تصحيح للمفهوم في الأولويات لكل من المرأة والرجل
كما ذكرنا في الحلقة التمهيدية الأولى أنه كلما تحدثنا عن الأسرة فالمرجعية ستكون لبيوت النبي صلى الله عليه وسلم وبيوت الصحابة.
وقد أردت أن يكون لنا شعار لهذه الحلقات : عودة الحب، فالله عزّ وجل عندما ذكر الأسرة في القرآن كان أن جعل الحب هو الركيزة الأساسية التي تقوم عليها الأسرة "ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة لتسكنوا إليها" الآية 21 سورة الروم وهذا ما نفتقده في أيامنا هذه.
كما نلاحظ في هذه الآية الكريمة، جاء ذكر المودة ثم الرحمة، وكأن الله يبين لنا أنه إذا ضاعت المودة فستبقى الرحمة..
وهذه آية من آيات ربنا أن جعل في قلوبنا المودة والرحمة فيجب أن لا نضيعهما.
فنحن نحاول من خلال هذه الحلقات أن نخوض في المشاكل التي تضيع الحب والمودة ، وسنتكلم على المفاهيم الأساسية التي تضيع الحب والتي ترجعه.
وكنا قد ذكرنا في الحلقة السابقة عن الأولويات لكل من الزوج والزوجة،
وبعد أن جاء إلى الموقع الكثير من الفاكسات والرسائل، فرأيت أنه لا بد من تعديل المفاهيم التي ذكرتها في الحلقة الأولى.
كنت قد ذكرت وقمت بتحديد دور الرجل وأن الدور الأول له التربية، ثم الإنفاق.
وأن أولويات المرأة حنانها لزوجها وتربية الأولاد، ثم العمل..
فمن التعليقات التي جاءت إلى الموقع وكلها تتفق على رأي واحد:
إذا كان من أولويات المرأة أن تكون مصدر الحب والحنان لزوجها.. أليس هذا أيضاً يجب أن يكون من أولويات الرجل ويبادلها الحب والحنان..
فرأيت أنه لا بد من تعديل ما جاء في الحلقة الأولى، وأنه فعلاً لا بد أن يحدث هذا التبادل، والله تبارك وتعالى قال"...هنّ لباس لكم وأنتم لباس لهن..." سورة البقرة آية 187..
والنبي صلى الله عليه وسلم وتعامله مع زوجاته وحبه لهن، وكيف أنه كان لا ينادي السيدة عائشة باسمها، بل يناديها باسم الدلع (يا عائش، والسيدة حفصة بـ حفص)
ليس هذا فقط كان يطعمها بيده الكريمة، وكما جاء عنه صلى الله عليه وسلم أنه في فترة الحيض، والمرأة تكون في حالة نفسية غير مستقرة، فكان يشرب من الكوب الذي شربت منه ومن مواضع شفتاها حتى تشعر بحنانه، ثم يخرج معها مرة كل أسبوع ويلعب معها ويتسابق معها ويتركها تسبقه. حتى إذا خرجوا مرة ثانية يسابقها حتى إذا سبقها قال لها: هذه بتلك..
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ضحاكاً في بيته..
عن عائشة رضي الله عنها تقول : كان رسول الله يحدثنا فإذا نودي للصلاة كأنه لا يعرفنا ولا نعرفه.
وكانت السيدة عائشة تجلس معه وتتحادث معه ولساعات طويلة، حتى أنها كانت دائماً تسأله: كيف حبك لي..
فيقول صلى الله عليه وسلم : كعقدة الحبل..
وتقول السيدة عائشة كنت أتركه أياماً، وأعود إليه وأقول له: كيف العقدة يا رسول الله ، فيقول: هي على حالها..
وعندما سأله عمر بن العاص: من أحب الناس إليك..
فقال النبي صلى الله عليه وسلم: عائشة..
فلا بد أن يكون الرجل مصدراً للحنان والحب لزوجته..
ثم إن هناك الكثير من الرجال الذين يؤذون مشاعر زوجاتهم عندما يقولون لهن: دعك من الرومانسية.. فهو يريد منها أن تتوقف عن عاطفتها..
ابن عباس، حبر الأمة، كان أن رآه الصحابة مرةً يذهب إلى الحلاق، ويتزين ويتعطر.. فسئل هل سيتزوج، فردّ أنه ذاهب إلى بيته وقال:
إني ذاهب للقاء زوجتي،أحب أن أتزين لها كما أحب أن تتزين لي.
سأذكر لكم موقفا حدث معي، فوجئت في إحدى زياراتي لوزير أوقاف في إحدى الدول الإسلامية.. كان أن حدثني عن موقف حصل معه وكانت زوجته أيضاً تشاركه الحديث، أنه في إحدى المرات كان في مكتبه وكان هناك زميلاً له وفي نفس المكتب وكان أحد العلماء الأجلاء..
والذي حدث أن جاءت مكالمة هاتفية للوزير من زوجته، فكان أن رد عليها وكان يتكلم اللغة العربية الفصحى وقال:
أيوه يا مهجة القلب .. أأمريني ياحياتي ..
فهذا العالم تفاجأ من هذا الرد، ثم سأله مع من كان يتحدث في الهاتف، فرد عليه بأنها كانت زوجته..
الموازنة
من كل هذا أردت أن أؤكد على أولويات أو وموازنات الرجل كالتالي:
1ـ تربية الأولاد
2ـ الحنان للزوجة
3ـ الإنفاق
ولا بد من الموازنة بين هذه النقاط الثلاثة، ولكن إن حدث وتعارضت النقطة الثالثة مع النقطتين الأولى والثانية، فيجب أن لا يكون الإنفاق يؤثر سلباً، وهنا لا بد من الموازنة.. وأن لا يكون الأب فقط مصدراً للمادة، وُيغيب دوره الأساسي في تربية أولاده فيفاجأ بعد فترة أن ابنه أصبح يتعاطى المخدرات، ثم تكون النتيجة أن يسأل نفسه لماذا حدث الذي حدث.. فهو قد أخطأ عندما جعل أولوياته هي توفير الرزق ونسي دوره كمربي..
فلذلك لا بد من الموازنة، والمحافظة على الأدوار كل بالترتيب.
كذلك عندما رتبنا في الحلقة السابقة أولويات المرأة، أنه في الدرجة الأولى الحنان للزوج، وتربية الأولاد، ثم قلنا العمل..
فهنا أردت التوضيح، فنحن نريد من المرأة أن تنجح في حياتها العملية، وأن تفيد مجتمعها، ونريدها ناجحة على أعلى مستوى، وهذا أيضاً هدف إسلامي فهي تستطيع أن تشارك في مشاريع خيرية كثيرة .. وأيضاً إذا ذكرنا نماذج الصحابة، فنجد أن النبي صلى الله عليه وسلم قد أقام مستشفى لإمرأة من أجل أن تقوم بمعالجة المرضى.. فكذلك لا بد من الموازنة في حياة المرأة وأن توازن بين أسرتها، وعملها، ونجاحها في المجتمع.. لكن إذا كان النجاح في المجتمع سيؤدي إلى الفشل مع الأسرة وهذا ما قصدته في الحلقة الأولى، فهذا مما لا يجب أن يحدث..
فنلخص كل ما ذكرناه أعلاه في كلمة واحدة لكل من المرأة والرجل ألا وهي الموازنة وبها تتحقق العبودية لله عزّ وجل.
فالمرأة هي تاج الحنان، والرجل بكل قوته يحتاج إلى هذا الحنان، وهي التي تربي الأولاد، فالأم مدرسة، ويجب أن تشعري بأهمية هذا الدور، ومع هؤلاء يأتي دورها كيف تنجح في حياتها العملية..
كان لا بد من هذه المقدمة وذلك لتصحيح المفاهيم في الأولويات.
الصحوبية (علاقات قبل الزواج)
سنبدأ اليوم بأول مرحلة ولكن قبل ذلك أردت أن أذكر أن هناك مرجعية قيمة بموضوع مشاكل الأسرة وأشيد بالجهود التي قدمها وبذلها في هذا الموضوع ولا يزالون يقدمونها كل من الأستاذ جاسم المطوع، وعبد العزيز المطاوع، وموقع إسلام أون لاين..
المرحلة الأولى: الشباب قبل الزواج
ليست مشاكل الشباب ، ولكن هي مشكلة أساسية لهاعلاقة بالبيوت بعد الزواج، والحب بعد الزواج، وهذه المشكلة يعاني منها الشباب :
الصحوبية والحب:
لا بد من تعريف ماذا نعني بالمصاحبة، أي شابان، فتاة وشاب في الثامنة عشر من عمرهما، ثم يبدأ الحب بينهما، وأنهما لا يستطيعان أن يستغنيا عن بعضهما البعض، ثم إن مسألة الزواج عندهما أنها لا بد أن تأتي ولكن بعد فترة زمنية عشر سنوات أو أكثر حتى يستطيع أن ينهي دراسته ، ويحصل على العمل..
وهكذا تتكون علاقة بينهما، ويتقابلان ويعتقد كل واحد منهما أنه أهم شيء في حياته..
فهذا وصف بسيط لعلاقة بين شباب وبنات، أو أن هناك كثير ممن ليس لديهم هذه العلاقة ولكن يتمنون أن يقوموا بها.
والسؤال كيف تنشأ هذه العلاقة؟ فالجواب طبعاً الجامعة أولاً ثم المدرسة ثانياً، أو في الدروس الخصوصية..
وللأسف نرى أنها تنشأ في محور واحد وهو المؤسسة التعليمية.. كذلك في المصايف، حتى في مراكز التسوق، وبطريقة تقليدية قديمة عن طريق التلفون كان ذلك قديماً أما اليوم فعن طريق الانترنت..
ثم متى بدأت هذه الظاهرة؟ بدأت حديثاً وفي الستين السنة الأخيرة، وفي الأربعينيات لم تكن هذه الظاهرة موجودة.
ويأتي السؤال الآن هل المصاحبة حلال أم حرام وما رأي الدين فيها؟
فهي حرام وبنص القرآن وقد جاء ذكرها مرتين، مرة للرجال، ومرة للنساء..
ولماذا جاء التحريم في هذه العلاقة، وهذه العاطفة أوجدها الله فينا، وهل نستطيع أن نتحكم بهذه المشاعر، ولماذا الإسلام يضغط علينا في هذا الأمر..
وأنا أحببت قبل أن أبدأ بالنص القرآني، وبما أنني أوجه كلماتي إلى الشباب، وأردت أن أبدأ بأسبابها ثم نتائجها.
الأسباب التي تؤدي إلى هذه المصاحبة
ما هي الدوافع التي تؤدي إلى هذا الأمر، وسنذكر منها:
الحاجة إلى الحب
اللحاق بالتطور والتقليد
مشاكل الشباب مع أسرتهم، التفكك الأسري والضعف الإيماني..
الفراغ
صعوبة الزواج
إثبات الرجولة
تقليد الغرب، ومن خلال ما نراه على شاشات الفضائيات
حب التجربة
القدوة السيئة (بالنسبة للفتاة، تقليد أخاها)
كنا قد عملنا إحصاء على الموقع وكان كالتالي:
في رأيك كشاب ما هي دوافع المصاحبة:
الفراغ وتسلية الوقت جاءت النسبة 32%.
الحب: 12%
الزواج: 9%
الشهوة والغرائز : 38 %
أخرى : 8%
وأنا أردت نشر هذه الإحصائية وأهديها للفتيات.
ثم سنرى أيضاً الردود التي جاءت من الفتيات:
الفراغ وتسلية الوقت : 33%
الزواج:22%
الحب:19%
الشهوة والغرائز:11%
أخرى: 12%
وهكذا نرى الاختلاف في النسب بين الشاب والفتاة، ولكني لا أخفي دهشتي فيما جاء في رد الفتيات والتي كنت أتوقع أن تكون أعلى نسبة هي في الحب والزواج..
وهكذا رأينا الدوافع والأسباب عند كل من الطرفين، ولكني أريد أن أوجه كلمتي للفتاة، ولا بد أن تنظر وترى كيف أن النسب عندها اختلفت عند الشاب..
عواقب هذه العلاقات قبل الزواج
وإذا أردنا أن نعرف لماذا حرّم الله هذه العلاقة، فلننظر إلى النتائج التي حدثت نتيجةً لذلك .
ثم لنبدأ أولاً، كم من هذه العلاقات أدت إلى الزواج؟
لقد قمت بعمل إحصائية في جامعتين من جامعات الدول العربية، في جامعة عين شمس في القاهرة وجاءت النتيجة 1% فقط وهذا الرقم بناءً على تجارب شخصية للطلبة ولأصدقائهم.
فعلاقات الحب قبل الزواج 99% منها لا تنتهي بالزواج..
ولكن ما الذي يحدث للفتاة، بعد أن تنتهي قصة الحب هذه، فمن الطبيعي أنها ستتألم، وستعاني، وتتعرض لجرح كبير في مشاعرها.. وكم يحدث من هذه القصص، أن يكون شاب على علاقة مع فتاة يتركها، ثم ينشئ علاقة مع صديقة لها.
فالاثنان كانا في غير حالة نضج تام، وبعد فترة يحدث أن تتغير النظرة أو المشاعر، ففي مرحلة المراهقة وبداية مرحلة العشرينيات الذي يحدث أن كل منهما لا يرى عيوب من يحب وأنه ليس له مثيل وويعيش في الخيال وينسى الواقع وأحياناً وبالذات في مرحلة المراهقة تكون مثل مرحلة التقديس للطرف الآخر..
ثم بعد ذلك تتغير الظروف، ويختلف النضج، أو يتغير هذا الشاب ويقطع علاقاته بفتاته.. فما الذي يحدث للفتاة؟ لا بد أنها ستتألم وستعاني.. فالشاب أيضاً يعاني ويتألم لقطع هذه العلاقة..
لذلك فإن الله سبحانه عزّ وجل وحرصاً منه على عدم تعرض الفتاة أو حتى الشاب لهذه الآلام أو لهذا الإرهاق العاطفي الذي هو أشد من الإرهاق البدني..
فالله يريد أن يحافظ على هذا القلب، وأن تكون هذه المشاعر والعواطف داخل مؤسسة الزواج..
فمعظم هذه العلاقات لا تستمر ولا تؤدي إلى الزواج..
ليس هذا فحسب، هناك مشكلة ثانية.. بعد الزواج وأطباء النفس يقولون إن نسبة 75% من حالات الطلاق أسبابها تعود إلى علاقات حدثت قبل الزواج، لأن الواقع يصطدم بالخيال الذي كانت تعيش فيه مع من كانت تلقاه في لقاءات قليلة تخلو من المسؤوليات التي تفرضها الحياة الزوجية.
ويبدأ العقل الباطني يتأثر وتستمر المقارنة قبل وبعد، وهذه المقارنة لا تمت إلى الواقع بصلة، مقارنة بين زوج مسؤول وبين من كان يعيش للحب فقط وللأحلام.
وهذا الأمر أيضاً لا يقتصر على الفتاة، بل على الشاب أيضاً الذي أقام علاقات قبل الزواج.
والنتيجة أن تتشتت مشاعر المرأة فتعجز عن إعطاء كل الحب والحنان لأسرتها، وتزداد المشاكل والصعوبات، وتنهار الأسرة ويحدث الطلاق.
والأسوأ من ذلك أن تتزوج الفتاة ويبقى في قلبها حب لمن كانت تعرفه قبل هذا الزواج، وهذه تعتبر كارثة وخيانة عقلية تتم ..
فلذلك أعود وأذكر لماذا حرم الله هذه العلاقات، وحرصه على هذه القلوب أن لاتتحطم وتتألم من أجل علاقة دامت لخمس سنوات أو أكثر ولم تكلل بالزواج أن يستمر الألم بعد هذا الفشل.
ولذلك جاءت الآية الكريمة في القرآن تحذر من هذه العلاقة، وهذه الآية جاءت في سورة النساء آية 25 "...ولا متخذات أخدان..." أي صديق أو صاحب وقد ذكرت مرتين في سورة النساء..
ولكن ليس هذا فحسب، فالله سبحانه وتعالى يقول "...ليس البر بأن تأتوا البيوت من ظهورها ولكن البر من اتقى واتوا البيوت من أبوابها واتقوا الله.." سورة البقرة آية 189
فهذه مشكلة ثانية، مشكلة خيانة.. فمن أقام هذه العلاقات من غير علم أهله فهذه خيانة.. ثم لننتبه لهذا الحديث: يرفع لكل رجل يوم القيامة لواء مكتوب عليه هذه غدرة فلان..
وهكذا نرى أن الله في خطابه القرآني وجهه لكل من الشاب والفتاة في هاتين الآيتين الكريمتين.
والخيانة تشمل كل ما يحدث من لقاءات، أو اتصالات هاتفية الخ..
فإذا كنت فعلاً تحب الفتاة فلا بد أن تتقدم لخطبتها، فإن كنت لا تستطيع يجب أن تنهي فوراً هذه العلاقة..
فخطوط العلاقة قبل الزواج، ذكرنا منها ثلاثة أمور تترتب عليها:
كسر في القلب
انتهاء هذه العلاقة بعدم الزواج
المعاناة بعد الزواج جراء هذه العلاقة التي لم تنجح..
فالتجارب قبل الزواج أثرت على علاقات بعد الزواج لأن الأمر يختلف جداً.
فالموضوع يدخل في أمور أخطر من هذا، لأن هذه الخيانة ستسئل عنها يوم القيامة، وهناك من ستقول أنها أعلمت أمها بهذه العلاقة ولكن الأم لم تخبر والدها..
فأوجه كلامي إلى أمهاتنا فأنت اشتركت في هذا الإثم..
وهذا ليس الطريق الصحيح.. فأنت أفقدت الأب احترامه، ليس هذا فحسب فإذا حدث ولم تتكلل هذه العلاقة بالزواج فابنتك ستحملك مسؤولية عدم نجاح هذه العلاقة.. فلذلك أردت أن أخاطب أمهاتنا..
فالموضوع خطير، ولكن إذا حدث وكان الأمر بمعرفة كل من أهل الفتاة والشاب وأنها مسألة شهور قليلة وسيتم الزواج فهنا يختلف الأمر، ولكن الاعتراض على شكل العلاقات التي ذكرتها والذي يتم بالصورة التي نراها في كل مكان.
فلنحاول تحليل لماذا تحدث هذه العلاقات، فالإسلام منهج متكامل، وأن الله سبحانه عندما خلقنا يعلم أن في داخلنا مئة وحدة حب، والإسلام أوجد الطرق لتفريغ هذه الوحدات عن طريق الزواج المبكر، ثم أن يقوم المجتمع بمسؤوليته وتسهيل أمور الزواج حتى يتسنى للشباب تفريغ هذه العاطفة، وأيضاً المجتمع يقوم على حب الأسرة، هذا الحب الكبير، وكذلك حب الله ورسوله، وحب الوطن، وحب الإسلام وحب الدعوة إلى الله وحب الأخوة في الله.
ولكن الذي حدث في أيامنا هذه، فقدان كل ما ذكرته آنفاً، فلم يعد هناك زواج مبكر، ولا حب لله ورسوله، وتفكك الأسرة، والأخوة في الله.. فأين تفرغ هذه العاطفة؟ في نفس الوقت نشأت فكرة العلاقات بين الشباب والفتيات في الغرب، وبدأ التقليد الأعمى عندنا للغرب.
وما نراه في الإعلام، فكل المسلسلات والأفلام والأغاني التي تدور في محور واحد الحب بين الشاب والفتاة، وأهملت كل أمور الحياة الباقية والمهمة..
ومن هذه الأفلام سيطرة فكرة الولد الشقي الذي ينجح في أن يجر الفتاة حتى تقيم علاقة معه قبل الزواج، وهذه الأفكار هي أخطر من النظر إلى منظر عري، وتتكرر هذه الأفلام حتى تؤثر تأثيراً سلبياً على شبابنا الذين يريدون تقليد هذه الأفكار والتي تؤدي إلى كوارث.
وأردنا تقليد الغرب، فالذي حدث عندهم أن العلاقات بين الفتاة والشاب أدت إلى حياة جنسية مفتوحة من سن 18 للشباب والبنات وبموافقة عائلاتهم ويتم انفصالهم عن عائلاتهم ويعيشون مع بعض دون زواج ، ثم بعد ذلك يصبحوا شركاء ولكن دون أي عهود أو ضمانات، ونحن لا نشمل الغرب بأكمله، حتى أنهم ينجبوا أطفال، ثم تنتهي هذه العلاقات إما بزواج أو بانتهاء هذه العلاقات، وتصبح الأم تعيش بمفردها وتتحمل مسؤولية تربية أطفالها ثم يحدث أن تقيم علاقة أخرى مع رجل آخر وهكذا..
والنسب كبيرة في الغرب،
فأوجه كلامي إلى الشباب والفتيات للحذر من علاقات قبل الزواج ونتائجها التي من أخطرها خسران رضا الله ومخالفة ما جاء في القرآن من تحريم هذه العلاقات "ولا متخذات أخدان" .. وليس البر بأن تأتوا البيوت من أبوابها"
فالخسارة كما ذكرنا سابقاً جرح في القلب، وخيانة للأب أو حتى الوالدين، وأيضاً بركة الله عزّ وجل..
وبمناسبة البركة، سأحكي لكم قصة، شاب كنت أعرفه كان يدرس الهندسة، وكان يحب فتاة، وكان الكل يعرف بقصة الحب هذه، ثم أن الذي حدث أن هذا الشاب بدأ يتدين، وبدأ يشعر بأن هذا الحب قبل الزواج لا يتفق مع التزامه، فكان أن واجهها أنه مازال أمامه سنوات من الدراسة ولن يستطيع أن يستمر في هذه العلاقة، رغم حبه لها ورغبته بالزواج منها ولكنه لا يستطيع إتمام الزواج حتى يتم دراسته، ثم إنه اتفق معها على قطع هذه العلاقة على أساس أن أخته فقط ستتصل بها للإطمئنان عليها خلال هذه الفترة، حتى إذا أتم دراسته تقدم لأهلها لخطبتها.
وبالفعل قطعت هذه العلاقة خلال هذه الثلاث سنوات، وعندما تم دراسته تقدم لأهلها وتزوجها ورزق منها بخمسة أطفال..
حتى أنه ذكر لي عن حبه الشديد لزوجته حتى بعد إنجاب أطفاله الخمسة وأنه يعيش قصة حب رائعة مع زوجته ويرجع هذا الحب لالتزامه بأوامر الله عندما قطع هذه العلاقة فكان الله أن بارك لهما واستمر هذا الحب ..
ما هو الحل:
قطع العلاقة فوراً، وأوجه كلامي أولاً إلى الفتاة، ربما سيأتي الجواب أنك لن تستطيعي، فالحل وبمنتهى السهولة، ضعي نفسك في تجربة :اخرجي معه في السيارة ثم قولي له أن أخته مع شاب في السيارة التي أمامكم فهو لا بد أن يتصرف، إما أن يتركك ويذهب ليتحقق من هذا الأمر، فعندها ستعلمين قيمتك عنده، فهو إما سيتركك ويسرع ليرى أخته، أو سيبقى في السيارة، فعندها ستعرفين معدنه..
فهو إن لحق بأخته فلماذا رضي لك ما لم يرضاه لأخته.. فالذي أريد قوله أن لا ترخصي نفسك أبداً.
أنا أريد أن ينشر هذا الكلام بين المراهقات والشباب الصغير ..
الأمر الثاني الذي يساعد على وقف هذه العلاقة، توجيه طاقة الحب هذه إما بالزواج، أو الانشغال بحب الله ورسوله، والتعرف إلى فتيات متدينات فتتفرغ هذه العاطفة بحب أكبر من أي حب آخر..
حب الإسلام والتعلق به حتى تأتي الفرصة المناسبة للزواج وتفريغ العاطفة في مكانها الصحيح وهي حب الزوج عندما يصبح زوجاً لك.
ويأتي سؤال ثاني لمن هو على علاقة مثلاً منذ خمس سنوات وسيتم الزواج بعد شهور قليلة فهل يقطع هذه العلاقة؟
النبي صلى الله عليه وسلم في حديث يقول فيه: لا أرى للمتحابين إلا الزواج..
والإسلام لا يكلف نفساً إلا وسعها ، فالعاطفة نعمة جميلة، ولكن ما نريد أن نوصله هو أن لا تعرض نفسك للحب قبل الزواج، وأن توجه هذه العاطفة إلى حب في الله وملئ الفراغ بخدمة الإسلام، وتنمية المهارات، حتى لو حدث أن عرفت الحب فاصبر، واكتم هذه المشاعر حتى يكرمك الله بالزواج..
ونفس الكلام للفتاة إن شعرت بالحب فيجب أن تخبر أهلها وأن تطلب مساعدتهم في تسهيل أمر الزواج.
فالإسلام ليس ضد الحب، ولكن ضد أن الإحساس يتحول إلى علاقة تنفيذية، فتنشأ هذه العلاقات.. وكل ما ذكرته يدور في محور العلاقات البريئة فكيف بما نسمع من علاقات وما يحدث فيها من كلام لا يقبله الله وهو يسمع ويرى، والأسوأ إذا تطورت هذه العلاقات ويحدث فيها ما يحدث.
فالنبي صلى الله عليه وسلم غضب وأعرض عن رجل جاء يخبره بأنه أصاب قبلة من امرأة..
فنحن لدينا الحل وقف هذه العلاقات، والتوبة فيمسح الله هذه الذنوب وكأنها لم تكن..
والتوبة نعرف شروطها: الندم على الذنب، توقيف الذنب، والعزم علىعدم العودة إلى هذا الذنب.
فيغفر الله لك..
الاستنتاج النهائي لكل ما ذكرناه، أن هذه العلاقات قبل الزواج لا تجدي،
والحل توجيه طاقة العاطفة إلى عمل مفيد في المجتمع، أن لا تعرضي أو تعرض نفسك لمشاعر الحب حتى تصبح قادراً أو تصبحين قادرة على الزواج.. وحب المؤمنين وحب الله.. وأن أغلب من يستطيع مقاومة مشاعر الحب المتدينين ليس لأنهم يفقدون عنصر العاطفة، ولكنهم استطاعوا توجيه هذه الطاقة إلى عاطفة أكبر وأقوى..
لقد قصدت أن أوجه أغلب كلامي إلى الفتيات، لأن الحل عندهن، ولذلك جاء التوجيه لهن في القرآن الكريم، لأنهن يملكون المفتاح الأساسي بتشجيع هذه العلاقات أو عدمها..
ولكن لا ننسى دور الآباء والأمهات في هذا الموضوع، وليس العنف هو الحل، ولكن هناك دور أكبر اسمه دور الأب الصديق والأم الصديقة، وسنتناوله في حلقات قادمة..
ولماذا لا نتفق ومن الآن على التوبة من الذنوب والمعاصي.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
ساحة النقاش