الموقع التربوي للدكتور وجيه المرسي أبولبن

فكر تربوي متجدد

يقصـد بأسس إعداد الكتاب هنا ، مجموع العمليات التي يقوم بـها المؤلف لإعداد كتابه قبل إخراجه في شكله النـهائي ، وطرحـه للاستخدام في فصـول تعليم اللغـة . والوضـع الأمثل في تأليف كتب تعليم اللغة العربية لغير الناطقين بـها يفترض إجـراء عـدد من الدراسات قبل تأليف أي كتاب ، فضـلاً عن توفر عـدد من الأدوات والقوائم والنصوص التي يعتمد عليها تأليف الكتاب . ويُقصـد بذلك أيضا ما يقوم به المؤلف من عمليات لازمـة لإعداد الكتاب سـواء كانت بحوثا أجراها، أو أدوات وقوائم أعدها أو نصوصـاً رجع إليها ، أو تجريباً قام به .
ومن هذه الأسس :
- الاهتمام بأن يكون المحتوى الفكري لمادة الكتاب العلمية إسلاميا بطريقة مباشرة أو غير مباشرة باعتبار أن اللغة العربية لغة القرآن .
- اختيار الألفاظ والتراكيب السهلة الشائعة لمادة الكتاب العلمية مع الحرص على المحتوى الفكري الجديد الميسر .
- الإكثار من التدريبات والتمرينات بأنماطها المختلفة مع مراعاة التقويم المستمر.
- الاستعانة بالصور لكونـها تشكل عنصرا حسياً يوضح المادة المقدمة ويقربـها لأذهان الدارسين.
- العناية بالتدرج اللفظي والتسلسل العلمي للمادة المقدمة فيكون الانتقال من المفردات إلى الجمل البسيطة إلى الجمل المركبة ومن أوليات العلوم إلى ما هو أعلى منـها .
- سلامة المادة المقدمة من الأخطاء اللغوية والعلمية والفكرية .
- التركيز على الحوارات القصيرة التي تتطلبـها مواقف الحياة اليومية العامة .
- الحرص على أن تعالج المادة المقدمة تعليم اللغة العربية من الناحيتين العلمية والوظيفية معاً .
مراحل بناء كتب تعليم اللغة العربية للناطقين بغيرها:
تمر مراحل بناء كتب تعليم اللغة العربية للناطقين بغيرها بالعديد من الخطوات، وهي على النحو التالي:
أولا: المرحلة التحضيرية لبناء كتب تعليم اللغة العربية للناطقين بغيرها :
وهي مرحلة أساسية ؛ فهي تمدّ المعلم بأداة الإعداد من الجوانب النظرية والأمور التطبيقية من كتب أعدّت لتعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها , وتتيح له مقارنة ما كتب من أبحاث نظرية حول أصول إعداد الكتب لغير الناطقين باللغة، وكيف يقدّم كلّ عنصر وكلّ مهارة، وكيف يتم التكامل بينها , ويقارن كلّ هذا بما عمل فعلاً وهل يتمشى معه أم لا , ويلاحظ أيضاً الاختلاف بين المؤلفين في طرق معالجتها وفي تقديمهم اللغة لغير أهلها , ويستطيع بعد ذلك أن يتبين ما يمتاز به كل مؤلّف، وكيف يبني هو كتبه محققاً ما توصل إليه غيره من إيجابيات , ومجتنباً ما وقعوا فيه من سلبيات, ويكون في هذه المرحلة ابتدأ من حيث انتهى الآخرون .
وهذه المرحلة تمدّ المعدّ بأداة تمكّنه من الدخول في مرحلة الإعداد الفعلي وقد تشبع بما يعينه على حسن بناء مادته اللغوية , وكيف يعالج القضايا المختلفة بتسلسل وانسيابية .
وينبغي للكاتب أن يجري بعض الدراسات الأساسية في هذه المرحلة، ويقصد بالدراسات الأساسية هنا، ما يجريه المؤلف أو يستعين به من دراسات سابقة على تأليف الكتاب تساعده في إعداده على أسس علمية وليس مجرد آراء خاصـة وتصورات ذاتية . ومن هذه الدراسات :
- إجراء دراسـة لتحديد مستوى سهولة وصعوبة لغـة بعض النصـوص . وبعبارة اصطلاحية : تحديد مقروئية النصـوص التي تعرض في الكتاب.
- تحديد المواقف اليومية التي يتوقع أن يمر بـها الدارسـون ، والتي يحتاجون ممارسـة اللغة العربية فيها.
- تحـديد نوع المفـردات المناسبة للدارسين .
- تحديد مستوى سهولة وصعوبة لغة بعض النصوص ( ويقصد بـها انقرائية الكتاب ) .
- تحديد أنواع التراكيب اللغوية الشائعـة في الكتابات التي يستخدمها الدارسـون أو التي تشيع في الكتابة العامـة .
- دراسـة المشكلات الصوتية التي يواجهها الدارسـون في نطـق الأصوات الجديدة .
- تحديد المفاهيم الثقافية والملامـح الحضارية التي يجب أن يشتمـل عليها الكتاب .
- دراسـة خصائص الدارسين والجوانب النفسية المختلفـة عندهم ( مـثل اتجاهاتهم نحو تعلم اللغـة العربية ، دوافعهم من ذلك ، مشكلاتهم فيها ، ميولهم نحـو الموضوعات المختارة للكتاب، قدراتهم اللغوية ... الخ ) .
- دراسـة خصائص المجتمع الذي سيجري تدريس الكتاب فيه ، وإلى أي مـدى تساعد ظـروفه على تعلم اللغة العربية ، هل هو مجتمع عربي ؟ هـل هو مجتمع أجنبي ؟ هل هو مجمع مسلم غير عربي ؟ هل هو مجتمع ثنائي اللغة ؟ تسـود فيه العربية ولغة أخرى ؟ هل هو مجتمع مفتوح يتيح الفرصـة للاختلاط بجنسيات مختلفة من بينـها العرب ؟ وما إمكانيات ذلك؟ إلى غير ذلك من أمور تتعلق بالبيئة التي سيدرس فيها الكتاب .
- دراسـة كتب تعليم اللغة العربية للأجانب دراسـة علمية تحليلية تقويمية ، للاستفادة من الجوانب المضمنة فيها ولسـد الثغرات وجوانب القصـور التي وقعت فيها ، ويمكن الاستفادة من هذه الدراسـة في الجوانب الآتية :
- المفردات المستخدمة ، أسلوب تقديمها والتصاعد بـها ، نظام تكرار الكلمـة في الدرس الواحد وفي بقية الدروس ، المفردات المشتركة بين الكتب ، أسلوب عرض التراكيب اللغوية ، أنواع التدريبات والتمارين المستخدمة ، الموضوعات والمحاور الثقافية والحضارية التي دارت حولـها أساليب المعالجة والتناول .
- دراسـة وتحديد الثـروة اللفظـية الأساسية التي سيستند إليها الكتاب وهذا يقتضي إعداد قائمـة بالمفردات الأساسية الشائعـة والضـرورية ، ولما كانت اللغة العربية حتى الآن ليس لها قائمـة مفـردات أساسية متّفق عليها، ولما كان القيام بهذا العمل من شأنه أن يستغرق عدة سـنوات ويتطلب جهوداً كبيرة ومتعددة فإن الأمر يتطلب منا ألا نقف مكتوفي الأيدي وأن نبدأ في البحث عن بدائل تستوفي – وبقدر الإمكان – بعض الاتجاهات العلمية.
ويمكن أن نضيف إلى ذلك ما يمكن أن تقدمـه لنا الدراسات المعجمية حول المفـردات العربية الشائعـة في اللغات الأخـرى، خاصـة القدر المشترك بين هذه اللغات من هذه المفـردات (أننا نرى أن البدء باستخدام هذا القدر المشترك من الألفاظ العربية الشائعة من هذه اللغات أمر نجني من ورائه الكثير من الخير ) .
إن البـدء بما يعرفه المتعلم في لغته من كلمات عربية يعـد أمراً مقبولاً ومدخـلاً تعليمياً ، إلا أن هذا لا يمنع من أن ننطلق بعد ذلك في استخـدام مفرداتنا الأساسية الشائعـة الضرورية المحورية .
دراسـة المشكلات والصعوبات المتصـلة بتعلم مهارات اللغـة ، والتي يمكن أن تجابه المتعلمين، إما نتيجة لصعوبة في لغتنا ، أو لاختلاف بين لغـة الدارس واللغة العربية ... الخ. ومما يساعدنا في التعرف على هذه المشكـلات والصعوبات الدراسات المقارنة والتقابلية ، ودراسات الأخطـاء الشائعـة واستخدام منهج تحليل الأخطـاء ، ذلك أن مثل هذه الدراسات تعتبر أساساً لا ينبغي إهماله عند تأليف كتب تعليم العربية للناطقين بغيرها ( فمن أول الأسس التي يعتمد عليها وضـع الكتاب المدرسي الدراسات التقابلية بين اللغة العربية واللغـة الناطق بـها من يتعلم العربية من حيث الأصوات والتراكيب ) . هذا إذا كان الكتاب يؤلّف لدارسين ينتمون إلى ناطقين بلغة واحدة.
لقـد لوحظ مثـلاً أن الدارس الأجنبي يجد صعوبة في النعـت وإثباته بعد المنعوت ، واتفاقه معه في العدد والجنس والإعـراب ... الخ ، ويجد صعوبة في الإتيان بالجمـع والمثنى من المفرد عندما يطلب منه ذلك، بينما يمكنه التعرف عليها أثناء القـراءة بسهولة . وهناك صعوبات الكتابة المتصلة بالتعرف على الأشكال المختلفة للحـرف ، والتمييز بين الحروف المتشابهة في الشكل المختلفة في عـدد ما يوضـع عليها أو تحتـها من نقاط ، والتمييز بين الحركات الطويلة والقصـيرة، وتعلم المفردات والاحتفاظ بـها وإدراك الأسمـاء المركبة ، والتركيب المزجي والتنوين ... الخ مما لا يمكن حصره الآن ويحتاج إلى إجـراء دراسات تقابلية ودراسات للأخطـاء الشائعة ، ولعل الكاتب ومعدّ المادّة العلمية لا نبدأ من فـراغ فلديه دراسات نعتقد أنـها في متناول اليـد تناولت بالدراسـة التقابلية اللغـة العربية وكثيراً من اللغات الأخـرى على المسـتوى الصوتي والمستوى النحـوي والصـرفي .

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 1237 مشاهدة
نشرت فى 20 إبريل 2012 بواسطة maiwagieh

ساحة النقاش

الأستاذ الدكتور / وجيه المرسي أبولبن، أستاذ بجامعة الأزهر جمهورية مصر العربية. وجامعة طيبة بالمدينة المنورة

maiwagieh
الاسم: وجيه الـمـرسى إبراهيـــم أبولـبن البريد الالكتروني: [email protected] المؤهلات العلمية:  ليسانس آداب قسم اللغة العربية. كلية الآداب جامعة طنطا عام 1991م.  دبلوم خاص في التربية مناهج وطرق تدريس اللغة العربية والتربية الدينية الإسلامية. كلية التربية جامعة طنطا عام 1993م.  ماجستير في التربية مناهج وطرق تدريس اللغة العربية »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

2,614,758