المركز الحادى عشر ايهاب بديوى ... مصر عن قصته الفقراء لايضحكون
الفقراء لا يضحكون
فوجئ المجاهد بقطع في الحذاء الجديد الذي اشتراه العام الماضي. انقلبت حساباته المادية للأشهر الستة التالية. سار إلى عمله الحكومي الروتيني وهو يداري البقعة في قميصه الجديد الذي اشتراه منذ عامين بوضع قلم كبير الحجم فوقها. جلس على مكتبه بوضعية معينة ليداري القطع الممرر للضوء في بنطاله الجديد الذي اشتراه منذ ثلاثة أعوام. قضى يومه في الحديث مع زملائه عن العلاوة الجديدة المتوقعة والتي وعد بها الزعيم العظيم شعبه الوفي رغم كل المعاناة التي تمر بها البلاد حسب خطبه المتكررة الرنانة. والتي يناقشونها في القصور المهيبة والفنادق الكبرى وعلى موائد الطعام الفخمة التي تكفى إحداها لسداد ديون الكثير من الفقراء. كان الغضب وقلة الحيلة قد تمكنت منهم بعد أن عرفوا أن العلاوة مقسمة إلى فئات تبدأ من 10% للصغار من أمثالهم و500% للكبار الذين يعانون في المكاتب المكيفة والامتيازات اللا نهائية. خرج بعد الدوام مهموما مرددا: الأغنياء يزدادون غِنى والفقراء يزدادون فقرا. أخذ طريقه إلى بيته القريب يحسب حسابات مصروفاته المعقدة. اصطدم بعمود نور ظهر فجأة في وسط الطريق. وقع على الأرض فتناثرت بقايا كرامته على أرض الواقع. جلس المجاهد يتفقد خسائره. كارثة جديدة. كسرت نظارته. لم يتمالك نفسه فانهار في البكاء. تجمع المارة بين الأثرياء والفقراء للمشاهدة والتعجب والتصوير. تقدم شاب فاخر الثياب لمساعدته ناهرا الناس. نظر المجاهد إلى ساعة الشاب الذهبية وقميصه اللامع وبنطاله المقطع بأمر الموضة وحذائه باهظ الثمن. وقف على قدميه من جديد. عدل هندامه. ربط نظارته بقطعة خيط. ابتسم. ثم واصل رحلته في هدوء.