المركز الثانى عشر أمين عكاشة ... اليمن عن قصته إنزواء
انزواء
فَكّرَ يوماً أن يكتب مجموعة قصصية ،كان مطالب بها خلال عشرة أيام ، فقرر أن يعتكف في غرفته .. بدأ يستجلب أفكاره ؛ فاستعصت عليه كل فكرة ..جال ببصره حول غرفته ، أوصد بابه ، أحكم إغلاق النوافذ ، رأى ثقباً ضئيلاً يدخل ويخرج منه صرصار ، انزعج وأخذ ورقة مُلقاة ..لفها باصبعه حتى تجعدت وسد بها الثقب ..تناهى لمسمعه أصوات قريبة ، فتح النافذة ، صاح بأطفال الحارة :
- هيه إذهبوا ، كُفوا عن اللعب اخلوا المكان بسرعة . .
بينما هم لايحسبون له أي حساب ..
لكنه رغم ذلك أغلق النافذة وهو يقول : الآن سأستريح .
جلس مثل ساحر يستحضر زبانيته ، ويتمتم داخل غرفته المظلمة ..
لكن لاجدوى ..لن يهتدي لأية فكرة ..
إنتهى اليوم الأول دون قصة ، وانتهى اليوم الثاني أيضاً دون قصة ...وهكذا مضت تسعة أيام وهو منزوٍ داخل غرفته مهموم بقصة ..
وفي يومه العاشر ضاق به المكان والزمان ، فخرج إلى الشارع المجاور يائسا من قلمه ، قانعاً من كتابة حرف واحد ..
لكنه مجرد أن قرع بقدميه أرضية الشارع ، وزج بجسمه وسط زحمة الناس ، أوجعته لكزات أكتاف الماره ؛ فحدق نحوهم صامتاً .
فجأة ازدحمت في فكره عشرات القصص ، وللتو جذب القلم ، وصار يرصد عناوين مختصرة ، وهو واقف وسط زحمة الشارع يستقبل مزيد من اللكزات ..
لكن الفاجعة صعقته عندما أحس أن الوقت امتشق سيفه ، وقطع أفكاره المرصودة كهامش وحال بينه وبين الفترة المحددة