تعاون معنا في حملة : خليك ايجابي
حلقات يومية : الحلقة الثالثة
لماذا نريد الايجابية المؤثرة ؟
1ـ الايجابية غذاء طاقة الخير
الإنسان تحركة طاقة داخلية ، هى التى تدفعه نحو الحزن أو الضيق ، كما هى أيضا التى تدفعه نحو الفرح والاطمئنان ، وفى حياتنا نستشعر هذه الطاقة فى يومنا ، فالشعور بالحزن نحس به عندما نسير فى جنازة ، وبالعكس نشعر بالفرح - وإن كنا فى ضيق - عند التواجد فى حفل زواج أو عند التهنئة بمولود ، وكذلك نشعر بالاطمئنان , عند الذهاب إلى المسجد أو الصلاة أو ترديد الآذان .
فمن أين مشاعر الراحة والسعادة والفرحة أو الكآبة والحزن والضيق ؟!
اتفق العلماء حديثًا على تسمية مثل هذه المشاعر بالطاقة الداخلية ، وهى معنا فى كل مكان ، ويتأثر أحدنا بطاقة المكان الموجود فيه ، كما رأينا حزنًا أو فرحًا ، أو حتى بالشخص الذى يقابله حبًا أو كرهًا ، ففى حال الحب لأحد تحبه , تعلوك الابتسامة وتغمرك السعادة بمجرد رؤيته ، وهذه الطاقة تأتى بشكل طبيعى وفورى فى حياة المحبين , مثل الأصدقاء والأزواج والآباء والأبناء .
وفى كل عضو من أعضاء الإنسان طاقة دافعة مثل : الكف والعين والقلب والحنجرة والجبين والقدمين وأعلى الرأس ، ولتقوية طاقة هذه المراكز ، يأتى التفكير الايجابى فى المقدمة ، فكلما كانت الاستقامة فى الحياة ، انطلقت الطاقات الهائلة ، ولذلك حينما جاء الرجل يسأل النبى صلى الله عليه وسلم : قل لى فى الاسلام قولاً لا أسأل أحدًا غيرك ، قال صلى الله عليه وسلم : [ قل آمنت بالله ثم استقم ] رواه مسلم فى صحيحه .
فالإيمان يحيى القلب ، يقول تعالى : { أو من كان ميتًا فأحيناه وجعلنا له نورًا يمشى به فى الناس كمن مثله فى الظلمات ليس بخارج منها } الأنعام : 122 .
والاستقامة تحيى كل هذه المراكز ، فتمنح صاحبها طاقة للخير وفعله ، ليس على مستوى الفرد فقط ، ولكن على كل مَن حوله ، يقول تعالى : { وأن لو استقاموا على الطريقة لأسقيناهم ماءً غدقاً ] الجن : 16 .
2ـ السلبية غذاء طاقة الشر
هذه الطاقة الطبيعية فى الانسان لو أهملت أصبح الإنسان معول هدم للأمة كلها ، كيف ذلك ؟ وكيف تكون السلبية غذاء طاقة الشر هذه ؟ .
لقد أطلق بعض المتخصصين على الطاقة الطبيعية فى الانسان ( الطاقة المحايدة ) ، فكما أن الماء إذا وجهته لرى الأرض نفعها ، وإذا وجهته لإغراق الزرع أهلكه ، كذلك الطاقة الداخلية فى كلٍ منا ، تصلح أن تستخدمها للخير كما تصلح هى ذاتها أن تستخدمها فى الشر .
والذى يتغير فى الحالتين ليست الطاقة ، وإنما توجيهها واستخدامها ، أما هى فثابتة فى الحالتين ، يقول تعالى : { قد أفلح من زكاها وقد خاب من دساها } الشمس : 9ـ 10، وهذه هى التربية ، التى توجه الاختيار الايجابى الذى يطلق طاقات الخير ، أو الاختيار السلبى الذى يطلق طاقات الشر ، يقول تعالى :
{ ونفس وما سواها ، فألهمها فجورها وتقواها }الشمس : 7ـ 8 .
فأوجب الاسلام تزكية النفس ، وجعل أساس هذه التزكية هو التهذيب لا الكبت ، هو إطلاق هذه الطاقات لنفع الإنسان .
وهذه خطوات عملية لطرد طاقات الشر بالتوجيه الايجابى للطاقات الطبيعية :
1ـ الايمان بالله والتوكل عليه.
2ـ آداء العبادات والطاعات .
3ـ التواجد عند الكعبة والمسجد الحرام .
4ـ البعد عن المحرمات والغضب .
5ـ البعد العصبية والغفلة والخوف .
6ـ البعد عن الحسد والحقد .
7ـ البعد التشاؤم واليأس .
8ـ الابتسامة تعطيك طاقة وحيوية .
9ـ البعد عن الظلام فطاقته سلبية .
10ـ الاستفادة بطاقة الكون قبل الغروب وبعد الفجر .
11ـ الرضا والتسليم والتأمل فى كون الله .
12ـ التناغم مع كون الله ( الماء والخضرة والزهور )
13ـ الحب ونفع الغير يمتص الطاقات السلبية .
وكلما قويت السلبية لدى الإنسان ، ضعفت الطاقات الايجابية ، وقلت مناعته ، فيصاب بالتوتر والخوف والعصبية ، والوقوع فى الغضب ، وكثرة الكذب ، ويصيبه الحسد ، ولا يوفق فى سائر يومه.
فانتبه لأن مشاعرك السلبية ، تمتص طاقة جسمك الايجابية ، وتقلل من جهاز المناعة دون أن تدرى حسب ما ثبت علميًا .
فالحزن لا يجدى وهو هدر للطاقة ، وكذلك باقى الصفات الذميمة كالغيبة والكذب والحسد والحقد والبغى ، وتبدأ الأمراض الجسدية غالبًا بعد هدر هذه الطاقة .
فمن أراد سر القوة ، أى الاحتفاظ بقوة طاقته الداخلية ، فعليه بما هو مدون بالحكمة : ( من خرج من بيته متوضئًا كأنه خرج مشاهرًا سيفه فى وجه الناس ) فمن إذن سيجرؤ عليكم وأنتم تشهرون سيفًا ؟ فالقوة فى الوضوء والصلاة والقرآن ، وبهذه الطاقة انتصر الأولون .
3ـ بالايجابية نبنى أمتنا
فحاجة الأمة إلى جهود أبنائها رجالاً ونساءً ، لتكوين أمة قوية ، أصبحت اليوم حاجة ماسة ، ولذلك فحق الأمة على أبنائها :
1ـ أن تكون الأمة حاضرة فى أذهانهم وعقولهم أنّى كانوا .
2ـ أن يستشعر أبناء الأمة مسئوليتهم كاملة فى تحقيق ذلك .
3ـ أن يحققوا معنى الانتماء إلى الأمة الواحدة يقول تعالى :
{ إن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاعبدون } الأنبياء : 92 .
4ـ أن يبتعدوا عن كل ما يؤدى للفرقة والتنازع , يقول تعالى :
{ ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم } الأنفال : 46 .
5ـ أن يتحابوا ويتراحموا ويتواصلوا ، يقول صلى الله عليه وسلم :
[ مثل المؤمنين فى توادهم وتراحمهم كمثل الجسد الواحد , إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر ] متفق عليه .
6ـ أن يعطوا للأمة كل كفاءة وقدرة لديهم , خاصة فى عالم تكالب علينا من كل جانب , يريد إضعافنا .
وهذا الحق على أبناء الأمة ليس جديدًا عليهم ، بل هو ما قامت به الأمة على يد الايجابيين من أبنائها ، حينما حوّلوا الأفكار والقيم والمفاهيم إلى ممارسات وسلوكات فى الواقع ، ومن ثم تمسكوا بمنهج الاسلام الذى يدعوهم إلى العمل الدنيوى فى إعمار الحياة على كافة جوانبها ، متوازيًا مع العمل الأخروى فى إعمار الآخرة ، والسعى للفوز بالجنة .
فما بقى أمام أبناء الأمة إلا النهج الايجابي في علاقتهم مع الكون , بدءاً من أنفسهم وتزكيتها , إلى العلاقة مع المجتمع والدولة والعالم أجمع .
يقول تعالى : { من عمل صالحًا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون } النحل : 97 .
وما أروع قول ابن الجوزى وهو ينصح ابنه الشاب قائلاً له :
( واعلم يا بنى أن الأيام تبسط ساعات ، والساعات تبسط أنفاسًا ، ولكل نفس خزانة , فاحذر أن تذهب نفسًا فى غير شيء , فترى يوم القيامة خزانة فارغة فتندم ) .
وهناك عدة قواعد اتفق عليها المؤرخون لنهضة الأمم أو انهيارها ترسم لأبناء الأمة طريق بنائها :
ساحة النقاش