authentication required

فيما يتعلق بالمداخلات المتعددة لوزير خارجية مصر السابق الأمين العام الحالى لجامعة الدول العربية السيد عمرو موسى حول موضوع حوار الحضارات فى الفترة من مايو 1991 إلى مايو 2001، فقد تركزت تلك المداخلات حول الرد على تساؤلهم: هل العالم يتجه نحو صدام أم حوار فيما بين الحضارات والثقافات والأديان. وأتى اهتمام وزير خارجية مصر خلال عقد من الزمان بمسألة التفاعل بين الحضارات والثقافات ليطرح تساؤلاً حول سبب اهتمام السياسيين لموضوع كهذا، من المفترض أن يكون موضوع تركيز المؤرخين والمفكرين والكتاب والمثقفين وربما الفنانين.
إلا أن الرد على هذا التساؤل كان ما طرأ من تحولات نوعية شهدتها العلاقات الدولية منذ نهاية الحرب الباردة وانهيار التنافس الأيديولوجى بين الشيوعية والرأسمالية، حيث تحول الحديث عن التباينات- أو حتى التناقضات الثقافية إلى مسائل سياسية خلافية دفعت البعض للحديث عن صدام الحضارات، مما خرج بهذه المسائل من حيز نقاشات الغرف والقاعات المغلقة للنخب الثقافية إلى واجهة الأطروحات السياسية والإعلامية والأيديولوجية العلنية.
وبالمقابل، ابرز السيد عمرو موسى الرؤية المصرية فى أن كل حضارة أو ثقافة تعكس تمايز الهوية التاريخية لشعبها أو لشعوبها بحيث تتشكل كل حضارة عبر تراكم الإسهامات الفكرية والثقافية التى تمثل إسهام هذا الشعب أو هذه الأمة فى تحسين فهم البشرية لذاتها أو تاريخها ومستقبلها والعالم من حولها. وبنفس القدر، فإن مختلف الأديان بلور كل منها نظاماً قيمياً فى سياق تطور سياسى واجتماعى واقتصادى معين وخاص به، وهذا ينطبق على كافة الأديان.
وتركز نقد السيد/ عمرو موسى لتصوير الإسلام كتهديد للغرب على أن الإسلام مختلف عن الشيوعية نوعياً، فبينما جاءت الشيوعية كنتائج للتطور اقتصادى/ الاجتماعى فى الغرب فى القرنين التاسع عشر والعشرين، فإن الإسلام سبق كل الأيديولوجيات الحديثة، ومثله مثل الأديان السماوية، فإنه باقٍ حتى نهاية الزمان. وطالب الشعوب وصناع السياسة فى الغرب بصياغة فهم أفضل للإسلام وللمسائل المتصلة بالمسلمين والعالم الإسلامى، داعياً الغرب إلى هجرة النظر إلى الإسلام وحضارته وأحداث عالمية من منظور العنف والإرهاب فقط حيث أن العنف يجرى فى كل مكان بما فيه بلدان الغرب ذاتها.
وقدر السيد عمرو موسى عالياً فى عدة مناسبات تصريحات لقادة غربيين مثل الرئيس الأمريكى السابق كلينتون عندما كان فى السلطة نفى فيها وجود تناقض بين الحضارتين الإسلامية والغربية مؤكداً على التزام الولايات المتحدة باتباع سياسة صداقة واحترام مع العالم الإسلامى، وأشار إلى الإسهام الإيجابى والمهم للأمريكيين المسلمين فى المجتمع الأمريكى.
وللبرهنة على كذب ادعاءات صراع وصدام الحضارات أشار السيد عمرو موسى أن القرن العشرين شهد حربين عالميتين بدأتا فى أوروبا وانتشرت منها إلى بقية أنحاء العام، وكانت الأطراف المتحاربة سواء فى أوروبا أو عبر الأطلنطى تنتمى إلى نفس الديانة أو الحضارات، حيث أن الدافع للحروب كان تناقض المصالح وليس تباين الانتماء الحضارى، وأبرز مثال على ذلك تحالف ألمانيا وإيطاليا مع اليابان فيما عرف تاريخياً باسم دول المحور خلال الحرب العالمية الثانية.
وفسر الدفع بالعامل الحضارى إلى الواجهة بأنه يمثل غطاء لأهداف سياسية مثل التطهير العرقى كما جرى خلال أزمة كوسوفو.
إلا أن أزمة كوسوفو نفسها أوضحت إفلاس نظرية صدام الحضارات فالحضارتان الإسلامية والمسيحية اجتمعتا معاً على أساس القيم المشتركة بينهما لرفض العنف والقمع والتطهير العرقى وللدفاع عن قيم العدالة والحرية والسلام.
وأشاد السيد عمرو موسى بكتابات مستنيرة وإيجابية وبعيدة النظر فى الغرب مثل كتابات لميجيل موراتينوس الممثل الأوروبى الخاص للشرق الأوسط التى طالبت الغرب بإعادة النظر فى رؤيته التقليدية للإسلام والتحول من التركيز على سعى لتصدير النموذج الحضارى والثقافى الغربى للعالم الإسلامى إلى القبول بـ الاستيراد الثقافى وتحسين فهمهم لعالم صار أكثر ترابطاً وتعقيداً.
وحذر وزير خارجية مصر السابق مراراً من أن كثرة ترديد مقولة صدام الحضارات قد يجعل منهما حقيقة واقعة بالرغم من مسعى أطراف عديدة منها مصر - لنفى صحة هذه المقولة التى يتم ترويجها فى عالم تتقارب ثقافاته من بعضها البعض كل يوم أكثر من الذى سبقه، ويواجه عدداً متزايداً من التحديات والمخاطر العابرة للحدود والتى لا تنظر للفوارق الثقافية والحضارية والدينية وتطلب تعاوناً وتضامناً دوليين. وتتضمن هذه التحديات والمخاطر التدهور البيئى واستنزاف الموارد الطبيعية وما يمثله الإرهاب الدولى من تهديدات ظهرت آثارها العالمية بوضوح عقب أحداث 11 سبتمبر 2001، وكذلك انتشار أسلحة الدمار الشامل والجريمة المنظمة، بما فيها تهريب وتجارة المخدرات. وكل ما تقدم يستوجب التكامل العالمى فى القرن الحادى والعشرين بعيداً عن التجزئة وبث العداوة والبغضاء.

المصدر: د. وليد عبد الناصر - موسوعة الشباب السياسية http://acpss.ahram.org.eg/ahram/2001/1/1/Y1UN18.HTM
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 81 مشاهدة

ساحة النقاش

mowaten
يأتى الربيع العربى للثورات بمتطلبات ضرورية لعل من اهمها هو نشر التوعية السياسية بين المواطنين بوطننا العربى لارساء وتهيأة البيئة للعيش فى جو ديمقراطى طالما حلمنا به »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

272,797