التقويم البديل: Alternative Assessment:
لقد ظلت عملية التقويم القضية المحورية لحركات الإصلاح التربوي منذ ثمانينيات القرن الماضي، وقد أسهمت التحولات المتعلقة بالمنظور الجديد للتعلم والذكاء الإنساني والتحصيل تحولات جوهرية في التقويم التربوي بعامة، وتقويم تحصيل الطلاب وأدائهم بصورة خاصة، وأصبح التقويم التربوي البديل الذي يسترشد بالمدخل السياقي أحد الخيارات الأساسية التي تبنتها العديد من الدول لتطوير منظومة العمل التربوي في المؤسسات التعليمية.
وبالرجوع إلى أدبيات القياس والتقويم والبحث نجد أن المسميات التي تشير إلى هذا المصطلح الجديد متعددة ومن أبرزها: ( التقويم القائم على الأداء –البورتفوليو –التقويم الطبيعي-التقويم الأصيل-التقويم السياقي-التقويم البنائي. . . ) ورغم الاختلاف في المسميات إلا أنها جميعًا تؤكد على التغيير وتجمع على التحول والتوجه إلى استخدام التقويم البديل الحقيقي الواقعي الأصيل القائم على الداء في تقويم نتاجات التعليم ومخرجاته.
مفهوم التقويم البديل:
تتعدد التعريفات التي تناولت مفهوم التقويم البديل، ومن بينها:
<!--التقويم البديل تقويم متعدد الأبعاد لمدى متسع من القدرات والمهارات، ولا يقتصر على اختبارات الورقة والقلم، وإنما يشتمل أيضًا على أساليب أخرى متنوعة مثل ملاحظة أداء المتعلم والتعليق على نتاجاته وإجراء مقابلات شخصية معه ومراجعة إنجازاته السابقة.
<!--التقويم البديل ذالك التقويم الذي يتطلب من المتعلم تنفيذ أنشطة أو تكوين نتاجات تبين تعلمه وهذا التقويم القائم على الأداء للمتعلمين إبراز ما يمكنهم أداؤه في مواقف واقعيه.
<!--التقويم البديل مجموعة من الاستراتيجيات لتطبيق المعرفة والمهارات وعادات العمل من خلال أداء المتعلم لمهمات محددة ينفذها بشكل عملي ومرتبط بواقع الحياة وذات معنى بالنسبة له.
<!--التقويم البديل إجراء تستخدم فيه المهمات للحصول على معلومات عن مدى جودة تعلم الطالب، وقدرته على تطبيق ما تعلمه من معرفة ومهارات في مواقف متعددة، ليظهر أنه قادر على تحقيق هدف تعليمي من خلال ذلك الأداء.
وبمراجعة هذه التعريفات يمكن استخلاص مجموعة من المحددات للتقويم البديل:
<!--وجود مهام تقويمية حقيقية محددة وذات معنى مرتبطة بواقع الحياة اليومية للمتعلم.
أن يكون أداء هذه المهام في مواقف طبيعية مماثلة لأنشطة التعلم وفي ظل محكات متفق عليها.
<!--تتنوع أدوات التقويم المستخدمة وأساليبه.
أهم خصائص المهام الحقيقية التي تستخدم في التقويم البديل:
<!--الواقعية: فالمواقف المستخدمة في التقويم تطابق الطرق التي تختبر بها معرفة الفرد وقدراته في مواقف الحياة الطبيعية0
<!--تتطلب الحكمة والتجديد: إذ أن الطالب يطبق المعرفة والمهارة بحكمه وفاعلية لحل المشكلات0
<!--تحاكى المضمون الذي تختبر فيه أعمال الكبار سواء كان ذلك في مكان العمل أو الحياة الشخصية0
<!--تقوّم قدرة الطالب على استخدام المعلومات والمهارات بفاعلية ومهارة للتعامل مع مهمة معقدة0
<!--تسمح بفرص للتدريب والممارسة والحصول على التغذية الراجعة لما يمارسه من أعمال
<!--تتطلب من الطالب العمل في الموضوع بدلاً من تسميع أو استرجاع ما تعلمه، بل يجب عليه أن يكتشف ويعمل ضمن المقرر الذي يدرسه.
إن فكرة التقويم البديل تقوم على الاعتقاد بان تعلم الطالب وتقدمه الدراسي يمكن تقييمها بواسطة أعمال ومهام تتطلب انشغالاً نشطاً مثل البحث والتحري في المشكلات المعقدة، والقيام بالتجـارب الميدانية، والأداء المرتفع 0 وهذه الطريقة لتقويم أداء الطالب تعكس تحولاً من النظرة السلوكية للتعلم إلى النظرة البنائية
خصائص التقويم التربوي البديل:
هناك مجموعة من الخصائص التي تميز التقويم التربوي البديل منها(حسن زيتون ،2003):
<!--يستند التقويم البديل إلى مستويات تربوية وتوقعات محددة للمواد الدراسية.
<!--يستند التقويم البديل إلى مهام أدائية واقعية.
<!--يستند التقويم البديل على التقويم المباشر للأداء المرجو.
<!--يستند التقويم البديل إلى عينات مختلفة من الأداء عبر الزمن.
<!--يستند التقويم البديل على التقويم القائم على المستويات.
ركائز أساسية للتقويم التربوي البديل:
لقد ارتكز التحول من التقويم التقليدي الأحادي الجانب إلى التقويم البديل القائم على الأداء على عدد من التحولات والتغيرات في النظريات المعرفية والتقدم التقني، ومن أهم هذه المرتكزات تتمثل في التالي:
المنظور الجديد للتعلم الإنساني: لم تعد المفاهيم والممارسات المستندة على النظرية السلوكية في عملية التعليم والتعلم التي سادت في العشرينيات من القرن الماضي والتي تكرس المفهوم البنكي والمصدر الوحيد للمعرفة تلق رواجًا في كثير من الدول المتقدمة، فقد حدث تحول كبير نحو المفاهيم والممارسات المستندة على النظرية المعرفية والبنائية، والتي تؤكد على دور المتعلم النشط في بناء وتوظيف معارفه، الأمر الذي تطلب تحولاً في عملية التقويم واستبدال التقويم المستند إلى المدخل السيكومتري بالتقويم المستند على المدخل السياقي.
المفهوم الموسع للذكاء الإنساني: لقد خضع المفهوم الضيق للذكاء والذي ساد حتى منتصف السبعينيات من القرن الماضي إلى مزيد من البحث والتمحيص، وقد عمل جاردنر على تطوير نظرية الذكاء المتعدد، وحدد ثمانية مجالات للذكاء يمتلك كل فرد نسب متفاوتة منها، والذكاء وفقًا لذلك سمة متغيرة وليست ثابتة وفقًا للمفهوم الضيق للذكاء، وقد تطلب ذلك أيضًا توسعًا في مفهوم التقويم.
تغير مفهوم التحصيل: إن المفهوم القديم للاختبارات المتمثل في حفظ المعلومات واسترجاعها، لم يعد مناسبًا في ظل الانفجار المعرفي، فالمعلومات لم تعد محدودة بل لا نهائية، ويتطلب ذلك مقدرة من الفرد على اكتساب معلومات بطرق ذاتية، وتكييف سلوكه وتنظيم تفكيره حتى يكون قادر على التواصل مع الآخرين، وهذا ما يؤكده جليزر وزملاؤه 1987م الذي قدم إطارًا مرجعيًّا للعمليات المعرفية الموسعة التي ينبغي تقويمها في ستة أبعاد.
تطور تقنيات المعلومات: لقد أحدث التطور الكبير في تقنيات المعلومات ثورة في مجال التعليم والتعلم وأصبح معها التعليم والتعلم أكثر متعة ومرونة، وأصبح الحاسوب جزء أساسي من مكونات العملية التعليمة على مستوى التدريس والتقويم أو إدارة العمليات التعليمية، وقد أوضح مكتب تقويم التعليم التابع للكونجرس الأمريكي أربعة مجالات بدأ يتضح أهمية استخدام تقنيات الحاسوب فيها، وتسهم في إثراء عملية التقويم وهذه المجالات هي:
<!--تتبع عمليات التفكير.
<!--التعلم بالتغذية الراجعة المباشرة.
<!--تكوين بنية مهام معقدة.
<!--استخدام نمذجة العمليات الماهرة.
المستويات التربوية كموجهات للتقويم:
تعرف المستويات بأنها شيء تم التوصل إليه بالاتفاق العام كنموذج أو مثال يحتذى، أو درجة جودة مناسبة وكافية لغرض معين، وقد انتشرت في السنوات الأخير كموجهات للتقويم، وقد تمثل معايير ومحددات قومية أو دولية.
متطلبات التقويم التربوي البديل:
هناك مجموعة من متطلبات التقويم التربوي البديل كالتالي:
<!--ربط التقويم بمنظور مستقبلي لتعلم الطلاب.
<!--ربط التقويم بالأهداف التي تسعى المدرسة إلى تحقيقها.
<!--إتاحة الفرصة لجميع الأطراف المعنية لمعرفة أغراض التقويم البديل.
<!--جعل التقويم واضح ومفيد.
<!--مراعاة توقيت التقويم البديل.
<!--مراعاة أن التغيير يتطلب فهمًا ومثابرة ووقتًا.
<!--إتاحة الفرص لتعلم استخدام أساليب التقويم البديل.
<!--التحقق من نوعية التقويم البديل.
<!--استخدام التقويم البديل في تخطيط العمل المدرسي.
<!--المراجعة المستمرة للتقويم البديل.
أساليب وأدوات التقويم البديل:
تتعدد أساليب وأدوات التقويم البديل وتختلف تبعًا لاختلاف المهام التي يراد تقويمها ويمكن تحديد أبرز هذه الأدوات والأساليب منها:
<!--التقويم القائم على الأداء.
<!--ملفات الأعمال)البورتفوليو).
<!--التقويم الذاتي.
<!--تقويم الأقران.
<!--تقويم الأداء القائم على الملاحظة
<!--تقويم الأداء بالمقابلات.
<!--تقويم الأداء بالاختبارات الكتابية.
<!--تقويم الأداء بخرائط المفاهيم.
وسوف نتناول هنا التقويم القائم على الأداء وملفات الأعمال بشيء من التفصيل.
أولاً: التقويم القائم على الأداء:
رغم أن التقويم القائم على الأداء ليس جديدًا فقد كان أصحاب المهن يقومون تلاميذهم من خلال ملاحظة أدائهم لمهام حقيقية، إلا أن الاهتمام به في مجال التربية والتعليم برز كردة فعل للانتقادات التي وجهت إلى الاختبارات التحصيلية التقليدية والمتمركزة في الاختيار من متعدد وأسئلة الصواب والخطأ، والتي تنحصر في المستويات الدنيا من العمليات العقلية.
وتتحدد أهداف تقويم الأداء في التالي:
<!--تزويد الطالب بمبادئ التواصل والمهارات المختلفة0
<!--تزويد الطالب بالمفاهيم الأساسية والمبادئ في حقول المعرفة المتنوعة 0
<!--الربط بين أجزاء المعرفة المختلفة.
<!--جعل الطالب مفكرًا وقادراً على حل مشكلاته.
<!--جعل الطالب يعتمد على ذاته وقدراته0
<!--جعل الطالب عضوًا منتجًا في أسرته وفى مجتمعه.
وهناك أسباب عديدة تجعل التقويم القائم على الأداء من أفضل أشكال التقويم التربوي منها:
<!--أن صدق الاختبار يزداد من خلال تمثيل السلوك في الواقع لأجل استنباط السلوك الحقيقي.
<!--أن تمثيل صور مختلفة من الأنماط السلوكية يساعد على الحصول على استنتاجات عامة وشاملة حول تقدم الطلاب.
<!--أنها توفر أداة قياس بديلة سهلة التطبيق.
ومن الخطوات التي يمر بها إعداد اختبارات التقويم القائم على الأداء في أربع خطوات وهي:
<!--تحديد الغرض من التقويم.
<!--تحديد الأداء المطلوب قياسه.
<!--تصميم تمارين الأداء.
<!--تحديد الطريقة التي سيحكم بها على مستوى الأداء، والأسلوب الذي يتم به تسجيل الدرجات.
ساحة النقاش