متطلبات عملية الكتابة:
تتطلب الكتابة دعما من خلال تعليم عملياتها بالشكل الذي يوجه إلى استراتيجيات الكتابة ومهاراتها، ويتحقق هذا الدعم من خلال توفير فرص للممارسة الكتابة في مجالات الحياة ( البريد الالكتروني – المذكرات الشخصية – المشروعات – كتابة تعليق – نشر معلومات عبر الشبكة العالمية للمعلومات ) مما يشير إلى أن الكتابة يمكن النظر إليها على أنها نشاط غير مدرسي من حيث مجالات الممارسة والتوظيف، ووفقا لهذه المعطيات فإن مدخل عمليات الكتابة بمراحله واستراتيجياته وتركيزه على:
<!--عناصر الكتابة للحياة.
<!--الهياكل الاجتماعية التي تدعم العمل الكتابي المستقل
<!--ممارسة الكتابة من خلال التشاور مع النظراء ككتاب.
<!--تقييم العمل الكتابي أثناء مراحل إنتاجية.
<!--خلق أجواء يشعر فيها المتعلم بالحرية والأمان الشخصي (The Writing Study Group of NctE,2004 pp51-52)
يمكن أن يسهم في تحقيق البعدين التاليين:
الأول: تطوير الإستراتيجية المنظم ذاتيا والذي يعتمد على:
<!--تطوير معلومات عامة عن الإستراتيجية كخلفية معرفية. ز
<!--عرض خطوات تنفيذ الإستراتيجية وأهدافها. ز
<!--تنفيذ الإستراتيجية عمليا.
<!--مراجعة خطوات الإستراتيجية على المنتج الكتابي.
<!--دعم جوانب الإجادة في أداء المتعلم.
الثاني: الاستعمال المستقل للإستراتيجية ويتعلم فيها المتعلم عددا من المهارات المتعلقة بالأداء الذاتي كهدف الأداء، ومراقبته ذاتيا وتعزيزه. أما عن الإستراتيجية فتتضمن عملية الكتابة، وسلوك المتعلم وأساليب تقوية الذاكرة ويركز جانب الكتابي على إطار للأداء يتضمن عمل خطة للأداء، وتحديد أفكار رئيسة واستحضار الأهداف، واختيار الكلمات والجمل (Graham & perin، 7007 pp15-16)
من هنا ينظر إلى مدخل عمليات الكتابة على أنه يهدف إلى إنتاج نص مكتوب عبر استراتيجيات مما يجعل مناط التركيز منصبا على تطوير الأداء الكتابي عبر الممارسة الممتدة، وإكساب الطالب استراتيجيات تعينه على إنتاج أنواع مختلفة من النصوص، كما أنه يركز على قضية الوعي بالكتابة مما يوفر إطارا جيدا للتعامل مع العقبات التي تواجه الكاتب، أو الصعوبات التي تحول بينه وبين الإنتاج الجيد.
ولما كانت الكتابة عملية نامية فإنها تقتضي انتقالا بين العمليات المختلفة طبقا للمهام والظروف كما أنها تحتاج إلى تخطيط من زوايا كيف يبدأ الطالب ؟ وكيف يواصل الكتابة ؟ وكيف يوظف المهارات والاستراتيجيات في مختلف أنواع الكتابة مع تطويرهما المستمر ؟ ولما كان مدخل عمليات الكتابة يعالج كيفية إنتاج العمل الكتابي لا الإنتاج نفسه فإن توافقا واضحا بين معطيات الكتابة كعملية نامية وما يتجه مدخل عمليات الكتابة (Harris&Graham,1996pp22).
التعبير الكتابي:
أورد صاحب معجم القاموس المحيط: "عبر الرؤيا عبرًا وعبارة، وعبرها: فسرها، وأخبر بما يؤول إليه أمرها(الفيروز آبادي، ١٩٩٨: ٤٣٤)، ومنه قوله تعالى{وَقَالَ الْمَلِكُ إِنِّي أَرَى سَبْعَ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعَ سُنبُلاَتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ يَا أَيُّهَا الْمَلأُ أَفْتُونِي فِي رُؤْيَايَ إِن كُنتُمْ لِلرُّؤْيَا تَعْبُرُونَ }[ يوسف: آية 43]
فالمعاجم اللغوية لا تشير مباشرة إلى لفظة "التعبير"المعروفة بمعناها المعاصر، وإنما أشارت إلى دلالات تشير إليها هذه الكلمة، وهي: الكشف، والتفسير، والإخبار، والتوضيح.
ويرى البعض أن المقصود بالتعبير اصطلاحاً هو وسيلة الإبانة والإفصاح عما في نفس الإنسان من فكرة أو خاطرة أو عاطفة ونحوها؛ بحيث لا يتجرد من طابعها وملامحها وإن تعددت ألوانه، وهي أداة الاتصال بين الناس وسبيله إلى المحافظة على التراث الإنساني، وهو الوسيلة الوحيدة لربط الماضي بالحاضر والاستعانة برصيد الأجيال والاستفادة منه في النهوض بالمستقبل(حسن الخليفة، 2004: 34)، بينما يعرفه آخر بأنه: ما يكون لدى الفرد من إمكانية التعبير عن أحاسيسه وأفكاره في وضوحٍ وتسلسل )محمد مجاور، ٢٠٠٠: 22).
ويلاحظ أن في هذين التعريفين توضيحاً وبيانا لوظيفة التعبير، فهو وسيلة للتعبير عما يدور في نفس المتحدث من خواطر ومشاعر وآراء وأفكار ومعلومات وإبرازها في صورة لغة منطوقة، أو مكتوبة تتميز بالوضوح والتسلسل، وأشار البعض إلى أن التعبير هو إفصاح الإنسان بلسانه، أو بقلمه عما في نفسه من الأفكار والمعاني.
ولقد درج واضعو المناهج من فترة غير قصيرة على استخدام لفظ "الإنشاء" لما يعرف في المجال اللغوي بالتعبير، بل حتى بعض الدراسات العلمية التي عنيت بتطوير المناهج، ومنها دراسة ميلود أحبدو(1993)التي قام فيها بتحليل مناهج التعبير تحت مسمى الإنشاء، ودراسة حمدان نصر(1997) التي هدفت معرفة آراء طلاب المرحلة الثانوية حول مقدرتهم على استخدام عمليات الإنشاء الثلاثة.
ويفرق علي الغامدي(2006) بين الإنشاء والتعبير حيث يرى أن الإنشاء يعنى بتكوين الموضوع من خلال انتقاء الكلمات، وتكوين جمل متماسكة من تلك الكلمات لتكون فقرات، وتحديد عناصر هذه الفقرات الرئيسة والفرعية وبلورتها، وتنسيق عناصر الفقرة وتوضيحها وهذه قدرات ضرورية لصناعة الإنشاء (علي الغامدي، 2006: 12).
ويرى دوان الزبيدي(1999)أن الإنشاء صنعة، واستدل على ذلك بتسمية القلقشندي لكتابه(الأعشى في صناعة الإنشاء)على الجانب الكتابي على حين أن التعبير يشمل الجانبين الكتابي والشفوي(دوان الزبيدي1999: 78).
فالإنشاء في ماهيته ما هو إلا عمليات ذهنية أدائية غاية في الصعوبة والتعقيد يقوم على الخلق والإبداع؛ حيث يتم من خلاله تحويل الأفكار والمعاني والصور الذهنية المجردة لدى الكاتب إلى رموز خطية في صورة من صور التعبير الكتابي، فهو عمليات بنائية تراكمية سواء ما تعلق منها بالشكل أو بالمحتوى(حمدان نصر، 1997: 179؛ محمود عبد الحافظ، 2010: 83)
ويري علي الغامدي(2006) أن قدرات الصنعة المطلوبة للتعبير الجيد لا يتقنها أو يكون قادرا على إتقانها إلا طالب المرحلة الثانوية؛ نظرا لما وصل إليه الطلاب في هذه المرحلة من قدرات إملائية وأسلوبية، ونضج عقلي؛ كما أن هذه القدرات تصقل بالممارسة الفعلية للكتابة، ونظرا لميل طلاب المرحلة الثانوية لكتابة الأجناس الأدبية الإبداعية فإن كلمة "الإنشاء" مناسبة لأن تطلق على هذه المادة، أما طبيعة الطلاب في المرحلتين الابتدائية والإعدادية فينقصهم القدرة على إخراج ما بداخلهم من مشاعر وأحاسيس؛ نظرا لقلة محصولهم اللغوي ونقص المهارات الاجتماعية لديهم؛ لأن علاقاتهم خارج أسرهم محدودة، كما أنهم يعتمدون على الجانب اللفظي في تواصلهم؛ نظرا لما ينقصهم من الخبرات الكتابية في هاتين المرحلتين؛ لذا تقتصر أهداف المادة على ما يساعدهم على اكتساب المهارات التي تساعدهم على نقل مشاعرهم وتوصلها إلي الآخرين، ومعالجة ما يعانيه بعضهم من الأمراض النفسية التي تقف عائقا أمام إفصاحهم عن مشاعرهم والتعبير عنها كالخجل والخوف عند مواجهة الآخرين؛ لذا كانت كلمة التعبير مناسبة لهاتين المرحلتين؛ لأن التعبير هو المظهر العفوي للغة، إضافة إلي أنه أوسع من الإنشاء، فهو يشمل مجالات الحياة كلها في البيت، والشارع، والمدرسة، والطبيعة.. وغير ذلك؛ لأنه مرآة الحياة كلها(علي الغامدي، 2006: 17).
ساحة النقاش