المركز العاشر خالد توفيق الخزاعلة ... الاردن عن قصته فرحة
فرحة
صعد درجات السلم الذي يكاد يتسع لتلك الكرتونة التي يحملها بكلتا يديه وقد ارتسمت على وجهه المتعرق الذي بدا كقطعة خشب مبتلة فرحة مقتضبة وهو يلهث محاولا اختصار تلك الدرجات بخطوات طويلة يرمي بها ساقيه النحيلتين أمامه و كأن ما في تلك الكرتونة هو الخلاص من بؤسه المزمن وصل عتبة الباب وبدأ يطرقه بقبضته العظمية ويمسح بالأخرى جبينه المتفصد عرقا.. فتحت زوجته المغبرة الوجه الباب تبسمت لتلك الكرتونة و هي تسأله بشهية: ماذا جلبت لنا؟ رد عليها بسؤال مستعجل أين الأولاد؟ لقد اشتريت كمبيوتر بالتقسيط ! خرج الأولاد من الغرفة و قد تركوا سفرتهم المتواضعة قليلة الصحون فقيرة المحتوى و هم يرددون كمبيوتر.. كمبيوتر… هوت العائلة بأكملها على الكرتونة تمزقها بشراسة حتى ظهر المارد الذي سيحقق بعض أمانيهم المستعصية ثم تعاونوا على حمله للداخل…. فسألت الزوجة أين الطاولة؟ فأجابها دون أن ينظر إليها هاتي الطاولة البلاستك الي بالمطبخ جلبتها فرفع الجهاز عليها ثم شرع بتركيبه كما علمه صاحب المحل الذي اشتراه من عنده… و بعد أن انتهى من ذلك ضغط على زر التشغيل.. فسطع ضوء الشاشة في أعينهم و هم مندهشين كأنه أضاء عتمة ليلهم الطويل فبدأوا يصفقون لذلك الضوء… و ماهي إلا لحظات حتى اختفى ذلك الضوء…. فحل صمت غريب على المكان و هم ينظرون لبعضهم البعض فسأل زوجته بلهفة…. ماذا حدث؟ فأجابته و قد وجهت أذنها نحو المطبخ حيث انقطع صوت الغسالة لقد انقطعت الكهرباء…! فرد متمتما.. الكهرباء! هرع إلى النافذة،مد رقبته الطويلة يتحرى الأمر و إذ بسيارة شركة الكهرباء تجوب الحي فأدرك أنهم قد قاموا بقطع الكهرباء عن بيته… فأخرج فاتورة الكهرباء من جيبه المزدحم بالأوراق وهو يطالع آخرها…والدمع يترقرق في عينيه الغائرتين…الذمم السابقة 120 دينار! قبض عليها بعنف و هو ينظر إلى وجوه أولاده المشبعة حزنا من خيبة حلمهم الذي فر من بين أيديهم
نشرت فى 27 ديسمبر 2015
بواسطة qwertyuioasdfgh
أخبار الشعراء والادباء العرب
جريدة لنشر كل اخبار الشعراء والادباء واجمل ما كتبت اقلامهم رئيس مجلس الادارة ورئيس التحرير الشاعر / خالد بدوى »
ابحث
تسجيل الدخول
عدد زيارات الموقع
93,923