يرتبط مدى احترام حقوق الإنسان فى دولة معينة بمدى ديمقراطية هذه الدولة، فإن الدول الديمقراطية هي التي تحترم حقوق الإنسان كما يحدث فى دول العالم المتقدم التي بلغت الحدود القصوى فى الممارسة الديمقراطية، حيث أن لكل تيار سياسي الحق فى تشكيل الحزب السياسي الخاص به، وهناك إعلام يتمتع بالحرية الكاملة، وهناك أيضا تقاليد رصينة لإعمال مبدأ سيادة القانون بحيث يصبح هو الأمر الناهي الذي لا تعرقل تطبيقه أى عراقيل أخرى، وهو الأمر الذي يرسي مبدأ المساواة التامة بين جميع المواطنين بغض النظر عن انتماءاتهم.
أما فى الدول التي كان يطلق عليها العالم الثالث أو التى تندرج الأن ضمن جنوب العالم فهناك الكثير من الممارسات القانونية والعملية التي تنتهك حقوق الإنسان، وذلك بغض النظر عن نص الدستور الصريح على حماية هذه الحقوق.
وينطبق ذلك على العالم العربي، لكن الواقع يؤكد أن هناك اتجاها واضحا فى الدول العربية لتدعيم توجهاتها الديمقراطية. وبدأت الصحافة العربية تعرف طريقها إلى الحرية، وأصدرت جميع الدول العربية تقريبا دساتير دائمة. وباختصار يبدو العالم العربي الأن أفضل من السابق فى مجال حقوق الإنسان.
أولا : الدساتير العربية وحقوق الإنسان :
يمثل الدستور فى أى دولة من الدول القانون الأسمى، فهو الوثيقة القانونية الأساسية للدولة،وهو الذى يحدد الحقوق والحريات العامة للمواطنين، ومن ثم فإن تناول نصوص الدستور المتعلقة بهذه الحريات يعد نقطة البداية لفهم الأساس القانونى لحقوق الإنسان.
لكن ما ينبغى التأكيد عليه أن ما ينص عليه الدستور قد لا ينفذ حرفيا فى الواقع، أو قد لا ينفذ مطلقا.
وتنص سائر الدساتير العربية على مبدأ المساواة بين المواطنين فى الحقوق والواجبات كما يوضح د. علىّ الدين هلال ود. نيفين مسعد فى دراستهما عن النظم العربية. فنجد على سبيل المثال أن دستور قطر الصادر فى عام 1972 ينص على ما يلي الناس متساوون فى الحقوق والواجبات العامة، وذلك دون التمييز بسبب العنصر أو الجنس أوالدين. كما ينص دستور السودان لعام1971على أن الناس فى جمهورية السودان الديمقراطية متساوون أمام القضاء، والسودانيون متساوون فى الحقوق والواجبات ولا تمييز بينهم فى ذلك بسبب الأصل أو العنصر أو الموطن المحلي أو اللغة أو الدين. وينص الدستور المصري لعام 1971 على نفس المبدأ بقوله: المواطنون لدى القانون سواء هم متساوون فى الحقوق والواجبات العامة، لا تمييز بينهم فى ذلك بسبب الجنس أو اللغة أو الدين أو العقيدة.
لكن الممارسة تكشف أحياناً عن فجوة بينها وبين النصوص القانونية من خلال احتكار أقليات سياسية أو حزبية أو سلالية للسلطة وممارسة التمييز ضد بعض الفئات الاجتماعية والأقليات. كما يحدث فى أحيان كثيرة أن تأتي القوانين مقيدة لما أباحه الدستور. ومن ذلك أن الدستور الكويتي نص فى المادة 29 على أن الناس سواسية فى الكرامة الإنسانية، وهم متساوون لدي القانون فى الحقوق والواجبات العامة، لا تمييز بينهم فى ذلك بسبب الجنس أو الأصل أو اللغة أو الدين. لكن قانون الجنسية الكويتي لا يلتزم بتلك المادة، بل يقسم المواطنين إلى ثلاث فئات. الأولى فئة أصحاب الجنسية بالتأسيس ويمثلها أولئك الذين عاشوا فى الكويت منذ عام 1920 وهو عام تكاتف فيه أبناء الكويت لبناء سور لحماية المدينة. ويتمتع المنتمون لهذه الفئة بكافة حقوق المواطنة. والثانية فئة أصحاب الجنسية بالتجنيس ويمثلها العرب الذين أقاموا فى الكويت لمدة عشر سنوات متصلة، وكذلك غير العرب الذين أقاموا بها لمدة خمس عشرة سنة متصلة. ولا تتمتع هذه الفئة بالحقوق السياسية للمواطنة، فلا يجوز لها الترشيح لعضوية البرلمان مثلا ولا انتخاب أعضائه، كما أنه لا يحق لها أن تتقلد المناصب الوزارية. والثالثة فئة أصحاب الجنسية بالتجنيس الاستثنائي، وقد استقرت التعديلات المختلفة على اعتبارهم أولئك الذين أدوا خدمات جليلة للبلاد من بين العرب، أو الذين ولدوا فى الكويت من أمهات كويتيات وأقاموا فى الدولة دون انقطاع حتى بلوغهم سن الرشد. وتنطبق على هذه الفئة نفس أحكام الفئة السابقة، أي أنها لا تتمتع بمباشرة حقوقها السياسية. على أن ما هو أخطر من ذلك هو وجود فئة من الكويتيين يطلق عليها المجتمع اسم فئة البدون أي بدون جنسية على الرغم من أن أصحابها عاشوا فى الكويت طيلة حياتهم.
وعادة ما تميز الدساتير العربية بين الحريات العامة مثل حرية الاعتقاد والعمل والتنقل والملكية التي تبدي تلك الدساتير إزاءها درجات مختلفة من التسامح والمرونة، والحريات ذات الطابع السياسي مثل حرية التنظيم والإضراب والرأي والتعبير التي غالبا ما تحاط بالقيود.
ومن ناحية أخرى، يلاحظ على تنظيم الدساتير العربية للحقوق والحريات السياسية أنه يتم أحيانا بطريقة تعسفية. فنجد فيما يتصل بحرية الرأي والتعبير مثلا أن الدساتير العربية تتخذ عدة مواقف مختلفة. فهناك دساتير تكفل هاتين الحريتين معا لكنها تربطهما بالالتزام بأيديولوجية الدولة كما هو الحال فى دستور العراق. وهناك دساتير أخرى تسمح بحرية التعبير دون حرية الرأي كما هو الحال فى الدستور السورى رغم صعوبة الفصل بينهما. وهناك مجموعة ثالثة من الدساتير لا تتضمن أي إشارة للحريتين معا كما هو الحال فى دستور قطر.
وفيما يتصل بحرية الاجتماع، فإن الدساتير العربية إما تقفها على استلهام روح القانون (الأردن، والإمارات، وتونس، ولبنان، وسوري(، أو الخط التقدمي للثورة (العراق(، وإما تميز فى إطارها بين اجتماع خاص مباح لا يحتاج أصحابه للحصول على إذن مسبق من السلطات المعنية واجتماع عام يشترط فيه الحصول على ترخيص مسبق من السلطات المعنية (مصر، والكويت، والبحرين(.
المصدر: أ. احمد منيسي - موسوعة الشباب السياسية
http://acpss.ahram.org.eg/ahram/2001/1/1/YOUN73.HTM
نشرت فى 13 أكتوبر 2011
بواسطة mowaten
يأتى الربيع العربى للثورات بمتطلبات ضرورية لعل من اهمها هو نشر التوعية السياسية بين المواطنين بوطننا العربى لارساء وتهيأة البيئة للعيش فى جو ديمقراطى طالما حلمنا به »
ابحث
تسجيل الدخول
عدد زيارات الموقع
286,931
ساحة النقاش