الموقع التربوي للدكتور وجيه المرسي أبولبن

فكر تربوي متجدد

ينبغي التأكيد على أهميّة وضع المعلومات التي نتوخّى من التلاميذ التعرف عليها ضمن سياق المجتمع الغربيّ عامّة ، والأمريكيّ خاصة . ولسياق التعلّم شأنه الكبير في قدرة التلاميذ على الاستيعاب والتذكُّر . ومن الثابت في علم التربية أنَّ الدارسين أقدر على فهم وتذكُّر القواعد النحوية أو العدديّة أو الهندسية أو العلميّة إذا استشهد لها بأمثلة موضّحة من بيئتهم ، ومن العالم المحسوس القريب منهم . وعلى أقلّ تقدير ، يجب أن تكون الموضوعات الدراسيّة ذات صبغة عالمية قدر الإمكان ، متجنبة قدر الإمكان الإقليميات الضيِّقة . ولذلك يسعى برنامج اقرأ إلى تقديم عدد من المواضيع والوحدات والدروس عن الحياة في العالم الغربي والأمريكي ، وذلك لتحقيق هدفين هامّين :
- إعداد سياق واقعي للتعلّم يتخذ من وسط التلاميذ إطاراً للمادة التربويّة عِوضًا عن تدريس موضوعات تدور حول نخيل الطائف وبترول السعودية وخطاب الملك حسين في الكرك ، وغيرها من الموضوعات التي تمتلئ بها كتب اللغة العربيّة في البلدان العربيّة ، والتي من المؤسف أن كثيرا من المدارس يستعملونها في تدريس اللغة العربيّة في أمريكا ، وبريطانيا وسنغافورة وبعض الدول غير العربية التي تهتم بتدريس العربيّة لاعتبارات دينية أو دنيوية .
- تزويد التلاميذ بمعلومات عن بلدهم ومحيطهم الخاص والعام باللغة العربية الثانية التي يتعلمونها ، ممّا يشعرهم أنهم يتدربُّون ليكونوا سفراء وممثلين اقتصاديين واجتماعيين وسياسيّين لبلادهم في البلدان العربية .
فتدريس اللغة العربيّة في مجتمع متعدّد الثقافات واللغات والديانات ، كأمريكا مثلاً ، يحتّم على واضعي البرنامج الدراسي ، أن يزودوا التلاميذ بمعلومات عن الشعوب والثقافات التي يتعاملون يوميّا معها سواء في الشارع أو المدرسة أو السوق ، أو التي سيتعاملون معها في المستقبل عندما يصبحون ممثلين لبلادهم في التعامل مع البلاد التي ينطق أهلها بالعربيّة . كما أنَّ الإطلاع على ثقافات الآخرين ضروري للتعايش السلمي الودّي بين المجتمعات والثقافات المتنوعة التي يزخر بها العالم . وكَما يقول المثل العربيّ : " المرء عدوّ لما يجهل . " وليس هناك من أداة أكثر فعالية في محاربة العداوات المبنية على الجهل من تعلّم الشعوب لغات بعضها البعض ، والتي من شأنها أن تفتح أمام هؤلاء نوافذ بناَّءة من العلم والمعرفة والفهم والتقدير المتبادل .
ومن المشاكل التي تواجهها المدارس في تعليم اللغة العربية هي مشكلة تواجد تلاميذ ذوي مستويات متعددة في صفّ واحد . فمن النادر أن تكون مستويات التلاميذ متساوية في مختلف الصّفوف الدراسيّة . غير أنّ المستويات تكون في الغالب أكثر تقارباً في السّنوات الابتدائية من الدراسة ، وتكبر الهُّوة في المستويات كلّما انتقل التلاميذ إلى صفِّ أعلى . وتضم غالبيّة الصفوف ثلاثة مستويات من المتعلّمين : المبتدئون الذين لم يسبق لهم تعلُّم العربية ، والمتوسطون ، والمتقدمون . وتحت هذه الظروف ، لا محيص للمدرس أو المدرّسة من اللجوء إلى تدريس مستويات متعدّدة في نفس الوقت إذا أُريد للتلاميذ أن يتعلّمُوا ما يُناسِبُ مستوياتهم .
ومن هنا تأتِي أهميّة ابتداع الطرق الخلاقة للمدرسين والمدرسات وواضعي البرامج التعليمية من إعداد المواد التعليميّة والإستراتيجيّات التي تساعد على حلّ هذه المشكلة ، أو على الأقل التَّخفيف من آثارها السيِّئة . وتكون نقطة البداية بإعداد اختبارات موضوعية يعدُّها مجموعة من المتخصصين لتقييم مستويات التلاميذ وتصنيفهم ضمن مجموعات حسب هذه المستويات . ثُمّ يُختار بطريقة علمية ما سيقدّم من منهج دراسيّ لكل مجموعة . ومن الأفضل أن تجلس كلّ مجموعة في مكانٍ مخصّص لها حتَّى تستطيع القيام بما يطلبه منها المدرس من نشاطات وتدريبات ، بينما ينتقل المدرس أو المدرسة بتوازن في الوقت بين هذه المستويات . ويمكن للمعلّم أن يقدّم لجميع تلاميذ الصَّف – كمستوى واحد – دروساً حول مسائل معيَّنة ، يرى في تقديره أنهم يتساوون في عدم معرفتها . ولضمان نجاح هذه الطريقة في تعليم عدّة مستويات في الوقت نفسه يستحسن أن تكون المدرسة مهيأة بمختبر للغة وببرامج لغوية معدَّة للتعامل معها فرديًّا بواسطة استعمال الكمبيوتر .
ويعتبر إعداد المواد التعليمية واختيارها من أصعب الأمور التي تواجه المسئولين عن البرامج التعليمية، وذلك لأن أياً من العمليتين يحتاج لمجموعة من المعايير والضـوابط والشروط والمواصفات التي بدونـها تصبح كلتاهما عملية غير علمية .
ولأن عملية إعداد المواد التعليمية هي في الأساس عملية علمية تربوية ، إذاً فهي عملية تقوم على مجموعة من الأسس والمبادئ المستمـدة من المجالات التي ينبغي أن تعالج في المـواد التعليمية .
فإن نظرنا إلى ميدان تعليم اللغة العربية لغير الناطقين بـها ,وجدنا أنّنا أمام أمرين فيما يتصـل بالمواد التعليمية :
- إما أن نختار من المواد والكتب المطروحـة في الميـدان ، وفي هذه الحالة تقابلنا صعوبتان : أولاهما ما وُجّه إلى كثير من هذه المواد والكتب من انتقادات ، وثانيهمـا عدم وجـود معايير إجرائية متفق عليها للاختيار السليم ، واختلاف اللغويين في هذه المعايير.
- وإمـا أن نقوم بإعداد مواد جـديدة ، وفي هذه الحالة تقابلنا صعوبة تتمثل في قـلّة الدراسات والممارسات العلمية, المتفق عليها التي تضع بين أيدينا الأسس والمبادئ التي ينبغي أن تحكم هذا الإعداد .

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 88 مشاهدة
نشرت فى 20 إبريل 2012 بواسطة maiwagieh

ساحة النقاش

الأستاذ الدكتور / وجيه المرسي أبولبن، أستاذ بجامعة الأزهر جمهورية مصر العربية. وجامعة طيبة بالمدينة المنورة

maiwagieh
الاسم: وجيه الـمـرسى إبراهيـــم أبولـبن البريد الالكتروني: [email protected] المؤهلات العلمية:  ليسانس آداب قسم اللغة العربية. كلية الآداب جامعة طنطا عام 1991م.  دبلوم خاص في التربية مناهج وطرق تدريس اللغة العربية والتربية الدينية الإسلامية. كلية التربية جامعة طنطا عام 1993م.  ماجستير في التربية مناهج وطرق تدريس اللغة العربية »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

2,660,313