الجهد الأزهري في الدرس الأدبي المقارن:
أرى أن هذا الجهد ضعيف وفرديٌّ، وأنه يوجد تقصير من باحثي الأزهر وباحثاته في هذا المجال، فلم يوجد من يخلف رفاعة الطهطاوي في جهده وجهاده، ويخلف الأستاذ الدكتور محمد غنيمي هلال الرائد في التعريف بهذا العلم وإثارة قضاياه بتآليفه الذائعة- والذي يعد بعض أزهري وبعض درعمي- ويقتصر الاهتمام بالأدب المقارن في جامعة الأزهر على كونه مقررًا من ساعتين دراسيتين في الفرقة الثالثة بكليات اللغة العربية ونظيراتها، وكونه اعتُمد -أخيرًا من قبل كلية الدراسات العليا بالقاهرة-مقررًا في السنة الثانية من مرحلة تمهيدي الماجستير في تخصص الأدب والنقد بقطاع اللغة العربية، ولا توجد خطة بحثية لتوجيه الباحثين والباحثات إلى التخصص فيه، على الرغم من أهميته القصوى في آننا!
وإذا تتبعنا الذين اهتموا بهذا العلم في رحاب جامعة الأزهر نجدهم معدودين، منهم من ألف كتابات أولى تعريفية كالدكتور محمد عبدالمنعم خفاجي، والدكتور حسن جاد بكلية اللغة العربية بالقاهرة، والدكتور محمد سلامة صالح بكلية اللغة العربية بالمنوفية، والدكتور رفعت زكي نجيب بكلية اللغة العربية بالزقازيق. وهناك من له جهد بحثي متخصص كالدكتور السيد العراقي والدكتور محمد عبدالجواد فاضل بكلية اللغة العربية بالقاهرة، والدكتور محمد التابعي والدكتور محمد كاظم الظواهري بكلية اللغة العربية بالمنوفية، والدكتور صابر عبدالدايم بكلية اللغة العربية بالزقازيق، والدكتور أحمد حنطور- بكلية اللغة العربية بالمنصورة- في كتابه العميق المنشور في مكتبة الآداب بالقاهرة، ولا شك أنه توجد جهود علمية فردية من أساتذة كلية اللغات والترجمة كالأستاذ الدكتور محمد حامد أبو أحمد والأستاذ الدكتور عبدالغفور الأسود وغيرهما، وأرى لأخي الدكتور مصطفى السواحلي جهدًا علميًّا في بعض البحوث التي يقارن فيها بين التراث العربي والتراث الإنجليزي... لكن يظل هذا الجهد الأزهري ضعيفًا في كمِّه، فرديًّا في عمله، يحتاج إلى رعاية مؤسسية كي يكون للأزهر حضور الفاعل في آننا هذا: آن المثاقفة، والحوار الفكري الكوني!