الموقع التربوي للدكتور وجيه المرسي أبولبن

فكر تربوي متجدد

المدخل الوظيفي وتدريس اللغة العربية للناطقين بغيرها:
يعرف المدخل بأنه مجموعة من المسلمات أو المنطلقات والإفترضات المسلم بصحتها بين أهل الاختصاص في التدريس، والتي تترابط فيما بينها بعلاقات وثيقة، بعضها يرتبط بطبيعة المادة، وبعضها يرتبط بعمليتي التعليم والتعلم(فايزة السيد، 2009: 31).
يوجد العديد من مداخل تعليم اللغة، يعتمد كل واحد منها على نظرية لغوية أو نفسية أو الاثنين معا الأمر الذي ينعكس على اختيار الطريقة المناسبة للتدريس.
تعد الوظيفية من أهم المداخل الحديثة في تعليم اللغات القومية؛ حيث ينظر إلى اللغة على أنها أداة اجتماعية، أي ذات وظيفة اجتماعية، وقد أدى إلى ذلك الوعي بأهمية الاتصال اللغوي الفعال لتدارس الشئون الإنسانية داخل المجتمع وخارجه، وقد نمى هذا الوعي الحروب وأيام المعاناة التي عاشتها الإنسانية أثناء الحربين العالميتين. وقد أسس لهذا المدخل العديد من العلماء أهمهم" فيجوتسكى، ولنجرن، وفرير إضافة إلى جهور عملاء الأنثربولوجيا الذين أوضحوا أهمية اللغة في تحقيق الاستقرار والتواصل بين أفراد الجماعات والمجتمعات، إضافة إلى جهود علماء علم النفس، وما قدموه من نظريات بني عليها المدخل الوظيفي التكاملي وخاصة النظرية المعرفية، والنظرية، ونظرية التعلم الاجتماعي لـ "بندورا"، ونظرية بياجيه.
و يتم استخدام اللغة في هذا المدخل لتقديم بعض الاقتراحات، أو لتوضيح وجهة النظر، أو للاختلاف، أو للإتقان، أو للإذعان لبعض الأشياء، أو للاعتذار عن عمل عمله الإنسان. وجوهر هذا المدخل مشترك في معظم برامج تدريس اللغة التي تعكس النظرية التواصلية، ومن المعروف في المناهج أن المجتمع الذي يعيش فيه المتعلم من أهم الميادين التي تشتق منها أهداف التعليم، ومن ثم فلابد أن تهتم بجعل المتعلم قادراً على القيام بالمطالب، أو الوظائف والمهام التي يتطلبها المجتمع الذي يعيش فيه، ومعنى هذا بالنسبة للتعبير أن يهتم التعليم بإقدار التلاميذ على القيام بجميع ألوان النشاط اللغوي التي يتطلبها منهم المجتمع.
ولهذا المدخل تعريفات عدة، فقد عرفه فينسكي بأنه: سلسلـة من المهارات اللغوية المتصلة، التي يتعلمها التلميذ، بقصد استخدامها وتوظيفها داخل المدرسة وخارجها(خلف الديب2003: 32). وبصفة عامة فإن هذا المدخل يقوم على جانبين؛ الأول: التكامل بين فنون اللغة، الثاني: ربطهما بمواقف الحياة. فلا معنى للغة إذا تحولت إلى مهارات منفصلة غير مستخدمة. إن تبنى هذا المدخل في تعليم التعبير، يجعل تدريس التعبير يركز على الجانب المهاري التطبيقي للغة، مع مراعاة الارتباط بين الكتابة ومواقف الحياة، التي يعيشها الطلاب؛ حيث يذهب أنصار هذا الاتجاه إلي أن اللغة وسيلة تعبيرية وظيفية. وعلي هذا الاتجاه تقوم (الطرائق الاتصالية) والتي تهتم أكثر ما تهتم بالمعني والاتصال في اللغة، وتعطي وظائف ثانوية للوظائف النحوية، وعليه يقوم تعليم اللغة فيها على المعنى والوظائف الاتصالية وبناءً على هذا، يعنى الاتجاه الوظيفي في تعلم التعبير– باستخدام اللغة في مواقف الحياة التي تضطرنا إلى التعبير الكتابي أو الشفوي. فقد انعكس هذا كله على الحياة المدرسية، فأصبح الاتصال الحقيقي هو لب أي برنامج لتعليم فنون اللغة، فليس تعلم اللغة مجرد حفظ مجموعة من الكلمات والتراكيب، أو مجموعة من المبادئ والقواعد، وإنما تعلم اللغة - علاوة على ذلك استخدام فعال لكلمات اللغة تراكيبها، وقواعدها في المواقف الاجتماعية المختلفة
وهناك العديد من الدراسات التي تمت بغرض تعرف فاعلية هذا المدخل في تدريس التعبير منها علي مدكور(1988) والتي أكدت فاعلية استخدام المدخل الوظيفي في تدريس التعبير على عينة من تلاميذ المرحلة المتوسطة بالرياض، وأرجع الباحث ذلك إلي العديد من العوامل من أهمها أن العوامل النفسية والاجتماعية المتصلة بالموضوعات الوظيفية جعلت تلاميذ المجموعة التجريبية يتعلمون بسعة أكبر من تلاميذ المجموعة الضابطة الذين تعلموا بالطريقة المعتادة.
ودراسة ابتهاج حسانين(1999) التي سعت إلى إعداد منهج في اللغة العربية للمعوقين سمعياً في ضوء طبيعتهم وحاجاتهم، واعتمدت الباحثة على المنهج التجريبي، وتكونت مجموعة البحث من تلاميذ ثلاثة فصول بالصف الأول الابتدائي للمعوقين سمعياً، وكانت أهم نتائج هذه الدراسة نجاح المنهج المقترح في إكساب التلاميذ سواء الصم، أو ذوى الضعف السمعي الشديد مهارة أداء إشارات الحروف الهجائية، وذلك بالأخذ في الاعتبار أن إشارات الحروف الهجائية تعد من المعلومات التي لا تنظم في العقل على أساس المعنى. ودراسة نصر الدين خضري(2003)التي هدفت تعرف فاعلية برنامج مقترح لتدريب معلمي اللغة العربية على أدائهم التدريسي وتنمية مهارات القراءة والكتابة الوظيفية لتلاميذ المرحلة الابتدائية.
بالإضافة إلى دراسة خالد النجار(2006) والتي هدفت الكشف عن فاعلية استخدام طريقة حل المشكلات في تنمية بعض مهارات التعبير الكتابي الوظيفي، لدى التلاميذ المعاقين سمعياََ بالمرحلة الإعدادية المهنية، وتم التوصل إلى العديد من النتائج منها؛ التعرف على المجالات المناسبة للمعاقين سمعياً، مع تحديد مهارات التعبير الكتابي الوظيفي المناسبة لهولاء التلاميذ، بالإضافة إلي أنها أكدت فعالية طريقة حل المشكلات لتنمية مهارات التعبير الكتابي الوظيفي الذي اُستدل عليه من خلال صحة فروض الدراسة.
ومن خلال أسس و خصائص المدخل الوظيفي يتضح مدى أهميته في تدريس مهارات الكتابة بوجه عام و الكتابة الوظيفية للناطقين بغير العربية على وجه الخصوص لاتفاق فلسفة هذا المدخل و أسسه مع الهدف الأساي لتعلم الكتابة ولا سيما الوظيفية لدى الناطق بغير العربية .
فهذا المدخل يعتمد على التعليم في سياق حيوي وظيفي يعتمد على استخدام اللغة في مواقف حيوية واقعية يحياها المتعلم بالفعل في حياته اليومية. كما ينطلق هذا المدخل في تعليم مهارات الكتابة الوظيفية من الاحتياجات الأساسية للمتعلم فهو إذن تعلم ذو معنى.
ورغم أهمية هذا المدخل و امتزاجه و تآلفه مع تدريس الكتابة الوظيفية للناطقين بغير العربية إلا إنه لا توجد دراسة واحدة ـ في حد علم الباحث ـ ركزت على تعليم مهارات الكتابة الوظيفية للناطقين بلغات أخرى في ضوء هذا المدخل ، وهذا كان من أم الأسباب التي حدث بالباحث لإجراء البحث الحالي.

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 4722 مشاهدة
نشرت فى 20 إبريل 2012 بواسطة maiwagieh

ساحة النقاش

الأستاذ الدكتور / وجيه المرسي أبولبن، أستاذ بجامعة الأزهر جمهورية مصر العربية. وجامعة طيبة بالمدينة المنورة

maiwagieh
الاسم: وجيه الـمـرسى إبراهيـــم أبولـبن البريد الالكتروني: [email protected] المؤهلات العلمية:  ليسانس آداب قسم اللغة العربية. كلية الآداب جامعة طنطا عام 1991م.  دبلوم خاص في التربية مناهج وطرق تدريس اللغة العربية والتربية الدينية الإسلامية. كلية التربية جامعة طنطا عام 1993م.  ماجستير في التربية مناهج وطرق تدريس اللغة العربية »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

2,633,208