مستشارك النفسى و الأسرى ( د. أحمد شلبى)

موقع للارشاد النفسى للمتميزين وذوي الإعاقة والعاديين

 

س1- لماذا تشعر بالهيبة وأنت تدخل مكة  المكرمة

ثم وأنت تنظر إلى الكعبة المشرفة؟

في تقديري أن هذه خاصية يضفيها الله عز وجل على المكان، أو يلقيها في قلب زائره

يشعر بها حتى من فقد بصره عندما يتجه بقلبه ويتطلع إلى الكعبة لأن الهيبة والمتعة محلهما القلب والنفس في الأساس.

ولعلك تذكر خاصية أخرى لهذا البلد الأمين وهذا البيت الكريم وهي الحماية والرعاية، وما زاليدوي في سمع الزمان قول عبد المطلب في حادثة الفيل (أما الأبل فهي لي وأما البيت فله رب يحميه).

ودعوة سيدنا إبراهيم (عليه السلام) (...ربي اجعل هذا البلد آمنا وارزق أهله من الثمرات من آمن منهم بالله واليوم الآخر) (البقرة:126).

وقد صدق أمير الشعراء شوقي وهو يقول:

على كل أفق بالحجاز ملائك    تزف تحايا الله والرحمات.

 

س2- ولماذا تحية البيت الحرام الطواف وليس صلاة ركعتين كبقية المساجد؟

من وجهة نظري أن هذا هو أكثر مناسبة لطبيعة الظرف والحالة النفسية التي يشعر بها الزائر للبيت،

-فقد أتى ملبيا للنداء وربما من مسافات بعيدة والاستجابة الطبيعية لذلك أن ينظر للكعبة ويطوف بالبيت.

-وقد أتى متشوقا والاستجابة المنطقية أيضا أن يطفء بعض الشوق بالتطلع إلى الكعبة وأن يملأ نظره وقلبه منها، وأن يطوف بالبيت.

-ثم هو قد أتى إلى بيت مختلف فمن المنطقي أيضا أن تكون التحية له مختلفة ومتفردة أيضا.

 

8- ثم لماذا في بداية الطواف تقبيل الحجر الأسعد أو لمسه باليد أو الإشارة إليه مع التكبير؟

كأني بالحجر الأسعد سجل للتشريفات يقوم الزائر للبيت الحرام بتسجيل حضوره عليه إما ببصمة الشفاة أو ببصمة اليد أوببصمة العين أو ببصمة الصوط

وهذا أمر ليس مستغربا اليوم مع تقدم الوسائل التكنولوجية وتعدد بصمات الإنسان وطرق التحكم عن بعد وموجات الأشعة الموجهة وغيرها وهو ما نعرفه محتى الأن وقد يكشف العلم عما هو أغرب من ذلك،

ومن اللافت للنظر أيضا حول هذا الموضوع  ما يخبرنا به النبي (ص) في هذا الحديث الشريف: ( يؤتى يوم القيامة بالحجر الأسود وله لسان دلق يشهد لمن يستلمه بالتوحيد ) ( البيهقي وغيره )

4- لاكن لماذا هذا الإحساس العجيب بالراحة في الطواف؟

هل لأن طواف الإنسان بالبيت فيه اتساق مع حركة الكون:

كما تدور الأكترونات في داخل الذرة حول النواة،

وكما يدور الطفل الصغير حول أمه عندما يحتاجها،

كذلك تطوف الكواكب حول نجومها وداخل مجراتها،

وأيضا تطوف الملائكة حول البيت المعمور،

فهل هذه الراحة منشؤها عودة الإنسان إلى فطرته واتساقه مع حركة الكون؟

أم لما يحدث في الطواف من تفريغ لانفعالات الإنسان وهمومه  حين يتجه إلى السماء بالدعاء إلى خالقه ومولاه؟

أم لشعور الإنسان بالانتماء إلى قافلة الإيمان التي تضم الآلاف بل الملايين من عباد الله الصالحين الذين هو

واحد منهم الآن والذين لا يكفون عن الطواف على مدى الأربعوالعشرين ساعة،

ومن العجيب أن البيت الحرام هو المكان الوحيد في العالم على مدى علمنا- الذي لا تنقطع فيه العبادة الإنسانية طوال النهار والليل

والذي ترتقي فيه المشاعر الإيسانية لتستعلي على الجنس واللون والمنصب والثروة، والجنسية والسن، فالكل أمام الله إنسان.

 

5- وما سر هذا البئر العجيب. (زمزم)

-فمن حيث الزمان كم استمر هذا البئر يضخ ماءه العذب؟ آلاف السنين، وعمر أي بئر في العادة؟ لا يتجاوز عشرات السنين فم السر؟

-ومن حيث المكان: فلأي مدى  تكفي مياه أي بئر للسقيا على مستوى الحيز المكاني؟ يستخدم ملايين الحجيج ماء زمزمويحملونه  إلىى شتى بقاع الأرض، وتصل ماؤه إلى الحرم المدنيفكم يكفي أي بئر عادي؟وما هو النطاق الذي يمكن أن يغطيه أي بئر للمياه الجوفية؟

-وإلى جانب طعمه المتميزفهناك خاصية متفردة يتميز بها  فماء زمزم يشرب بنية صاحبه كما يقول النبي (ص) ( ماء زمزم لما شرب له) ( قال الالباني رجاله رجال الصحيح )

ومرة أخرى يقول شوقي:

وزمزم تجري بين عينيك أعينا    من الكوثر المعسول منفجرات.

 

6-وفي السعي بين جبلي الصفى والمروى نحن نحاكي سلوك امرأى من أعظم نساء العالمين؟

نحاكيه لأنه يتبدى فيه صراع يعتمل داخل كل نفس بشرية: صراع بين قمتين: قمة عوامل الضعف الإنساني

فنحن أمام امرأة ما زالت تعاني آثار المخاض بعد ولادة رضيعها (ونحن نعلم مدى ما تكون عليه المرأة في هذه الفطرة من ضعف ووهن)تعيش بمفردها في صحراء قاحلة لا زرع فيها ولا ماء، ولا أحد تعتمد عليه أو حتى بشر أو جيران يؤنسون وحشتها ويخففون غربتها،

-وعلى القمة الأخرى نجد قوة الإرادة الإنسانية لامرأة تبحث عن الماء والري لوليدها تدعمها قوة في العقيدة وفي الثقة بالله عز وجل من امرأة تسأل زوجها وهو يرحل عنها ويتركها في هذه تلظروف الصعبة: (لمن تتركنا يا أبراهيم ) فيخبرها أنه تركهم في رعاية الله، فترد بمنطق الواثقة(إذن فلن يضيعنا)

وإذن فنحن نسعى بين جبلين وتتسارع داخل نفوسنا قمتان: عوامل الضعف الإنساني والحياتي، وقوة اعقيدة والإرادة الإنسانية

فإذا استعلت قوة الإرادة والعقيدة تفجر الخير في نفوسنا ينابيعَ كما تفجرت ينابيع الماء تحت أقدام  هذا الطفل الرضيع بعد أن تسلحت أمه بالإرادة وسلكت كل ما تملك من الأسباب، وكما استجاب الله دعاء سيدنا أبراهيم (عليه السلام) (ربنا إني أسكنت من ذريتي بوادٍ غير ذي زرع عند بيتك المحرم ربنا ليقيموا الصلاة فاجعل أفئدة من الناس تهوي إليهم وارزقهم من الثمرات لعلهم يشكرون) (أبراهيم: 37).

 

وهكذا تكون زيارة البيت الحرام عمرة للروح والقلب والنفس، وعودة بالإنسان إلى فطرته، واتساق مع حركة الكون ومشاركة للملايين من عباد الله الصالحين من طائفين والعاكفين والركع السجود، وارتواء للجسد والنفس من ماء زمزم وعودة إلى الجزور لاستلهام العبر والدروس، ولتبدء صفحة نرجو الله أن تكون أكثر بهجة وإشراقا:

 

هذه بعض الخواطر والتساؤلات أجبنا على بعضها من وجهة نظرنا وقد يكون لديك إجابات أخرة وخواطر وتساؤلات أخرة

فعندما ينزل الإنسان في بحر الإيمان والحياة يأخذ كل منها حسب سعة دلوه (قلبه) فإن كان لديك تأملات أو خواطر أو تساؤلات فمرحبا بك وبها معنا في ساحة النقاش ولا شك سيكون فيها إضافة وإثراء : ونسأل الله التوفيق.

 

بقلم: د. أحمد مصطفى شلبي

Email : [email protected]

 

mostsharkalnafsi

بقلم د. أحمد مصطفى شلبي [email protected]

  • Currently 41/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
13 تصويتات / 567 مشاهدة
نشرت فى 16 يونيو 2011 بواسطة mostsharkalnafsi

ساحة النقاش

د.أحمد مصطفى شلبي

mostsharkalnafsi
• حصل علي الماجستير من قسم الصحة النفسية بكلية التربية جامعة عين شمس في مجال الإرشاد الأسري والنمو الإنساني ثم على دكتوراه الفلسفة في التربية تخصص صحة نفسية في مجال الإرشاد و التوجيه النفسي و تعديل السلوك . • عمل محاضراً بكلية التربية النوعية و المعهد العالي للخدمة الاجتماعية . »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

368,290