العلاقة بين القراءة الناقدة والتفكير الناقد :
إن الكلمات والجمل التى يتم استقبالها من خلال أدوات مرئية يجب فهمها وتقييمـها واستخدامها مع الخبرات الماضية فى عملية التفكير ، ولذا فإن القراءة عمليـة تتضمـن الكثير مما نطلق عليه بوجه عام التفكير . وحتى مجرد عملية التعرف على الكلمة بالرغم من كونها عمليـة بسيطة إلى حد ما إلا أنه يمكن اعتبارها تفكيرا، حيث أن الكلمة لها محيطها فى الخـبرات السابقـة للفرد،وفى الكلمات الأخرى القريبة منها فى السياق.
وعملية القراءة لها جانبان مختلفان ، فالقارئ قد لا يتفق مع كل ما يقرأ ولكنه مع ذلك مجبر؛ ليعرف ما يقرأ ، وهاتان العمليتان مختلفتان بشكل واضح فإحداهما عملية رد فعل عاطفى، والأخرى عملية فكرية عقلية، ويجب ألا يخلط القارئ بينهما.( 89:Leady , 1963 )
ومادامت عملية القراءة بشكل عام تعد عملية تفكير، فإن القراءة الناقـدة يمكن وصفها على أنها تفكير ناقد، ولقد اقترن التفكير الناقد مع الطريقة العمليـة من حيث أنه سلسلة من الخطوات التى يجب أن تتم قبل الوصول إلى النتيجة ، وثمة مفهوم آخر يعتبر عملية التفكير الناقد عملية فحص مواد لفظية فى ضوء دليل موضوعى متصل بالمعلومات ومقارنة الفقرة مع بعض الكلمات أو المعايير واتباع النتيجة النهائية التى توصـل إليها . كما تعد القراءة الناقدة انعكاسا مركزا للتفكير الناقد ، بل هى أداة لتنمية هذا النوع من التفكير . (Devin , I . G . 1964 : 15)
ومما سبق يتضح أن القراءة الناقدة تفكير ناقد ، وبشكل أكثر تحديدا تعد القراءة الناقدة أحد مظاهر التفكير الناقد ، إنها استعمال التفكير الناقد فى عملية القراءة ، ولو استطاع الأفراد التفكير فإنهم يستطيعون أيضا أن يقرءوا بطريقة ناقدة .
التفكير الناقد والتعليم الصفي :
الأمر المسلم بأن لعملية التعليم الصفي مكونين رئيسيين هما : - سلوك المعلم و سلوك المتعلم ، وإن لسلوك المعلم الدور الأساسي في إنتاج الفكر و السلوك الأخلاق عند المتعلم ، وفي كتابه " كيف تصبح إنساناً " ركز روجرز على جانبين مهمين في سلوك المعلم يعملان على بناء مفهوم إيجابي عند المتعلم هما : الصحة النفسية للذات ، و الحرية النفسية ، كأمرين ضروريين في أية عملية تعلم . فالمعلم يشجع التفكير الناقد حينما يقبل الطلاب كما هم من دون شروط ، و حينما يخلق جواً يتقبل فيه مشاعر الآخرين و يفهم ذواتهم ، و لا يستند في تقويمه لهم إلى معايير خارجية .
أدوار المعلم في تعليم التفكير الناقد :
عند مناقشة أهمية دور المعلم في تفعيل عمليات التفكير الناقد عند الطلاب، يجب أن ندرك دوره كقدوة ، من خلال الأدوار التي يقوم بها كي يسهل عملية التفكير الناقد عند الطلاب ، ومن هذه الأدوار ما يأتي :
المعلم مخطط لعملية التعليم : ينظم المعلم في خطط دروسه اليومية و الخطط الفصلية أهداف الأداء ، و عينات الأسئلة و المواد التعليمية و النشاطات التي من شأنها أن تحدد أهداف التعليم ووسائل تحقيقها .
المعلم مشكل للمناخ الصفي : إن المناخ الصفي المبني على ديناميات المجموعة و المشاركة الديمقراطية هو الذي يوطد مناخ جماعي متماسك، يقدر فيه التعبير عن الرأي ، و الاستكشاف الحر ، و التعاون ، والدعم ، و الثقة بالنفس ، و التشجيع .
المعلم مبادر : و ذلك عن طريق استخدام تشكيلة من المواد و النشاطات و تعريف الطلاب بمواقف تركز على المشكلات الحياتية الحقيقية للطلبة، و يستخدم أسلوب طرح الأسئلة لإشراك الطلاب بفاعلية .
المعلم محافظ على التواصل :إن أسهل مهمة يمكن أن يمارسها المعلم هي إثارة اهتمام الطلاب بقضايا ممتعة و حقيقية ، وإنما الصعوبة التي يواجهها هي في الحفاظ على انتباههم ، وهذا يستدعي من المعلم استخدام مواد و نشاطات و أسئلة مثيرة لتحفيز الطلاب .
المعلم مصدر للمعرفة : يلعب المعلم في كثير من الحالات دور مصدر للمعرفة ، إذ يقوم بإعداد المعلومات و توفير الأجهزة و المواد اللازمة للطلبة لاستخدامها ، في حين يتجنب تزويد الطلاب بالإجابات التي تعوق سعيهم الحثيث للوصول إلى استنتاجات يمكنهم التوصل إليها بأنفسهم و تكوينها.
المعلم يقوم بدور السابر : وذلك من خلال طرح أسئلة عميقة متفحصة ، تتطلب تبرير أو دعماً لأفكارهم و فرضياتهم و استنتاجاتهم التي توصلوا إليها .
المعلم يقوم بدور القدوة : يقوم المعلم بوصفه أنموذجاً بتقديم السلوك الذي يبين أنه شخص مهتم ، محب للاستطلاع ، ناقد في تفكيره وقراءته متعاطف ، راغب في سبر تفكيره سعياً وراء الأدلة .
ساحة النقاش