<!--

<!--<!--

البيان

وهذا باب انفرد به الجمهور عن الحنفية ويسمونه البيان لأنه ضد الأجمال  .        

أكثر ما يذكر عند الأصوليين الذين كتبوا على غير طريقة الحنفية ويذكرون دائماً مصطلحهم : المبيَِّن والمبيَّن .وله تعريفات كثيرة وإن كانت مختلفة ولكنها متكاملة.

فالتكامل: عندما ينظر إلى جانب الموضوع ويجعله الركيزة الأساسية للموضوع .

وأحسن تعريف للبيان: (هو انتقال ما في نفس المتكلم إلى نفس المخاطب بواسطة الدليل) .

فمعناه أن البيان عملية ترتكز على ثلاثة أسس:

الأصوليين في استعمالهم إلى كلمة البيان تارة يطلقون البيان على الدليل نفسه ويقولون هذا بيان من الشارع ، وتارة يطلقونه على فعل المبين ، و أحياناً يطلقونه على العلم الذي حصل منه الدليل .

فالأسس هي أن تقوم على شيء في نفس المتكلم ويريد نقله إلى طرف آخر، فلابد من وجد طرفين المتكلم والمتلقي ، ولابد لهم من العلم بعد الانتقال عن طريق واسطة وهو الدليل .

أركان البيان :

1-فعل المبين ؛ أي خطاب المتكلم .

2-العلم الحاصل لدى المخاطب.

3- الدليل الذي انتقل به البيان ، أي الواسطة التي كانت لنقل ما في نفس المتكلم لنفس المخاطب .

وجمهور الأصوليين يركزون في تعريف البيان على الدليل الشرعي، ولكن الدليل ليس العنصر الوحيد في البيان.

س : كيف انتقلت إلينا إرادات الشارع ؟  ج : عن طريق الدليل .

المبيَّن: هو اسم مفعول من الفعل بين، وهو الموضح والمفَّسر .

والأصوليون يطلقونه على أمرين :

1-الخطاب المبتدأ المستغني عن الإيضاح إما لأمر راجع إلى اللغة أو العقل . أي أنه قد يصدر الكلام من المتكلم ويكون بيناً لا يحتاج إلى أي إضافة أو إيضاح أو تعليق أو شرح. (الواضح بنفسه) .

ويضربون على ذلك مثالاً: إذا قلنا إن الله على كل شيء عليم ، فهنا بين من أصل الخطاب وابتدائه وهذا راجع إلى أصل اللغة فهو واضح فيها .

وهناك مثال لما رجع بيانه إلى العقل: قوله تعالى : "واسأل القرية" فعقلاً : يتضح أن المسؤول هم أهل القرية لأنه لا يمكن سؤال القرية، فهنا لجأنا للعقل لا لظاهر اللغة .

2-ما يتوقف فهم المعنى المراد منه على انضمام غيره إليه، ويسمى (الواضح بغيره).

المبيِّن: اسم فاعل من الفعل بين وهو الموضِّح، وتعريفه عند الأصوليين: ( الدليل الذي انضم إلى غيره فزاده وضوحا أو رفع مافيه من اجمال) .

 وقيل :(الدليل الشرعي الذي لحق غيره من الأدلة فأطهر معناها )

ويذكر الأصوليين في باب البيان أقسامه وهي :

1-أكثرها شيوعاً : البيان بالقول .

2-البيان بالفعل كأفعاله r قد كان لها دور كبير في بيان الشريعة .

فقد قال r صلوا كما رأيتموني أصلي .

والأعرابي: الذي سأل عن مواعيد الصلاة فقال r : أشهد معنا الصلاة فصلى في أول الوقت في اليوم الأول وفي آخر الوقت في اليوم الثاني وقال الوقت بين هذين.

3-البيان بالكتابة ، فقد ثبت عنه r أنه كاتب الملوك للدعوة وكذلك كتب إلى عماله، وكتابه إلى أهل اليمن، وكتابه إلى عمرو بن حزم وكتابه إلى أهل اليمن، بين لهم الفرائض والزكاة وهو من أشهر الكتب .

4-البيان بالإشارة ، مثل الحديث أنه r : قال : "أنا وكافل اليتيم في الجنة  كهاتين" فنقل مع الحديث الاشارة بالسبابة والوسطى، ولو لم ينقل لما اكتمل البيان .

5-البيان بترك الفعل : فالترك المجرد من القرائن يدل على عدم الوجوب ، وليس كل ما تركه r  يعد محرماً، فقد يأمر r بشيء ثم يتركه ، فينتقل من الوجوب إلى الندب .

مثالها: أنه r لما ترك التشهد الأوسط في الصلاة ولم يرجع إليه، دل على أن التشهد الأوسط ليس ركناً من أركان الصلاة .

6-البيان بالسكوت : كسكوته r عن أمر رآه أو نقل إليه أو شاع في عصره، فيعتبر بياناً لأنه r لا يمكن أن يسكت على محرم ، أو أمر مكروه.

والقاعدة لا ينسب إلى ساكت قول ، ولكن السكوت في معرض الحاجة إلى بيان بيان فسكوت عن حاجة أو قول أو اجتهاد من صحابي يعتبر بياناً .

وكثير من المعاملات الشرعية ليس لها دليل سوى أنها كانت معلومة في عهده  r لم ينكرها، وقد أنكر بعض البيوع التي يرى حرمتها .

ويناقش الأصوليون مسألة : هل يجوز أن يكون المبيِّن أدنى رتبه من المبيَّن؟ من حيث الثبوت أو أن يكون أعلى أو مساوي . المقصود بالقوة قوة الثبوت، لأنه هناك قطعي وظني  .

هل خبر الأحاد يجوز أن يبين المتواتر .

وتنحصر المسألة في ثلاث صور:

المبيَّن                                                   المبيِّن

1- قطعي الثبوت.                                     قطعي الثبوت.

مثلاً: كلاهما آية ... يجوز هذا باتفاق الفقهاء .

2-ظني                                                 ظني

أي كلاهما حديث آحاد ، باتفاق الفقهاء ... جائز .

3-ظني                                                 قطعي

ليس فيه خلاف .

4-قطعي                                               ظني

وهذه محل خلاف بين الفقهاء ..

وهو على قولين:

1-الجمهور: يجوز البيان بالأدنى، أي بيان القطعي بالظني مطلقاً.

وذلك لأمرين:

أ-أن المبيِّن وإن كان أدنى في درجة الثبوت، إلا أنه مقدم من حيث الوضوح والدلالة على المراد فاستويا.

ب-أن المبيِّن الأدنى دليل شرعي يجب العمل به ولذا كان الأخذ به إعمال وهذا أولى من إهمال أحدهما .

2-ينسب إلى الحنفية: قالوا : نميز بين نوعين من البيان : 1- بيان التفسير (بيان الالفاظ المجملة)  2- بيان التغيير مثل : تخصيص العام.

ففي ببيان التفسير لا مانع أن يكون المبيِّن أدني رتبه من المبيَّن ودليلهم نفس أدلة الفريق الأول . أما بيان التغيير (تخصيص العام) فهنا لا يجوز أن يكون المبيِّن أدني رتبه من المبيَّن.

فلا يجوز عندهم تخصيص عام الكتاب والسنة بغير الآحاد، ودليلهم:

أن البيان بالأدنى فيه عمل بالمرجوح وترك للراجح وذلك خلاف ما يقتضيه العقل .

وأجاب الجمهور: أن العمل بالأدنى (الخاص) ليس فيه عمل بالمرجوح وترك الراجح ، بل فيه عمل بالخاص فيما يقتضيه، وعمل بالعام فيما يقتضيه بعد التخصيص، وهذا إعمال للدليلين وهو أولي من ترك أحدهما.

الأمثلة :

1-قوله تعالى : (( إن الصلاة كانت على المؤمنين كتاباً موقوتا )).

فالآية من القران وهو قطعي الثبوت ، ولفظ الصلاة عامة ب(أل) فتشمل جميع الصلوات المفروضات في جميع الأحوال ( سفر – حضر –و ......) ودلالاتهما ظنية . فالصلاة تكون في وقتها ، بصرف النظر عن الحال وعندنا حديث ( الجمع بين الصلاتين في حال السفر مثلا ) وهو ظني الثبوت لكنه قطعي الدلالة ، فنعمل بالحديث ( الظني) في تخصيصه (الايه) فالمبيِّن هنا أدنى رتبة من المبيَّن، فيعمل بالدليل القطعي في سائر الحال ويعمل بالتخصيص في أحوالها الخاصة كـ ( المرض – السفر – المطر-..... ).

و الحنفية لا يجيزون الجمع بين الصلاتين لا في سفر ولا في مرض ولا جمع عندهم إلا في الحج فقط بناء على رأيهم في عدم جواز البيان بالأضعف.

وقد أولوا الأحاديث بأن الجمع الوارد عنه r هو الجمع الصوري وهو مثلاً أن يصلي الظهر قبل دخول وقت العصر ثم يصلي العصر ، والفارق بين الصلاتين بسيط فهو في الظاهر جمع ، وفي الحقيقة صلى كل صلاة في وقتها . فالأحاديث لم يأخذوها على ظاهرها لأنهم يرون أنه تصادم مع ظاهر الكتاب. ورد عليهم الجمهور أن الفصل الأول نعمل به في الأوقات المعتادة فإذا جاء الوقت الخاص كالسفر فإنا نعمل بالجمع، وهنا إعمال الدليلين .

والجمهور يقولون لا يجوز نسخ الكتاب بسنة الآحاد، فهنا ليست قضية نسخ وإنما استثناء يعمل به في وقته ومن لم يشمله النص الخاص فيبقى على عمومه .

وعند التطبيق العملي للحنفية لا يجوز تخصيص القرآن بالآحاد في مسائل مخصصة، وإلا البقية فيتوافقون فيها مع الجمهور فيقولون الدليل العام القطعي إن خصص بقطعي انتقل للظني فيجوز تخصيصه بالظني .

مسألة: تأخير البيان – لها ثلاث فروع:

1-تأخير البيان عن وقت الحاجة: ( لايجوز عند العلماء) يعني هل يجوز أن يخاطب الشارع بلفظ مجمل ويأتي وقت الحاجة ولا يبينه .مثل حجوا هذا العام ثم يأتي الحج ولا يبين تفاصيل الحج .

باتفاق الأصوليين أنه لم يقع في الشرع؛ والأدلة:-

 أ-لأنه تكليف بما لا يُطاق حيث أنه لا قدره للمكلف على الامتثال مع عدم البيان في مثل هذه الحالة.

ب-البيان ضرورة من ضرورات الامتثال وعدم البيان يعود على الامتثال بالتعذر .

ج- البيان ضرورة بمثابة الشرط ، وتأخير البيان يعود عليه بالمنع .

2- تأخير البيان عن وقت الخطاب إلى وقت الحاجة: (محل خلاف)

وقت الحاجة أي وجوب العمل وتطبيق الأمر .

فصورتها : هل يجوز أن يقول الشارع في محرم حجّوا ولم يوضح الحج إلا قبل شهر أو شهرين، وهذه مسألة خلافية:

1-الجمهور: يجوز تأخير البيان عن وقت الخطاب إلى وقت الحاجة .

وهذا للأدلة التالية:

أ-الدليل الشرعي وهو قول الله تعالى : ((فإذا قرأناه فاتبع قراءنه ، ثم إن علينا بيانه ))، فهنا الاستدلال بأن: "ثم" تدل على التعقيب والتراخي، فكأن الله تعالى ينزل الأمر ويؤخر بيانه لوقت الحاجة.

ب- الجواز العقلي حيث لا يترتب على التأخير أي ضرر وغاية الأمر: جهل المكلف بما كلف به مدة من الزمن ثم علمه به .

جـ- الوقوع الفعلي فالأحكام الشرعية لم تأت جملة واحدة وإنما جاءت منجمة على سنوات متعددة.أي كثيراً من مجملات الشرع تأخر بيانها إلى وقت الحاجة وذلك بالتتبع فالقران نزل فيها على 23سنة، وهذا الحال ينزل الحكم ثم يقوم صلى الله عليه وسلم بالبيان .

كقوله تعالى : (( والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء ))وقد نزلت أولاً، ثم نزل قوله تعالى: (( وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن )) .

القول الثاني: لا يجوز تأخير البيان من وقت الخطاب إلى وقت الحاجة وهو قول الحنفية والظاهرية وبعض الأصوليين من المذاهب الأخرى .

وجوهره : أن البيان يأتي كاملاً من أول مرة ببيانه ، فعندما يأتي حديث في مسألة فكل ما يتعلق بهذه المسألة فهو في هذا الحديث .

ومن هنا ابن حزم لا ينظر إلى القرائن الأخرى عند ورود الدليل أمامه.

أدلتهم:

أ-أن المراد بالخطاب : تفهيم السامع للمطلوب لكي يعمل وتأخير البيان خطاب بما لا يفهم، والخطاب بما لا يفهم لا فائدة فيه وكلام الشرع منزه عن ذلك.

وجوابه: هذا لا يسلم بل الخطاب بالمجمل فيه فوائد منها:

1- معرفة المكلف أن هناك أمراً أو نهياً من الشارع في هذا الموضوع أو ذاك ، فمن عزم على الامتثال أجر ، ومن عزم على العصيان أثم: ومثاله : قوله تعالى : (( و أتو حقه يوم حصاده )) و"حقه" هنا مجمل على اصطلاح الحنفية فالفريق الأول يقول أن هنا فائدة أنه يلفت انتباه المكلف لفرض الشارع في الزرع والثمر ، وهنا من حكمة التشريع في التدرج في البيان فمن يعزم على الفعل يكون مأجورا ، ومن قال أنها جزية أثم، مع أنه لم تأت المطالبة بالفعل بعد.

الأمر الآخر : أن اللفظ إذا كان مجملاً من جهته فهو مفصل من جهة أخرى فهي مجملة في بيان كمية الحق، ولكنها مفصلة في وقت الوجوب وهو حصاد الثمار .

والمجملة ، تأتي مجملة من جميع الوجوه وإنما من وجه دون وجه، فالقول بأنه لا فائدة منه مطلقاً، قول مردود غير صحيح .

2- أن فيه تهيئة للنفوس على الامتثال .

3- ما من لفظ مجمل الا وفيه فائدة وبيان من وجه أخر وتحفيز له.

ب-بالقياس: الخطاب بالمجمل مثل مخاطبة الأعجمي باللغة العربية حيث لا تحصل الفائدة للسامع .

والجواب: أنه قياس مع الفارق فالأعجمي لا يفهم من العربي لا قليلاً ولا كثيراً أما الخطاب المجمل لا يخلو من فائدة.

ثمرة الخلاف:

تظهر في مسألة أصولية أخرى : وهي هل يجوز تخصيص القطعي المتقدم بالظني المتأخر؟  بناءً على القول الأول يجوز، وبناء على القول الثاني لا يجوز .يعني هل يجوز تخصيص القطعي بالظني ، فهل نأخذ العام على عمومه والإطلاق على إطلاقه الجمهور قالوا نبحث عن مخصص أو مقيد، الرأي الثاني يقولون البيان نزل وهذا هو كل البيان .

المسألة الأخيرة

3- هل يجوز للنبي r تأخير تبليغ الأحكام من وقت نزولها إلى وقت الحاجة إليها ؟

هناك خلاف وهو مبني على الخلاف في المسألة السابقة :

القول الأول :الجمهور يجوز تأخير الأحكام إلى وقت الحاجة بناء على الأدلة في المسألة السابقة .

القول الثاني :لا يجوز تأخير البيان واستدلوا بدليل آخر هو قوله تعالي : (( يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك )) بلغ" أمر وهو يفيد الفور.

الجواب: أن هذا هو الأصل أي الأمر للفور ولكن هناك قرينة صرفت الأمر من الفور إلى التراخي ، وهذه القرينة هي أمر عقلي وهو أن التأخر لا يترتب عليه محظور.

طائفة ثالثة : فرقوا بين تبليغ القرآن وتبليغ غيره .

فهو r يوحى إليه باللفظ والمعنى: "القرآن" فلا يؤخره وهو ما تصدق عليه الآية . ويوحى إليه بالمعني (السنة) فهذا يؤخر لوقت الحاجة .

وهذا التفريق غير وجيه لأنها كلها منزلة من عند الله تعالى فلا وجه للتفريق بينهما .

قال القضاة : والخلاف في جميع الفروع  لفظي لا يترتب عليه أثر في الأحكام وفي واقع الأمر بعد التتبع للسيرة أنه لم يكن r يؤخر التبليغ و البينات .

 

طرق دلالات الألفاظ على الأحكام :

هذا المبحث يذكره الأصوليين من أجل غايته :  (لسببين )

1-معرفة الطرق التي يستفاد منها الحكم، مما يؤدي إلى استخراج جميع الأحكام التي دل عليها النص الشرعي . ومثاله-الإمام الشافعي قد استخرج من قوله r : ما فعل النغير يا أبا عمير.، أكثر من أربعين حكماً.

فبقدر معرفة هذه الطرق بقدرما تستخرج المعاني من النصوص الشرعية وفق المراد الشرعي.

2- أن معرفة هذه الطرق هي التي تمنع المجتهد من استخراج حكم لم يتطرق إليه النص .

ولدينا في هذه المسألة منهجان :

الحنفية                                                       الجمهور( تقسيم ابن الحاجب)

يعنون له بدلالة النص الشرعي                  عنوانه عندهم : دلالة اللفظ على المعنى

على الحكم فهذه الدلالة إما أن                        المنطوق :

تكون:                                                  أ-الصريح:

1-ما يستفاد من اللفظ ذاته:                  ب-غير الصريح ويقسم إلى:

أ-عبارة النص-ب/إشارة النص                 1-دلالة الإشارة

2-مالا يستفاد من اللفظ ذاته أو                       2- دلالة الإيماء "التنبيه"

ما يستفاد من غير ذات اللفظ                  3-دلالة الاقتضاء .

أ-دلالة النص ومفهومه من النص                       المفهوم :

لغة.                                            1- موافقة                     2- مخالفة

ب-دلالة الاقتضاء مفهومه من                         وهذا التقسيم اعتمده الأصوليبين

النص شرعاً                                     من ابن الحاجب ومن بعده من الأصوليين

فالعبارة مقصودة ابتداء والإشارة

غير مقصودة ابتداء .

عبارة النص يقابلها المنطوق الصريح عند الجمهور.

إشارة النص يقابلها دلالة  الإشارة  عند الجمهور .

دلالة النص يطابقها مفهوم الموافقة عند الجمهور.

دلالة الاقتضاء  يقابلها دلالة الاقتضاء عند الجمهور.

وأما التنبيه يقابله دلالة العبارة  .

أما مفهوم المخالفة فهم لا يعتبرونه، ويقولون هو من الاعتبارات المفسدة غير صحيحة .

سنسير على التقسيم الذي ارتضاه الجمهور ونشير إلى الحنفية :

أولا : ما يلاحظ على كلام الجمهور :

أنهم عنونوا بعنوان مختلف عن الحنفية:

فالجمهور دائما يعنون بالتفصيل فهذه القاعدة لجميع الألفاظ سواء نصاً شرعياً أو غيره كاللغه ، أما الحنفية يتوجهون مباشرة إلى (المراد) وهو تفسير كلام الله تعالى وكلام رسوله .

معني الدلالة عموماً:

مصدر من دل يدل دلالة مثلثة أي بالفتح والضم والكسر، وكلها صحيحة وهي العلامة .

واصطلاحاً: هي كون الشيء بحالة يلزم من العلم به العلم بشيء آخر .

وتقسم الدلالة بمعناها (العام الواسع) إلى قسمين:

1-لفظية :

أي يرجع فيها إلى ما يتلفظه الإنسان واللفظ هو : صوت معتمد على بعض مخارج الحروف والدلالة : لما يتلفظ به الإنسان تختلف باختلاف الرابط فقد يكون : عقلي – طبيعي – وضعي (التخصيص) .

2-غير لفظية :

ليس بلفظ وإنما يستفاد من أمر آخر : عقلي – طبيعي – وضعي .

أمثلة على الدلالة اللفظية :

1-الدلالة اللفظية العقلية : دلالة الصوت على الحياة.

2-الدلالة اللفظية الطبيعية: كما لو سمعت إنسانا يتأوه فيدل على أنه يتألم.

3-الدلالة اللفظية الوضعية: وهي متعلقة بما نحن فيه، وهذا عامة كلام البشر، فقد وضعوا ألفاظاً خاصة لمعاني خاصة .

فمعناه أن تخصص ألفاظا معينة : على أشياء معينة .

وهنا يذكر الأصوليون مسألة من وضع هذه المعاني :

1-هل هي توقيفية : تستفاد من قوله تعالى: ((وعلم أدم الأسماء كلها ))..

2-أم أنها وضعية : بوضع البشر .

ومن أعدل الأقوال أنه يجوز فيها الأمران فيجوز أن يكون بعض اللغات وضعية وفي نواحي توقيفية. وبعض الأصوليين يذهب إلى رأي في قوله تعالي ((وعلم أدم الأسماء كلها )).

 

أي أنه قد وضع فيه ميزة على القدرة على تسمية الأشياء وهذه القدرة غير موجودة عند غيرهم .

أمثلة على الدلالة غير اللفظية :

1-الدلالة غير اللفظية العقلية: مثل طول الثوب دليل على طول صاحبه، والدخان على النار.

2-الدلالة غير اللفظية الطبيعية: مثل صفرة الوجه تحمل على المرض والحمرة تدل على الخجل

3-الدلالة غير اللفظية الوضعية: فما اصطلح عليه وخصص بين الناس اصطلاحاً بينهم كمن وجد إشارة فهي تدل على منع الوقوف والانتظار فهي أدلة على ما اصطلحوا عليه . والخرائط ، وكرموز الكتابة . قال القضاة وذكرت هذه لأن الجمهور يعنون بتأصيل أي شيء يستخرجونه .

الوضع :هو تخصيص شيء بشيء آخر متى أطلق الشيء الأول فهم منه الشيء الثاني .

أما الدلالة اللفظية الوضعية هي: كون اللفظ بحيث إذا أرسل (تكلم به) فهم المعنى؛ للعلم بوضعه .

وهذا أقرب للشرح من التعريف ، (وقد نقول هو كون اللفظ إذا أرسل فهم للعلم به).

وتعتبر الدلالة اللفظية الوضعية الأهم  لأمرين :

1-لأنها الأكثر انضباطا( لاتكاد تختلف عن مدلولها) متى ماصدرت من العاقل بشروطه.

2-الأكثر شمولا .

اللفظ : صوت معتمد على بعض مخارج الحروف .

القول ؛ لفظ وضع لمعنى ذهني .

الأعم هو اللفظ لأنه صوت فكل صوت يخرج يسمى لفظ ، أما القول فكل ما يخرج وله معنى.

دلالة اللفظ عند الجمهور :

النوع الأول : دلالة المنطوق :.

المنطوق هو : دلالة اللفظ على حكم ذكر في الكلام ونطق به، مطابقة أو تضامناً أو التزاماً .

وقيل : ما دل عليه اللفظ في محل النطق، والمفترض لم يذكر (ونطق به) وقد جرنا إلى تصرفات أخرى .

دلالة  المطابقة :دلالة  اللفظ على تمام المعني الذي وضع له .( منطوق صريح)

دلالة التضمن: دلالة  اللفظ على جزء المعنى الذي وضع له . ( منطوق صريح)

دلالة الالتزام: دلالة  اللفظ على أمر خارج عن معناه ولكنه لازم له لزوماً عقلياً . (منطوق غير صريح)

المطابقة مثل: لو استعمل لفظ الإنسان على معنييه( الحياة )و(النطق) أما إذا استعمله على أحد معنييه النطق أو الحياة فهنا تضمن إما الالتزام مثل : إطلاق الأسد ، ويقصد من وراءها الدلالة على الشجاعة وهو لازم عقلي .

فهي ذكر اللفظ ويلزم منه أمر تابع له ليس من جهة اللغة .

تطبيق في الأمور الشرعية:

1-قوله تعالى : (( محمد رسول الله))  فهنا دلت على معنى لا يراد غيره. وهنا تنطبق عليه جميع صفات الرسالة .

2-قوله تعالى : (( كنتم خير امة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر)) فهنا تضمنت الأمر بالحسبة . لأنها نوع من أنواع الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر .

3-وكذلك تحريم البنات وتحريم الحفيدات بأية أخرى(حرمت عليكم أمهاتكم وبناتكم .....)بناتكم تتضمن الحفيدة، فهنا متضمن بنفس دلالة اللغة.

4- لو سأل إنسان من أهل الرياض أراد الحج فيلزمه عقلاً وشرعا السير إلى الميقات (السيل الكبير) ومنه القاعدة الفقهية مالا يتم الواجب إلا به فهو واجب .

وما كان من باب المطابقة فهو من باب المنطوق الصريح. أما ما كان من باب الالتزام فهو من باب المنطوق غير الصريح .

 

تعريف المنطوق الصريح:

-هو دلالة اللفظ على الحكم بطريق المطابقة أو التضمن إذ إن اللفظ قد وضع له . الدليل ( جميع الأمثلة في الألفاظ الواضحة تعتبر من المنطوق الصريح ) .

-وبناءً على هذا فكل المعاني المستفادة من النص أو الظاهر فهي من باب المنطوق الصريح.

-وهناك من العلماء من اعتبر أن الكلمة إذا استخدمت في معناها المجازي فهو من المنطوق الصريح .  لان المعنى المجازي يتع

المصدر: اصول الفقه البرهان المستصفى المنار التقرير والتحبير
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 10288 مشاهدة
نشرت فى 30 إبريل 2015 بواسطة moma2015

ملتقى اصول الفقه

moma2015
»

أقسام الموقع

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

55,788