الموقع التربوي للدكتور وجيه المرسي أبولبن

فكر تربوي متجدد

ضوابط ومحاذير

نظرا لتعدد مصادر هذا العلم وتنوع مجالاته، فإن هناك أخطاء قد يقع فيها بعض المنتسبين إليه، مما يدعو إلى وضع بعض الضوابط، والتنبيه إلى بعض المحاذير، صيانة لهذا العلم من الدخلاء عليه، وحماية لطلابه من الانحراف والتشتت.

  أولا: الالتزام بالأصول الشرعية والمنطلقات العقلية في وصف الواقع، وتوقع النتائج ورؤية المستقبل

من أهم ما يجب على المتخصص في هذا العلم أن ينتبه إلى أسلوب تلقي الأخبار وتوقع النتائج، فقد تجتمع لديه معلومات مهمة، لا يخضعها لضابط الشرع أو منطق العقل، فيزل في تحليلاته وتوقعاته.

لذا فإن الاعتماد على الأسباب المادية وحدها قد يؤدي بالمحلل للأحداث إلى أخطاء لا تغتفر.

ومن هنا فعلى الفقيه بالواقع أن يلتزم بهذا الضابط، ويبتعد عن التهويل والمبالغة، وعليه أن يعطي كل ذي حق حقه، ويضع الأمور في نصابها. ويعرض ما لديه من معلومات وحقائق على ميزان الشرع، ومنطلق العقل، والعقل الصريح لا يعارض النقل الصحيح.

وكم من عائب قولا صحيحا

 

وآفته من الفهم السقيم

 

  ثانيا: التثبت في نقل الأخبار وتلقيها

لابد من التثبت لسببين:

1- أن التثبت منهج شرعي (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا)(<!--) [سورة الحجرات، آية: (6)].

2- أن بعض مصادر فقه الواقع من قِبَل أناس لا تنطبق عليهم شروط العدالة، سواء كانوا كفارا أم فساقا، وخطورة بناء الحقائق على مصادر مجهولة أو مشكوك في مصداقيتها، أمر يفرض علينا التثبت، وعدم الخفة والاستعجال، حتى لا تكون النتائج عكس ما توقعنا، وخلاف ما ظننا.

وأنبه إلى خطأ الاعتماد على وكالة "يقولون"، فلها سوق رائجة، وتجد قبولا لدى الكثيرين، كما أن أسلوب: "حدثني الثقة عمن يثق به" طريق لا يعتمد عليه في إثبات الحقائق وإيجاد البراهين، ولا يعدو أن يكون خبرا قابلا للصدق والكذب، وأنبه طلاب العلم خاصة إلى ضرورة تحري الصدق في كل ما يسمعون أو يحدثون، حتى لا ينسب إليهم ما هم في غنى عنه.

  ثالثا: الاعتدال والتوازن في التلقي

مصادر فقه الواقع متعددة ومتنوعة - كما أسلفت -، والاعتماد على مصدر دون الآخر خلل في البناء، وخطأ في النتيجة، فمصادر هذا العلم هي الكتاب والسنة، وتراث السلف وتاريخ الأمة، والمصادر المعاصرة - كما سيأتي تفصيلها-، وبعض الراغبين في هذا العلم يعتمدون على المصادر المعاصرة مع تقصير في غيرها من المصادر، بل إن بعضهم يعتمد على بعض المصادر الإعلامية كالصحف مثلا، ويمضي وقته يتابع هذه ويقرأ تلك، مما يشكل خللا في تصوره، وقدرته على فهم مجريات الأحداث، واستخلاص النتائج، والتوازن في التلقي أساس مهم لبناء فقه مؤصل، مبني على الشمول والحقائق.

والاعتدال سمة العلماء الربانيين، و " أحب العمل إلى الله أدومه وإن قل " والاعتدال في الأشياء معين على الديمومة والبقاء، وسبيل من سبل الإتقان والإحكام و " إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملا أن يتقنه "  (<!--) فلا زيادة ولا نقصان، ولا غلو ولا جفاء (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً)(<!--) [سورة البقرة، الآية: (143)]. والاعتدال مطلب شرعي، ومنطق عقلي: كلا طرفي قصد الأمور ذميم.


  رابعا: حسن التعامل وتجنب المخاطر والمزالق

المتابع للواقع قد تدفعه الأحداث إلى مواقف لا يتبين أثرها إلا بعد حين، وقد تمر ظروف يجد المسلم نفسه في وضع لا يحسد عليه، من سوء الأحوال، وتفرق الأمة، ويرى المصائب تتوالى عليه من كل جانب، وهنا يأتي دور التأصيل الشرعي في معالجة الأمور وتحديد المواقف، ويبرز فقه المصالح والمفاسد، ودفع أحد الضررين بأخفهما، والتأمل فيما يترتب على الموقف من نتائج، بعيدا عن الحماس غير المنضبط، والاندفاع غير مدروس النتائج.

وأشير في هذا الموضع إلى مسألة مهمة، وهي أننا بأمس الحاجة إلى الحماس، ولكن هذا الحماس يجب أن يخضع للعقل، والعقل يجب أن يلتزم بقواعد الشرع، فإذا انفلت الحماس من ضوابط العقل أضر بصاحبه ومن حوله، والعقل إن لم يحكم بالشرع أدى إلى انحراف وضلال.

إذن الحماس مهم، ولكن العقل أهم منه، والعقل قوي، ولكن الشرع أقوى منه وأبعد نظرا، فإذا اجتمع الحماس مع العقل في ضوء الشرع كانت النتائج حميدة، والمواقف سليمة، وإذا اختل ركن منها، ضعف الطالب والمطلوب.

والحكمة في التعامل مع الواقع هي ما أعنيه وأقصده، وهي الدرع الواقي من المزالق، فلا إفراط ولا تفريط (ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ)(<!--) [سورة النحل، آية: (125)]. (وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً)(<!--) [سورة البقرة، آية: (269)].

  خامسا: عدم الجزم والقطع في توقع المستقبل

من الأمور التي يحتاج إليها المتخصص في فقه الواقع النظر في المستقبل وتوقع الأحداث، وذلك من أجل التخطيط للأمة، وتبصيرها بما يحاك لها من قِبَل أعدائها.

وبما أن ما يقع في المستقبل من علم الغيب الذي لا يعلمه إلا الله، والبشر لا يملكون إلا التوقع والاحتمال، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يأمره الله -جل وعلا- بأن يقول: (وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ)(<!--) [سورة الأعراف، آية: (188)].

فإن مما يجب أن يلحظه المتخصص في هذا العلم عدم الجزم والقطع بما يحدث في المستقبل، وبخاصة أن الأدلة التي يبنى عليها هذا الأمر تدور بين ظنية الثبوت وظنية الدلالة، ويندر وجود دليل قطعي الثبوت قطعي الدلالة في مثل هذه الأحوال، ولو وجد هذا الدليل فإنه يبقى في دائرة الاحتمال من حيث إمكان الوقوع، لأن الوحي قد انقطع، (وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَداً)(<!--) [سورة لقمان، آية: (34)]. وحتى أدلة السنن الإلهية الثابتة، التي قد نبني عليها توقعاتنا، تطبيقها على محلها يحتاج إلى تثبت، وعدم جزم ويقين.

ومن هنا فعلى طالب العلم أن يعنى بهذه المسألة، ويضع الاحتمالات في ضوء ما لديه من حقائق وأدلة، ثم يتعامل مع كل احتمال بما يناسبه، حتى لا يفاجأ بوقوع خلاف ما توقع وجزم به وقطع، وهنا يكون الأثر سلبيا، والنتيجة خاطئة.

  سادسا: الحذر من الإعجاب بالكفار والمنحرفين

من الأمور التي يجب أن ينتبه لها طلاب العلم، وهم يقرءون مذكرات بعض السياسيين، أو تحليلات بعض المفكرين، أن يأخذهم الإعجاب بهؤلاء المحللين والسياسيين إذا كان من غير المسلمين، أو من الفساق والمنحرفين.

وفرق بين أن نفيد من علمهم وتجاربهم، وبين أن نعجب بشخصياتهم إعجابا قد يؤدي إلى الاقتداء، كما حدث لكثير من أبناء المسلمين الذين تربوا في الغرب، فهذا نجده معجبا بأستاذه هنري كيسنجر، يحذو حذوه في فكره وسياسته، وآخر معجبا بهيجل، وثالثا بأركون وهكذا دواليك.

أما الإفادة مما لديهم مما ينفع المسلمين، فهذا مطلب شرعي، فهذا أبو هريرة أفاد من الشيطان، وقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم " صدقك وهو كذوب " والحكمة ضالة المؤمن، أني وجدها فهو أحق بها.

ويحسن كذلك عدم الإكثار من ذكرهم والاستشهاد بأقوالهم إلا عند الحاجة إليها. حتى لا يلتبس الأمر على العامة، فيشعرون أن ذلك تزكية لهم أو إعجاب بهم.

هذه أهم الضوابط التي أحببت التنبيه عليها، ليكون طلاب العلم على وعي بها، وإدراك لما قد يجر إليه إغفالها أو نسيانها.

 

مصادر فقه الواقع

ذكرت أن من مقومات هذا العلم: حسن اختيار المصادر، وهذا أمر في غاية الأهمية فما هي مصادره الأساسية:

لن أذكر هنا أسماء الكتب والمراجع كما قد يتبادر إلى الذهن لأول وهلة، وإنما سأبين أصول موارد فقه الواقع، وأنواع هذه الموارد، وطالب العلم هو المعني باختيار آحادها، بما يناسب الأمر الذي يعنى فيه.

  أولا: القرآن الكريم وتفسيره

هذا هو المصدر الأول والأساس، وبدونه يحدث الخلل وقصور النظر.

فكتاب الله هو الهادي إلى كل خير، والمعين على فهم كل قضية، فلو أخذنا مثلا قضية معاصرة، وأردنا تحليلها، والتأمل في حقيقتها ومآلها، فمن خلالها يتضح لنا الأمر:

فقضية الصراع مع اليهود، قضية معاصرة مزمنة، نجد أقوى المصادر لفهم أبعادها ومجرياتها كتاب الله، وذلك من خلال ما يلي:

1- الآيات التي تحدثت عن طبيعة اليهود وحقيقتهم وأخلاقهم، حتى مع خالقهم جل وعلا.

2- الآيات التي خلدت سيرتهم مع موسى -عليه السلام- منذ أن أرسل إليهم، وحتى قصة التيه، وفيها من العبر ما يعدو على الحصر.

3- تاريخ اليهود مع أنبيائهم (فَفَرِيقاً كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقاً تَقْتُلُونَ)(<!--) [سورة البقرة، آية: (87)].

4- موقف اليهود من العهود والمواثيق التي أخذها الله عليهم، والتي أخذها أنبياؤهم، فتاريخهم حافل بنقص العهود والغدر والخيانة (أَوَكُلَّمَا عَاهَدُوا عَهْداً نَبَذَهُ فَرِيقٌ مِنْهُمْ)(<!--) [سورة البقرة، آية: (100)].

5- وآخر المطاف موقفهم من الإسلام، وصاحب الرسالة محمد صلى الله عليه وسلم (أَفَتَطْمَعُونَ أَنْ يُؤْمِنُوا لَكُمْ وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلامَ اللَّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِنْ بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ)(<!--) [سورة البقرة، آية: 75]. إلى آخر الآيات. وقد قام المفسرون بجلاء هذه القضية بما يشفي الغليل، وإن شئت فارجع إلى ما ذكره سيد -رحمه الله - عن اليهود في أول سورة الصف. وعلى الذين يتصدون لمعالجة قضية فلسطين أن يرجعوا للقرآن أولا.

وهكذا نجد أيضا بيان القرآن الكريم لقضية قديمة جديدة، ماضية معاصرة، ألا وهي قضية النفاق والمنافقين، وأساليبهم وخططهم، وما الأسلوب الأمثل لمعالجة أحوالهم ومكرهم (هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ)(<!--) [سورة المنافقون، آية: (4)]، إذن فالقرآن الكريم هو المعين الذي لا ينضب، والمورد العذب الزلال، فيه خبر من قبلنا، ونبأ ما بعدنا، وتفصيل ما بيننا (وَكَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآياتِ وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ الْمُجْرِمِينَ)(<!--) [سورة الأنعام، الآية (55)].


  ثانيا: السنة النبوية

هذا هو المصدر الثاني، فرسول الله -صلى الله عليه- وسلم لا ينطق عن الهوى " إن هو إلا وحي يوحى "، فلو أمعنا النظر في سيرته صلى الله عليه وسلم في السلم والحرب، ورسائله للملوك والقياصرة، واستقباله للوفود، وعقده للصلح والمعاهدات، لتجلت لنا الحقيقة التي لا مراء فيها، بأنه صلى الله عليه وسلم أوتي الحكمة كاملة (وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً)(<!--) [سورة البقرة آية: (269)]. ونحن في عصر أحوج ما نكون فيه إلى الحكمة بمعناها الشرعي وهي "وضع الشيء في موضعه"  (<!--).

ونجد في السنة من القواعد الشرعية ما يعين على فهم الواقع، واتباع الأسلوب الأمثل في معالجة قضاياه ومستجداته.

وخذ مثلا: أحاديث الفتن، وبيان الفتن التي تعصف بنا، ويوجهنا - بأبي وأمي هو - إلى سبل النجاة منها، وتلافي أسبابها.

وخذ مثلا سيرته صلى الله عليه وسلم في المنافقين، والموقف الحازم تجاه مكائدهم ودسائسهم، فنحن بأمس الحاجة إلى تلك السيرة في زمن استشرى فيه النفاق.

  ثالثا: سير السلف

إن دراسة سير السلف الصالح من القادة والعلماء والمصلحين، نبراسا يضيء الطريق، ويعين على فهم الواقع، ومواجهة الأزمات، والخروج من المحن.

إن تجارب هؤلاء القدوة تراث ضخم، يعطي سعة في الأفق، وبعدا في الرؤية، وتصورا متزنا للمستقبل، وقدرة على تخطي الصعاب، بعون الله وتوفيقه.

تأمل موقف أبي بكر رضي الله عنهمن مانعي الزكاة، وأسلوبه مع المرتدين، وانظر إلى سيرة عمر رضي الله عنهوكيف قاد الأمة وساسها، ووقف سدا منيعا تجاه الفتن ومثيريها، وتبصر في قوله: "لست بالخب ولا الخب يخدعني".

وهكذا نجد في سيرة عثمان، وعلي، ومعاوية -رضي الله عنهم -، كما في سيرة عمر بن عبد العزيز، وهارون الرشيد -رحمهما الله تعالى-.

وتمعن في مواقف الأئمة كأحمد بن حنبل، والعز بن عبد السلام، وابن تيمية، والمجدد محمد عبد الوهاب، وغيرهم من العلماء والمصلحين، وانظر في فتاوى الشيخ محمد بن إبراهيم، ورسائل الشيخ عبد الله بن حميد، تجد سعة الأفق، وبعد النظر، وفقه الأحداث والنوازل.

  رابعا كتب العقيدة والفقه

وهي المصدر لدراسة علوم الشريعة المستمد من الكتاب والسنة، وهي عماد المقوم الثاني من مقومات فقه الواقع، فمن خلال كتب العقيدة ندرك حدود الولاء والبراء، وأثر الأسباب المادية في الأحداث، ومدى مشروعية الأخذ بالأسباب، مما يعين على تفسير الأحداث، وفي كتب الفقه ندرك حقوق أهل الذمة، ومنطلقات الجهاد، وفقه الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، إلى غير ذلك مما يعتبر دعامة أساسية في فهم الواقع، والحكم عليه، وشرعية التعامل معه.

  خامسا: دراسة التاريخ وفقه السنن

من لا يعرف الماضي لن يفقه الحاضر، ومن لا ماضي له لا حاضر له ولا مستقبل، والله -سبحانه وتعالى- أمرنا بالتأمل في أحوال من قبلنا، والسير في الأرض فقال سبحانه: (أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ)(<!--) [سورة الروم، آية: (9)]. وقال سبحانه: (قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ سُنَنٌ فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ)(<!--) [سورة آل عمران، آية: (137)].

وقال سبحـانه: (فَسِـيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ)(<!--) [سورة النحل، آية: (36)]. والآيات في هذا كثيرة معلومة.

وقص علينا القرآن أحداث الأمم ممن سبقنا: (كَذَلِكَ نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ مَا قَدْ سَبَقَ وَقَدْ آتَيْنَاكَ مِنْ لَدُنَّا ذِكْراً)(<!--) [سورة طه، آية: (99)]. وكان الرسول صلى الله عليه وسلم يقول لأصحابه: " كان فيمن قبلكم " ثم يذكر لهم قصص بعض السابقين.

ودراسة التاريخ تبين سنن الله في الأمم والمجتمعات (فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا سُنَّتَ الْأَوَّلِينَ فَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَبْدِيلاً)(<!--) [سورة فاطر، آية: (43)]. (سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلاً)(<!--) [سورة الأحزاب، آية: (62)].

ومن خلال ما سبق تتضح أهمية دراسة التاريخ، ففقه الحاضر مستمد من فقه الماضي، وتوقع المستقبل مبني على السنن الجارية.

والمتخصص في فقه الواقع يجب أن يعنى بدراسة التاريخ، وأخص تاريخ أمتنا الإسلامية، فهو رصيد ضخم زاخر، فيه العبر والعظات، وقل أن يمر حدث معاصر إلا وله شبيه في الماضي، مما يعين على فهمه وتحليله.

ولنأخذ مثلا واحدا، فالأحداث التي تعيشها أمتنا اليوم شبيهة بما كان يجري في الأندلس من وجوه عدة، بل إن مقدمة هذه الأحداث، والأسباب التي سبقتها، كانت تؤذن بحدوث ما حدث، والذين درسوا أحوال المسلمين في الأندلس كانوا يتوقعون حدوث شيء ما منذ فترة - أي قبل وقوع الأحداث- وهكذا كان، وهذا ليس تنجيما، ولا ضربا في الخيال، وإنما هو ثمرة من ثمار دراسة التاريخ، وفقه السنن.

لذا فإن هذا المصدر جدير بالعناية والاهتمام، وأصل من أصول فقه الواقع ومصدر من مصادره:

اقرأ التاريخ إذ فيه العبر

 

ضل قوم ليس يدرون الخبر

(لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبَابِ مَا كَانَ حَدِيثاً يُفْتَرَى)(<!--) [سورة يوسف، آية: (111)].

  سادسا: المصادر السياسية

وأعني بها ما كتبه السياسيون المعاصرون والمتقدمون من كتب تتعلق بالجوانب السياسية، وهي على أنواع:

1- مذكرات السياسيين التي كتبها رجال قضوا سنوات طويلة في غمار السياسة ودهاليزها، فسجلوا تاريخ حياتهم، وخلاصة تجاربهم.

2- الكتب التي تبحث في موضوعات سياسية كالعلاقات الدولية، وعلاقة السياسة بالاقتصاد، ومهمات السفراء، ونحو ذلك.

3- الكتب التي تتحدث عن خفايا السياسة وأساليبها، ودور المنظمات الدولية، ككتاب لعبة الأمم، والميكيافيلية، ومنظمة الأمم المتحدة، وعصبة الأمم، ومجلس الأمن.

  سابعا: المصادر الإعلامية

وهي من أهم المصادر المعاصرة، سواء أكانت مسموعة أو مقروءة أم مرئية، من أبرزها:

1- الصحف والمجلات والدوريات.

2- نشرات وكالات الأنباء العالمية.

3- الإذاعات.

4- التليفزيون.

5- الأشرطة والوثائق،إلى غير ذلك من الوسائل الإعلامية المعاصرة.

وأنبه في ختام هذا الفصل ما يلي:

1- إن معايشة الواقع تأثرا أو تأثيرا من أبرز المصادر العملية، التي تثري حياة الإنسان وتصقل مواهبه، فمدرسة الحياة هي أقوى المدارس وأعمقها.

2- أهمية التوازن في التلقي من هذه المصادر، وترتيب الأولويات، والبداءة بالأهم قبل المهم.

3- أهمية تلقي هذا العلم على يد المتخصصين، وعدم الاعتماد على المصادر وحدها، وبخاصة في بداية الطريق، والدورات المتخصصة وسيلة إيجابية للتخصص في هذا العلم وسلامة السير فيه بعيدا عن المزالق والمخاطر.

4- هناك كتب وبحوث ومجلات تعنى بفقه الواقع، وتحدثت عن الواقع مباشرة، كواقعنا المعاصر للأستاذ محمد قطب، وأيعيد التاريخ نفسه للأستاذ محمد العبده، وجاء دور المجوس لعبد الله الغريب، والدويلات الطائفية وغيرها، مما يساعد على استيعاب الواقع، وجودة التخصص فيه.

<!--[if !supportFootnotes]-->

<!--[endif]-->

<!-- - سورة الحجرات آية: 6.

<!-- - صحيح الجامع 1/383 رقم 1880.

<!-- - سورة البقرة آية: 143.

<!-- - سورة النحل آية: 125.

<!-- - سورة البقرة آية: 269.

<!-- - سورة الأعراف آية: 188.

<!-- - سورة لقمان آية: 34.

<!-- - سورة البقرة آية: 87.

<!-- - سورة البقرة آية: 100.

<!-- - سورة البقرة آية: 75.

<!-- - سورة المنافقون آية: 4.

<!-- - سورة الأنعام آية: 55.

<!-- - سورة البقرة آية: 269.

<!-- - انظر رسالة الحكمة في الدعوة إلى الله للدكتور زيد الزيد.

<!-- - سورة الروم آية: 9.

<!-- - سورة آل عمران آية: 137.

<!-- - سورة النحل آية: 36.

<!-- - سورة طه آية: 99.

<!-- - سورة فاطر آية: 43.

<!-- - سورة الأحزاب آية: 62.

<!-- - سورة يوسف آية: 111. 

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 126 مشاهدة
نشرت فى 5 أغسطس 2012 بواسطة maiwagieh

ساحة النقاش

الأستاذ الدكتور / وجيه المرسي أبولبن، أستاذ بجامعة الأزهر جمهورية مصر العربية. وجامعة طيبة بالمدينة المنورة

maiwagieh
الاسم: وجيه الـمـرسى إبراهيـــم أبولـبن البريد الالكتروني: [email protected] المؤهلات العلمية:  ليسانس آداب قسم اللغة العربية. كلية الآداب جامعة طنطا عام 1991م.  دبلوم خاص في التربية مناهج وطرق تدريس اللغة العربية والتربية الدينية الإسلامية. كلية التربية جامعة طنطا عام 1993م.  ماجستير في التربية مناهج وطرق تدريس اللغة العربية »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

2,660,128