خامسا : منظمة المؤتمر الاسلامى وحقوق الإنسان :
اكتفى ميثاق منظمة المؤتمر الاسلامى التى تأسست عام 1969 بالاشارة فى ديباجته الى مبادئ الحرية والمساواة والعدالة والتسامح وعدم التمييز. كما تؤكد الديباجة إيمان الدول الاسلامية بمبادئ ميثاق الأمم المتحدة وحقوق الإنسان الأساسية. وقد ورد النص فى المادة الثانية من الميثاق الخاصة بأهداف المنظمة على هدف العمل على القضاء على التمييز العنصرى والاستعمار بجميع صورهما (الفقرة الثالثة(. كما أن من بين هذه الأهداف اتخاذ الخطوات اللازمة لتعزيز السلم والأمن الدوليين على أساس من العدل وتعزيز نضال الشعوب الإسلامية للحفاظ على كرامتها واستقلالها وحقوقها الوطنية (الفقرة السادسة( . وتعهد المادة الرابعة من الميثاق الى مؤتمر ملوك ورؤساء الدول والحكومات مهمة فحص المسائل ذات الأهمية القصوى للعالم الاسلامى التى يمكن أن ندرج من ضمنها مسائل حقوق الإنسان. وقد عنيت المنظمة بمسألة حقوق الأقليات الإسلامية فى الدول غير الاسلامية، ومن ذلك، الدور الذى لعبته المنظمة فى عقد اتفاق مبادئ بين حكومة جمهورية الفلبين وجبهة مورو للتحرير الوطنى فى 23 ديسمبر 1976 . وقد وجه مؤتمر القمة الإسلامى الثالث الذى عقد فى الطائف ومكة فى عام 1981 نداء لجميع الدول التى توجد فيها أقليات إسلامية دعاها فيه الى تمكين هذه الأقليات من ممارسة معتقدها بكل حرية والتمتع بكامل حقوقها المدنية تحت حماية الدولة والقانون.
ومن الواضح أن ميثاق المنظمة لا يقدم أية ايضاحات حول طبيعة حقوق الإنسان أو مضمون هذه الحقوق . ولم تنشئ المنظمة هيئة تعنى بهذا الموضوع على غرار المنظمات الإقليمية الأخرى.
ولكن المنظمة أعدت مشروع إعلان لحقوق الإنسان فى الإسلام وأدرجته فى جدول أعمال مؤتمر ملوك ورؤساء الدول الإسلامية المنعقد فى مكة المكرمة فى أواخر يناير 1981، والذى أصدر قرارا بإحالة الأمر على مؤتمر لوزراء الخارجية. وبعد أخذ ورد، صدر إعلان القاهرة حول حقوق الإنسان فى الإسلام فى الثامن من أغسطس 1990 . ويقع الإعلان فى ديباجة وخمس وعشرين مادة.
مقدمة الإعلان تؤكد على الدور الحضارى والتاريخى للأمة الاسلامية وحاجة البشرية الى سند إيمانى لحضارتها ، والإيمان بأن الحقوق الأساسية والحريات العامة فى الإسلام جزء من دين المسلمين . أما الحقوق التى أوردها الإعلان فهى على التوالى الحق فى المساواة وعدم التمييز (م / 1( ، والحق فى الحياة ( م / 2( ، وحرمة الإنسان والحفاظ على سمعته فى حياته وبعد موته ، والحق فى الزواج بصرف النظر عن أية قيود يكون منشؤها العرق أو اللون أو الجنسية (م / 5( والمساواة بين المرأة والرجل (م / 6( وحقوق الطفل (م / 7( ، والحق فى التمتع بالأهلية الشرعية والحق فى التعليم (م/ 9( ، وحرية الديانة (م / 10( ، وتحريم العبودية إلا لله سبحانه (م / 11( وحرية التنقل واختيار محل الإقامة فى إطار الشريعة وحق اللجوء (م / 12( ، والحق فى العمل (م / 13( والحق فى الكسب المشروع (م/ 14( والحق فى التملك بالطرق الشرعية (م / 15( ، والحق فى الأنتفاع بثمرات الأنتاج العلمى أو الأدبى أو الفنى ( م / 16( ، والحق فى العيش فى بيئة نظيفة من المفاسد والأوبئة الأخلاقية وحق الرعاية الصحية والحق فى العيش الكريم (م / 17( ، والحق فى الأمان وفى الحياة الخاصة ( م / 18( ، والمساواة أمام الشرع يستوى فى ذلك الحاكم والمحكوم ، وحق اللجوء الى القضاء، ومبدأ لا جريمة ولا عقوبة إلا بموجب أحكام شرعية (م / 19( ، والحق فى الحرية وعدم جواز النفى أو العقاب بغير موجب شرعى، وحق الإنسان فى عدم الخضوع للتعذيب وحقه فى عدم الخضوع للتجارب الطبية أو العلمية بدون رضاه ( م / 20(، وتحريم أخذ الإنسان رهينة (م/ 21( ، والحق فى التعبير بحرية عن الرأى بشكل لا يتعارض مع المبادئ الشرعية، والحق فى الدعوة الى الخير والأمر بالمعروف والنهى عن المنكر وفقا لضوابط الشريعة الإسلامية، وعدم جواز إثارة الكراهية القومية والمذهبية (م / 22(.
وفيما يتعلق بالحقوق السياسية فقد اكتفى الإعلان فى المادة الثالثة والعشرين بالقول :
أ - الولاية أمانة يحرم الاستبداد فيها وسوء استغلالها تحريما مؤكدا ضمانا للحقوق الأساسية للإنسان .
ب- لكل إنسان حق الاشتراك فى إدارة الشؤون العامة لبلاده بصورة مباشرة أو غير مباشرة، كما أن له الحق فى تقلد الوظائف العامة وفقا لأحكام الشريعة .
ويلاحظ أن كافة الحقوق والحريات المقررة فى هذا الإعلان مقيدة بأحكام الشريعة الإسلامية (م / 24( . كما أن الشريعة الإسلامية هى المرجع الوحيد لتفسير أو توضيح أية مادة من مواد هذه الوثيقة (م / 25(.
ويختلف إعلان القاهرة عن الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والاتفاقيات الدولية الخاصة بحقوق الإنسان وفى مقدمتها العهدين الدوليين لحقوق الإنسان من حيث اعتماد أحكامه على الشريعة الإسلامية. ومن جهة أخرى يتطرق الإعلان لبعض الحقوق التى لا توليها إعلانات واتفاقيات حقوق الإنسان أى عناية وتجد مكانها بين الاتفاقيات التى يتكون منها القانون الدولى الإنسانى، والإعلان هو مجرد توصية تفتقر الى القوة الإلزامية فى الدول الإسلامية. ولهذا السبب فقد جاء خلوا من النص على إنشاء أى هيئة خاصة بالإشراف على تنفيذ أحكامه .
وقد أصدر المؤتمر الاسلامى الحادى والعشرون لوزراء الخارجية المنعقد فى كراتشى، فى الفترة من 25 - 29 أبريل 1992 قراراً بشأن التنسيق فيما بين الدول الاعضاء فى ميدان حقوق الإنسان. وأكد المؤتمر على ضرورة ضمان الشمولية والموضوعية وعدم الإنتقائية عند تطبيق معايير مواثيق حقوق الإنسان. أما بخصوص قضية عالمية أو خصوصية حقوق الإنسان فقد أقر المؤتمر بأن حقوق الجنس البشرى هى حقوق عالمية بطبيعتها. وأنه يتوجب النظر اليها فى سياق عملية ديناميكية ومتطورة تستند الى إرساء قواعد عامة للسلوك ، مع الأخذ فى الاعتبار مختلف الخلفيات التاريخية والثقافية والمدنية، والنظم القانونية . وأعرب المؤتمر عما يساوره من قلق ازاء إنتهاك حقوق الإنسان، بما فى ذلك مظاهر التمييز العنصرى ، والعنصرية ، والفصل العنصرى والاستعمار.

المصدر: أ. احمد منيسي - موسوعة الشباب السياسية http://acpss.ahram.org.eg/ahram/2001/1/1/YOUN72.HTM
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 104 مشاهدة
نشرت فى 13 أكتوبر 2011 بواسطة mowaten

ساحة النقاش

mowaten
يأتى الربيع العربى للثورات بمتطلبات ضرورية لعل من اهمها هو نشر التوعية السياسية بين المواطنين بوطننا العربى لارساء وتهيأة البيئة للعيش فى جو ديمقراطى طالما حلمنا به »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

286,931