أسامة موسى: الحداثي المستقلـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــاعتاد جيلي أن تكون كلماته التقريظية عن أساتذته وأكابره في كل مجال وفن وفاءً حينًا ونفاقًا أحيانًا، لكنها المرة الأولى التي أكتب فيها عن شاب منوفي أستاذ بمعنى الكلمة، إنه الحبيب الدكتور (أسامة موسى السيد) - أستاذ النقد الحديث المساعد بكلية الآداب، بجامعة المنوفية- الذي ليس بيني وبينه أية صلة اجتماعية أو فكرية، وجه الشبه بيني وبينه فقط هو أننا منوفيان نشأة وعقلاً وسلوكًا. أما وجوه الخلاف بيني وبينه فكثيرة، منها: أزهريتي وآدابيته، وتراثيتي وحداثته، وكوني من مواليد سبعينيات القرن الماضي وكونه من مواليد الستينيات، وكونه صريح اللغة حادَّها وكوني هادئًا مهادنًا. ومع ذلك فإنني أحبه حبًّا جمٍّا، وأقدره تقديرًا كبيرًا؛ لما لمسته في شخصه وشخصيته من دلائل جد وحداثة ووطنية والتزام واحتشام وصراحة وجراءة، لم أرها في كثير من المتسربلين بلباس الإسلام زورًا وبهتانًا!والحبيب الدكتور (أسامة موسى): تاريخ من النضال والتفاني في ميدان البحث والتعليم والتثقيف، عاشرته منذ كنت باحثًا، أقرأ كتابات أساتذة آداب المنوفية؛ لأدرسها لطلاب وطالبات قريتي، فأجد عنده عمقًا وجدية، لا سيما في رسالته: (جدل الذات والآخر في شعر المتنبي) التي جادل فيها القدامى والجُدادى حول شعر المتنبي وأتى فيها بالطريف الجديد المفيد؛ فكل سطر في هذه الرسالة يدل على عناء وتعب وألم لذيذ؛ بغية الوصول إلى حلول لكل إشكاليات شعر المتنبي، حلول فيها إقناع وإمتاع. وكثيرًا ما حدثني الطلاب والطالبات عن كارزيما (أسامة موسى) في القاعة الدراسية، ورسموا لوحة للأستاذ مثالي: فصيح جهوري، مثقف مؤثر، متحاور، ديمقراطي، منضبط، يستخرج المعلومة والفكرة من الطلاب، ويعطيهم ثقة في أنفسهم ومساحة من الحرية لا توصف ولا تقدر، يطبق العصف الذهني خير تطبيق، ويطبق التعلم التعاوني خير تطبيق!ثم ازدادت عشرتي به وجهًا لوجه في مناقشة رسالة ماجستير للباحث /إبراهيم الشاذلي بإشراف الحبيبن:بسيم عبدالعظيم ومحمود الفوي، فوجدت الصورة العقلية السابق تصورها عن (أسامة موسى) تزداد جلاء وتأكيدًا، ويضاف عليها تواضعه وشياكته وجنتلته في التعامل وشربه السجائر!وفي المناقشة صال وجال وأكرمني بالثناء على شخصي ومناقشتي، وفي المداولة كان وقَّافًا متحريًّا جادًّا نزيهًا، نزاهة لا أكاد أجدها في كثير من المتأسلمين!ثم تظهر لي صفحته الفيسية فأراه غير مهتم بتلميع نفسه أو الحديث عن أنشطته العلمية والثقافية، أو بالتطبيل لفلان أو علان! كعادة الفيسيين أمثالي!إنه الإنسان الذي سخر قلمه للتعبير عن آلام وطنه الثقافية والدينية والاجتماعية والاقتصادية، (إنسان باحث عن إنسانيته في عالم لا إنساني!)بطريقة عجيبة جرئية حادة ساخرة خطيرة الآثار، يعرض المشكلة الشائكة بكل أبعادها دون خوف أو قلق أو تردد، اقرأ له مثلا هذه الومضة القصصية الاجتماعية:(واجتمعت الأسرة:الأب منكفئ على هاتفه يتابع الأخبار والمنشورات.والأم منكفئة علي هاتفها تتابع أسعار الذهب وأخر تقاليع الموضةوالابن منكفئ مستغرق في الشاتوالبنت منزوية منكفئة في الأغاني والتقاليعاجتمعت الأسرة أجساداً بلا أرواحوتمزقت أعظم الروابط الإنسانية.(تحسبهم جميعاً وقلوبهم شتى)ولذلك ينهار من حولنا كل شيء) فهذه صرخة أب ومثقف وناقد اجتماعي من الطراز الأول، يعرض واقعنا المر أمامنا بلا زخرفة أو مداهنة أو تمييع! صادمًا وجالدًا وواعظًا بلا ضجيج أو صراخ!... وهكذا وتكاد كل منشوراته تتحول نصًّا أدبيًّا أو ثقافيًّا موجزًا مكثفًا ساخرًا صادمًا جريئًا حادًّا، فيه فلسفة، وفيه نقد، وفيه جلد، وفيه توجيه، وفيه ثورة، وفيه رغبة في التغيير والتحديث للجميع: قمة وقاعًا، أعمدة وقواعد! متناصًّا مع القرآن الكريم بطريقة فنية آسرة!وإذا كانت الأسماء رزقًا فإن له من اسمه كل نصيب (أسامة/ موسى)، فهو(أسامة) شجاعة وجرأة وإقدامًا، وهو(موسى)طهارة، وتكليمًا، وهدمًا للطواغيت والأصنام والتابوهات!وها نحن أولاء -في شهر العبور الوطني- نعيش مع(أسامة موسى)- قارئين مقييمن- في منجزعلمي جديد طريف (من إشرافه المزهر، وإخراجه المبهر)، هو هذه الرسالة الجامعية الماتعة عن: (المذهب الشعري عند نازك الملائكة بين التنظير والتطبيق) للباحثة/دينا حسين، إنها ثلاثية علمية عجيبة: الأستاذ والطالبة والموضوع، يربط بينهم الثورة والحرية والتحديث، وترى فيها شخصية الدكتور أسامة واضحة في العنوان الدقيق، والموضوع الحديث الطريف، والخطة المحكمة، والحرية الكاملة للباحثة، لكي تقول كل ما تريد وتشعر، بلا أية قيود أو معوقات، كما يوجد تناغم تام بين المشرف والباحثة في كل فقرة من فقرات الرسالة؛ إذ نرى(دينا) امتدادًا جينيًّا لـ(أسامة موسى)، ونسخة جديدة منه، فـ(دينا) مجادلة، و(دينا) ناقدة، بل و(دينا) ملاكمة، وبتعبير أستاذها: الحوار بينها وبين نازك الملائكة من قبيل (نقد الضرائر)، و(دينا) جادة وحادة وحديثة وأصيلة في كل صفحات الرسالة، وكأن (دينا) بنت (أسامة موسى) في عقلها وقلمها، وهكذا يكون الأستاذ المشرف. حقًّا أحسست من خلال قراءة هذه الرسالة ومناقشتها هذا التناغم والتناسب بينهما، وكيف يكون التعامل البناء المثمر بين القطب والمريد. فما أسمى العلاقة بينهما! والأعجب في (أسامة موسى) هذه الاستقلالية في كل مناحي الحياة، فليس ليبراليًّا فقط، بل فيه نزعة التدين السهلة، وليس حداثيًّا فقط بل عنده الأصالة والتراثية حاضرة بقوة، وليس معارضًا فقط، بل هو وطني ثائر ثورة ترجع في المقام الأول إلى رفعة الوطن وتنويره وتطويره، وليس أستاذًا جامعيًّا يعيش في برج عاجي، ويغلف نفسه بغلاف نرجسي مغرور، بل إنه شعبي، برجوازي، يحس بمعاناة الطبقات الدنيا، لا سيما طلاب العلم، ويصرخ من أجلهم في كل مكان!ومن ثم فهو الحداثي المستقل، والوطني المستقل، والشعبي المتألم.دامت حداثته ووطنيته واستقلاليته. فشكرًا (أسامةُ) على حداثتك، وشكرًا(أسامةُ) على وطنيتك، وشكرًا(أسامةُ) على استقلاليتك، وشكرًا(أسامةُ) على أستاذيتك. دام عطاؤك، ودام حضورك، ودام تطورك وتطويرك. نحسبك كذلك والله حسيبك ولا نزكي على الله أحدًا.
أسامة موسى: الحداثي المستقلـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــاعتاد جيلي أن تكون كلماته التقريظية عن أساتذته وأكابره في كل مجال وفن وفاءً حينًا ونفاقًا أحيانًا، لكنها المرة الأولى التي أكتب فيها عن شاب منوفي أستاذ بمعنى الكلمة، إنه الحبيب الدكتور (أسامة موسى) الذي ليس بيني وبينه أية صلة اجتماعية أو فكرية، وجه الشبه بيني وبينه فقط هو أننا منوفيان نشأة وعقلاً وسلوكًا. أما وجوه الخلاف بيني وبينه فكثيرة منها أزهريتي وآدابيته، وتراثيتي وحداثته، وكوني من مواليد سبعينيات القرن الماضي وكونه من مواليد الستينيات، وكونه صريح اللغة حادها وكوني هادئًا مهادنًا. ومع ذلك فإنني أحبه حبًّا جمٍّا، وأقدره تقديرًا كبيرًا؛ لما لمسته في شخصه وشخصيته من دلائل جد وحداثة ووطنية والتزام واحتشام لم أرها في كثير من المتسربلين بلباس الإسلام زورًا وبهتانًا!الحبيب الدكتور (أسامة موسى): تاريخ من النضال والتفاني في ميدان البحث والتعليم والتثقيف، عاشرته منذ كنت باحثًا، أقرأ كتابات أساتذة آداب المنوفية؛ لأدرسها لطلاب وطالبات قريتي، فأجد عنده عمقًا وجدية، لا سيما في رسالته: (جدل الذات والآخر في شعر المتنبي) التي جادل فيها القدامى والجُدادى حول شعر المتنبي وأتى فيها بالطريف الجديد المفيد؛ فكل سطر في هذه الرسالة يدل على عناء وتعب وألم لذيذ؛ بغية الوصول إلى حلول لكل إشكاليات شعر المتنبي، حلول فيها إقناع وإمتاع. وكثيرًا ما حدثني الطلاب والطالبات عن كارزيما (أسامة موسى) في القاعة الدراسية: جهوري، مؤثر، متحاور، ديمقراطي، يستخرج المعلومة والفكرة من الطلاب، ويعطيهم ثقة في أنفسهم ومساحة من الحرية لا توصف ولا تقدر، يطبق العصف الذهني خير تطبيق، ويطبق التعلم التعاوني خير تطبيق!ثم ازدادت عشرتي به وجهًا لوجه في مناقشة رسالة ماجستير للباحث /إبراهيم الشاذلي بإشراف الحبيبن:بسيم عبدالعظيم ومحمود الفوي، فوجدت الصورة العقلية السابق تصورها عن (أسامة موسى) تزداد جلاء وتأكيدًا، ويضاف عليها تواضعه وشياكته وجنتلته في التعامل وشربه السجائر!وفي المناقشة صال وجال وأكرمني بالثناء على شخصي ومناقشتي، وفي المداولة كان وقَّافًا متحريًّا جادًّا نزيهًا، نزاهة لا أكاد أجدها في كثير من المتأسلمين!ثم تظهر لي صفحته الفيسية فأراه غير مهتم بتلميع نفسه أو الحديث عن أنشطته العلمية والثقافية، أو بالتطبيل لفلان أو علان! كعادة الفيسيين.إنه الإنسان الذي سخر قلمه للتعبير عن آلام وطنه الثقافية والدينية والاجتماعية والاقتصادية، (إنسان باحث عن إنسانيته في عالم لا إنساني!)بطريقة عجيبة جرئية حادة ساخرة خطيرة الآثار، يعرض المشكلة الشائكة بكل أبعادها دون خوف أو قلق أو تردد، اقرأ له مثلا هذه الومضة القصصية الاجتماعية:(واجتمعت الأسرة:الأب منكفئ على هاتفه يتابع الأخبار والمنشورات.والأم منكفئة علي هاتفها تتابع أسعار الذهب وأخر تقاليع الموضةوالابن منكفئ مستغرق في الشاتوالبنت منزوية منكفئة في الأغاني والتقاليعاجتمعت الأسرة أجساداً بلا أرواحوتمزقت أعظم الروابط الإنسانية.(تحسبهم جميعاً وقلوبهم شتى)ولذلك ينهار من حولنا كل شيء) فهذه صرخة أب ومثقف وناقد اجتماعي من الطراز الأول، يعرض واقعنا المر أمامنا بلا زخرفة أو مداهنة أو تمييع! صادمًا وجالدًا وواعظًا بلا ضجيج أو صراخ!... وهكذا وتكاد كل منشوراته تتحول نصًّا أدبيًّا أو ثقافيًّا موجزًا مكثفًا ساخرًا صادمًا جريئًا حادًّا، فيه فلسفة، وفيه نقد، وفيه جلد، وفيه توجيه، وفيه ثورة، وفيه رغبة في التغيير والتحديث للجميع: قمة وقاعًا، أعمدة وقواعد!ومن ثم كلن له من اسمه كل نصيب (أسامة موسى)، فهو(أسامة) شجاعة وجرأة وإقدامًا، وهو(موسى)طهارة، وتكليمًا، وهدمًا للطواغيت والأصنام والتابوهات!وها نحن أولاء نعيش معه في منجزعلمي جديد طريف (من إشراف وإخراج المبهر:أسامة موسى)، هو هذه الرسالة الجامعية الماتعة عن: (المذهب الشعري عند نازك الملائكة بين التنظير والتطبيق) للباحثة/دينا حسين، وترى فيها شخصية الدكتور أسامة واضحة في العنوان الدقيق، والموضوع الحديث الطريف، والخطة المحكمة، والحرية الكاملة للباحثة، لكي تقول كل ما تريد وتشعر، بلا أية قيود أو معوقات، بل يوجد تناغم تام بين المشرف والباحثة في كل فقرة من فقرات الرسالة، إذ نرى(دينا) امتدادًا جينيًّا لأسامة موسى، ونسخة جديدة منه، فـ(دينا) مجادلة، و(دينا) ناقدة، بل و(دينا) ملاكمة، وبتعبير أستاذها: الحوار بينها وبين ناز الملائكة من قبيل (نقد الضرائر)، و(دينا) جادة وحادة وحداثية وأصيلة في كل صفحات الرسالة، وكأن (دينا) بنت (أسامة موسى) في عقلها وقلمها، وهكذا يكون الأستاذ المشرف. حقًّا أحسست من خلال قراءة هذه الرسالة ومناقشتها هذا التناغم والتناسب بينهما، وكيف يكون التعامل البناء المثمر بين القطب والمريد. فما أسمى العلاقة بينهما! والأعجب في (أسامة موسى) هذه الاستقلالية في كل مناحي الحياة، فليس ليبراليًّا فقط، بل فيه نزعة التدين السهلة، وليس حداثيًّا فقط بل عنده الأصالة والتراثية حاضرة بقوة، وليس معارضًا فقط، بل هو وطني ثائر ثورة ترجع في المقام الأول إلى رفعة الوطن وتنويره وتطويره، وليس أستاذًا جامعيًّا يعيش في برج عاجي، ويغلف نفسه بغلاف نرجسي مغرور، بل إنه شعبي، برجوازي، يحس بمعاناة الطبقات الدنيا، لا سيما طلاب العلم، ويصرخ من أجلهم في كل مكان!ومن ثم فهو الحداثي المستقل، والوطني المستقل، والشعبي المتألم.دامت حداثته ووطنيته واستقلاليته. وشكرًا (أسامةُ) على حداثتك، وشكرًا(أسامةُ) على وطنيتك، وشكرًا(أسامةُ) على استقلاليتك، وشكرًا(أسامةُ) على أستاذيتك. دام عطاؤك، ودام حضورك، ودام تطورك وتطويرك.