مهارات التفكير الناقد والعقيدة الإسلامية :
يثير لفظ النقد " انطباعاً لدى الكثيرين بأن الموضوع الذى يتحدث عنه يتناول الصفات السلبية أو إظهار العيوب، على الرغم من ذلك فإن النقد يشير أساساً إلى الجوانب الإيجابية والجوانب السلبية معاً ، ولكن قد يقال هل هناك جوانب إيجابية وأخرى سلبية فى العقيدة الإسلامية ؟
تجدر الإشارة إلى أن الهدف من الدراسة الحالية تحديد مدى فعالية بعض النشاطات المقترحة فى ضوء المدخل التراثى فى تنمية بعض مفاهيم العقيدة والتفكير الناقد لدى طلاب المرحلة الجامعية ، فهذه الدراسة تتناول مفاهيم العقيدة لدى الطالبات كما تتناول الأفعال التى يرجع تأسيسها إلى العقيدة ، وتوازن بين المفاهيم غير الصحيحة المرتبطة بالعقيدة الإسلامية فى بيئة الطالبة، بالإضافة إلى تنمية بعض مهارات التفكير الناقد لنصوص المادة ذاتها ؛ من حيث نسبتها إلى صاحبها ، وصحة الاستدلال بها وغير ذلك .
وبالتالى فالتفكير الناقد لا يتناول العقيدة الإسلامية علماً؛ ولكنه يتناول العقيدة فهماً وسلوكاً وتطبيقاً ، فلا يتناول العقيدة الإسلامية نقداً ؛ لأن العقيدة الإسلامية ربانية كاملة متكاملة ونقدها أو إظهار الجوانب السلبية فيها – على الرغم من عدم وجودها – يعد قدحاً فى العقيدة الإسلامية ذاتها ، وهــذا يدخل فى باب القدح فى الله( I ) أما إذا تم تناول الجوانب الإيجابية مثل الاستنتاج والموازنة والاستدلال وغير ذلك فلا يعد منها.
( أيمن بكرى 2003: 132)
ويمكن رصد عدة جوانب تربط العقيدة الإسلامية بالتفكير الناقد كالآتى :
1- العقيدة الإسلامية فى ذاتها :
الاستدلال على حقائق الإيمان بالله ( I ) .
التمييز بين الألوهيات والنبوات والسمعيات .
التمييز بين الحجج القوية والحجج الضعيفة التى تتناول حقائق عقائدية .
2- اعتقادات الطلاب ومفاهيمها والاعتقادات الموجودة فى بيئة الناس ومفاهيمهم العقائدية:
التنبؤ باعتقادات الأفراد المستقبلية من اعتقاداتهم الحالية .
إصدار أحكام على اعتقادات الناس من خلال معايير عقائدية .
التمييز بين حقائق العقيدة واعتقادات الأفراد .
3- سلوكيات الطلاب :
تحديد النتائج المترتبة على سلوكيات غير إيمانية .
تحديد أسباب السلوكيات غير الإيمانية .
إصدار أحكام على سلوكيات الناس من خلال معايير عقائدية .
من خلال استعراض المهارات المختلفة للتفكير الناقد ، ومن خلال مراجعة الموضوعات المقررة فى مادة التربية الدينية الإسلامية على تلاميذ المرحلة الإعدادية خرج الباحثان بقائمة من مهارات التفكير الناقد التى يمكن تنميتها من خلال العقيدة الإسلامية .
كيفية إعداد نشاطات تربوية فى ضوء المدخل التراث لتنمية التفكير الناقد:
التفكير الناقد هو قدرة الفرد على إبداء الرأي المؤيد أو المعارض في المواقف المختلفة ، مع إبداء الأسباب المقنعة لكل رأي ، ومن هذا التعريف الإجرائي البسيط يمكن لكل فرد ، أن يزاول هذا النمط من التفكير بصورة ذاتية ، أو من خلال التفاعل مع الآخرين ، ويكفي هنا أن يكون الواحد منا صاحب رأي في القضايا المطروحة، و أن يدلل على رأيه ببينة مقنعة حتى يكون من الذين يفكرون تفكيراً ناقداً .
وحتى نحصل على هذه القدرة – الطلاب و المعلمون – بدرجة أفضل يهمنا في هذا المقام أن نعرف أين يقع التفكير الناقد على السلم المعرفي عند بلوم ؟
لقد صنف بلوم مستويات التفكير الإنساني إلى ستة مستويات هي :المعرفة، و الفهم ، والتطبيق ، والتحليل، والتركيب ، والتقويم . والملفت للنظر أن التفكير الناقد لا يمكن أن ينطلق إذا لم يسبقه تحليل دقيق للموقف المراد نقده، كما إن إبداء الرأي المؤيد أو المعارض للموقف المحلل هو تقويم ، من هنا نجد أن التفكير الناقد هو من مستويات التفكير العليا و يحتل المستويين الرابع و السادس من مستويات بلوم .
إذن يلزم كمقدمة للتدريب على التفكير الناقد أن ندرب أنفسنا على المهارتين الجزئيتين الرئيسيتين من مهارات التفكير الناقد وهما : مهارة التحليل :تعرف هذه المهارة في مجال التحليل المادي ، على أنها تجزئة الكل إلى مكوناته ، أما في مجال التحليل النوعي ، فتعني المهارة من بين ما تعني : قيمة ووظيفة و علاقة كل مكون بالنسبة لغيره من المكونات،أو بالنسبة للكل الذي ينتمي إليه ، وكذلك أوجه الشبه والاختلاف بينها جميعاً. و مهارة التقويم ويقصد بها القدرة على إصدار حكم على فرد أو حدث أو ظاهرة استناداً إلى معايير قائمة على القياس أو الوصف .
إن معرفة مهارتي التحليل والتقويم يساعدنا في الحكم على مدى إتقاننا أو إتقان معملينا أو طلابنا لهذا التفكير ، فالدقة في التحليل كمياً ونوعياً ، والاستناد لمعايير التقويم القائمة على القياس أو الوصف هي أمور ضرورية للحكم على فعالية التفكير الناقد .
ساحة النقاش