إن مؤسسات حركة حقوق الإنسان العربية تضم عددا من المجموعات العربية التى تمكنت من تأسيس فروع لمنظمة العفو الدولية داخل بلدانها.
واتجهت البرلمانات فى بعض البلدان العربية إلى تشكيل لجان مختصة بحقوق الإنسان وقد وجد ذلك تعبيره فى كل من لبنان والكويت واليمن.
ويكشف العرض السابق عن تركز التوزيع الجغرافى للمنظمات العربية المعنية بحقوق الإنسان فى البلدان العربية الافريقية وبصفة خاصة داخل بلدان المغرب العربى. ففيما عدا الجماهيرية الليبية، فإن البلدان المغاربية الأخرى لا يخلو قطر واحد منها، وقد أصبحت الحركة العربية لحقوق الإنسان تضم الأن أكثر من 25 منظمة.
وقد بدأت المنظمات العربية لحقوق الإنسان تلعب دوراً متزايداً فى احاطة الرأى العام العربى والدولى بوضعية حقوق الإنسان داخل البلدان العربية، واستطاعت أن تكتسب احترام الحركة العالمية لحقوق الإنسان من خلال تطوير أدائها المهنى والالتزام. كما تمكن بعضها من اكتساب خبرات وآليات العمل المتعارف عليها لدى الحركة العالمية لحقوق الإنسان، وشق بعض هذه المنظمات طريقه نحو الاستفادة من الآليات الدولية لحماية حقوق الإنسان وذلك من خلال المشاركة فى أعمال اللجان المختصة بحقوق الإنسان داخل الأمم المتحدة، أو مخاطبة المقررين الخاصين وفرق العمل المعنية بأقسام خاصة من انتهاكات حقوق الإنسان داخل الأمم المتحدة.
ورغم أهمية ما تحقق فى ظل العديد من الاعتبارات والعوامل السياسية والاجتماعية والثقافية التى احاطت بمرحلة ميلاد ونماء الحركة العربية لحقوق الإنسان الا أن هناك العديد من التحديات وهى :
أ- التحديات القانونية :
أفضت القيود القانونية التى تحفل بها التشريعات العربية إلى حجب المشروعية عن عديد من منظمات حقوق الإنسان.
ب- ضعف ثقافة حقوق الإنسان :
هناك ضعف واضح وفى أحيان كثيرة غياب للوعى العربى على المستوى الشعبى والرسمى بثقافة حقوق الإنسان، وهو ما يقف حائلا دون تطوير أداء الحركة العربية لحقوق الإنسان، ويرجع ذلك إلى الحداثة النسبية فى نشأة منظمات حقوق الإنسان العربية والقيود القانونية التى تحصر مجال نشاطاتها.
ج- الطابع النخبوى للحركة :
ومعنى هذا الطابع أن الحركة تقتصر على صفوة من المثقفين، وبالتالى فهى منفصلة عن القواعد الشعبية الحقيقية للمجتمع، وهو أمر اقتضته نشأة هذه المنظمات على أيدى عناصر سياسية فى بيئة تفتقر إلى ثقافة حقوق الإنسان وتعانى من هشاشة العمل الأهلى المستقل والضعف العام لمؤسسات المجتمع المدنى، وتدنى قيمة الديمقراطية فى الثقافة السياسية السائدة لصالح قيم التحرر الوطنى والعدل الاجتماعى.

خامسا: مصر وحقوق الإنسان:
يعد موقف مصر من قضايا حقوق الإنسان علامة بارزة من معالم التاريخ السياسى المصرى الحديث لعدة اعتبارات :
1 - أن مصر عضو مؤسس فى الأمم المتحدة وشاركت بفعالية فى صياغة ميثاقها الذى أفرد عدة مواد لمعالجة حقوق الإنسان وحرياته الأساسية. وبعبارة أخرى كانت الدبلوماسية المصرية على علم وإدراك لمفاهيم مصر بحقوق الإنسان كما عبرت عنها المنظمة الدولية منذ قيامها عام 1945.
2 - ارتباط مصر منذ البداية بكثير من المواثيق الأساسية التى تتناول حقوق الإنسان والتى جرت صياغتها فى إطار المنظمة الدولية ابتداء من الإعلان العالمى لحقوق الإنسان عام 1948 ومرورا بالعهد الدولى للحقوق المدنية والسياسية والعهد الدولى للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، وانتهاء بأحدث وثيقتين من وثائق حقوق الإنسان وهما اتفاقية حقوق الطفل واتفاقية حقوق العمال المهاجرين.
3 - مشاركة مصر عن طريق خبرائها من رجال الدبلوماسية وأساتذة الجامعات والشخصيات العامة فى لجان الخبراء التى ترصد وتراقب تنفيذ صكوك حقوق الإنسان.
4 - الخبرة التاريخية، إذ أن مصر بدأت تجربة ديمقراطية رائدة فى النصف الثانى من القرن التاسع عشر، ولكن هذه التجربة كانت دائما بين مد وجزر.
وقد لعبت مصر دورا بارزا فى إطار منظمة المؤتمر الإسلامى الذى تأسس عام 1969 للتأكيد على أهمية حقوق الإنسان. ويمثل المؤتمر الوزارى لدول منظمة المؤتمر الإسلامى الذى عقد فى القاهرة فى أغسطس 1990 نقطة تحول جوهرية فى هذا الصدد إذ اعتمد ما أطلق عليه اعلان القاهرة حول حقوق الإنسان فى الإسلام والذى يعد علامة مضيئة فى تاريخ المنظمة. وفى إطار الانتماء الافريقى فإن مصر كانت رائدة فى الدفاع عن حق تقرير المصير وحق الشعوب فى الاستقلال والحرية واختيار نظمها السياسية والاقتصادية والاجتماعية وحق الشعوب فى السيطرة على مواردها الطبيعية.
كما كانت مصر سباقة كدولة عربية فى مجال نشأة منظمات حقوق الإنسان، وحاليا فإن فى مصر العدد الأكبر من هذه المنظمات مقارنة مع باقى الدول العربية.
ولكن هذه المنظمات لم تبلغ بعد درجة الفاعلية المطلوبة نظرا للاختلالات الداخلية بها والتى تعانيها الحركة العربية لحقوق الإنسان بشكل عام.

المصدر: أ. احمد منيسي - موسوعة الشباب السياسية http://acpss.ahram.org.eg/ahram/2001/1/1/YOUN73.HTM
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 116 مشاهدة
نشرت فى 13 أكتوبر 2011 بواسطة mowaten

ساحة النقاش

mowaten
يأتى الربيع العربى للثورات بمتطلبات ضرورية لعل من اهمها هو نشر التوعية السياسية بين المواطنين بوطننا العربى لارساء وتهيأة البيئة للعيش فى جو ديمقراطى طالما حلمنا به »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

272,818