ليست الهجرة مرة في العمر , وليست الهجرة من مكان إلى آخر , بل هي هجرة في كل لحظة , مادامت إلى الله , فهي استمساك بالدين , ودعوة إلى الله , والتزام بالأخلاق , ومواجهة للفتن , وتحقق بالإيمان وتحصن بالتقوى , فليكن شعار مرحلتنا اليوم :
( إني مهاجر إلى الله )
فهل نحن قادرون على ترك السيئات ؟ ومفارقة المعيقات ؟ والخروج من المثبطات ؟ , ما كانت كلمة الهجرة ترد في القرآن أكثر من عشرين مرة , إلا لحكمة أراد الله منا , أن نفهمها , ونتدبرها , وننفذها , فهي مخرجنا اليوم مما يحاصرنا من صعاب وأزمات .
حيث نعلن :
رفضنا لغير التمسك بديننا منهجاً للحياة , ولو تعاظمت الأقاويل , وكثر العصاة , فقول الله الصريح : ( واصبر على ما يقولون , واهجرهم هجراً جميلاً ) , ولو تناثرت العادات وتفاقمت الأخلاق السيئة , وانتشرت المعاصي وتقابحت الذنوب , فنداء الله القريب : ( والرجز فاهجر ) , ولو تخبطت بنا المواقف , وادلهمت بنا الحوادث , فصوت القرآن يطمئن القلوب : ( ومن يخرج من بيته مهاجراً , ثم يدركه الموت , فقد وقع أجره على الله ( النساء 100 .
ففي الهجرة حياتنا :
وفي الهجرة انطلاقنا , من الكسل إلى التضحية , ومن التواني إلى البذل , ومن الإدّعاء إلى الصدق , فبشارة الله تستقبل المهاجرين : ( فالذين هاجروا وأخرجوا من ديارهم , وأوذوا في سبيلي , وقاتلوا وقتلوا , لأكفرن عنهم سيئاتهم , ولأدخلنهم جنات تجري من تحتها الأنهار , ثواباً من عند الله , والله عنده حسن الثواب ) آل عمران 195 , ( والذين هاجروا في الله , من بعد ما ظلموا , لنبوئنهم في الدنيا حسنة , ولأجر الآخرة أكبر , لو كانوا يعلمون ) النحل : 41 , فهل نحن للبشارة راغبون ؟ .
ولمَ لا .. ؟
وقد عقدنا العزم على ابتغاء فضل الله ورضاه ؟ وقد تعاهدنا على نصرة الله وافتداء رسوله ؟ لنحظى بمرتبة الصادقين , في عالم يموج بالزعم , وينتصر للزيف , لنتشبه بجيل الهداة المهديين : ( للفقراء المهاجرين الذين أخرجوا من ديارهم , وأموالهم , يبتغون فضلاً من الله ورضوانا , وينصرون الله ورسوله , أولئك هم الصادقون ) الحشر 41 .
فأين أهل الإيمان العميق ؟
أين أصحاب التكوين الدقيق ؟
أين مُلاك العمل المتواصل ؟
أين راغبي الدرجة العلياء ؟
ساحة النقاش