في المسرحية العربية المعاصرة: اتجاهات وتحديات

إعداد أ.د/صبري فوزي أبوحسين

أستاذ ورئيس قسم الأدب والنقد بكلية الدراسات الإسلامية والعربية للبنات بمدينة السادات

بعد الحمد لله والصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعلى آله وصحبه أجمعين. أقول:

أولا:

أشكر القائمين في قسم اللغة العربية والفارسية بجامعة كلكتا بالهند على ثقتهم الغالية في شخصي، وعلى هذا العمل العلمي والتعليمي الجميل المفيد، وأشكرهم على هذا العنوان الكبير: (المسرحية العربية المعاصرة)، والذي لا يمكن أن ينجز في بحث واحد، ولا في كتاب واحد، ولا يمكن لمحاضرة واحدة أن تؤديه، ولا يمكن لمحاضر واحد أن يؤديه، الأداء المنهجي الشامل الكامل، ولكنني أجتهد قدر الطاقة، مستعينًا بما كتبته من قبل فيما يتصل بالمحاضرة، في بحثي(تراثية الحدث وحداثة الرؤية في مسرحية عودة هولاكو للدكتور سلطان القاسمي)، و(مسرحة التراث في تجربة من عبق التراث للكاتبة نوال مهنى)، ومقالي عن المسرحي الأزهري محمد عبدالمنعم العربي،  ومستعينًا كذلك بالكتب العلمية ذات الصلة بالمضوع المؤرخة لفن المسرح، ومستعينًا بالمقالات والأبحاث ذات الصلة المنشورة في الإنترنت.

ثانيًا:

  الحق أن هذه المحاضرة ضرورية؛ لما فيها من متابعة لحالة فن المسرح في وطننا العربي، ولما فيها من الاطلاع على بعض التجارب المسرحية الفاعلة البديعة في عالمنا العربي، ولما فيها أيضًا من محاولة تحديد المعوقات، وتعديد السلبيات في التجربة المسرحية العربية، إن على مستوى النص(الكتابة المسرحية) أو على مستوى العرض(التمثيل)!

 ولكي يتم إنجاز هذه المحاضرة بطريقة منهجية متدرجة فاعلة ينبغي لنا أن نقسم هذا العنوان الكبير(المسرحية العربية المعاصرة) إلى عناصر أساسية تتمثل في الآتي: 

<!--مكانة فن المسرح الآنية

<!--المسرح العربي بين التغريب والتعريب.

<!--الأنواع المسرحية المعاصرة

<!--أعلام المسرحية العربية المعاصرون

<!--رجاءات مستقبلية.

أولاً: مكانة فن المسرح الآنية

نعم لفن المسرح وظيفة إمتاعية وترفيهية عن طريق الكوميديا؛ إذ يسلي الناس فيقضون بعض أوقاتهم في مشاهدة مسرحيات للتخفيف عن أنفسهم، وبعث نوع من الراحة من جراء الضغوطات الكثيرة للحياة وأشغالها.

لكن لا ينبغي لنا أن نقصر هذا الفن على تلك الوظيفة! فليس دور فن المسرح ترفيهيًّا فقط، كما قد يظن العامة؛ بسبب هيمنة ما يسمى المسرح التجاري(التهريجي( على المساحة الإعلامية المخصصة)إذاعيًّا وتلفازيًّا)لهذا الفن المظلوم.

 وليس هذا الفن العريق العتيق منبرًا للفساق ذوي النبرة التهريجية العالية أو الحركة السيئة الساقطة، الخادشة للحياء!  وليس المسرح وسيلة للإساءة والتسطيح والتشويه وتدمير الذوق العام، والنيل من ثوابت الأمة وأعلام الوطن! وليس المسرح تنظيرًا مبهمًا ولا ممارسة فنّية نخبويّة، تعيش في برج عاجي، بعيدًا عن المعيش اليومي والواقع الحياتي!

كلاَّ!

إن المسرح أقدم الفنون، إنه أول فن عرفته البشرية، أو من أوائل الفنون التي ظهرت، و يُسمى بأبي الفنون، وبالفن الجامع؛ لاحتوائه على عدد من الفنون المتنوعة لسانيًّا و بصريًّا و سمعيًّا و حركيًّا. والغرض من المسرح في النظرة الأرسطية "إثارة الشّفقة والخوف الّلذين يؤدّيان إلى التّطهير"، بكونه تطهيرًا للمتفرّج !

 ويكفي فن المسرح قيمة أنه يطلق عليه هذه المقولة المادحة السيارة على الألسنة: " أعطني خبزًا ومسرحًا أعطك شعبًا مثقفًا"؛ فهو أكثر الفنون ارتباطًا بالحياة والأحياء، إنه نتاج جماعي جدلي عبر عمليات الإرسال والتلقي بصورة مستمرة من خلال الحوار الدائم مع الواقع المتغير! ومن خلال النصوص النظرية، والأدلة التاريخية، والمواقع الأثرية التي عثر عليها، نجد ما يدل على المكانة العالية التي يملكها المسرح والوظائف الفكرية الرفيعة للمسارح لدى شعوب المعمورة، والأمثلة على ذلك كثيرة.. .

وإن فن المسرح لا يزدهر، ويرتقي جودةً وجماليةً، إلا بازدهار الفعل الثقافي بشكل عام. إن لفن المسرح دورًا تثقيفيًّا إيجابيًّا فاعلاً، إذ تنطلق رسالة المسرح الثقافية من علاقة هذا الفن بالمجتمع، وربما حدث عند البعض فجوة بين المسرح باعتباره فنًّا والسوسيولوجيا باعتبارها علمًا، فيُظنُّ أن بينهما برزخًا، ومن ثم لا يلتقيان! أو أن المسرح فن نخبة اجتماعية أرستقراطية نبيلة خاصة! والحق أنه يوجد فرع من فروع السوسيولوجيا يسمى سوسيولوجيا المسرح، متفرع من علم اجتماع الأدب، والذي يقرأ نقديًّا من خلال المنهج الاجتماعي. إن للمسرح أثرًا كبيرًا في علم الاجتماع، إلى درجة أن كان سببًا في نشوء نظريات اجتماعية؛ فقد كانت بعض المقتطفات من مسرحية شكسبير الشهيرة "كما تحب"، مرتكز تفكير سوسيولوجي أسهم في ميلادها.  حيث يقول شكسبير:

" ما الدنيا إلا مسرح كبير!
وما كل الرجال والنساء إلا ممثلون!
إذ لهم مداخلهم ومخارجهم!
فالرجل الواحد يلعب أدوارًا عديدة في وقت واحد! "

ففي هذا النص الشكسبيري نجد الربط بين المسرح، والمجتمع والمسرح والناس، مما يدل على قيمة فن المسرح التي فرطنا ونفرط يها!
ومن الأدوار  الثقافية الكثيرة والمتنوعة لفن المسرح الآتي:

<!--يسهم في تمثيل الواقع ونقله بكل صدق وأمانة لمحاربة من يزيفونه.

<!--نقد الواقع السيء نقدًا حادًّا حينًا وساخرًا حينًا آخر!

<!--تنوير الواقع الاجتماعي الراكد وسيلة فعالة لبث الوعي.

<!--المسرح أداة لتغيير الواقع، وتنمية الذوق السليم، ويساعد المفكرين وأصحاب الأنظمة والأفكار المتحررة على نشر أفكارهم بين الناس وتوعيتهم، خاصة من الناحية السياسية؛ فالكثير من المخرجين كانوا يعكسون رفضهم للسياسة ونظام الحكم عن طريق الفن المسرحي. حيث يتحوّل المسرح بهذا المعنى إلى أداة من أدوات التغيير الاجتماعي، فسواء من ناحية محاولاته المتعدّدة للتأثير على الجمهور- بغضّ النظر عن نوع هذا التأثير- حسّيا كان أم عقليا، تطهيريا أو تثويريا، فهو طرح إمكانيات جديدة بدلا عن تلك الموجودة في الواقع، حيث أنّ مسارح المحافظة على الواقع، المتفانية في خدمة الأنظمة القائمة تؤدّي إلى تغيير اجتماعيّ بغضّ النظر عن مداه وفاعليته، إذ أنّ أيّ محاولة لعرقلة التغيير تؤدّي في حدّ ذاتها إلى تغيير آخر، ذلك أنّه كما لا يمكن إيقاف عملية تقدّم الإنسان في السنّ، فإنّه لا يمكن إيقاف عجلة التغيير الاجتماعي عن الدوران.

<!--يحل فن المسرح الكثير من المشاكل، التي يعاني منها المجتمع، فهو يكشف الغطاء عنها، ويقدم للناس بعض الحلول، ويزيد نسبة الوعي لدى المجتمع لما يدور فيه من أمور مختلفة تمس نمط حياتهم.

<!--المسرح مرآة للمجتمع يعكس الهموم والمعاناة اليومية لجماهير الشعب، ويعبر عن أتراح أبناء الشعب وآلامه! ، ويتأثر فن المسرح بكل ما يحصل به، حيث يمثل جميع القضايا التي تحصل في المجتمع بصورة واضحة أمام الناس.

<!--المسرح فن شعبي عن طريق مسرح الشارع، مسرح المقهى، مسرح النادي، مسرح الجامعة... فالمسرح في حد ذاته موطن ومساحة شاسعة تغطي العالم، فهناك خارج منزلك توجد الحقيقة اليومية المبهمة و غير القابلة للاختراق، رحلتك تتجه نحوهم نحو قلوبهم، نحو ذاتيتهم . سافر في داخلهم، في مشاعرهم، في ذكرياتهم التي توقظها و تجمعها . . إنها رحلة في مخيلة شعبك...

<!--المسرح وسيلة من وسائل مواجهة الثقافة الظلامية والرؤى الاستبدادية التي تفرخ الإرهاب، وتنشر ثقافة العنف والدمار والمعادية للإنسان والإنسانية!

<!--تعزيز روح التعاون وتكريس مفهوم التواصل وتجسيد حقيقة الوحدة الفكرية والثقافية!

<!--للمسرح وظيفة تعليمية؛ إذ يسهم في تشكيل شخصية الطفل يسهم  في تنمية المهارات الحركية لدى الطفل من خلال طبيعة الأدوار والشخصيات التي يمثلها والتي تساعده على التحكم الجيد في حركات جسمه والقدرة على مراقبتها، إضافة إلى كونها تسهم في تنمية مختلف الوضعيات الحركية وتطويرها، عن طريق مسرح الطفل، مسرحة المناهج...

إن تراجيديات المسرح العربي قدمت فنًّا فكريًّا نافعًا، يؤدي أدوارًا ووظائف متنوعة وصفيًّا وتحريضيَّا و نقديًّا و تنويريًّا وتعليميًّا.ما أحوجنا إلى إحيائها، وتكثيرها وتنويعها في زمننا هذا!

ثانيًا: المسرح العربي بين التغريب والتعريب

ارتبط المسرح منذ بدايته بالمجتمع، وتغير مع تغير العصور؛ ففي البداية اليونانية والفرعونية كانت نشأته دينية، وبالتدريج اشتبك مع مظاهر الحياة الاجتماعية، وخاض في أمور فلسفية وتعرض لقضايا سياسية وفكرية فلسفية متشعبة، ثم تحول في عصر النهضة ليشتبك مع قضايا العصر ويعبر عنها ويصور جديد الفكر والقضايا والقيم الخاصة بذلك العصر. ويذهب كثير من الدارسين إلى أن العرب عرفوا المسرح في الشام منذ منتصف القرن التاسع عشر الميلادي، وبالضبط في سنة 1848م عندما عاد مارون النقاش من أوروبا إلى بيروت فأسس مسرحًا في منزله، فعرض أول نص درامي في تاريخ المسرح العربي الحديث هو" البخيل" لموليير، وبذلك كان أول من استنبت فنًّا غربيًّا جديدًا في التربة العربية.

وقد بدأ المسرح العربي يعتمد على عدة طرائق في استنبات المسرح الغربي في بيئتنا كالترجمة والاقتباس والتعريب والتمصير والتأليف والتجريب، وشرح نظريات المسرح الغربي، ولاسيما نظريات الإخراج المسرحي، وعرض المدارس المسرحية الأوربية. ويقرر مؤرخو المسرح العربي الحديث أنه كانت هناك عدة عوامل ساعدت على الظهور المسرحي في البلاد العربية؛ نتيجة للاحتكاك الثقافي مع الغرب عبر حملة نابليون بونابرت إلى مصر والشام، والبعثات إلى أوروبا، وعن طريق الاطلاع والتعلم، والترجمة، والاستشراق، والرحلات العلمية والسياحية والسفارية .

وقد مر المسرح العربي في نشأته بتقنيتي التغريب والتعريب.

التغريب هو استنبات المسرح الغربي في التربة العربية من خلال التقليد و الاقتباس والترجمة، كما فعل مارون النقاش مع أول نص مسرحي وهو (البخيل) سنة 1947م، الذي استلهمه من موليير، وتابع كثير من المبدعين والمخرجين طريقته في الاقتباس والمحاكاة.

التعريب هو: تأصيل المسرح العربي وذلك بالجمع بين الأصالة والمعاصرة، أي التوفيق بين قوالب المسرح الغربي والمضمون التراثي، والتعبير عن البيئة العربية: تمصيرا وتونسة ومغربة وسودنة وخلجنة وسعودة وما إلى ذلك....وتعد تجارب مارون النقاش المسرحية الأخرى باكورة هذا التأصيل، مثل: "أبو الحسن المغفل" أو "هارون الرشيد" 1849 م  ثم خطا أبو خليل القباني بالفن المسرحي خطوة إلى الأمام بتطويع الموروث الشعبي إلى المسرح مثل: "ألف ليلة وليلة" وجعل الفصحى لغة للحوار، ثم هاجر من دمشق إلى مصر حين أغلق مسرحه سنة 1884 م.وفي عهد الخديوي إسماعيل أنشئت دار الأوبرا وقدم يعقوب صنوع مسرحياته المترجمة أو المقتبسة أو المكتوبة باللهجة العامية ؛ لنقد الأوضاع السياسية والاجتماعية....

نضج المسرح العربي:

في سنة 1910 م عاد جورج أبيض إلى مصر من فرنسا بعد دراسة أصول المسرح وأُلّفت له مسرحيات اجتماعية وعُرّبت له بعض مسرحيات (شكسبير) مثل : "تاجر البندقية" أو "عطيل" وغيرها. ثم أسس يوسف وهبي فرقة "رمسيس" ، كما ظهرت بعدها فرقة "نجيب الريحاني" ، ثم تطور المسرح بعد الحرب العالمية الأولى بفضل جهود الأخوين : محمد ومحمود تيمور من خلال تناول المشكلات الاجتماعية وعلاجها علاجاً واقعياً. كما كتب أحمد شوقي عددا من المسرحيات الشعرية منها : "البخيلة" ، "علي بك الكبير" ، "مصرع كليوباترا" ، "مجنون ليلى" ، "عنترة"، و"قمبيز"، و"الست هدى" . ودفع فيها بالفن المسرحي دفعة قوية إلى الأمام، فقد درس الفن المسرحي أثناء إقامته في فرنسا، وكان له فضل السبق في تأسيس المسرح الشعري العربي.

ازدهار المسرح العربي:

منذ بداية الثلث الثاني من القرن العشرين 1933 م أصدر توفيق الحكيم مسرحيته "أهل الكهف" ثم أتبعها بأكثر من سبعين مسرحية، مكتملة في موضوعاتها، وبنائها، وحوارها، وشخصياتها، وكان حريصًا على أن يساير بفنه حركات التطور الحديثة في المسرح، فهو الذي درس القواعد الرئيسة للمسرح في فرنسا دراسة جادة؛ لذا نراه دائم الاتصال بالمسرح الغربي واتجاهاته. فانتقل من المسرح التاريخي إلى المسرح الاجتماعي، ثم إلى المسرح الذهني الذي يعالج قضايا مجردة ، مثل: علاقة الإنسان بالزمن، أو علاقته بالقدر، و(أهل الكهف) من مسرحيات هذه المرحلة. وبعد توفيق الحكيم تطور الفن المسرحي على يد جملة من الأدباء ، ورجال المسرح، مثل : علي أحمد باكثير ، عزيز أباظة ، صلاح عبد الصبور ، سعد الله ونّوس وغيرهم

ثم انحدر المسرح العربي في نهاية القرن العشرين بسبب هيمنة النزعة التجارية والهزلية عليه، ثم عودة نزعة تقليد الموضات المسرحية العالمية فيما كان يسمى في بداية النهضة العربية بالتغريب والترجمة! وبسبب عدم وجود جهات مؤسسية رسمية فاعلة ترعى الحركة المسرحية وتعمل على تنشيطها وتحديثها، وبسبب سيطرة فنون أخرى على الحالة الثقافية والإبداعية العربية مثل الدراما التليفزيونية، والسينما، والرواية، والقصة القصيرة، وبسبب ضعف مساحة الحرية في كثير من الأوطان العربية وفن المسرح قرين الحرية وعدو القمع والقهر والاستبداد!...

ثالثًا: الأنواع المسرحية المعاصرة

يرى مؤرخو الحركة المسرحية المعاصرة أن المسرح العربي شهد فترة ازدهار في الستينات، ويعود ذلك إلى ظهور كتّاب أخلصوا لهذا الفن، وأبدعوا فيه مسرحيات مهمة ومؤثرة في المجتمع، ويكفي أن نذكر على سبيل المثال لا الحصر، سعد الله ونوس ومحمد الماغوط ومحمود دياب وتوفيق الحكيم وصلاح عبد الصبور ومصطفى الحلاج وفاروق جويده ويوسف العاني وهيثم الخواجة وصقر الرشود وألفريد فرج وغيرهم .

إلا أنه شهد تراجعًا ملحوظًا في العقدين الأخيرين لأسباب عدة، أهمها غياب الإبداع في النص المسرحي، هذا إلى جانب الحروب والعوامل الاقتصادية المتردية في كثير من البلدان العربية .
ولما كان عامل الديمقراطية له دوره وأثره في الحركة المسرحية، فإن التأصيل والتجويد عاملان لايمكن إغفالهما عندما نتحدث عن المسرح العربي . واللافت في الأمر هو أن المبدعين والنقاد والباحثين والدارسين لم يتفقوا حتى هذه اللحظة حول موضوعة التأصيل، لا بل يتنكر البعض لها جملة وتفصيلاً، مقابل قلة تؤيدها ليست فاعلة .  أما التجويد والتميز فقد أصيب بالارتباك بسبب عدم وضوح الرؤية عند البعض، وبسبب ضعف أو تراجع السمة الإبداعية من جهة أخرى .
وإذا كان الاتجاه السائد في الستينات الاعتماد على الواقعية الفنية، ثم الانتقال إلى المسرح الملتزم، ثم إلى المسرح البريختي فيما بعد، فإن المسرح اليوم الذي يدعي فرسانه الاعتماد على مفاهيم وأفكار الحداثة - بعضهم يدعي تجاوز ما بعد الحداثة - فإن الاتجاه الحداثي موجود في الأجناس الأدبية والفنون كلها منذ العصر الجاهلي وحتى الآن . أما مسرح ما بعد الحداثة فهو أسلوب لم يتبلور في المسرح شأنه شأن بقية الفنون والأجناس الأدبية، كما هو حال المسرح العالمي .

وقد واكب الشباب العربي تغييرات المسرح الغربي ومستجداته واقترحوا تجارب مسرحية قوبلت أحيانا بالتشجيع والحفاوة، وأحيانا أخرى بالرفض والإقصاء، منها:المسرح التراجيدي والدراما الجادة، والمسرح الكوميدي والدراما السوداء، ومسرح العرائس، والمسرح التجريبي، والمسرحيات الموسيقية (الغنائية)، والمسرح الصوتي الدرامي (الأوبرا)، وكذا المسرح الوسائطي، المسرح السردي، مسرح المواقع الأثرية، مسرح الشارع، المسرح الاستيعادي…

وأقف هنا مع بعض هذه الأنواع المسرحية المعاصرة بمزيد تفصيل وتبيين:

المسرح الثقافي:

هو ذلك المسرح جهاز مًنتجٌ للثقافة، من خلال ما يُسمَّى (المسرح الثقافي) ويطور القدرة على توصيل الأفكار والمشاعر إلى الآخرين بطريقة مباشرة من خلال مواجهة الجمهور، وينمي ملكة التعبير عن النفس بطريقة أكثر فعالية وإيجابية، ووسيلة ترفيه ثقافية جذابة تملأ الفراغ الاجتماعي، وتشبع النهم الثقافي في

المصدر: محاضرة جامعية معدة للإلقاء عبر الإنترنت.
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 219 مشاهدة

الأستاذ الدكتور صبري فوزي عبدالله أبوحسين

sabryfatma
موقع لنشر بحوثي ومقالاتي وخواطري، وتوجيه الباحثين في بحوثهم في حدود الطاقة والمتاح. والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

327,126