لم تكن مناهج تعليم اللغة العربية للناطقين بغيرها -منذ السبعينيات حتى العقد الحاضر- مناهج يتم تصميمها شكليا وتطبيقها عمليا في ضوء مواجهة تحديات العولمة وتلبية متطلباتها. أو بعبارة أخرى إن ظاهرة العولمة لم تكن مما يراعي في عملية وضع تلك المناهج. لذلك فمن الضرورة بمكان إعادة النظر إلى تلك المناهج خاصة الأسس التي تنبني عليها عملية بنائها والعناصر التي تتكون منها بنيتها لكي تتناسب مع محاولات تعليم اللغة العربية لتلبية متطلبات عصرنا الحالي.
وهناك مجموعة من الأسس التي ترتبط ببناء مناهج تعليم اللغة الناطقين بغيرها ومنها:
أولا :الأسس اللغوية والثقافية :
تتعلق هذه الأسس بالجوانب اللغوية التي يجب أن يتمحور حولها بناء منهج تعليم اللغة العربية. وهذه الجوانب كثيرة ولعل أهمها دورا لإنجاح تعليم اللغة العربية للناطقين بغيرها، و لكي يتحقق المفهوم العلمي والواسع لمنهج تعليم اللغة العربية للناطقين بغيرها بما يحقق إفادة العاملين في الميدان، ويستجيب لتلك العوامل المؤثرة ينبغي أن تستند عملية بناء هذا المنهج على مجموعة من الأسس، ومجموعة من العناصر :
أما الأسس التي يستند إليها بناء منهج تعليم اللغة العربية للناطقين بغيرها فهي :
1-الخبرة اللغوية :
ذكر في موضع سابق أن منهج تعليم اللغة العربية للناطقين بغيرها عبارة عن مجموعة من الخبرات اللغوية ،وهنا يثار التساؤل التالي : ما الخبرة اللغوية ؟ هذا التساؤل الذي يجعلنا نتحدث عن مفهوم الخبرة اللغوية وأنواعها ومقوماتها وشروطها.
مفهوم الخبرة اللغوية :
يقصد بالخبرة اللغوية الموقف اللغوي التعليمي الذي يهيأ ويعد لكي يعايشه الطالـب، ويمارس من خلاله استعمال اللغة، ويحتك بمحتواه وينفعل به ليخرج منه وقد اكتسب مجموعة من المعلومات والمعارف عن اللغة واستخداماتها، ومجموعة من مهـارات الاستماع والكلام والقراءة والكتابة، وقدرة على التفكير باللغة والتعبير عما يريـد، مع تقدير لثقافتها وثقافة لغته، ومن ثم يكتسب في النهاية القدرة على استخدام اللغة العربية في مواقف حقيقية تتفق وأغراضه ودوافعه.
أنواع الخبرة اللغوية :
ونعني بهــا أن يتعلم الدارس اللغة ويكتسب مهارات استعمالها من خـلال نوعيـن مـن المواقف :
أولهمـا : مواقف طبيعية حقيقية يمارس فيها الطالب تعلم اللغة في موطنها وبين أبنائها والمتحدثين بها، وهذه تسمى الخبرة المباشرة في تعلم اللغة واكتساب مهاراتها.
ثانيهمـا : مواقف تعليمية غير مباشرة يتعلم فيها الطالب اللغة عن طريق مواد تعليميـة مختــارة ومنظمة في مؤسسة تعليمية متخصصة خارج وطنها وبعيدًا عن متحدثيها، وفـي هـذه الحالة تدعم هذه الخبرة غير المباشرة باستعمال الكتب والتدريبات والمعامـل اللغويــة والتسجيلات والأنشطة اللغوية التي يعدها أبناء اللغة العربية المتخصصين فى تعليمها، وقد يستعان في هذه الحالة بمعلمين من أبنائها.
مقومات الخبرة اللغوية وشروطها :
ولكي تكون الخبرة اللغوية فعالة ومجدية ومحققة لأهداف تعليم اللغة وتعلمها، وقـادرة على مساعدة الطالب على التعلم، ينبغي أن تتوافر لها وفيها مجموعة مـن المقومـات والشروط، منها :
الاستمرار : ونعني به أن تصاغ المواقف اللغوية وتقدم بشكل متدرج ومستمر بحيث نبـدأ بتقديـم خبرة لغوية بسيطة وضيقة، ثم مع تقدم الطالب في مستويات تعلم اللغة تـزداد الخبـرة اتساعاً وعمقاً. مثال ذلك في القواعد : لوفرض وأردنا أن نقدم الفاعل، فـلا ينبغـي أن نقدمه دفعة واحدة، وإنما قد نقدم الفاعل المفرد المرفوع بالضمـة، ثـم بعـد ذلــك الفاعـل المثنى ثم الفاعل الجمع ثم الفاعل الضمير، وهكذا في مراحل متتاليـة ؛ أي أن دراسة هذا المبحث لا تتم مرة واحدة، وإنما تستمر دراسته مع الطالب فـي مستويـات مختلفة.
التكامـل : ونعني به أن تتكامل جوانب الخبرة اللغوية وتترابط، بحيث يتكامل ويرتبط تدريـس الاستماع بتدريس الكلام بتدريس القراءة بتدريس الكتابة، ويرتبط المحتوى اللغــوي بالمحتوى الثقافي، ويتكامل كل ذلك ويرتبط مع أنشطة استعمال اللغـة الاستعمـال الوظيفي بحيث يؤثر تعلم كل جانب من هذه الجوانب على تعلم الجوانب الأخرى، وبحيث تتكامل مهارات اللغة في الموقف الواحد من استماع وحديث وقراءة وكتابة، ومن خلال كل ذلك يتكامل تعليم قواعد اللغة وأدبها.
التتابـع : ويقصد به البدء بتعلم الجوانب السهلة والبسيطة والانتقال منها إلى الصعب والمعقد بحيث يبنى اللاحق على السابق، وتمهد الخبرات اللغوية السابقة للخبرات اللاحقة، وقد نأخذ بمداخل التتابع كأن نبدأ بالجزء وننتهي بالكل، أو نبدأ بالكل ونتجه إلى الجزء.. وهكذا طبقاً لطبيعة المادة المقدمة والأهداف التعليمية التي نسعـى إلـى تحقيقها، وهذا التتابع هو ما يسمى التنظيم المنطقي لخبرات التعلم الذي يجعلنـا لا ننتقل بالطالب من خبرة لغوية إلى أخرى انتقالة فجائية.
الاتـزان : ويعني ألا يطغى جانب في الموقف اللغوي التعليمي على جانب آخـر، حيـث لا ينبغي أن نهتم بمهارة لغوية على حساب مهارة أخرى، أو نهتـم بمعـارف اللغـة ومعلوماتها على حساب تعلم مهاراتها ومواقف استخدامهـا وتوظيفهـا ، أو نهتـم بأغراضنا نحن من تعليم لغتنا على حساب أغراض المتعلم وأهدافه ودوافعه. وباستقراء هذه المقومات للخبرة اللغوية نجد أن الخبرة اللغوية أو الموقف التعليمي لتعلم اللغة ينبغي أن تضمن معلومات ومعارف لغوية وثقافية، ومهـارات لغويـة واتصالية وثقافية، وأنشطة لغوية متعددة تتيح الفرصة لتنميـة كفايـات الطـلاب ومهاراتهم في استعمال اللغة بحيث يكون تعلم اللغة تعلماً وظيفياً استعماليـاً وليـس تعلماً نظرياً.
2- طبيعة اللغة العربية وخصائصها :
ينطلق هذا الأساس من حقيقة أن محتوى المنهج الذي نتصدى لبنائه هو محتوى لغوي، وأن الخبرات التي تقدم في مواقف تعليم اللغة وتعلمها إنما هي مستمدة من اللغة كنظـام يتضمن مجموعة من النظم هي النظام الصوتي والنظام الصرفـي والنظـام التركيبـي والنظام الدلالي ولذلك وجب على المسئولين عن وضع مناهج وبرامج تعليم اللغة دراسة هذه النظم والتمكن منها، هذا بالإضافة إلى ضرورة دراسة الموضوعات التالية :
نشرت فى 20 إبريل 2012
بواسطة maiwagieh
الأستاذ الدكتور / وجيه المرسي أبولبن، أستاذ بجامعة الأزهر جمهورية مصر العربية. وجامعة طيبة بالمدينة المنورة
الاسم: وجيه الـمـرسى إبراهيـــم أبولـبن البريد الالكتروني: [email protected] المؤهلات العلمية: ليسانس آداب قسم اللغة العربية. كلية الآداب جامعة طنطا عام 1991م. دبلوم خاص في التربية مناهج وطرق تدريس اللغة العربية والتربية الدينية الإسلامية. كلية التربية جامعة طنطا عام 1993م. ماجستير في التربية مناهج وطرق تدريس اللغة العربية »
أقسام الموقع
ابحث
تسجيل الدخول
عدد زيارات الموقع
2,660,187
ساحة النقاش