الدكتور بسيم عبدالعظيم ابن المدرسة الكلاسيكية
نعم ينتمي الدكتور بسيم عبدالعظيم، منذ وُجِد ومنذ عرفته وقرأته إلى المدرسة الكلاسيكية الإسلامية المحافظة قلبا وقالبا، إنه باحث ومبدع يرفض أن يتشتت في ربوع الطلاسم والمباهم والغمائم والكلام العقيم، فلا يخبط في الدياجي تائهًا، بل يرى الإبداع صدعًا وجهرًا وبيانًا وإعلامًا وإعلانًا، كما يقول شاعرنا وحيد الدهشان:
الشعر ما اخترق الحواجز موغلا في النفس لا يكبو ودون تلعثم
الشعر ما شق الصدور بريقه و أنــار فـــيــهــا كل درب معتم
الشعر ما اصطحب النفوس مطيعة نحو العلا عبر الطريق الأقوم( )
إن الدكتور بسيم شاعر، انصهر بأشعاره في بُوتقة الإسلام منذ بداياته الإبداعية الأولى، منذ الثمانينيات من القرن المنصرم، فصار ذا نكهة مميزة بين جيله ورفاقه، معبرًا عن كل محمدة ومنقبة، راصدًا حركة المد الإسلامي الزاحف في بقاع متفرقة من العالم، هاتفًا لجيل جديد، جعل الإيمان أساس كل غرس ومنهج كل عصر، باثًّا في أبناء الإسلام أسباب الفخر والحماسة، مشعلاً جذوة الجهاد في بنيه على اختلاف أهوائهم، مقدمًا نفثات غيور وصرخات مهموم مكلوم، ذابت نفسه واكتوت للواقع الإسلامي الأليم، هاجيًا الأعداء، كاشفًا مخازيهم ومآسيهم، جالدًا العملاء، فاضحًا رؤاهم في تعابير ساخرة متهكمة. شاعر إسلامي حتى النخاع، جماهيري التوجه، يكاد يصل شعره إلى كل متلق بسهولة ويسر، شاعر عرف كيفية الوصول إلى الناس في اللحظة المناسبة، من خلال لغة شعرية رصينة تقليدية محافظة. إنه شاعر له من اسمه نصيب: هو (بسيم) في شخصيته، راض،صاف، هادئ هادٍ، إلف مألوف، غارق في ذاتيات ووجدانيات، واجتماعيات. إنه أنموذج للإنسان الذاهب إلى النبل والكمال بدرجة عالية مستمرة، نحسبه كذلك والله حسيبه، ولا نزكي على الله أحدًا، كتب الله لنا وله حسن الختام. وقد ناجى بشعره ربنا-عز وجل، مدح نبينا،صلى الله عليه وسلم، صور مجتمعه الأول:الأسرة، ثم مجتمعه الأوسط:بيئات التعليم في مصرنا وغيرها، ثم مجمتمعنا الأعلى: أمتنا العربية والإسلامية، حيث الإسهام بشعره في كل ما يستدعى إليه من مناسبات سياسية أو اجتماعية أو ثقافية أو شعبية... وليست تلك مبالغات لا واقع لها، فقد عاشرنا "بسيم" الشاعر والإنسان منذ منتصف التسعينات، فوجدناه رجلاً حركيًّا لا يكسل ولا يخمد، يسير حاملاً قلمه، منتقلا من ميدان إلى ميدان ومن ناد إلى ناد. إنه يحيا ضمن ثُلَّة يجمع بينها حب الشعر وإقامة عكاظه بين أبناء العروبة، وإثبات حضوره في ابتلاءات الأمة، معبرًا عن أحوال مدائن الفجر الإسلامي في هذا الكون التائه.
مكونات الشخصية:
إن قراءة في السيرة الذاتية لإنساننا (بسيم)، توقفنا على العوامل المكونة لشخصيته، والتي تتمثل في بيئته الأولى، ثم تعليمه، ثم تخصصه الأكاديمي، ثم هجرته الخارجية، ثم حضوره الفاعل في منتديات الثقافة والإبداع، هذا إضافة إلى ما منحه الله من حس مرهف، وذوق سليم، وبديهة طريفة. وهاك قارئي بيانًا تفصيليًّا بتلك المكونات: إنه (بسيم عبد العظيم عبد القادر إبراهيم)، من مواليد محافظة المنوفية، بجمهورية مصر العربية سنة 1959م. تلك المحافظة التي تقع شمال العاصمة القاهرة في جنوب دلتا النيل، وعاصمتها هي مدينة شبين الكوم، والتي صهرته صهرًا عجيبًا حتى إنه ليمثل الشخصية المنوفية في أجلى صورها، تجده مقدامًا، طموحًا، جادًّا، حاضرًا في كل مجمع علمي أو أدبي أو خيري بفعالية وإتقان وإخلاص، يفرح للجميع، ويُفرح الجميع، ويفرح له الجميع، يكون شبكة علاقات كبيرة متنوعة بشريًّا وجغرافيًّا وأيدلوجيًّا وثقافيًّا، حتى صار حبيبنا الدكتور بسيم في مخيلتي ذلكم الإنسان الأبيض الوسط دائما وأبدًا. كما أن هذه المحافة تغرس في بنيها الوطنية العملية التامة الخالصة المخلصة، وهذا ما نراه بعدًا رئيسًا في منتجه الشعري بديوانيه المطبوعين، كما سيتضح في قادم الصفحات.
وقد تنقل في التعليم العام، حتى حصل ليسانس آداب وتربية (لغة عربية) ـ جامعة المنوفية 1981م، ثم ليسانس آداب (لغة عربية) ـ جامعة عين شمس 1984م، وقد رزق بتلقي علوم العربية وآدابها على يد مجموعة من الأساتذة الأزهريين الأصلاء الكبار أمثال الدكتور محمد فتحي أبوعيسى، والدكتور محمد حسن جبل، والدكتور محمد محمد أبوموسى، والدكتور عبدالله الشاذلي، والدكتور أحمد الحفناوي، والدكتور السيد مرسي أبوذكري. ولهم قامات أصيلة جزلة فذة، إضافة إلى الشيخ الجليل عبدالعزيز شلبي، والشيخ أحمد منصور، من كبار قادة منطقة المنوفية الأزهرية في هذا الزمان. ثم كان تعليمه الأعلى في الدراسات الأدبية الأندلسية؛ حيث حصل على درجة الماجستير في الأدب الأندلسي من كلية البنات بجامعة عين شمس، عام1991م بتقدير ممتاز، وموضوعها: (الصورة الشعرية عند ابن خفاجة الأندلسي). ثم حصل على درجة الدكتوراه في الأدب الأندلسي من كلية البنات بجامعة عين شمس،عام 1995م بمرتبة الشرف الأولى، وموضوعها: (شعر الأسر والسجن في الأندلس: جمع وتوثيق ودراسة). وكان عمله ذا صلة بالإبداع الشعري، فعلى الرغم من تعيينه معيدًا في كلية التربية بجامعة المنوفية 1982م، إلا أنه كتب له الانتقال إلى كلية الآداب بجامعة المنوفية، للعمل مدرسًا مساعدًا بقسم اللغة العربية وآدابها سنة1991م. ثم ترقى في عمله إلى درجة مدرس الأدب العربي والنقد بذات القسم، وذات الكلية سنة 1995م. ثم كانت هجرته إلى المملكة العربية السعودية للعمل ثلاث عشرة سنة أستاذًا للأدب والنقد المساعد بكلية التربية للبنات بالأحساء من 1998م حتى 2010م، ثم أستاذًا للأدب والنقد المساعد بكلية الآداب جامعة الملك فيصل بالأحساء من 2010م حتى 2011م. .وقد أثرت فيه هذه الهجرة تأثيرًا بارزًا في شعره، حنينًا، واغترابًا، وفخرًا بالإحساء مكانًا وإنسانًا. المبدع الميداني: ثم قدر لشاعرنا (بسيم) أن يتفرغ تمامًا في عمره الخمسيني للكلمة الأدبية، ويحتك مع أهليها بعد أن عاد من عمله بالمملكة العربية السعودية في عام 2011م إلى العمل بقسم اللغة العربية وآدبها في كلية الآداب بجامعة المنوفية، في تدريس الأدب العربي القديم، والمشاركة بأبحاثة ورؤاه في عملية البحث العلمي، والمتابعات الثقافية، فأخذ يمارس نشاطه الإبداعي والثقافي في منتديات مصرنا الفاعلة من خلال عضويته بمجلس اتحاد الكتاب بمصر، ونيابته رئاسة اتحاد كتاب مصر، فرع المنوفية، ثم كونه محاضرًا مركزيًّا بالهيئة العامة لقصور الثقافة، وكونه عضو رابطة الأدب الإسلامي العالمية، وغيرها من الاتحادات والروابط، مما كان سببًا في مئات التجارب الشعرية، وعشرات الأبحاث الأدبية والنقدية. ونشرت له قصائد عديدة في دوريات مطبوعة داخل مصر وخارجها، وله معارضات شعرية مع كثير من الشعراء القدامى والمعاصرين، نشر بعضها في المجلات وبعضها في المنتديات الأدبية على الشبكة العنكبوتية، ومن أبرزهم المتنبي، والشاعرة الفلسطينية الأستاذة نبيلة الخطيب، والشاعرة المكية الدكتورة إنصاف بخاري، والشاعرة الأحسائية الأستاذة بشاير محمد، والشاعر الأردني الأستاذ بسام دعيس أبو شرخ، والشاعر السوري المهندس فواز عابدون، والشاعر السعودي المهندس جاسم الصحيح، والشاعر الأحسائي الأستاذ عبد الله العويد، والشاعرة الأردنية بسمة الفراية، والشاعرة المصرية رنا العزام، والشاعر الدكتور شعبان عبد الجيد، والشاعر الأستاذ محمد فايد عثمان، والشاعر الدكتور علاء جانب والشاعر ثروت سليم وغيرهم. شعره: أخذ (بسيم) يشارك بشعره في كل مكان يكون فيه أو مناسبة تطرأ عليه، مثل ندوة الجمعية التاريخية السعودية في المدينة المنورة عام 1428هـ التي شارك بقصيدة في افتتاح ندوتها، بعنوان “في رحاب المدينة المنورة". وقد تمثلت أشعاره في ديوانين، هما: *هموم وأشجان (ديوان شعر) ( ). * لو تطلبين العمر ( ديوان شعر) ( ). وله تحت الطبع ديوان بعنوان: (نبضات أحسائية). وقد نال شعره قراءة عدد من الكتابات الصحفية الدعائية والبحثية النقدية....