوجة: أمر الله -تعالى- بحسن صحبتها في قوله: ﴿وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ ۚ فَإِن كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَىٰ أَن تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا﴾ وقوله تعالى: ﴿ وَلَهُنَّ مِثلُ الَّذِي عَلَيهِنَّ بِالمَعرُوفِ﴾. وقول النبي-صلى الله عليه وسلم-: (خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي) :أي زوجته، وأمه، وأبيه، وأولاده، كلهم أهله، بأن يحسن إليهم، وينفق عليهم، وهذا الحديث الشريف الجامع يعد دستورًا لكل أسرة.
و المرأة/الأُمُّ: أوصى الله -تعالى- الأبناء بحُسْن معاملة الآباء، وبخاصةً الأم؛ فقد صوَّر القرآن الكريم هذا الأمر في تصويرٍ بليغٍ ومُعجزٍ في أكثر من موضعٍ، منه قول الله تعالى:﴿ وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ ﴾. كما أوصى النبي - صلى الله عليه وسلم - بالأم ثلاث مراتٍ، لِما لها من تكريمٍ ومكانةٍ عظيمة، ورفعةً لشأنها.
و المرأة/الأرملة: رفع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قدر الذي يرعى شئون الأرملة إلى درجة عبادية عالية، بقوله: (السَّاعِي عَلَى الأَرْمَلَةِ وَالْمِسْكِينِ كَالْمُجَاهِدِ في سَبِيلِ اللَّهِ أَو الْقَائِمِ اللَّيْلَ الصَّائِمِ النَّهَارَ).
والمرأة/الأمة: دعا الرسول إلى الرفق بالمرأة الأَمَة؛ فقد قال سيدنا أنس بن مالك -رضي الله عنه-: (إِنْ كَانَتْ الأَمَةُ مِنْ إِمَاءِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ لَتَأْخُذُ بِيَدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَتَنْطَلِقُ بِهِ حَيْثُ شَاءَتْ). فالمرأة في ظلال حضارة الإسلام درة مكنونة في جميع مراحلها العمرية، وبجميع أحوالها الاجتماعية، بلا عنف أو عنصرية أو تمييز أو تهميش أو تجهيل...