عندما عرضنا حلقات برنامج ونلقى الأحبة وتحدثنا عن زوجات الرسول صلى الله عليه وسلم، وكنا نشعر وكأننا ندخل بيوت النبي صلى الله عليه وسلم، وبيوت الصحابة، وخصوصاً الحلقة الأخيرة التي كانت عن السيدة فاطمة بنت الرسول صلى الله عليه وسلم، ورأينا كيف كان هذا البيت وتعاملها مع زوجها سيدنا علي رضي الله عنهما، وكيف بالنبي صلى الله عليه وسلم الذي كان دائماً يوفق بين ابنته فاطمة وزوجها، وهذا الحب الكبير الذي كان يعم بيت السيدة فاطمة..
وكانت النتيجة وصول الفاكسات والإيميلات التي وصلت إلى الموقع وبكميات هائلة، وأغلبها تدور في نقطة أساسية، و90% منها تتعلق بمشاكل الزواج..
فرأيت أنه لا بد من أن أساعد في هذا الأمر، لأنه يصعب عليّ الوضع الذي وصلت إليه الأسرة في أيامنا هذه، والفرق بين النموذج الصحابي والنموذج النبوي، والواقع الحالي الذي وصلنا إليه. فالوضع فعلاً خطير، وساعدني في هذا الأمر رسالة الدكتوراه التي أقوم بتحضيرها وهي عن الإصلاح الاجتماعي بين النموذج النبوي والنماذج الغربية فرأيت أن نتناول موضوع الأسرة ونخصص لها حلقات وتحت عنوان "ونلقى الأحبة" لأننا سنحاول ومن خلال تجارب الصحابة وبيوت النبي صلى الله عليه وسلم ويكون لنا القدوة فيهم.
وهذه الحلقة هي عبارة عن حلقة تمهيدية للحلقات القادمة.
سنتناول الأسرة بالتفصيل، ونتمنى أن يحدث التغيير، ولدينا الأمل أن ننجح وأن نحل الكثير من المشاكل .. وسنحاول بذل أقصى طاقاتنا، من أجل حل هذه المشاكل ، والأمل موجود بإذن الله تعالى، كما أن هذا الأمر يتوقف على نية الطرفين (الزوج والزوجة) بحل هذه المشاكل والحرص على استقرار أسرتهم.
وبالطبع هناك بيوت مستقرة، وبيوت فيها مشاكل ، ولايعني ذلك أنه لا يوجد بيت من غير مشاكل ، ولكن النسب تختلف، والمشاكل زادت، والخمسة عشر سنة الأخيرة بدأنا نسمع ما لم نكن نتصوره .. فقد زادت نسب الطلاق، وأصبح أمر تفكك الأسرة أمراً سهلاً، ورجال يطلقون زوجاتهم ولأسباب تافهة، ونسبة العنوسة زادت، وسن الزواج بدأ يتاخر بين البنات، والخلاف زاد، والتفاهم قل، فما الذي يحدث ؟ فنريد أن نصلح هذه البيوت، وهذه ليست حالة يوم أو يومان ولكنها نتيجة لمشاكل منذ سنوات وبدأت تتراكم. فالخلافات الزوجية كثرت نتيجة لعدم معرفة كل طرف القيام بدوره وأولويات هذا الدور، فانتشر الطلاق، والخيانات الزوجية، وكذلك نسب الصحوبية وعلاقات قبل الزواج، فالوضع فعلاً مؤلم وفي منتهى الخطورة..
فالأمل الوحيد الباقي للأمة اليوم هو الحفاظ على تماسك الأسرة، ولم يعد لدينا طوق نجاة نمسك به غير هذا الأمر، فإذا انهارت الأسرة خسرت الأمة آخر طوق نجاة لها، وسنحتاج إلى مئات السنين حتى تستطيع الأمة أن تقف على قدميها.
فالغرب تفوق علينا علمياً وثقافياً وبأمور كثيرة..، والعامل الوحيد الذي كنا نتمسك به نكاد أن نفقده وهو استقرار الأسرة..
في مؤتمر الأسرة العالمي للمنظمة العالمية، ألقى رئيس المنظمة العربية كلمة وجهها إلى الغرب، أنهم فعلاً تفوقوا علينا علمياً وثقافياً، ولكن لدينا عامل إذا أحسنا استغلاله فسنقود الدنيا بعد خمسين سنة، وأنهم يملكون نفس هذا العامل، ولكن إن استمر إهماله، فسينهاروا بعد خمسين سنة.
وهذا العامل هو الأسرة ولم يبق لنا غيره..
فموضوع الأسرة والحفاظ عليها أعتبره اليوم أهم من مليون درس في الأخلاق، والصلاة والصيام، فإن استقرت أسرنا فسنضمن استقرار مجتمعاتنا..
إن وسائل صياغة العقل البشري تتم عن طريق أربعة وسائل عبارة عن أربعة مؤسسات تغذي العقل البشري في كل ما يحتاجه وهي كالتالي :
1ـ الإعلام
2ـ المدرسة
3ـ المسجد
4ـ الأسرة
فالإعلام أكثرهم انتشاراً وأسرعهم تأثيراً، ولكنه ليس أعمقهم أثراً..
فإن كان ابنك أو ابنتك تربى على الأخلاق الحميدة وغرست فيه منذ الصغر، فلن يستطيع حتى ألف جهاز إعلام أن يؤثر عليه. فالإعلام أسرع انتشاراً وتأثيراً، ونشعر بهذا التأثير لأنه هو الوحيد اليوم على الساحة، لكنه مؤثر بلا شك، وأحد عناصر صياغة العقل البشري، لكنه ليس الأعمق أثراً..
المدرسة تعاني من مشاكل كثيرة ، وإصلاحها يحتاج إلى أمور كثيرة من نظام التعليم وأعداد الطلبة الهائلة ونقص المربين الفضلاء..
المسجد، فلو كان هناك من جئت به إلى المسجد وبذلت جهداً في تربيته تربية دينية وأخلاقية وإيمانية، ولكنه إن لم يُحسن تربيته في بيته فلن يكون هناك فائدة..
لقد رأيت مثل هذه النماذج وتحتاج إلى جهد غير عادي لإعادة تقويم من لم يقم بيته بتريبته التربية الصحيحة.
دور الأسرة في التربية، وأهمية الأسرة عند الله عزَ وجل
أما الأسرة فهي الأكثر تأثيراً ، وهي الأساس، وهي التي تتحكم بتربية الأبناء وهي المسؤولة في اختيار المدرسة أو المسجد أو الإعلام، وهكذا تنصب هذه المؤسسات الثلاثة في مؤسسة الأسرة وهي الأعمق تأثيراً، وبناء عليه فهي الأمل الباقي ، فلا بد من توفير المناخ الجيد الذي يعتمد على الاحترام والحب المتبادل بين الوالدين، فيرى الابن أو الإبنة والديهما يحافظون على الصلاة والعبادات، وأن الوالد رزقه حلال، ويعلمونه الأخلاق، وكيف يتعامل مع الناس خارج البيت، ويجد الحب الذي يحضنه داخل بيته.. فإذا توفرت هذه الأسباب فلن يكون هناك خوف عليه بعد ذلك، دعه يسافر طلباً للعلم في الخارج، وحتى في فترة المراهقة وإن حدث ما يحدث من مشاكل هذه الفترة، فسيعود لأنه تربى وغرست فيه المبادئ والأخلاق، وكأن الله يقول لك:أنت زرعت البذرة وستعود أفضل مما كانت عليه، وكما كنت تتمنى.. حتى لو كان هناك وسائل أخرى أثرت بالسلب عليه فسيعود ..
فالأسرة غالية جداً عند الله.. وهي الأمل الباقي لهذه الأمة.. وأتمنى على شبابنا وبناتنا أن يحسنوا الاختيار.. ولنسمع قول الله عزّ وجل
سورة الروم آية 21 .. أي من دلائل عظمة الله وفضله ورحمته أن يجعل بين الزوجين المودة والرحمة.. ثم إن هذه الآية جاء قبلها وبعدها خمس أو ست آيات تتحدث عن آيات الله سبحانه في هذا الكون ..
آية 22 سورة الروم
"... وينزل من السماء ماء...." آية 24 سورة الروم
"ومن آياته منامكم بالليل والنهار..." آية 23 سورة الروم
وكل هذه الآيات تتكلم عن الكون ثم في الوسط جاءت الأسرة.. فالله تحدث عن معجزاته وقدراته عز وجل من خلق السموات والأرض، والليل والنهار، وتصريف الرياح والسحاب، نزول المطر، وخلق الإنسان، وفي وسط هذا جاءت الآية
وكأن الله عزّ وجل أراد أن يبين لنا أن مركز الكون والحياة نواة اسمها الأسرة..
ثم ما جاء في الآية الكريمة سورة النحل آية 80 لسكن أي الطمأنينة.. وكأن الله يوجه خطابه إلى من يبحث عن الطمأنينة أنه سيجدها داخل أسرته..
وما يحدث في أيامنا وهناك من يبحث عن الطمأنينة خارج أسرته، ونسي أنه الله عزّ وجل جعل السكن في داخل الأسرة والعائلة..
وهذه هي إرادة الله في الأرض..
كذلك الآية التي يقول الله عزّ وجل فيها سورة الفرقان آية 54 ، فالله يرينا معجزاته .. كان بالإماكان أن يأتي في الآية أنه خلق من الماء بشراً حتى يقيم الخلافة في الأرض أو مثلاً لينصر الإسلام، ولكن الذي سيقيم الخلافة في الأرض وينصر الإٍسلام هو النسب والصهر، فإذا قامت العائلات واستقرت البيوت سيتحقق النصر للإسلام..
فلو نفذت إرادة الله، وهذا سؤال أطرحه على كل من يقرأ هذه السطور.. هل إرادة الله عزّ وجل تنفذ كما أمرنا.. فهل حققناه أم أفسدناه؟
اسمع قول الله عزّ وجل
كذلك النبي صلى الله عليه وسلم يقول : إذا جاءكم من ترضون دينه وأمانته فزوجوه إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد كبير ..
يقول الله تبارك وتعالى سورة الرعد آية 38، فالله عندما أراد مدح الرسل مدحهم بحياتهم العائلية المستقرة، ومنّ عليهم أن جعل لهم أزواجاً وذرية..
يقول النبي صلى الله عليه وسلم : الزواج من سنتي ومن رغب عن سنتي رغب عني..
فمن يحرص على تفكيك الأسرة، والشباب الذي يرفض الزواج في سن مبكرة، فكأنهم يعرضون عن سنة النبي صلى الله عليه وسلم..
فالنبي جعل إقامة الأسرة عبادة..
فالله أمرنا بالعقود وتوثيقها وأوصانا بها، كالعقود التجارية الخ.. سورة المائدة آية 1، لكن أهم عقد جاء فيه تحذير شديد ممن لا يحافظون عليه، عقد الزواج، وقال الله عزّ وجل أيضاً سورة النساء آية رقم 21، وهو العقد الوحيد الذي جاء فيه "ميثاقاً غليظاً" وهذا العقد غالي جداً عند الله .
فاحذر وأنت تعقد عقد الزواج وتوثق هذا العقد وأنه على سنة الله ورسوله، فأنت تُشهد الله على أغلى شيء في الحياة وهو إقامة الأسرة ..
ومن غلاوة الأسرة على الله أيضاً، أنه شدد العقوبة على الزنا، حتى لا يلجأ أي أحد إلى طريق غير طريق الأسرة.. والأصل أن الله رؤوف لكن في الزنا قال :
" سورة النور 2
والله يستر على عباده ولكن في الزنا قال :
"...وليشهد عذابهما طائفة من المؤمنين" سورة النور آية 2
النبي صلى الله عليه وسلم يقول : بينما أنا نائم أتاني آتيان فقالا لي قم معنا يا محمد فقمت معهما، فأخذاني إلى مكان فسمعت فيه أصوات صراخ فقلت ما هذا فقيل لي انظر فنظرت فإذا تنور معلق منه رجال ونساء يأتيهم النار من أسفل منهم فقلت من هؤلاء فقيل لي هؤلاء الزناة والزواني..
فهل نرى العقوبة الشديدة .
البحث عن حلول لمشاكل الأسرة
فهذا يجعلنا نشعر بأهمية الأسرة وتدارك الوضع الذي وصلنا إليه، فالمشاكل تزداد، والطلاق، وتأخر الزواج، وخلافات زوجية، وأولاد تعيش بعيداً عن أسرها..
وسأذكر لكم معلومة واحدة فقط موثقة جاءت من المسؤولين عن الإحصاء في ثلاث دول إسلامية تتحدث عن النسب التي وصل إليها الطلاق، وحالات الزواج التي انخفضت وفي نفس السنة، والأعداد مروعة وتدعونا إلى الانتباه والصحوة. فلنراجع هذه النسب التي كانت في الأعوام 1995 و 1996 و1997.
عام 1995 : حالات الزواج وصلت إلى 4295 وحالات الطلاق كانت 1390 .
عام 1996 : حالات الزواج وصلت إلى 6275 و2100 حالة طلاق.
عام 1997 : 6573 حالات زواج و2370 حالات طلاق..
فإلى أين سنصل وعلى من تقع المسؤولية، فأنا أرجو كل من يسمعني للتفكير في هذه المشكلة، وسنفرد لها أكثر من حلقة وسنحاول الاستعانة بالعلماء والمختصين ..
ولذلك يجب أن نعرف لماذا هذا الذي يحدث .. وهل هناك مفتاح لحل هذه المشاكل..
الأصل في تكوين العلاقات الأسرية أن تقوم على الإيمان والحب والمودة، فلو توفر هذان العنصران الأساسيان استطاعت الأسرة التغلب على كل المشاكل التي تتعرض لها، وإن لم يتوفر هذان العنصران فستؤدي إلى انهيار الأسرة..
وهنا يأتي السؤال لماذا يذهب الحب ويضيع .. فالأسباب كثيرة منها فالدين هو المعاملة فإن كانت المعاملة سيئة ضاع الحب، كذلك الجهل أي المفاهيم الخاطئة والرؤية غير الواضحة بما يخص العلاقة الزوجية، والبعد عن تعاليم الإسلام، والأنانية التي تؤدي إلى عدم الاحترام أيضاً..
وغياب الوعي من الهدف الأساسي لبناء الأسرة وهو طاعة الله أولاً ، ثم الاستقرار، والعفة، والإنجاب ..
ونستطيع أن نلخص كل هذا في كلمة واحدة وهو سؤ الفهم.. ومن لحظة الاختيار لغاية تربية الأولاد كيف تتم، والمفاهيم الخاطئة في كل الأمور، فتأخير سن الزواج يعود السبب الأساسي فيه إلى مفاهيم موروثة خطأً عند الناس، وسأقرأ لكم بعض ما وصل إلينا من رسائل عن خلافات بين الأزواج كلها تدور في نفس المحور، وعدم معرفة كل من الزوج والزوجة دورهما، وحقوق كل منهما وكل هذا نتيجة الفهم الخاطئ إلى أن يضيع الحب بسبب ذلك..
هناك من أرسل يقول أن من خطبها لفترة ثم بعد الزواج أصبحت مخلوقة أخرى وهذا يعود لما ذكرناه أعلاه سؤ الفهم عن الخطبة..
ومن يقول أنه بعد عقد القران صارحته خطيبته أنها كانت على علاقة مع غيره قبله..
وهناك أم تشكو ابنها الذي حرصت على تربيته التربية الجيدة، ثم تفاجأ به إدمانه على المخدرات ..
فأنا ما أردت أن أقوله وهذه حلقة تمهيدية سيترتب عليها أمور كثيرة ، فالأسرة أهم أمر في حياتنا.
فنحن نريد أن نحل هذه المشاكل وبطريقة جديدة . فسنضع أمامنا هذه المفاهيم، وسنقسم الأسرة إلى خمسة عشر مرحلة، وكل مرحلة وما تحتاجه من علاج لهذه المشاكل، وسنمر على هذه المراحل التي تتكون منها الأسرة وهي كالتالي :
الشباب قبل الزواج
البحث عن زوجة
الخطوبة
كتب الكتاب
الفرح
شهر العسل
سنة أولى زواج
الحمل
الولادة
الرضاعة
الفطام
التربية حتى سن 5 سنوات
اختيار المدرسة
التربية من ست سنوات حتى مرحلة المراهقة
التعامل مع المراهق
تعامل الآباء مع الأبناء بعد النضج
فكل مرحلة من هذه المراحل تمر بصعوبات وكل منها لها مفهوم..وسنحاول أن نعالج مشاكل كل مرحلة حتى نصل إلى سنة أولى زواج.. لأنه من كان اختياره صحيحاً وسيحرص على تصحيح المفاهيم فلا بد أن يكمل على النهج الصحيح في المراحل الباقية..
فالمفهوم الأساسي الذي يدور في هذه الخمسة عشرة مرحلة، معرفة كل من الرجل والمرأة دوره وأولوياته، كما أن ستين بالمائة من المشاكل التي تحدث إذا غاب هذا المفهوم تبدأ الخلافات ويضيع الأولاد وهو أغلى مفهوم، دور كل واحد في الأسرة..
فإذا علم كل من الرجل والمرأة دوره وكانت الأولوية للأسرة. ورتبت هذه الأولويات فستنتهي كل المشاكل ..
فيجب أن نركز في هذا الأمر، وهناك آباء يتركون عائلاتهم ولمدة طويلة قد تتجاوز الخمسة عشر سنة للسعي وراء الرزق، ومن أجل تحسين المستوى المعيشي، ثم تكون النتيجة أن يعود الأب فيجد أن الأولاد لم يعودوا يتقبلوا أن يأخذ والدهم مسؤوليته ويلعب دوره الحقيقي معهم ..
هناك من يعتقد أن دوره يقتصر على توفير المال لزوجته فقط دون الاهتمام بأمور أسرته وأولاده ..
ثم الزوجة أيضاً التي تذهب إلى العمل وتكون الأولوية لهذا العمل على حساب أسرتها..
ويبدأ التنازع والخلافات .. فلمن الأولوية؟
والاعتماد على الخدم في تربية الأولاد ..
وكل هذه المشاكل تدور في إطار تحديد الأولوية..
فمن يحدد هذه الأولوية.. أنت ، أم عُرف الناس، أم الدين..
الدين أليس كذلك؟ ولكني أريد قبل أن أجيب على هذا السؤال أن ننظر إلى تجارب البشرية ..
فلنبدأ بنموذج الشيوعية التي جاء فيها أن البديل عن الأم والأب الدولة.. أي بمجرد أن تكون هذه الأسرة مصنع للإنجاب والدولة تكون المسؤولة عن الأولاد، فيكون الولاء للدولة بدلاً من الوالدين فيزداد الانتاج.. ولكن النتيجة أن سقطت الشيوعية وفشلت الفكرة، لانهم استبدلوا الدور الأساسي للأب والأم وللأبناء ومشاعر الأمومة والأبوة بمحضن صناعي..
نموذج ثاني : الغرب، قام بإلغاء دور المرأة كزوجة وأم، وجعل الأولوية في حياتها عملها وأن تثبت نفسها في مجتمعها، ذلك المجتمع المادي الذي يتطلب من المرأة أن تعتمد على نفسها لتوفير لقمة العيش، وأنه لا فرق بين الرجل والمرأة، ثم يأتي دورها كأم وزوجة في الدرجة الثانية،
وكانت النتيجة أن نزلت المرأة هناك إلى ميدان العمل وعملت في كل المجالات حتى كسائقة قطار، ونسيت دورها التي خلقت من أجله، وفقدت أنوثتها، لكن هناك قسم من النساء لم تستطع أن تنزل إلى ساحات العمل فكانت أن أصبحت سلعة للإعلانات، وهكذا أصبحت المرأة هناك إما عاملة فقدت أنوثتها، أو مستباحة الأنوثة، وألغي دروها كزوجة، وأم، وأخت، وهكذا أصبحت الأولوية للعمل في حياتها وإثبات وجودها .
وإذا جاء السؤال هل هي سعيدة في هذا الوضع، فالجواب أن هناك المئات منهن إن سألتهن عن أمنيتها سيأتي الجواب أنها تريد الرجوع إلى دورها التي خلقت من أجله أسرتها..
ومسكينة المرأة هناك بعد أن تتجاوز الـ 45 عاماً تفقد كل دور لها، لأنها عاشت هذه الفترة، لا هي أم ولا هي زوجة، فهناك وكما نعرف تعيش المرأة مع صديق لها دون زواج فالنتيجة تكون أنها إذا تجاوزت الـ 45 عاماً تركها صديقها.. ففقدت دورها كأم ودورها كصديقة وتكون النتيجة أن تسكن في الأماكن المخصصة لأمثالها دارمأوى المرأة..
وأنشئت مؤسسات في الغرب من أجل إيواء وحماية المرأة بعد أن يمضي بها العمر، فكلما كبرت في السن كلما فقدت دورها، بعكس ما هو عليه وضعها في الإسلام، فكلما كبرت المرأة كلما ازدادت قيمتها ومكانتها .. والنبي صلى الله عليه وسلم أوصى بها :أمك ثم أمك ثم أمك.
فلننظر إلى بلادنا، وما فعله أعداء الإسلام وحرصهم على إفساد بيوتنا، ولا يتم لهم ذلك إلا إذا أفسدت قناعة أهل البيت بدورهم داخل هذا البيت، أي إقناع كل طرف منهما بتهميش دوره، وأن دوره دور ثانوي فيبدأ يفقد اهتمامه بهذا الدور، وهذا ما فعلوه مع المرأة لإقناعها أنها يجب أن تخرج إلى العمل وتثبت ذاتها، وأنه لا فرق بينها وبين الرجل، فبدأت المرأة تتغير نظرتها وقناعتها بدورها الأساسي في بناء أسرتها، وأفسدت قناعتها بأهمية دورها داخل أسرتها، وكل هذا حدث في المئة سنة الأخيرة وأصبحت الأسرة تعاني من كثرة المشاكل ..
فلو عرفت المرأة أهمية دورها وقيمتها داخل أسرتها، وأنها هي نصف المجتمع، وأنها تصنع النصف الثاني من خلال دورها بتربية الأولاد، أجيال المستقبل، فستحل الكثير من المشاكل .
ولكن تغيرت القناعات وأفسدت، وتغيرت المفاهيم لدى كل من الزوج والزوجة.
ما هو المفهوم الصحيح في الإسلام؟
فلنستمع إلى رأي الإسلام في هذا الموضوع، ولنرجع للأصل، وكيف خلقت حواء، وستعرف المرأة ما هو دورها..
في حديث للإمام أحمد : بينما آدم في الجنة استوحش ..
(أي آدم شعر بالوحشة وأنه ينقصه شيء).. فبينما هو نائم خُلقت حواء من ضلعه فاستيقظ فرآها، فقال من أنت : فقالت امرأة، فقال وما اسمك ، قالت حواء، فقال ولما خلقت، فقالت لأكون سكناً لك..
هذا الحديث مهم وخطير جداً..
فلماذا خلقت حواء عندما كان سيدنا آدم نائماً، ولماذا سميت حواء وما معنى حواء، وما معنى أنها سكن، ولماذا خلقت من ضلع آدم ؟
ثم إن آدم خلق من تراب، ولنرى عظمة الإسلام وتحديد دور المرأة في الإسلام، والله سبحانه أراد أن يحدد دور كل منهما، أولاً لآدم أن حواء هي جزء منه وبعد ذلك كل الخلق سيأتي من حواء ، فالإثنان هما شيء واحد.
وثانياً أن حواء خلقت منه وهو نائم ، فلو خلقت منه وكان صاحياً وخرجت منه فسيشعر بالألم وإذا شعر آدم بالألم سيكرهها..
فآدم إذا تألم يكره، ولكن حواء في الحمل والولادة كل ما تتألم تزداد حناناً، ولذلك نجد معظم الآباء لو حدث وأن تحمل مسؤولية ابنه الرضيع ولو لمدة ساعتين يلعب معه، حتى إذا بكى هذا الرضيع فلا يتحمل أن يسمع صراخه ثم يعطيه لأمه..
فهل نرى مهمة المرأة..! هي التي تحضن الألم وتتحمله..
وسميت حواء أي الاحتواء، فهي مصدر الطمأنينة والحنان، وخلقت من ضلع، وهذا الضلع مكانه عند جهة القلب ويقوم بحماية القلب، وإن لم يكن هذا الضلع موجوداً، فأي إصابة يتعرض لها القلب سينزف الدم ويموت الإنسان، فكان لا بد أن يكون هذا الضلع للحفاظ على القلب.
فحواء خلقت لحماية هذا القلب، ولتكون سكنا لزوجها..
ولا يعني هذا أن الإسلام يعارض أو يمنع من عمل المرأة خارج منزلها ولكن يجب أن تتوافر الشروط، أن تحافظ على أنوثتها وأن تكون الأولويات لأسرتها..
فآدم خلق من تراب لأنه سيعمل في الأرض، وحواء من ضلع يحمي القلب لأن مهمتها مع هذا القلب..
وهكذا نستطيع الآن أن نرتب المفاهيم وما هو دور كل من المرأة والرجل ونلخصها فيما يلي:
1ـ الدورالأول للمرأة أنوثتها، وأنها سكن الأرض، والحنان، والعفو، والتسامح
2ـ أنها صانعة الرجال.
أما بالنسبة للرجل:
1ـ تربية الأولاد، وأن يكون الأب الصديق والحنون.
2ـ الإنفاق والكدح من أجل العائلة.
وهكذا فقد تم ترتيب الأولويات لكل من المرأة والرجل، وأعتقد أن هذا المفهوم شامل فأتمنى أن نتفق عليه وننفذه.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ساحة النقاش