الأمن الفكري في المجال الأدبي

قراءة تمهيدية في إطار المنهج الوسطي الأزهري

 

 

بحث مقدم إلى المؤتمر الدولي الثالث لكلية الدراسات الإسلامية والعربية للبنات بالقاهرة المنعقد في 12-13/12/2017م.

 

 

إعداد الباحث:

الأستاذ الدكتور/ صبري فوزي عبدالله أبوحسين

أستاذ ورئيس قسم الأدب والنقد بكلية اللغة العربية بالزقازيق

 

 

 

 

 

 

 

1439هـ - 2017م


المقدمة:

بسم الله الرحمن الرحيم

   في البدء أودُّ أن أثمِّن الفكرة العامة التي يطرحها هذا المؤتمر المبارك بإذن الله تعالى؛ فلا ريب في أن موضوع هذا المؤتمر جديد ومفيد في تطوير حياتنا البحثية والتعليمية؛ فثنائية: (البناء المعرفي والأمن الفكري) جزء رئيس من أمننا الوطني والقومي الشامل بمفهومه العام؛ حتى لا نُبتَلى بأمراض: التطرف والإقصاء والقولبة والتنميط، التي تنتهي بالتكفير، والإخلال بالأمن والتدمير والإرهاب، والإلحاد، والانحلال!إن الدعوة إلى (الأمن الفكري)رغبة صادقة في استقرار المجتمع وحماية أفراده بالتصدي للأفكار المنحرفة والمتطرفة والهدامة؛ وبثٌّ لروح التفاهم والتسامح والمواطنة في المجتمع، مع مختلف الثقافات والأجناس والحضارات الأخرى. وإننانحتاج حقًّا إلى وقفة متأنية حالية في جميع قطاعات المعرفة البشرية بوطننا وأمتنا؛ لاسيما ما يتعلق بمجالات المعرفة الأزهرية الأصيلة العتيقة المتمحورة في الدراسات الإسلامية والعربية: قديمًا وحديثًا ومعاصرًا.

    ومن ثم كان انطلاقي في محاولة تبيُّن المحاذيروالمحاظير الموجودة في مجال الأدب: إبداعًا ونقدًا، في هذه الورقة البحثية،في "المحور الثاني:البناء المعرفي الذاتي ومصادر التلقي والانحرافات الفكرية في فهم النصوص وأثرها على البناء المعرفي". وجاءت معنونة بـ:

(الأمن الفكري في المجال الأدبي: قراءة تمهيدية في إطار المنهج الوسطي الأزهري)؛ لتجيب عن التساؤلات المؤرقة الآتية:

كيف يكون الإبداع الأدبي مصدر أمن لوطننا وأمتنا؟

كيف يكون النقد الأدبي أصيلاً وإيجابيًّا وفاعلاً؟

    كيف نحافظ على أدبنا ونقدنا من المحظورات(التابوهات)المختلفة: دينيًّا وخلقيًّا واجتماعيًّا، والتيارات الوافدة الغازية، والنزغات الشيطانية والتعصبات المذهبية والأهواء الجاهلية؟

    ولا ريب في أنها تسآلات صعبة، لا يمكن الوصول إلى جوابات عنها في بحث واحد، بل إنها تدفعنا دفعنا إلى مزيد من التدبر والتفكر، والأخذ والرد في محاولات عدة فردية ومؤسسية! ولعل بحثي هذا ورقة أولى في هذا السبيل النبيل وطنيَّا وقوميًّا وكونيًّا، إن شاء الله تعالى.

وقد جاء هيكل البحث في: مقدمة، وتمهيد، ومبحثين، وخاتمة، على النحو التالي:

التمهيد: مفاهيم البحث الأساسية:

[الأمن الفكري/المجال الأدبي/ المنهج الوسطي الأزهري]

المبحث الأول:الأمن الفكري في مجال الأدب الإنشائي.

المبحث الثاني:الأمن الفكري في مجال الأدب الوصفي.

    ثم كانت الخاتمة مجملة ما قيل ومقدمة توصيات ورجاءاتتتغيا الإصلاح والتطوير!

إن هذه الورقة البحثية تمثل قراءة تمهيدية أولى في محاولة تَبيُّن كيفية تحقيق غاية الأمن الفكري في المجال الأدبي: إنشاءً ووصفًا في مؤسسات أزهرنا الشريف، على مستوى القاعدة في المعاهد الأزهرية أو على مستوى القمة في مرحلة الإجازة العالية، والدراسات العليا في قطاع اللغة العربية بالجامعة الأزهرية العريقة. وقد قررتُ أننا أمة حَوْك الكلام وحَبْكه وتحكيكه، وإتقان نسجه وسبكه، للكلمة عند أبنائها شأن وسلطان؛ لأنهم أرباب فصاحة وبيان، فُطروا على ذلك وعاشوا به من لدن الجاهلية الأولى إلى يومنا هذا.

    وقد عُنيتْ أمتُنا بتوجيه الكلمة البشرية توجيهًا صحيحًا نحو الحق والخير والجمال، وصيانتها من أية نزغات شيطانية أو تقلبات نفسانية أو هيامات أهوائية، ومن ثَمَّ نجد كثيرًا من النصوص القرآنية الكريمة، والنبوية الشريفة، والسلَفَية والخَلَفية تقرر أهمية الكلمة وخطورة دورها في حياة الفرد والجماعة، لاسيما تلك الكلمة المحلِّقة المبدعة التي لها فعل السحر في النفوس والعقول، ومن هنا تكمن خطورتها، وضرورة توجيهها، وكذا الكلمة النقدية الحاكمة على المُنتجات الأدبية: شعرًا ونثرًا، قديمًا وحديثًا ومعاصرًا .

    وهذا موجز ما يُسمَّى (الأمنَ الفكريَّ في المجال الأدبي)، بعد أن حدثت هذه  التبعية الماثلة في الأدب العربي: إنشاءً ووصفًا،بالإبهام في تطبيق المناهج النقدية، وبفصل الأدب عن الفكر الإسلامي، وبإعلاء الشخصيات المشبوهة، وبالسقوط الأخلاقي، وبمحاكمة الشخصيات الإسلامية بمعايير مادية، وبكسر الثوابت، حتىصار بعض أدبنا أدبًا يعيش بلا هوية وبلا تماسك، ولا خصوصية! وقرأنا نقدًا مستلبًا مُعوْلبًا مستوردًا؛ فحق لنا التخطيط لتأمينه فكريًّا وتحصينه حضاريًّا ليكون هادفًا وبناءً وفاعلاً في الحياة والأحياء؛ حتى لا ينطبق علينا قول القائل:

وكمْ في الناسِ مثلُ أبي نُواسٍ    ولكنْ ليس فيهم مِن رشيدِ

    إن تحقيق(الأمن الفكري في المجال الأدبي) اليوم أكثر إلحاحًا من ذي قبل؛ نتيجة لما تتعرض له أمتنا من مختلف التهديدات والأخطار الفكرية المؤثرة على قيم المجتمع ومكوناته العقدية والثقافية.وما ظواهر: الإرهاب والتطرف والانحلال والإلحاد في عالم اليوم إلا دليل على ضعف الأمن الفكري.

وتعزيز هذا النوع من الأمن الفكري يكون بتحصين الإنسان بالأفكار الصالحة التي تجعله يتعايش مع محيطة الذي يعيش فيه بكل أمان واطمئنان مع التزامه بمكونات أصالته وثقافته الإسلامية وهويته الوطنية، فكل مبدع فينا يحتاج إلى (رشيد) داخلي وخارجي. و لعلني بذلك البحث أكون قد قدمت إضاءة أولى وتنويرًا تمهيديًّا في التأمين الفكري للمجال الأدبي بشقيه: الإنشائي والوصفي، من خلال المنهج الأزهري الوسطي.

الأستاذ الدكتور/صبري فوزي عبدالله أبوحسين

للتواصل مع الباحث:https://www.facebook.com/sabrymhamed

[email protected]

http://kenanaonline.com/users/Sabryyamnaa/posts/585468

 

 

 

 

 

التمهيد:

مفاهيم البحث الأساسية: (الأمن الفكري، المجال الأدبي، المنهج الوسطي الأزهري)

     في هذا البحث توجد اصطلاحات أساسية للولوج إليه هي: الأمن الفكري، المجال الأدبي، المنهج الوسطي الأزهري. وهاك بيانها:

أولاً: الأمن الفكري:

الأمن الفكريتعبير وصفي مكون من لفظتي: (الأمن) موصوفًا، و(الفكر) صفة، وبيانهما على النحو التالي:

الأمن:

من المسلم به أن مصطلح (الأمن) مصدر للفعل(أمن)،و دلالات هذا الجذر اللغوي تدور حول دلالتين متقاربتين، إحداهما سلوكية، والأخرى روحية، يقول ابن فارس في بيانهما: "الهمزة والميم والنون أصلان متقاربان: أحدهما: الأمانة التي هي ضد الخيانة، ومعناها سكون القلب، والآخر التصديق . والمعنيان كما قلنا متدانيان. قال الخليل: الأمانة من الأمن. والأمان: إعطاء الأمانة" (<!--).

أما (الأمن) اصطلاحًا:فهو شعور الإنسان بالسكينة والطمأنينة على حاجاته الدنيوية والأخروية، دون تكلفة منه عند توفر أسبابه.

والأمن ضرورة بشرية؛ لأن الإنسان اجتماعي بطبعه ولا يمكن له أن يستقر مع جماعته دون أمن، و تصبح الحياة بسلب الأمن قاسية مَّرة، بل شديدة المرارة، لا يمكن أن تطاق. ومَن قَوِيَ إيمانُه ظهرَ أمنُه، وانتفى خوفُه، فالأمن كامن في الإيمان، متعلق به وجودًا وعدمًا.ومع وجود الأمن في قلوب الأفراد وفي المجتمع،تأتي خيرات ويقع ازدهار اقتصادي وتقع حركة نشيطة في التجارة. وبغياب الأمن يعم الفقر والبطالة. 

الفكر:

لفظة (الفكري) في المصطلح المبحوث اسم منسوب إلى (الفكر) الذي يدور جذره اللغوي:(ف/ك/ر) في معاجم اللغة العربية حول دلالة الاعتبار والتعقُّل وإعمال الخاطر في الشيء، يقول ابن فارس:"الفاء والكاف والراء تردد القلب في الشيء. يقال تفكر: إذا ردد قلبه معتبرًا"(<!--).

أما (الفكر) اصطلاحًا فهو العمليات العقلية التي تدور في عقل المرء منا، والتي يطلق عليها في علم الاتصال عمليات الاتصال الذاتي(<!--).

ويعرف الأمن الفكري(intellectual security) اصطلاحًا بتعاريف عدة مجملها يدور حول مفهوم: أن يعيش الناس في بلدانهم وأوطانهم وكونهم، وبين مجتمعاتهم، آمنين مطمئنين على مُكوّنات أصالتهم، ومعالم هويتهم، ومعطيات ثقافتهم النوعية، ومنظومتهم الفكرية، وليسوا موضع تهديد من فكر وافد غازٍ أو مستورد، أو رؤية منحرفة غريبة، تُفرَض عليهم من قبل الآخرين أو يُمكَّن لها عن طريق القوة المادية أو الإعلاميّة! (<!--).

ثانيًا:المجال الأدبي:

هذا التعبير وصفي مكون من موصوف هو (المجال) ووصف هو (الأدبي). وتدور لفظة (المجال) في اللغة حول المكان الذي له معالم محددة كالفضاء أو الساحة أو الميدان. ويقصد به في البحث: المكان الذي يدور فيه الأدب إبداعًا بكل فنونه وتقنياته وتوجهاته، ونقدًا بكل مذاهبه ومناهجه وتياراته.

أما (الأدب) فمصطلح له تطور دلالي واسع وتدرج فكري كبير عبر الأعصار والأمصار، وتتبُّعه يدل على مرونة اللغة العربية وسَعتها وقابليتِها للتطور، وقدرتِها على التفاعل مع المستجدات والأحداث، والتلون بألوان كل عصر ومصر. وقد أضحت لفظة (أدب) في العصر الحديث تعني عند كلالأمم: التعبير بالكلمات عن كل ما في الحياة و ما في النفس البشرية من خير و شر علىالسواء، على أن يقود العمل الأدبي (الأصيل) في النهاية إلى الخير دائمًا، مهما كانتنوعية الصور التي يعرضها ذلك العمل الأدبي. و التعبير بالكلمات لابد أن يكونمبنيًّا على أسس جمالية فنية يحدد مواصفاتها ومعاييرها النقد الصحيح النزيه الذي تختلف موازينه من عصر إلى عصر .وقد أخذت الكلمة منذ أواسط القرن الماضي تدل على معنيين:

       -معنى عام: يقابل معنى كلمة literature في الإنجليزية و literature في الفرنسية، والتي تطلق على كل شيء قيد الطبع أو كل ما يكتب باللغة من البحوث العلمية،والفنون. فيشمل كل ما أنتجته خواطر العلماء، وقرائح الأدباء، مهما كان أسلوبه ومهما يكن موضوعه. وبهذا المفهوم يكون كل ما ينتجه العقل والشعور أدبًا، وكل ما يصلح العقل واللسان ويهذب الفكر والمنطق... (<!--)".وهذاالمفهوم كان سائدًا في بداية النهضة الأدبية الحديثة(<!--).

-معنى خاص: وهو الأدب الخالص الذي لا يقصد به التعبير عن معنًى من المعاني فقط، بل يراد به أيضًا أن يكون جميلًا بديعًا مشتملًا على تصور الأخيلة الرقيقة، والمعاني الدقيقة، مؤثرًا في عاطفة المتلقين: قراء وسامعين، مما يهذب النفس،ويرقق الحس، ويثقف اللسان (<!--). وعناصر العمل الأدبي بصفة تامة تتمثل في أربعة أعمدة تمثل مربع عملية الإبداع، هي:"الواقع"، "المبدع"، و"النص"، و"المتلقي"، وقراءته تتطلب النظر في هذه الأعمدة نظرات متنوعة، على النحو الذي ظهر مع بداية عصر النهضة في أوربا، حيث ظهرت المناهج الخارجية(الناظرة إلى الواقع والمبدع أو أحدهما) والداخلية (المنغمسة في النص والنص فقط)، والمناهج المختلطة بين عمودين أو أكثر من هذه الأعمدة.

ويقسم الأدب في هذا البحث التقسيم الآتي:

*الأدب الإنشائي: وهو ذلك النص الأدبي الذي يبدعه الفنان، والمعتمد على عناصر رئيسة من لغة وأسلوب وإيقاع وتفكير وتصوير وتخييل.

*الأدب الوصفي: وهو دراسة الأدب الإنشائي، التابع له؛ لأنه هو الذي يتناول النصوص الأدبية بالتفسير والتحليل والتقويم أو الحكم(<!--).

وهكذا فالمقصود بالمجال الأدبي ذلك المكان الذي يحيا فيه الأدب والأدباء على مختلف طرقهم في التعامل مع الكلمة الأدبية إنشاء وإبداعًا، أو وصفًا و نقدًا.

ثالثا: المنهج الوسطي الأزهري

من خلال مطالعة بعض ما كتب عن المنهج الوسطي يمكنني صياغة مفهوم بيِّن له، بأنه منهج فكري وموقف أخلاقي وسلوكي، يقوم على الجمع بين النقل والعقل، والملاءمة بين ثوابت الشرع ومتغيرات العصر، والاعتماد على الثبات في الأهداف، والمرونة في الوسائل، والحرص على الجوهر قبل الشكل، والتركيز على المبادئ والقيم الإنسانية والاجتماعية، وقيم الحق والخير والجمال، والجمع بين استلهام الماضي ومعايشة الحاضر واستشراف المستقبل، والاعتدال في كل أمور الحياة من تصورات ومناهج ومواقف، والتحريالمتواصل للصواب في التوجهات والاختيارات(<!--).

وهذا المنهج الوسطي- كما يقول الدكتور شوقي علام، مفتي الجمهورية-: واجب الوقت على أهل العلم، إذ إنه عليهم أن يقوموا بفريضة الجهاد الفكري وأن يُحَصِّنوا أفراد الشعب دينيًّا وفكريًّا، وأن يستمروا من خلال منابرهم -على اختلافها وتنوعها- في الالتحام بالجماهير وبيان الحق لها، وتفنيد الشبهات التي يرتكز عليها هؤلاء الخوارج الخونة باختلاف الأساليب وكافة الوسائل، وبخاصة وسائل التواصل الاجتماعي التي باتت وسيلة نشر لكثير من الأكاذيب والتلبيسات التي ينشرها هؤلاء الخوارج وأعوانهم، كدأب أسلافهم من الخوارج الأوائل، في محاولة لتزييف وعي الأمة وطمس الحقائق وإلباس الحق بالباطل(<!--).

ووصف هذا المنهج بالأزهري للدلالة على الفاعل الأول والأصيل والمؤهَّل القادر على تحقيق هذا المنهج، وهو الأزهر الشريف المتمثل في علمائه ومشايخه الذين أثبتوا وسطيتهم وسماحهم ومُرونتهم في كل عَصْر ومَصْر، فلم يثبت عنهم تفريط أو إفراط، أو غلو أو جفاء، أو تشدد أو انحراف أو تنطُّع في أي أمر من أمور حياتنا ووطننا وأمتنا، على النحو الذي نراه عند المذاهب المنحرفة الضالة المضلة، التي تقف وراء كل غث وفج، وقبيح وخطير في حياتنا!

وفي ظل هذه الهجمة الشرسة على الأزهر الشريف: جامعا وجامعة، شيوخا وأساتذة ينبغي لنا- نحن الأزهريين المعاصرين- أن نقدم للقارئين ما خطته رادتنا في كل فروع المعرفة، وخصوصًا في مجالات أسلمة العلوم وتأمينها فكريًّا وتحصينها، تلك التي لا خلاص للأمة إلا بها، والتي لا يقوم بها، خير قيام، غير الأزهريين الأصلاء0

ومن خلال هذا التحليل لاصطلاحات البحث الأساسية يمكنني أن أقرر أن (الأمن الفكري) غاية كبرى، وأن (المجال الأدبي) هو محطة لتطبيق هذه الغاية، ويمكن أن يكون وسيلة للتطبيق، وأن(المنهج الوسطي الأزهري) هو طريقة ثابتة ناجعة لتطبيق هذه الغاية، وأن العلاقة بين الاصطلاحات الثلاثة: (الأمن الفكري، المجال الأدبي، المنهج الوسطي الأزهري) طردية، فلا أمن فكري بغير الأدب إبداعًا ونقدًا، وبغير المنهج الوسطي الأزهري، والعكس صحيح كذلك، فبغير الأمن لا يكون إبداع ولا تكون وسطية! .

 

 

 

المبحث الأول:

الأمن الفكري في مجال الأدب الإنشائي.

لا ريب في أن الأدب العربي جزء حي نابض من أجزاء التراث العربي الضخم الخالد، إنه أدب أمة عريقة، وأدب لغة عتيقة، "ولا أظن أدبًا معاصرًا، له من العمر ما للأدب العربي. إن أقدم نص أدبي في أية لغة أوربية معاصرة ـ مثلاً ـ لا يتجاوز القرن الثانيَ عشرَ الميلاديَّ بحال، وما قبله فآداب أخرى، اندثرت أو أصبحت تاريخًا يدرس أما الأدب العربي فأقدم نص فيه يعود إلى مطلع النصف الثاني من القرن الخامس الميلادي، أي له من العمر ألف وخمسمائة عام كاملة"(<!--). أو يزيد!

وقد شكل الإسلام الأدب العربي تشكيلاً عميقًا تامًّا، فجعله أدبًا يعبر عن أدق الانفعالات وأرق العواطف وأنبل المشاعر، في ظل النفس السوية، أدبًا ينطلق من أعظم عقيدة، وتصوغه أعظم لغة، وينتسب إلى أكرم أمة: أمة الإسلام، الممتدة في التاريخ، فصار الأدب العربي إسلاميًّا،وإنسانيًّا،وعالميًّا؛ لأنه مرتبط بكل مصادر القوة والعظمة، وقوة مصادره ثابتة مستمرة في قوتها، فالعقيدة ربانية ماضية مع الأيام بكل عظمتها ونورها، وقد تعهد الله بحفظها، وفي حفظها حفظ للغتها وأدبها، ومن ثم فهي عناصر متجددة، ماضية أبد الدهر إن شاء الله تعالى، لا تهون لها عروة أبدًا إلا البشر: تلك الطاقة البشرية التي تضعف وتقوى، تتحد وتتمزق، تعلو وتهبط على سنن الله السائرة وحكمه وقوانينه الغالبة. ومهما غلب علينا الضعف والانحدار أو غلب الهوان والاستكانة في مرحلة من مراحل التاريخ، فإننا نظل نحمل بذور القوة والعزة، وجذور النمو والرفعة، وعناصر الخير والبركة، حتى يأذن الله فتنهض الأمة وينهض أدبها، وتعلو الأمة ويعلو أدبها، ويعلو شأنها لتكون كلمة الله هي العليا. وهذا هدف عظيم لأدب عظيم، تقوم عليه عمارة الأرض، وحضارة الإنسان، وسعادة البشرية(<!--).

كانت الحياة عند أسلافنا ثابتة عاقلة ومن ثم كانت منتجاتها الفكرية والأدبية كذلك، ومن خرج عليها يقابل بالنكير والإدانة، ويصمه الجميع بالمعصية والإثم والشذوذ … إلا أنه، ومع انفصام عُرى الإسلام عُروة عروة، وانصراف أفراد الأمة عن دينهم هوًى أو جهلاً أو تقليدًا للآخر المتآمر المستعدي، كل ذلك أدى إلى معاناة الأدب في عصرنا من عدوان شديد على كيانه بتوجيهه لخدمة أهداف بعيدة عن الإسلام، بل لمحاربة الإسلام نفسه، مما أدى إلى ظهور مصطلح الأدب الإسلامي ودعاته في إطار الصحوة الإسلامية، ومحاولة العودة إلى الذات بعد مرحلة الذوبان والهزيمة النفسية التي لحقت بالأمة الإسلامية في مرحلة السحق العسكري والحضاري؛ فالاستعمار لم يكن احتلالاً لأرض ولا نهبًا لثروات فقط، وإنما كان قبل ذلك وبعده احتلالاً للنفوس، وغزوًا للعقول، ومسخًا للشخصية، وإعادة لصياغتها. ومن هنا كان لابد أن يكون الأدب الذي يكتب في مواجهة التيارات المنحرفة الناشئة عن أضرار الاستعمار الغربي عقديًّا وفلسفيًّا وأيدلوجيًّا ـ يكون أدبًا محصنًا بثوابت أمتنا، وتقاليد وطننا، معبرًا عن الشخصية المصرية، والعربية، والمسلمة العاقلة المستنيرة.

وقد كان الأدب العربي منذ البعثة أدبًا مؤمنًا فكريًّا وإسلاميًّا، بإخراج فنون مرفوضة دينًا وعقلاً من دائرته والنكير على مبدعيها. أما الآنفلكي يتحقق الأمن الفكري في مجال الإبداع الأدبي فلابد من مراعاة ركائز التأمين الفكري، وتجنب جملة من المحاذير، على النحو التالي:

أولاً: ركائز التأمين الفكري للإبداع الأدبي:

إن المنهج الوسطي الأزهرييرى أن التأمين الفكري للإبداع الأدبي يقوم على ركائز أساسية تدور حول مفهوم الأدب، وغايته، ومضمونه، وضابطه، على النحو التالي:

*في مفهوم الأدب: لا نرضى في المنهج الوسطي الأزهري الأدب التعبيري المباشر،والتقريري الجاف، ولا الزخرفة الشكلية المغلقة أو المتكلفة، فهذا اللون من التعبير يدخل في النطاق العلمي أو النطاق الحياتي، ولا صلة له في المجال الأدبي، فالنص لابد أن يكون فنيًّا في المقام الأول، مشتملاً على أساليب إبداعية، وتقنيات أدبية عالية، تكفل له التميز والإثارة والجاذبية، ومن ثم التأثير.

* في غاية الإبداع:ندعو في المنهج الوسطي الأزهري أنيكون أدبًا هادفًا، أي يدعو إلى الغاية النفعية الاجتماعية للإبداع، فلابد أن يكون الأديب ملتزمًا التزامًا طوعيًّا بقضية ما في إبداعه، فالأدب للحياة، والأدب للمجتمع، وليس الأدب للأدب! وليس الأدب متعة ذاتية، أو مَسْلاة كلامية، أو مَلْهاة فنية! ينبغي أن يكون الأدب وقود العقل لصهر الأفكار البنّاءة ومشعلاً للحضارة.

 * في مضمون الإبداع: نرى في المنهج الوسطي الأزهري أن مدار الإبداع الأدبي حول ثالوث: الحياة والكون والإنسان؛ إذ إنها شاملة لكل المضامين الأدبية قديمًا وحديثًا:

فـمفردة (الحياة) يقصد بها كل ما فيها من مخلوقات وإشكاليات وأفكار ومعتقدات!

ومفردة (الكون) يقصد بها كل ما فيه من مخلوقات سماوية وأرضية، لاسيما غير العقلي والجامد منها، من كواكب ونجوم وذرات ومجرات ورياح وسحاب وغيم ومطر ورعد وبرق وزلازيل وبراكين وطير وطائرات ونبات وشجر وأعاصير وأنهار وبحار وحيوانات ...إلخ

ومفردة (الإنسان) يقصد بها ذلك الكائن الناطق العاقل بكل إشكاليات وقضاياه ورؤاه، وأحلامه وآلامه، ومظاهر عيشته المختلفة، واتجاهاته الفكرية المتنوعة.

* في ضابط الإبداع: نرى في المنهج الوسطي الأزهري أن الأساس الذي ينظر إليه المبدع ويحتكم، هو ما جاء من أحكام القرآن الكريم، ومتطلبات السنة النبوية الشريفة، ومرئيات السلف الصالح من الصحابة والتابعين وكبار الفقهاء قديمًا وحديثًا ومعاصرًا.ومما يندرج تحت هذا الضابط ما يمثل خطرًا على ما أقرته المواضعات الاجتماعية السوية؛ بسبب الحراك السياسي والاجتماعي في وطننا ومنطقتنا العربية. كما ينبغي مراعاة الرقي الحضاري في الإبداع، فليحذر المبدع مما ينال من ذلك ويحظره على نفسه.وهذا يحتاج إلى وضع قوانين أو معايير حاكمة من هيئة رسمية علمية متخصصة كالمجامع أوالمجالس العليايمثل فيها طرفا معادلة الأمن الفكري: الفنانون والنقاد المتخصصون، ومنهم علماء الأزهر، حتى تكون أسس التقييم الإبداعي رصينة مقنعة حامية؛ فلا يكون للنزغات والشذوذ سبيل إلى الإبداع، لا إلى العرض ولا إلى الجوهر! فنحن مع حرية الإبداع لا انفلاته، ومع انضباطه لا فوضويته بكسر الأغلال وتحطيم التابوهات(<!--)؛ فالممنوع ما يصدم ثابتًا عقليًّا أو أصلًا شرعيًّا، وما عدا ذلك فالأدب بستانٌ يانع وبنيانٌ شاسع؛ فالعبرة بالفن والفنان معًا! .

ثانياً: تجنب المحاذير(التابوهات) في الإبداع الأدبي:

ينبغي للمبدع أن يتجنب المحاذير الآتية مُؤَسَّسيًّا، وفرديًّا، وعلميًّا:

المحذورالديني:

ويتمثل في نيل الإبداع من ثوابت إسلامنا الجميل، المعلومة من الدين بالضرورة، أو محاولة تشويهها! أو يكون أدبًا يهدف إلى ازدراء الأديان وإشعال الفتن الطائفية؛ فكل هذا من أدب الزندقة والإلحاد، ويمثل خطرًا عظيمًا على وطننا وأمتنا!.

المحذور الخلُقي:

ويتمثل في: الغزل الماجن الفاحش وما تطور عنه من أدب إباحي مكشوف، والغزل بالمذكر الذي نشأ في العصر العباسي، والهجاء القاذع الذي يقذف المحصنات ويهتك الأعراض، ويتنافى مع المعاني الإنسانية، وينكره الخلق الإسلامي، ووصف الخمر و كل المحرمات، والفخر الجاهلي العنصري الكاذب، والمدح التكسبي المنافق! وكل أدب من شأنه أن يؤذي مشاعر الناس، أو ينال من أعراضهم، أو يزين لهم المحرم، أو يشوه القدوات الإنسانية أو يهدم البنَّائين، أو يعلي من شأن الأصفار الأقزام الخونة فيبني أصناما تضر ولا تنفع! فالفطر السليمة تنفر من انكشاف السوءات الجسدية، والنفسية، وتحرص على سترها ومواراته، وإنزال الناس منازلهم.

المحذور الاجتماعي:

ويتمثل في ذلك الأدب الذي يثير الفتن والقلائل، ويُحدث صراعات وتعصبات، ويُشعل النعَرات الجاهلية ويُحييها بين الأوطان العربية داخل أمتنا، وبين أبناء الوطن الواحد مثل: كتابة الكردي عن العربي، أو العربي عن الأمازيغي، أو السني عن الشيعي، أو المسيحي عن المسلم، أو المسلم عن اليهودي، أو المسيحي الكاثوليكي عن المسيحي البروتستانتي...وغير ذلك (<!--)؛كما يدخل في هذا المحذور الشعر السياسي المتعصب لحزب أو تيار على حساب آخر؛ فكل مشاكلنا الآنية راجعة إلى هذا الشر الوبيل الذي يأكل الأخضر واليابس، ويقف حجر عثرة أمام أية نهضة أو أي تقدم!.

والذين يحاولون تعرية الجسد من اللباس، وتعرية النفس من التقوى، ومن الحياء من الله ومن الناس بالآداب الشيطانية الخبيثة، هم الذين يريدون سلب "الإنسان" خصائص فطرته، وخصائص إنسانيته التي بها صار إنسانًا، وهم الذين يريدون إشاعة الانحلال في الأمة،ولا يميل الإنسان إلى العري إلا وهو يرتكس إلى مرتبة أدنى من مرتبة الإنسان .. إن رؤية العري جمالاً هو انتكاس في الفطرة وفي الذوق البشري، ونكسة وردة إلى تبرج الجاهلية.

إننانحتاج إلى أدب صادر عن سلـيم الفطرة، كامل العقل، سديد الرأي، صحيحالفكرة، واضح البيان، ولـم يُعنَ بما يُعنَى به السفهاء، عدل في الحكومة، عظيم الإنصاف في الخصومة، يَقِيدُ من نفسه ويقضي لخصمه، ويقيم الحدود على أقربالناس. آثاره ماثلة في كل قلب، مستقرة في كل نفس، يستشعرها القريب والبعيد، و يعترف بها العدو والصديق، وتهتف بهاأعواد المنابر، وتهتز لها ذوائب المنائر!.

والدعوة إلى الأمن الفكري في الإبداع الأدبي دعوة إلى أن تبرأ الأمة من الانفصام الحادث بين عقيدتها وعبادتها وسلوكها وفكرها من ناحية، وعواطفها ومشاعرها وأحاسيسها وخيالها من ناحية أخرى؛ فلا تكون مصابة بمرض الانفصام ما بين العقل والوجدان… إن علينا أن نعيد إلى أدبنا المعاصر الصدق الذي افتقدناه والانسجام الذي ضيعناه بين آدابنا ومشاعرنا، فليس من المعقول أن يكون للأديب اعتقادان: اعتقاد إيماني ووطني، واعتقاد فني وهيامي منطلق منفلت!!.

إذن توجد ضرورة ماسة لمواجهة أساليب أعداء الأمة وأدعيائها، من دعاة الباطل والزيف، وأدباء الشر والخديعة، الذين تتحدث عنهم أبواق النفاق بأنهم القمم الأدبية الرائقة، التي تمثل الضمير الواعي للأمة!موظفين شعارات براقة جوفاء، مثل: الفن للفن، حرية الإبداع، تصور الواقع، محاور الآخرة، تجديد الخطاب، الانفتاح، التحرر، الحداثة…! أولئك الذين جعلوا التيار الأدبي الحديث يقتفي ـ غالبًا ـ الأدب الغربي، منفصلاً عنَّا انفصالاً جزئيًّا أو كليًّا، منغمسًا في التصورات اليونانية والوثنية، والروح الدينية المنحرفة، والتيارات الفلسفية التي تموج بها الآداب الأوربية قديمًا وحديثًا، فإذا نحن أمام أدب غريب عنا في تصوراته وأخيلته ورؤيته للحياة والإنسان والكون. إنه أدب غربي الوجه والعقل، عربي اللسان فقط، بل تكاد عروبته تنهار وتضيع! انهيارًا وضياعًا وصفه أديبنا الأستاذ مصطفى صادق الرافعي بأنه:" فساد اجتماعي، لا يدري أهله أنهم يضربون به الذلة على الأمة(<!--)!.

ففي الشعر-مثلاً-نجد الشاعر أبا شادي يحرص على نشر قصائده في مجلة "أبوللو" وبجوارها صورة عارية ومثيرة، مثل قصيدة "في الحمّام" التي نشر أمامها صورة مثيرة لفتاة عارية، وكتب تحتها "في الحمّام"، وقد قلّده بعض تلاميذه مثل:إسماعيل سري الدهشان، الذي نشر قصيدة "الصائدة المتجردة"، وأمامها صورة امرأة عارية تصطاد في البحر(<!--)، كما نجد الإباحية في شعر بعضهم حتى وصف ناقد هذه الإباحيات الشعرية بأنها القمامة القذرة(<!--). كما نجد كلمة "إله"تستخدم بمعناها الوثني ـ لا الإسلامي ـ بل في سياقات ملحدة غير محترمة، في شعر كبار الحداثيين وأقطابهم، يشوهونها تشويهًا بشعًابوضعها في العديد من الصور السوداء (<!--).

ويضيف الدكتور (شكري عياد) بعدًا آخر في الإسفاف الإبداعي في الشعر قائلاً عن شاعر:"إنه شاعر زخرفي ولا جدوى من قراءته، وكل ما يفعله مجرد ألاعيب لفظية كان يفعلها من قبل شعراء العصر المملوكي، وليست الكتابة بالحروف والتشكيل بها دليلاً على عبقرية الشاعر، ويشير عياد بذلك إلى ديوان حسن طلب "آية جيم"، والذي يعتمد على حرف الجيم في مفرداته ومعانيه"(<!--) . وهؤلاء ينطبق عليهم قول الشاعر:

إن شرَّقوا فالشرق أقدس قِبْلةٍ *** أوغرّبوا فالغرب نعم الموضعُ
يـجــري مع التـيار يعـرف طبْعَه *** وعلى لحــون العازفين يُوَقِّعُ
يمضي إِلى المأوى الحرام مُلَبِّيًا*** ويَؤُمُّ حانات المساء ويكرَعُ(<!--)

ويبالغ الدكتور عبدالرحمن العشماوي في وصفهم قائلاً:

كم شاعر جعل الإِلحاد منهجه *** تواثـبـوا نحـوه بالشـوق واعتــنــقـوا
ساروا وفي دربهم وحلٌ فإِن وقفوا *** غاصوا وإن حرّكوا أقدامهم زلقوا (<!--)

وفي القصة نجد الدكتور محمد حسين هيكل ـ مثلًا ـ يصور في روايته "زينب"الريف المصري تصويرا غربيًّا أوربيًّا؛ فالحب المتبادل في الرواية ليس حبًّا مصريًّا عربيًّا، وإنما هو الحب الرومانسي الأوربي، وزينب تلك الريفية الساذجة متحررة منطلقة، تتنقل بين أحضان الرجال، بلا وازع من دين أو غيره من مجتمع. إن زينب ـ كما أرادها الدكتور المتفرنج، لا كما هي في واقعنا الريفي ـ فتاة غربية باريسية عاهرة. كما تختم القصة بعادة الاعتراف بالذنوب. وهى من طقوس الثقافة الغربية الدينية!(<!--).     

وهذا الأديب العالمي نجيب محفوظ في قصته "السماء السابعة"يصور عالم ما بعد الموت، بطريقة لا يعرفها الإسلام، بل هي مزيج من عقيدة تناسخ الأرواح عند الهنود، جاعلاً خالد بن الوليد ـtـ وغاندي ـ الزعيم الهندي ـ في مرتبة واحدة في عالم ما بعد الموت؛ لأنه جعل مقياس النجاة في الآخرة هو العمل الدنيوي الصالح، بغض النظر عن عقيدته متأثرًا في ذلك بالنزعة العلمانية أو الشيوعية... وفي المسرح نجد شيوع الخرافات والأساطير وشعائر الملل المفتراة أو المحرفة عن طريقة الوقوع في حمأة التجريب والتغريب،والتشكيك في كل قيمه، والتذبذب في كل فكر،والضياع في كل واد، و التحدي لعقيدة الأمةوثوابتها، ناهيك عن تشويههم التاريخ الإسلامي، وانتقاص رموزه في أدبهم القصصي والمسرحي، الذي أذاعته على نطاق كبير الدراما التلفزيونية والسينمائية!(<!--).

والمقام لا يتسع لحشد النصوص والمشاهد والصور المنحرفة والشاذة، التي يموج بها أدبنا الحديث والمعاصر في فنونه العديدة(<!--)، والتي تجعلنا ندرك أهمية الدعوة إلى تأمين الإبداع الأدبي العربي الحديث والمعاصر، ليعبر عن الشخصية العربية، ويجسد تصوراتها عن الكون والحياة والإنسان في مواجهة تيارات الإلحاد والعلمنة والفسق والمجون، والتعصب والإرهاب؛ فالأدب العربي المعاصر به الكثير من الشوائب عن طريق الضخ الغربي والشرقي وقابلية التبعية والتهالك على الطارئ، كل ذلك أردى أدبنا العربي في أوحال المادية والعبثية والفحش، وأجهض الكلمة الطيبة بالغموض والنثرية (<!--)... وغير ذلك من المثبطات التي تشكلت بسبب غياب الوعي أو تزييفه.إن علينا أن نحارب الروح الانهزامية التي جعلت كثيرًا من الأدباء يضعون ـ للأسف ـ كل قيم الأدب الأجنبي في صورة النموذج الأعلى، حتى كدنا نفقد الحس الإبداعي الحقيقي النابع من رؤيتنا الوطنية والعروبية الإسلامية… نحتاج إذن إلى مشروع تطهيري يحاول تنقية ال�

المصدر: كتاب المؤتمر الدولي الثالث لكلية الدراسات الإسلامية والعربية للبنات بالقاهرة سنة 2018م
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 232 مشاهدة
نشرت فى 17 ديسمبر 2017 بواسطة sabryfatma

الأستاذ الدكتور صبري فوزي عبدالله أبوحسين

sabryfatma
موقع لنشر بحوثي ومقالاتي وخواطري، وتوجيه الباحثين في بحوثهم في حدود الطاقة والمتاح. والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

327,313