جارى التحميل
استخدم زر ESC أو رجوع للعودة
إن الحمد لله نستغفره ونستعين به، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا..
الموضوع يتناول دورة حياة الأسرة، وكل حلقة سنمسك موضوع ووضعنا شعار لهذه الحلقات : عودة الحب للبيوت وسنضع أمامنا آية :" ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة..."
سورة الرومة آية 20 ، فالله سبحانه وضع لنا منهجاً وهو أن الأسرة لا بد أن تكون قائمة على الحب، وأن هذه الآية كانت تنفذ منذ آلاف السنين وافتقدنا أن نطبقها فقط منذ مائة سنة أي في القرن العشرين فقط فالبعد عن الدين لا بد أن تكون له عواقب ومنها ضياع الحب داخل البيوت وكان المسلمين ومنذ سنين طويلة يعيشون ويحافظون على هذا الحب.
كما أنه ما زالت الرسائل والفاكسات تصل إلى الموقع تتساءل أين هذا الحب الذي نتكلم عنه، وهناك الكثير من المشاكل التي تتعرض لها الأسر، وارتفاع نسبة الطلاق والآثار السلبية التي تنتج عنه. فرأيت قبل أن أدخل في المرحلة التي نحن بصددها وهي عن الشباب قبل الزواج، رأيت أنه لا بد أن أتحدث عن الحب الذي كان يزين بيوت الصحابة، وعن قصة حب قوية لا تتخيلوها واجهتها مشاكل كان لا بد أن تنهار لو حدثت اليوم في بيوت كثيرة تنهار ولأسباب تافهة أو لمسألة عناد أو كبر..
قصة حب زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم
فأردت أن أبدأ بقصة الحب هذه، لكي يبقى شعار عودة الحب وكلمة نلقى الأحبة عالقة في أذهاننا وأن تكون بيوت الصحابة عالقة في أذهاننا ونعتبر منهم ونقلدهم.
قصة حب نفتقدها ليس فيها تجريح رغم كثرة المشاكل التي كانت لا بد أن تجعل هذا المنزل ينهار.. هي قصة حب زينب بنت سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وابن خالتها أبوالعاص ابن الربيع خالته السيدة خديجة، رجل من أشراف قريش، وكان هذا قبل بعثة النبي، وكان النبي يحبه، ويبادله هذا الحب أبو العاص.
وكان أن جاء ليخطبها فقال له النبي : لا أفعل حتى أستأذنها..
ويدخل النبي على زينب يقول لها: إن ابن خالتك جاءني وقد ذكر اسمك..
(هل نرى الأدب) .. فهل ترضينه زوجاً لك..
فاحمر وجهها وابتسمت..
وإذا قارنا ذلك بما يحدث اليوم..
وتزوجت السيدة زينب بأبو العاص وتبدأ قصة الحب الكبير بينهما، ثم أنجبت منه طفل وطفلة :علي وأُمامة.
وعاشا معاً قصة حب جميلة داخل مؤسسة الزواج، ولكن ستبدأ مشكلة كبيرة ستعصف بقصة الحب هذه، وإذا أردنا أن نقارنها بما يحدث اليوم فسنجدها أنها فعلاً مشكلة كبيرة جداً ولا تحتمل..
فالذي حدث أن النبي صلى الله عليه وسلم بُعث، وأبو العاص كان مسافراً، وعندما عاد وجد أن زوجته قد أسلمت، وكان قد سمع الأخبار أن والد زوجته أي النبي صلى الله عليه وسلم قد بُعث..
وعندما دخل أبو العاص على السيدة زينب أسرعت وبفرح تقول له: عندي لك خبر عظيم..
فقام وتركها، فاستغربت، ثم أخبرته بما حدث وأنها أسلمت..
فقال لها : هلا أخبرتني أولاً..
وهكذا ستبدأ المشكلة، وهي مشكلة إيمان وعقيدة..
قالت: ما كنت لأُكذب أبي، وما كان أبي كذاب .. إنه الصادق الأمين.. ولست وحدي، لقد أسلمت أمي وأسلمت إخوتي، وأسلم ابن عمي علي بن أبي طالب، وأسلم ابن عمتك عثمان بن عفان، وأسلم صديقك أبو بكر الصديق..
فقال: أما أنا فلا، لا أحب أن يقول الناس خذل قومه وكفر بآبائه إرضاءً لزوجته..
ثم قال لها:هلا عذرت وقدرت..
(فلننظر إلى رد أبو العاص وهو الكافر، وكيف بأزواج اليوم، وإصرارهم أنهم دائماً على الحق)..
ثم قال لها: وما أبوك عندي بمتهم..
فقالت السيدة زينب المرأة المؤمنة التي تحرص في الحفاظ على أسرتها: ومن يعذر إن لم أعذر أنا، ولكن أنا زوجتك أعينك على الحق حتى تقدر عليه.
ووفّّت السيدة زينب بكلمتها، عشرين سنة صابرة عليه، وكان في هذه المرحلة لم يُحجَم زواج المسلمة بالكافر بعد.. (أي لم يمنع)
واستمر أبو العاص على كفره، والرسول صلى الله عليه وسلم لم يمنعها عن زوجها رغم أنه لم يدخل الإسلام..
وجاءت الهجرة، وذهبت زينب إلى والدها وقالت له: يا رسول الله أتأذن لي أن أبقى مع زوجي..
فقال النبي صلى الله عليه وسلم:ابق مع زوجك وأولادك..
وبقيت في مكة لغاية الحدث الشديد العصيب، غزوة بدر، فأبو العاص زوجها قرر أن يذهب مع كفار قريش لمحاربة النبي صلى الله عليه وسلم..
فزينب حزنت وبكت بكاءً شديداً وكانت تقول: اللهم إني أخشى من يوم تشرق شمسه فييتم ولدي أو أفقد أبي..
ولكن المرأة التي ما يزال لديها الأمل في زوجها قررت أن تمكث في مكة، فالذي حدث أن أبو العاص خرج مع الكفار وشارك في غزوة بدر، وتنتهي المعركة ويأسر أبو العاص ابن الربيع زوجها..
وتأتي الأخبار إلى مكة فتسأل : ما فعل أبي
فقالوا: انتصر المسلمون..
فسجدت شكراً لله، ثم قالت ما فعل زوجي..
فهل نرى هذه المحنة الذي تتعرض لها زينب، وهذه الأحداث التي كان لا بد أن ينهار هذا البيت لو حدثت مثل هذه القصة في أيامنا هذه..
فقالوا: أسره حماه
فقالت: أرسل في فداء زوجي.
وكان أهل مكة يرسلون الأموال ليفدوا أسراهم، وزينب لم يكن لديها ما تستطيع أن تفدي به زوجها غير قلادتها التي كانت ورثتها عن أمها السيدة خديجة وأرسلتها مع أخو أبو العاص عمر ابن الربيع وطلبت منه أي يعطيها لوالدها فداءً لزوجها..
فالنبي صلى عليه وسلم كلما وصلت فدية لأسير أطلق سراحه، حتى جاءته كومة فسأل : هذا فداء من..
قالوا: هذا فداء أبو العاص ابن الربيع.
ففتحها النبي، وبكى صلى الله عليه وسلم.. فرأى القلادة ..
فقال: هذه قلادةخديجة
ثم قال: أيها الناس إن هذا الرجل ما ذممناه صهراً ووالله ما وجدت منه كصهر إلاّ كل خير.. فهلا فككتم أسره، وهلا قبلتم أن تردوا إليها عقدها.
فقالوا: نعم يارسول الله.
وأعطى النبي أبو العاص القلادة وقال له:
قل لزينب لا تفرطي في عقد خديجة.
ثم قال له: يا أبا العاص هل لك أن أساررك..
قال:نعم
فقال له النبي: يا أبا العاص إن الله أمرني أن أفرق بين مسلمة وكافر فهلا رددت إليّ ابنتي..
فقال له : نعم
فالآباء الآن وما يفعلونه ويحدث الطلاق بسببهم.. فحافظوا على بيوت أولادكم..
فالنبي صهره حاربه وهو على غير دينه فهل هناك أعظم من هذا الأمر..
فكلمة صهر مصدرها الانصهار..
ثم عاد أبو العاص إلى مكة، فخرجت زينب تستقبله على أعتاب مكة فقابلها وقال لها :إني راحل..
ثم قال: لست أنا الذي سيرتحل ولكن أنت سترحلي إلى أبيك، أمر دينك بالتفريق بيني وبينك فارجعي إلى أبيك ..
فقالت: فهل لك إلى أن ترافقني وتسلم..
فقال : لا
فزينب رضي الله عنها أخذت أولادها وذهبت إلى المدينة لتلحق بأباها..
والخطاب كان يتقدمون لهاولمدة ست سنوات ترفض الزواج على أمل أن يدخل زوجها في الإسلام..
وبعد ست سنوات حدث أن أبو العاص كان قد خرج بقافلة من مكة إلى الشام، وهو في الطريقيتعرض له مجموعة من المسلمين في المدينة يريدون أن يستردوا الأموال التي كانت قريش قد أخذتها منهم، فقاموا بمحاصرة قافلته التي قام أفرادها بالهروب، وهو أيضاً هرب باتجاه المدينة، حتى دخل المدينة والصحابة من وراءه يبحثون عنه.
واختبأ أبو العاص في المدينة، وبدأت تنتشر الإشاعة عن اختباءه في المدينة، والصحابة يبحثون عنه، فما كان منه إلا أن سأل عن بيت السيدة زينب ووصل إليه وطرق الباب وكان هذا الوقت قبل الفجر بقليل..
فقالت: من
ثم فتحت الباب فوجدته أمامها..
قالت: أجئت مسلماً
قال: بل جئت هارباً
فقالت: فهل لك إلى أن تسلم..
فقال: لا
قالت: فلا تخف، مرحباً بابن الخالة، مرحباً بأبو علي وأمامة..
ثم حان موعد آذان الفجر، وصلى النبي بالناس، بعد الصلاة والسكون الذي يخيم على المدينة والمسلمون في تسبيح، وإذا بصوت يأتي من آخر المسجد: قد أجرت أبا العاص ابن ربيع.. وكان هذا صوت زينب..
فقال النبي: هل سمعتم ما سمعت..
قالوا: نعم يارسول الله..
فقال: أما والله ما علمت من ذلك بشيء..
فالنبي سكت، ويبدو أنه كان يريد أن يتخذ قراراً، فإذا بالصوت مرة ثانية:
يارسول الله، إن أبا العاص إن بعد فابن العم وإن قرب فأبو الولد وقد أجرته يا رسول الله..
فوقف النبي وقال:أيها الناس إن هذا الرجل ماذممته صهراً وإن هذا الرجل حدثني فصدقني ووعدني فوفى لي (هل نرى التسامح والرحمة، فأنا أهدي هذه القصة للأزواج والأباء والأمهات) فإن قبلتم أن تردوا إليه ماله وأن تتركوه يعود إلى بلده فهذا أحب إليّ وإن أبيتم فالأمر إليكم والحق لكم ولا ألومكم عليَ
فقال الناس: بل نعطيه ماله يارسول الله..
فوقف النبي وقال: قد أجرنا من أجرت يا زينب..
ثم ذهب إليها وقال لها: أكرمي مثواه فإنه ابن خالتك وإنه أبو العيال ولكن لا يقربنك فإنه لا يحل لك ..
فقالت: نعم يارسول الله
ثم ذهبت إليه وقالت له: يا أبا العاص أهان عليك فراقنا هل لك إلى أن تسلم وتبقى معنا..
قال: لا
ثم إنه أخذ أمواله وعاد إلى مكة وأعاد الأموال إلى أصحابها ثم قال: أيها الناس هذه أموالكم هل بقي لكم شيء..
فقالوا: جزاك الله خيراً وفيت أحسن الوفاء..
فقال: فإني أشهد أن لا إله إلاّ الله وأن محمداً رسول الله، ووالله ما أسلمت حتى أرد إليكم حقوقكم..
وأصر أن يدخل المدينة ساعة صلاة الفجر، وعندما كان النبي يُسلِّم ويجلس بعد الصلاة في سكون مثلما يفعل في كل يوم، يأتي أبا العاص ويقف بين يديه ويقول له:
يارسول الله أجرتني بالأمس واليوم جئت إليك أقول لك: أشهد أن لا إله إلاّ الله وأنك رسول الله..
فكبر من في المسجد..
ثم قال: يارسول الله هل تأذن لي أن أراجع زينب..
فأخذه النبي وقال تعال معي، ووقف على بيت زينب وطرق الباب، وقال: يازينب إن ابن خالتك جائني اليوم يستأذنني أن يراجعك فهل تقبلين..
فاحمر وجهها وابتسمت..
فهل نرى صبر السيدة زينب.. فهذا درس في التسامح والرحمة..
لكن زينب ماتت بعد سنة فقط من رجوع زوجها لها الذي بكاها بكاءً شديداً، ويقولون حتى أن رسول الله يمسح عليه ويهون عليه ويقول له:اصبر يا أبا العاص، الذي كان يقول للنبي: والله ما عدت أطيق الدنيا بغير زينب.
يقولون كان يأخذ ابنته أمامة يحتضنها ويقول لها: ذكريني بزينب..
فهل نرى هذا الحب الكبير..
يقولون فلم يتحمل ومات بعد سنة من موت زينب..
هل رأينا هذا الحب الكبير داخل مؤسسة الزواج.
الزواج العرفي
وسنعود الان إلى دورة حياة الأسرة فنحن في أول مرحلة وهي الشباب قبل الزواج والحلقة السابقة كانت عن علاقات قبل الزواج ومن آثارها الإيجابية أن هناك الكثير من أرسل إلى الموقع عن توقيف هذه العلاقات، وكذلك من أرسل لنا من زوجات كن على علاقات قبل الزواج لسنوات طالت خمس أو عشر سنوات وأنهن بعد الزواج وانتهاء تلك العلاقة دون زواج مازلن يعانين حتى الآن. وكنا قد ذكرنا أن هذه العلاقات تؤثر سلباً بعد الزواج وأكدت أن الأكثر خسارة هو العنصر النسائي ولكن المفاجأة أيضاً أن هناك رجال أرسلوا عن معاناتهم بعد زواجهم بسبب علاقات كانت قبل الزواج، وهذه الرسائل كلها جاءت للموقع.
هناك من أرسل يعترض على النسبة التي ذكرناها أن 99% من هذه العلاقات لا تنتهي بالزواج، فنقول لكم أنه حتى الواحد بالمائة الذين تنتهي علاقاتهم بالزواج تأتي المعاناة أيضاً بعد الزواج رغم قصص الحب العنيفة..
هذا كان ما يتعلق بالحلقة السابقة، فاليوم هو استكمال لهذه المرحلة، وهي عن الشباب قبل الزواج، وسنتكلم اليوم عن الزواج العرفي الذي يتم بين طلبة المدارس والجامعات وأعمارهم التي تتفاوت بين الستة عشر والعشرين وستجده دائماً في هذه المرحلة ابتداءً من أولى ثانوي إلى السنة الأولى والثانية من الجامعة، ثم يقل بعد هذه المرحلة، فنحن نتكلم على الشباب قبل الزواج وفترة المراهقة بالذات، وهذا الموضوع مهم جداً وأتمنى أن يقرأه الكثير وأن يكون درساً لما يحدث هذه الأيام..
ماالذي يحدث في الزواج العرفي؟
الشاب والفتاة يتفقون ويكتبون في ورقة أنه تم الاتفاق على الزواج بينهما، ويأتون بشهود اثنين من أصحابهم الذين هم في نفس أعمارهم واليوم حدثت طريقة جديدة، يقومون بتسجيل صوتي كدليل على هذا الزواج على شريط كاسيت، ثم كل واحد من الطرفين يحصل على نسخة من هذه الورقة وهذا الشريط، ويبحثون عن مكان يلتقون به وتتم المعاشرة بينهما كزوجين..
وبالطبع يحدث هذا الزواج دون علم الأهل لكل منهما، وما هو الدافع إلى ذلك؟ حب يجمعها وعلاقات دون زواج حرام فهل باعتقادهم أن هذا الزواج حلال..
وباقي الحكاية وهذا ما يردني من المكالمات الهاتفية من الشباب والشابات الذين يقدمون على هذا الزواج، فالذي يحدث أنه بعد شهرين إلى ستة أشهر يرفض الشاب الاستمرار في هذا الزواج..
فالورقة بالنسبة له ليست ذا أهمية، ولم يهتم لوضع هذه الفتاة وما سيحدث لها إذا علم أهلها..
حتى إذا سألته إن كان يرضى بهذا لأخته يأتي رده بأن أخته لن تفعل ذلك.. وما أخبركم به هو ما يأتيني من اتصالات عن هذه المشاكل التي تحدث، ويطلبون الاستشارة ، والفتاة يحدث لها انهيار وتشعر بأنها انتهت..
والشاب لماذا فعل هذا؟ فإن كان سيئاً فقد فعل ذلك لأنه أراد تمضية بعض الوقت ، والفتاة أنا أرى أنها هي المسؤولة وهي التي أهانت نفسها ووصلت إلى هذا الوضع فكيف تقبل..
حتى لو فرضنا أنه كان شاباً غير سيء فهو تركها لأن الرجل لا يحترم المرأة التي تبيع نفسها رخيصا .ً
وهذه قاعدة فالمرأة التي لا تحترم نفسها فالرجل لا يقبل بها زوجة ثم أماً لأولاده..
لذلك فإن الإسلام أكرم المرأة وأن الزواج يتم عن طريق استئذان أهلها، وجعل لها مهراً، وضمن لها حقوقها، ولا بد من الفرح والإشهار بين الناس، وتكون الفتاة مثل الملكة في يوم عرسها، فأنت غالية فلا ترخصي نفسك..
فالذي يحدث لمن تقبل بالزواج العرفي أنها تعيش في مأساة وتعيش حياتها ذليلة..
وقد حدث ولمرات كثيرة أن الفتاة التي أقدمت على هذا الزواج العرفي أن تتذلل للشاب تطلب منه أن يخطبها من أهلها، فيرفض، ولذلك لم نسمع عن زواج عرفي انتهى بزواج وبأولاد وبيوت مستقرة..
وأنا أوجه كلامي للبنات لأن المفتاح في أيديكن..
وهذا لا يعني أن كل الشباب سيئين، فأقول لمن يظن أنه يحسن النية بالإقدام على الزواج العرفي، فأقول له بأن هذا مدخل من مداخل الشيطان.
ما هو الحل
الحل هو التوبة، فليس هناك إشهار ولا موافقة أولياء ولا شهود عدل.. فهذا الزواج حرام ..
ويجدر بالذكر أن هناك كثير من الفتيات تفاجأ بأنها لم تكن تعرف عن تحريم هذا الزواج، لذلك أردت أن أوضح هذا الأمر، وتوعية شبابنا، والحل هو التوبة والستر، فلو استطاع الشاب أن يسترها فليسترها، وكذلك بالنسبة للأهل فالستر أولى..
ولكن النقطتين الأساسيتين التوبة والستر..
وأنا أعلم أن هناك الكثير من الشباب سيقول لي بأنني سددت كل الطرق في وجوههم، فعلاقات قبل الزواج حرام والزواج العرفي أيضاً حرام..
فما هو الحل لهذا الشباب الذي عنده غرائز وأحاسيس، وما يجري حولنا في حياتنا، أنا ليس عندي لك حل سوى الصبر، والحل الأسرع هو الزواج، ولكن إن كنت ما زلت في السادسة عشر أو في العشرين فأقول لك اصبر وجاهد نفسك.. فسيأتي الرد أن هناك من يريد حل عملي فأقول له اصبر..
سأضرب مثلاً، في الصيام ستجوع فعليك بالصبر..
ابتعد عن المثيرات، وكلمة العفة لا أرى أغلى من هذه الكلمة لهذه الحلقة، وإن كنت قد تناولت قصة ابنة النبي صلى الله عليه وسلم لكي أبين لكم بأن الحب حلال ولكن داخل مؤسسة الزواج.
أيها الشباب اصبروا وامسكوا أنفسكم وضعوا أمامكم شعار قوله الله سبحانه "وليستعفف الذين لا يجدون نكاحاً حتى يغنيهم الله من فضله..." سورة النورة آية 33 فهذا هو الحل العملي، حتى تستطيعون قادرين على الزواج..
والعفة أصبح في هذه الأيام تضييعها سهلاً.. فما نراه من صور لا نستطيع أن نتكلم عنها لأنها تخدش الحياء..
ولماذا لا نقتدي بسيدنا يوسف وعفته، ومقاومته لأمرأة ذات منصب وجمال "... وغلقت الأبواب، وروادته التي هو في بيتها عن نفسه..." سورة يوسف آية 23 .
فهي أغلقت الأبواب فكان لا يستطيع أن يهرب.
"وروادته التي هو في بيتها عن نفسه .." سورة يوسف آية 23 . فهي قد حاولت معه لأكثر من مرة والكثير يعتقد أنها كانت فقط مرة واحدة.. ثم إن سيدنا يوسف عليه السلام كان يسكن معها في نفس المنزل ، والمعصية كانت ستكون سهلة..
وكلمة"عن نفسه" أي رغماً عنه..
"...و قالت هيت لك.." أي إذا كان سيدنا يوسف يتمتع بالخجل، فهي قد هيأت له نفسها..
فالقرآن الكريم وفي سطر واحد وصف لنا محاولاتها معه، وسيدنا يوسف كان شاباً جميلاً قوياً عازباً لا يعلم متى سيتزوج، ثم إنه تزوج بعد سنه الأربعين، وبعد خروجه من السجن، ليس هذا فحسب فهو غريب وفي بلد غريب وعبد، والعبد يقبل منه ما لم يقبل من السيد، فكل شيء كان سهلاً أمامه ولكن انظر إلى قوله ".. قال معاذ الله إنه ربي أحسن مثواي إنه لا يفلح الظالمون" سورة الروم آية 23
وانظر إلى قولها "... ولقد روادته عن نفسه فاستعصم..." سورة يوسف آية 32
العفة التي جعلته يقول " ربي السجن أحب إليّ مما يدعونني إليه..." سورة يوسف آية 33
اسمع هذا الحديث : بينما وفد داخل المدينة يريدون أن يدخلوا في الإسلام وكان من بينهم شاب، فرأى فتاة تسير أمامه فجذبها من ثيابها ..
في اليوم الثاني قدم الوفد إلى النبي يبايعونه على الإسلام، وكان النبي صلى الله عليه وسلم فرحاً جداً بهم وقابلهم بفرح وبإبتسامة، حتى وصل إليه هذا الشاب، وكان النبي صلى الله عليه وسلم قد علم بالذي حدث منه فنظر إليه وسحب يده وقال: ألست أنت صاحب الجبيذة بالأمس..
فقال: نعم يارسول الله
قال : والله لا أبايعك
فهل تتخيل نفسك يوم القيامة أن يرفض النبي أن يمد يده إليك لانك لم تصن هذه العفة..
فقال الشاب: يارسول الله بايعني.. والله لا أعود إلى ذلك ...
فقال: إذن أبايعك
ثم قال له : مد يدك..
العفة التي جعلت الرسول يقول:لأن يضرب أحدكم بمخمص من حديد في رأسه أهون وخير له من أن يمس امرأة لا تحل له (أن تكون هناك شهوة).. رواه الطبراني
العفة التي تجعلك تضعين السيدة مريم نموذجاً أمامك..
فهي سيدة نساء العالمين وتميزت بعفتها الشديدة، والتي قال الله عنها "... والتي أحصنت فرجها..." سورة الأنبياء آية 91 ومن كثرة خوفها وحيائها عندما بشرت بسيدنا عيسى قالت "...ياليتني مت قبل هذا .." سورة مريم آية 23
وأنا أستغرب كيف أن الغرب يحبون السيدة مريم ولا يقلدونها بعفتها.
العفة التي جعلت النبي صلى الله عليه وسلم يبايع النساء ويقول لهن: تبايعونني على أن لا تشركن بالله.. ولا تزنين..
ثم إن النساء من شدة خجلهن غطوا وجوههن، حتى أن هند بنت عتبة التي كانت أسلمت وقالت: يارسول الله أو تزني الحرة..
العفة يا شباب، العفة يا بنات..
العفة هي الحل، فخطورة معصية الله خطيرة جداً، والبركة تذهب..
فالنبي صلى الله عليه وسلم يقول: يامعشر المسلمين اتقوا الزنا فإن فيه ستة خصال ثلاثة في الدنيا وثلاثة في الآخرة، أما التي في الدنيا فذهاب بهاء الوجه، ودوام الفقر، وقصر العمر، وأما التي في الآخرة فسوء الحساب، وسخط الله، والعذاب في النار.
فهل نرى خطورة الموضوع، فأرجو على الشباب أن يحرصوا على العفة، والبنات زيدي من حياءك، فالصحوبية والزواج العرفي أثرهم سيء جداً..
فقصة السيدة زينب رضي الله عنها لن تتكر مع من حصل معها هذه العلاقات، فهذا الحب الكبير الذي عاشته السيدة زينب نتمنى أن يعود وقد ذهب منذ زمن بعيد..
وحتى يكون الكلام عملياً أكثر وواضحاً، وما هي الطرق التي تساعد في الحفاظ على العفة، فالغرائز الشديدة حلها الزواج السريع، وإن لم يكن الزواج ميسراً فيجب مجاهدة النفس والعفة وهذا هو الحل..
ويعين على العفة، هل تذكرون الحلقة السابقة وقد ذكرنا أن الله خلق داخلنا الحب، وليس الحب الحرام، ولكن إن كان هذا الحب مقسم إلى مئة وحدة والغير قادر على الزواج وتفريغ هذه الوحدات، فالحل الانشغال بحب آخر، حب الله وحب الرسول، والعائلة، والإسلام، والدعوة إلى الله، والمؤمنين، فهذا يعينك على تخفيف الغرائز، فغض البصر، وصلاة قيام الليل، والصيام ثلاثة أيام من كل شهر والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: ضيقوا مجال الشيطان في الدم بالصيام، فهذه وسيلة عملية للشباب.
ثم إنه قال: يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج ومن لم يستطع فعليه بالصوم.
فالصوم يقلل من هذه الغرائز..
ملء وقت الفراغ، فالفراغ يؤدي إلى المعصية.
البعد عن المثيرات..
الانشغال بالعلم والدعوة إلى الله وبشرط الإخلاص لله، فيجب أن لا نستسلم للفراغ.
الرياضة للشباب والبنات، والأهم أن يكون لك هدف في الحياة،
والبعد عن أصحاب السوء، والبعد عن الأماكن التي تزيد من إيثار الشهوات، والبعد عن الله...
وهكذا تستطيع أن تحقق العفة وتحقق رضا الله تبارك وتعالى.
كلمة للآباء والأمهات
كلمة أخيرة أوجهها للآباء وهي كلمة مهمة مثلما كلمنا الشباب، فالشباب الذين يقعون في هذه المعاصي يفتقدون إلى الأب الصديق والأم الصديقة، فالحوارات المفتوحة أصبحت مفقودة في أيامنا هذه، أرجوكم أعطوهم من أوقاتكم ، فأين الأب الصديق ، أين الأم الصديقة التي تصاحب أولادها..
فالشباب عندما يخطئون لا بد أن نعذرهم لأننا نحن الكباروربما نكون سبباً مباشراً لما يحدث لهم.
انظر إلى سيدنا إبراهيم عندما كلم ابنه اسماعيل في الأمر الإلهي. فهو عرض عليه الأمر و كان كأنه يستأذنه "يابني إني أرى في المنام إني أذبحك" كان يمكن لسيدنا إبراهيم أن ينفذ الأمر ودون أن يعرض عليه الأمر، ولكن لماذا قال له لأنه اعتاد أن يشارك ابنه معه الثواب فهم شركاء في كل شيء، وسيدنا يوسف عندما رأى الرؤية ذهب إلى والده سيدنا يعقوب عليهما السلام وأخبره .
النقطة الثانية للآباء والأمهات مساعدة أولادكم بالزواج المبكر، كنا قد عملنا إحصائية عن الشباب قبل الزواج ولنرى ماذا جاء فيها، وكان السؤال:
مارأيك في تأخر سن الزواج عند الشباب؟
فأنا أردت أن أوجه كلمتي إلى الوالدين، فإجمالي الأصوات التي شاركت من الشباب جاء ردهم كما يلي:
11% شباب قادر لكنه لم يجد الزوجة المناسبة..
7% يؤجل الزواج حتى الحصول على التحصيل العلمي والعمل
11% يؤجل من أجل الاستمتاع بالحياة
8% الرهبة من تحمل مسؤولية الأسرة
61% عدم القدرة لتلبية متطلبات الزواج المبالغ فيها.
أما عند الفتيات :
21% مبالغة الأسرة في متطلبات الزواج
54% صعوبة وجود الزوج المناسب سنتحدث عنها لاحقاً
لذلك أردت أن أختم بكلمة إلى الآباء
فهكذا نرى آراء الشباب والبنات الذين يتفقون بأن متطلبات الزواج أصبح مبالغاً فيها اليوم، فأنا كما أتمنى من الآباء والأمهات مصاحبة أبناءهم، فأتمنى مساعدة أولادهم عندما يتم النضوج في الإسراع وبتسهيل أمورالزواج، وأن لا تكون الماديات والمظاهر سبباً في ضياع أولادنا، بل نعطيهم الفرصة ليعيشوا حياة نقية ونظيفة، وأن لا نكون سبباً في ارتكابهم المعاصي، ثم تحدث المشاكل وينهار الأب أو الأم بسبب الزواج العرفي..
فنحن عندما تكلمنا عن علاقات قبل الزواج هناك الكثير من الشباب والبنات ممن قاموا بوقف هذه العلاقات، فهل الآباء والأمهات وافقوا على أن يبدأوا بالتفكير بطريقة مختلفة..
فالنبي صلى الله عليه وسلم يقول: إذا جاءكم من ترضون دينه وأمانته فزوجوه، إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد كبير..
صدقت يارسول الله وقد حدث..
فالمثل البسيط الذي نقوله ونتمنى أن يعود :أنا أشتري رجل..
فالمظاهر أصبحت سبباً كبيراً وعقبة في تسهيل الزواج، وهل الماديات تنفع.
ولننظر إلى بيوت النبي، وكيف زوج بناته، وبيوت الصحابة، وإذا قلت أن هذا منذ ألف وأربعمائة سنة وأيامها كان الزواج أيضاً فيه شيء من المفاخرة.
الحسن بن علي يقول: دخلت بيوت زوجات النبي أضع يدي فألمس السقف، مع أنه كان هناك بيوت أخرى مثل منزل كعب بن الأشرف الذي كان منزله عبارة عن ستة غرف..
فبيوت زوجات النبي صلى الله عليه بجانب الروضة شاهد لكم ..
فهل رأيتم حجم بيوت النبي كيف كانت صغيرة..
وكيف زوجّ النبي صلى الله عليه وسلم سيدنا علي بابنته فاطمة رضي الله عنها.
قال النبي لسيدنا علي: هل معك شيء تتزوج به؟
قال سيدنا علي: ليس معي شيء يارسول الله..
قال النبي: أليس معك درعك؟
قال علي: نعم..
قال النبي : هذا هو المهر، وكان يساوي مقداره أربعمائة درهم فقط..
ثم إن أثاث بيت السيدة فاطمة، كان عبارة عن وسادة محشوة بليف، وبساط من جلد كبش، ورحى بعير لطحن الأكل، وجرة ماء، وسرير بسيط..
وهذا أثاث بنت النبي صلى الله عليه وسلم..
ثم بعد ذلك ساعد النبي صلى الله عليه وسلم سيدنا علي على بناء دار بجانبه بعد أن كان قد سكن والسيدة فاطمة في دار بعيد..
وهذا يعلمنا أن لا نمتنع في مساعدة من يريد أن يتزوج من بناتنا، فالرسول صلى الله عليه وسلم فعلها..
فالفجور والفتن التي تحدث الآن تريد آباء وأمهات يسهلون الزواج للأولاد..
اسمع النبي يقول:أكثرهن بركة أقلهن مهوراً..
فساعدوا أولادكم ولا تجعلوا المظاهر أهم من سعادة أولادكم، وهذه أنانية.. على حساب الأولاد وسعادتهم..
فهذه كلمتي لكم فإن استطتعم مساعدتهم فلا تتأخروا..
ونلتقي في الحلقة القادمة وفي البحث عن الزوجة المناسبة..
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
ساحة النقاش