الموقع التربوي للدكتور وجيه المرسي أبولبن

فكر تربوي متجدد

authentication required

استراتيجيات التعلم المنظم ذاتيا

بدأ البحث في التعلّم المنظم ذاتياً في الضبط الذاتي وعمليات التنظيم الذاتي، وعلى الرغم من الاختلاف في تعريف التعلّم المنظم ذاتياً حسب النظريات المختلفة، فإن الأهمية القصوى لعملية التعلّم المنظم ذاتياً تعود إلى العملية التي يقوم من خلالها الطلاب بنشاط ذاتي، وتدعيم المعارف، سلوكيات نظامية توجه الفرد نحو امتلاك أو تحقيق أهداف التعلّم الأكاديمية.  

أكد الباحثون السلوكيون على الاستجابات الظاهرة الموظفة في مراقبة الذات، وتعليمات الذات والتعزيز الذاتي. وركز الباحثون المعرفيون على الأنشطة المعرفية المختلفة مثل: الانتباه، التسميع، توظيف استراتيجيات التعلّم، مراقبة الاستيعاب، إضافة إلى المعتقدات مثل: الفاعلية الذاتية، توقع المخرجات والقيمة من التعلّم.  

وبصرف النظر عن التقليد النظري فإن التعلّم المنظم ذاتياً يتناسب جداً مع الرأي القائل بأن الطلبة سيسهمون بنشاط في أهدافهم التعليمية وأنهم ليسوا مستقبلين سلبيين للمعلومات.  

أ- النظريات التي يعتمد عليها التعلم المنظم الذاتي: 

يعتمد التعلم المنظم الذاتي على عدد من النظريات منها: النظرية السلوكية، نظرية التطور المعرفي، النظرية المعرفية الاجتماعية ونظرية معالجة المعلومات ويمكن تلخيص ذلك فيما يلي: 

النظرية السلوكية: 

تستمد النظرة للتعلّم المنظم ذاتياً من أعمال ب. ف سكنر في التعزيز Reinforcement، وحسب هذه النظرية فإن السلوك الإجرائي  Opearent Behaviorينبعث من حضور المثيرات التمييزية Discrimination Stimulus، ويعتمد السلوك على توابعه.  

فالسلوكيات المعززة يحتمل أن تزيد، أما السلوكايت المعاقبة فيحتمل أن تقل. ومثال ذلك، فإن مدح المعلّم للطلبة الذين حصلوا على درجات عالية في اختبار ما من الممكن أن يؤدي إلى التقليل من احتمالية حدوثه.  

    وتتحدد عمليات التعزيز في التعلّم المنظم ذاتياً فيما يلي: 

مراقبة الذات Self Monitoring: 

 تشير مراقبة الذات إلى الانتباه المركز لبعض مظاهر السلوك من حيث الشدة والتكرار، فالناس لا يستطيعون أن ينظموا أفعالهم إلاّ إذا وعوها أولاً. ومن الممكن تقييم سلوكياتهم بواسطة أبعاد مختلفة مثل: الكمية،  النوعية، الدرجة أو الأصالة في أثناء إعداد الطالب لورقة بحثية نهاية الفصل الدراسي، فإنه يحتمل أن يقوم بتقييم عمله لتحديد الأفكار والوحدات الهامة، والوقت اللازم للانتهاء خلال المدة المطلوبة، وتحديد الطول الكافي للموضوع.  

 وحسب نظرية التعزيز فإن مراقبة الذات تناسب بعض أنواع الأداء أكثر من غيرها مثل الأداءات في المهارات الحركية، والأعمال الفنية، والسلوكيات الاجتماعية.  

تطبيقات مراقبة الذات: 

- تعمل مراقبة الذات على زيادة وعي الطلبة بالسلوكيات الموجودة لديهم، وتقديرها، وتقييمها ثم تحسينها. وعلى وجه الخصوص، فإن التعلّم المنظم ذاتياً أو غرفة مصادر التعلّم من الممكن أن تساعد الطلبة في مراقبة الذات وتحسين سلوكياتهم في أداء المهمات التي يقومون بها إذا كان هناك تطابقاً مع أهداف الموضوع.  

- يمكن للمعلم أن يوجد مخططات فردية تقسم في كتل قصيرة يمكن تطبيقها في فترات زمنية قصيرة. ومثال ذلك استخدام المعلم صوت جرس ناعم كل عشرة دقائق عندما يعمل الطلبة أثناء مهمات تعطى لهم بشكل فردي أو مجموعات، وبعد أن يسمع الطلبة صوت الجرس كل مرة يمكنهم القيام بتسجيل ماذا يعملون من كتابة أو قراءة أو تخيلات أو ألعاب، كما أن المعلم يستطيع تقديم مساعدة لكل طالب وضع أهدافاً فردية تتعلق بعدد من السلوكيات المتصلة بالمهمة خلال اليوم مثل تحسين السلوك.  

- في الغرف الصفية المنتظمة، من الضروري أن يكون المعلمون حذرين بشان توجيه الفترات الزمنية، من أجل أن يتنبه الطلبة لمراقبة ذواتهم، فاستعمال الجرس مثلاً قد يؤدي إلى حدوث تشويش لبعض الطلبة، وقد يؤدي إلى تشتت في الانتباه لدى الطلبة الذين لديهم صعوبات تعلّم. ومثل هؤلاء الطلبة يمكن الطلب منهم الجلوس قريباً من المعلّم، وفي نهاية كل فترة يمكن للمعلّم النقر بشكل لطيف على مقاعدهم أو استخدام أنواع أخرى بشكل هادئ عند النهاية.  

 طرق مراقبة الذات: 

يمنك استعمال عدة طرق لمراقبة الذات على السلوك، إن التدريب يعتبر ضرورياً، وتتضمن طرق مراقبة الذات ما يلي: 

 الروايات: وهي عبارة عن حسابات مكتوبة لسلوك الشخص والسياق الذي تحدث فيه، ويمكن أن تتراوح الروايات من المفصل جداً إلى غير المحدد.  

حساب التكرار: هي عملية حساب الحالات التي تتكرر في السلوكات خلال الفترة الزمنية المعطاة، مثل أن يحسب الطالب لنفسه كم مرة يدور حول المقعد خلال (30) دقيقة من جلوسه وهو يحل التمارين. 

مقاييس المدة: تسجيل مقدار الوقت لحدوث السلوك خلال الفترة المعطاة.  

مقاييس عينة الوقت: تقسم الفترة الزمنية إلى فترات أقصر، ويتم تسجيل كيفية حدوث السلوك غالباً في كل فترة قصيرة.  

مثال: الفترة الزمنية (30) دقيقة اللازمة لدراسة موضوع ما، يمكن تقسيمها إلى ست فترات قصيرة مدة كل فترة خمس دقائق، وبعد كسل خمس دقائق يسجل الطلبة فيما إذا كانوا قد درسوا كل الوقت.  

تقدير السلوك: تتطلب عملية التقدير معرفة كيفية حدوث السلوك خلال الفترة الزمنية المعطاة وذلك مثل ( دائماً، أحياناً، لا يحدث نهائياً...  الخ ).  

الذاكرة السلوكية والسجلات الأرشيفية: هي سجلات دائمة موجودة بشكل مستقل في تقييمات أخرى مثل ( عدد من صحف الأعمال المنجزة، عدد من المشكلات المحلولة بشكل صحيح ).  وفي حال غياب السجل الذاتي فإنه يظهر عمل الذاكرة الانتقائية، ومن الممكن ألا تعكس الملاحظات وحدها السلوك المقصود بشكل دقيق، وربما يظهر السجل الذاتي في الغالب نتائج مفاجئة. فالطلبة الذين يعانون من صعوبات في المذاكرة من الممكن لهم أن يتعلّموا وخصوصاً أنهم يهدرون أكثر من (50%) من وقت دراستهم في مهمات عير أكاديمية. لذا يوجد معياران مهمان لمراقبة الذات وهما الانتظام والتقارب. 

معايير مراقبة الذات: 

الانتظام Regularity: وهي عملية ملاحظة السلوك بشكل مستمر ومنتظم بدلاً من أن تكون بشكل متقطع، وهنا يجب استخدام سجل يومي بدلاً من التسجيل الأسبوعي للسلوك، وهذا يعني ملاحظة مستمرة يومياً بدلاً من أن تكون أسبوعية، لأن الملاحظة غير المنتظمة قد تحدث نتائج مضللة.  

 التقارب Proximity: وتعني عملية التقارب ملاحظة السلوك وقت حدوثه بدلاً من الانتظار وقت أطول بعد حدوثه، وهذا يعني أننا بحاجة لأن نسجل السلوك بعد حدوثه بدلاً  من الانتظار حتى نهاية اليوم لإعادة بناء الأحداث.  وبهذا فإن طرق مراقبة الذات تضع مسؤولية التقدير السلوكي على الطالب نفسه، وهذه الطرق تقود في الغالب إلى تحسينات سلوكية هامة.  ومن العمليات المعروفة في مراقبة الذات: 

 رد الفعل الذاتي Reactivity: 

يتكوّن رد الفعل الذاتي لدى الشخص من الموقف، ذلك أن استجابات مراقبة الذات هي استجابات سلوكية، حيث تؤثر على الاستجابات المستقبلية،  فالتسجيل الذاتي عبارة عن استجابة وسيطة، تتوسط بين علاقة السلوك السابق بنتائج أطول في مداها.  

تعليم الذات Self-Instruction

يشير تعليم الذات إلى المثيرات التي تهيئ الفرصة لحدوث الاستجابات ومن ثم حصول التعزيز. والتعليم الذاتي يجب أن لا يتعارض مع ما أورده ميكنباوم Meichenbum,1989) )، والنوع الأول من التعلّم المنظم ذاتياً يتطلب ترتيب البيئة لتقديم مثيرات تمييزية، فالطلبة الذين يدركون أنهم بحاجة لمراجعة ملاحظاتهم الصفية في اليوم التالي يمكنهم كتابتها بأنفسهم قبل ذهابهم للنوم. وتخدم هذه المذكرات المكتوبة الطلبة بأن تكون كمفتاح أم تلميح للمراجعة يقدم بناءً على التعزيز( علامة جيدة على امتحان قصير ) بشكل أفضل.  

 النوع الثاني من التعلّم المنظم ذاتياً يأخذ شكل التصريحات ( القواعد ) التي تخدم المثيرات التمييزية من أجل توجيه السلوك، وهذا النوع متضمن في إجراءات ميكنباوم.  

 وتعتبر إستراتيجية التعلّم الذاتي وسيلة فعّالة لتحسين الفهم والكفاءة الذاتية للأشخاص الذين لديهم ضعف في القراءة، فقد قام شنك ورايس (Schunk & Rice,1986)  ) بتعليم أشخاص لديهم ضعف في القراءة باستخدام إستراتيجية التعلّم المنظم ذاتياً.  

التعزيز الذاتي Self-Reinforcement

    يشير التعزيز الذاتي إلى العملية التي يقوم بها الأفراد بعد أداء الاستجابة، حيث يستقبلون المثيرات المعززة التي تزيد من احتمالية حدوث الاستجابة في المستقبل. إن المعزز يتحدد بالأثر الذي يتركه. مثال ذلك، لنفرض أن طالبةً اسمها سارة، حيث تستخدم سارة نظام النقاط لتكافئ نفسها بنقطة واحدة لكل صفحة تقرأها من كتاب التاريخ. وتحتفظ بسجل لكل أسبوع، فإذا تجاوزت نقاطها (5%)  فإنها تستطيع أن تكافئ نفسها ب(30) دقيقة كوقت راحة من يوم الجمعة. لذا يتوجب أن يعرف الفرد نظام التعزيز الذاتي، وبناءً عليه يتم تحقيق الكسب المنتظم لوقت الراحة ( المعزز الذاتي )، وإن ازدياد الأداء بمعدل عال كتحصيل منتصف العام الدراسي، فإن سلوكاته الأكاديمية تبدأ بالانتظام عن طريق احتمالية حدوث التعزيز.  

    لقد تم مدح التعزيز الذاتي كمكوّن فعّال للسلوك المنظم ذاتياً، لكن ظهرت مشكلات نظرية في تناقض الاكتشافات. فعلى الرغم من أن التعزيز الذاتي ممكن أن يحسّن الاحتفاظ السلوكي على مدار الوقت فإنه أقل أهمية من التعزيز بشكل عام خلال الاكتساب للمهارات المنظمة ذاتيا. 

ب-نظرية التطور المعرفي: الحديث الذاتي Private Speech

   تؤسس نظرية التطور المعرفي صلة قوية بين الحديث الذاتي وبين التطور في التنظيم الذاتي. ويشير الحديث الذاتي إلى حالة من ظاهرة الكلام التي تملك وظيفة منظمة ذاتياً ولا يمكن أن تعبر عن صراحة اجتماعية.  بمعنى آخر يكون الحديث الذاتي موجه من الفرد لنفسه وليس موجهاً للآخرين. وقد وجد في أعمال بافلوف(Pavlov,1927) تمييز بين عاملين، العامل الأول إدراكي والثاني لغوي كأنظمة الإشارة، حيث أدرك بافلوف أن البيانات الإشراطية عند الحيوان لا تعمم على البشر، وأن الإشراط الإنساني يحدث فجأة وذلك عند الاقتران بين المثيرات الشرطية والمثيرات غير الشرطية. وهذا على خلاف ما يحدث عند الحيوان، ويعزى هذا الخلاف إلى سعة الإنسان للغة التي تتوسط في العلاقة بين المثيرات وبين الإدراك.  

ج-النظرية المعرفية الاجتماعية Social cognitive Theory

 تظهر النظرية المعرفية الاجتماعية التعلّم المنظم ذاتياً بأنه يتضمن ثلاث عمليات فرعية هي: 

الملاحظة الذاتية Self- Observation: يقدّر الناس المظاهر الملاحظة لسلوكاتهم، وكذلك ردة الفعل الإيجابية أو السلبية. فالطلاب الذين حكموا على عملياتهم النعلّمية غير الملائمة من الممكن أن تكون ردة فعلهم هي طلب المساعدة من المعلّم، وهؤلاء يقومون بتبديل بيئتهم. من جهة أخرى فإن المعلّمين يستطيعون تعليم الطلاب استعمال الاستراتيجيات الفعّالة التي تؤهل الطلاب لن يوظفوا ما يمتلكون من طاقات بشكل جيد.  

 وتعتبر المؤثرات البيئية مثل ( المعلّمين ) قادرة على مساعدة التطور في التنظيم الذاتي، وتعتبر هامة لأن المعلّمين هم المدافعون بشكل متزايد عن تدريب الطلاب على التنظيم الذاتي. العملية الفرعية للملاحظة تتشابه مفاهيمياً مع المراقبة الذاتية. وتكون المراقبة الذاتية عادةً فعّالة في تنظيم سلوك واحد. وتعتبر المعايير لاكتساب الأهداف، والمعايير في تقييم تقدّم  الأهداف ضرورية.  

 الحكم الذاتي: يرجع الحكم الذاتي إلى مقارنة إحدى مستويات الأداء الحالية مع أحد الأهداف ( بين مستوى أداء واحد مع هدف واحد )، ويستطيع الحكم الذاتي أن يؤثر بواسطة نوع من المعايير الموظفة، وتنبؤات الأهداف، والأهمية في تحقيق الأهداف والصفات المنسوبة للأداء.  

رد الفعل الذاتي: تعتبر ردود الفعل الذاتية لتقدم الهدف أحد محفزات السلوك، فالاعتقاد بأن الطالب الذي يحرز تقدماً مقبولاً بشكل متساو مع رضاه المتوقع لتحقيق الهدف يحسّن كفاءته الذاتية ويساند دافعيته. كما أن التقييمات السلبية لا تنقص الدافعية وخصوصاً إذا اعتقد الطلاب أنهم قادرون على التحسن، وإذا اعتقدوا أنهم متكاسلون فإن هذا مؤشر على إمكانية التقدم إا استطاعوا تحسين جهدهم. وأحسوا بالفعالية التي تقود في النهاية إلى مضاعفة الجهد المطلوب للنجاح، بينما نرى عدم تحسن الدافعية إذا اعتقد الطلاب بنقص القدرة على النجاح.  

نظرية معالجة المعلومات: 

النظرية المعرفية من النظريات الحديثة في علم النفس، استفادت من العديد من الأنظمة التربوية، وركزت بشكل أساسي على أهمية العمليات المعرفية والذهنية التي تنمي قدرات التلاميذ وتساعدهم على تطوير أبنيتهم المعرفية للتعامل مع المعرفة والمعلومات والتي تعتبر استراتيجيات حل المشكلات من أكثرها استخداماً. وهذا يعني تطبيق مبادئ النظرية المعرفية وتطوير ما يسمى بالتعليم المعرفي الذي ركز على: 

• زيادة فرص التفاعل الإدراكي / المعرفي بين المتعلّم والمعلومات.  

• يساعد المتعلّم على تطوير خياله وخلق الأفكار الإبداعية.  

• يطوّر التفكير والعمليات الذهنية.  

• يجعل المتعلّم نشطاً وفاعلاً وأكثر تنظيماً ودافعية للتعلّم.  

• يزيد من قدرات المتعلم على التحليل والفهم والتخزين.  

الافتراضات الأساسية التي يقوم عليها التعلم المنظم ذاتيا: 

الفرضية الأولى: يوجد لدى الإنسان قدرة على معالجة أكثر من معلومة في نفس الوقت، فهو قادر على التعامل مع عدة رموز ومفاهيم وتصنيفها وتبويبها وتذكّرها.  

الفرضية الثانية: معالجة المعلومات عملية معرفية ذهنية، يكون الفرد المتعلّم فيها نشطاً فاعلاً يستطيع القيام بعدة عمليات معرفية متكاملة ( الانتباه والإدراك والتذكّر والفهم والتنظيم والترميز والتخزين والاسترجاع ) تقوده لتوظيف العديد من مهاراته المعرفية للوصول إلى المعرفة وحل المشكلات.  

الفرضية الثالثة: تساعد معالجة المعلومات على توسيع مدى الذاكرة الفورية لدى الإنسان. 

الفرضية الرابعة: يمكن استخدام معالجة المعلومات في تطوير مهارات.  

الفرضية الخامسة: يبدأ تفكير معالجة المعلومات والتي تعتبر عملية معرفية انتقائية. 

ثالثا: مفهوم التعلم المنظم ذاتيا: 

يشير التعلم المنظم ذاتيا: Self Regulated Learning إلي العملية التي يقوم فيها الطالب بتنشيط معارفه وسلوكياته وعواطفه بشكل منظم نحو تحقيق أهدافه، حيث عرف زمرمان ((Zimmerman, 1989. ; 329 التعلم المنظم ذاتيا بأنها الدرجة التي يكون فيها الأفراد مشاركين إيجابيين من الناحية السلوكية والدافعية وما وراء المعرفية في تعلمهم.  كما عرفه شين(Shin, 1997: 17) بأنه العملية التي تزيد من المشاركة الفعالة للطلاب في تعلمهم باستخدام أساليب متنوعة أو مهارات منظمة ودافع مستمر لأهدافهم. 

وينطلق هذا المدخل من خلال تحديد التفاعل بين العمليات الشخصية والسلوكية والبيئية لتحقيق أهداف معينة وتقديم وصف لكيفية اختيار العمليات المنظمة ذاتيا، مع بناء استجابات ناتجة عند استخدام استراتيجيات معينة، بالإضافة إلي التركيز على دافعية المتعلمين نحو استخدام التنظيم الذاتي وتحديد العمليات التي يستخدمونها لتحقيق الوعي والإدراك وتحقيق المهام والأهداف الأكاديمية (Missildine, 2004: 11). 

كما يعرف جمال سليمان، ووحيد حافظ (2006: 16) التفاعل المنظم ذاتيا في التعبير بأنه: العملية التي يقوم فيها الطلاب بتنشيط معارفهم وسلوكياتهم المرتبطة بمهارات التعبير من خلال فحص بيئاتهم لاستخدام العديد من الاستراتيجيات التي تسهم في تنمية وعيهم الذاتي بمعرفة وتعديل وتحسين أدائهم في التعبير. 

ومن خلال ما سبق عرضه من تعريفات يمكن القول: بأنها تركز على مجموعة من الأمور: 

- تحكم المتعلم ذاتيا في عملية التعلم. 

- تحقق المهام من خلال استخدام العديد من استراتيجيات التعلم.  

- التفاعل بين الجوانب الشخصية للمتعلم والتأثيرات البيئية المتضمنة لمحيط الفصل الدراسي. 

- الوعي بعمليات التعلم بما يحقق المهام الأكاديمية المنشودة.  

وتستند أبعاد التعلم المنظم ذاتيا على استخدام العديد من الأسئلة التي يطرحها المتعلم لضبط تعلمه وتفاعله مع المهارات المراد تعلمها، ويتضمن أبعاد التعلم المنظم ذاتيا العديد من المحاور منها على سبيل المثال ما يتعلق بسؤال المتعلم نفسه ماذا أتعلم؟ ليشير لدافعية الطلاب لتنظيم تعلمهم ذاتيا من خلال اختيار المهام والمشاركة فيها بفاعلية.  ومن أبعادها أيضا كيف أتعلم؟، ومتى أتعلم؟، وأيضا ماذا أتعلم؟ وهو يرتبط بالأداء السلوكي للمتعلم بما يساعد على تكييف استجابته ومتطلبات المهام، كما أنه يسال نفسه أين أتعلم ليعرف المكان الذي يتعلم فيه والوسائل المتوفرة به والتكيف مع ذلك، وأخيرا يسال المتعلم نفسه مع من أتعلم وهذا يشير إلى البعد الاجتماعي للتعلم المنظم ذاتيا(جمال سليمان ووحيد حافظ، 2006: 17-18). 

وتشير الدراسات والبحوث التي تناولت التعلم المنظم ذاتيا إلى وجود ارتباط قوي بين تنظيم الطلاب لسلوكهم الأكاديمي وخاصة استخدامهم لاستراتيجيات التعلم المنظم ذاتيا وتحصيلهم الأكاديمي، ومن أهم الاستراتيجيات التي يمكن أن تستخدم في التعلم المنظم ذاتيا الاستراتيجيات المعرفية، وتنظيم الذات وغير ذلك. 

رابعا: إجراءات التعلم المنظم ذاتيا: 

حدد هاريس وجرهام (Harris & Graham, 1996: 25-40)مجموعة من الخطوات التي يمكن استخدامها لتنمية التعلم المنظم ذاتيا في التعبير وعلى وجه التحديد في التعبير الكتابي على النحو التالي: 

- تنشيط الخلفية المعرفية السابقة المرتبطة بمهارات التعبير: وفيها يتم تقديم المهارة ليفكروا فيها ذاتيا ويقدموا ما لديهم من معلومات وخبرات سابقة مرتبطة بذلك. 

- المناقشة: وفيها يتم عقد حلقات مناقشة بين الطلاب لمناقشة أهداف الدرس وكيف يمكن أن يسير. 

- النمذجة: وفيها يقدم المعلم مجموعة من النماذج لبعض الموضوعات الجيدة إلى طلابه ليتدربوا من خلالها على مهارات التعبير المقصودة من الدرس. 

- التذكر: وفيها يقوم الطالب بتذكر ما في النماذج المستخدمة لتنمية هذه المهارات وكيف يمكن كتابة موضوعات مشابهة لهذه النماذج. 

- المساندة: وفيها يقوم المعلم بتعزيز ومتابعة الطلاب في كتابة الموضوعات التي تم اختيارها للتدريب عليها.  

- الأداء المستقل: وفيها يقوم كل طالب بكتابة الموضوع الذي تدربوا عليه كتابة فردية. 

وتكمن أهمية التعلم المنظم ذاتيا في التدريس، حيث يسعى إلى تكوينهم من خلال الوعي بالمسئولية من خلال جعل التعلم ذا معنى مع النظر إلى المشكلات والمهارات التعليمية باعتبارها تحديدات يرغب في مواجهتها والاستمتاع في التعلم من خلالها، كما أنه يسهم في تفعيل جوانب عمليات التعلم، وإذا كان التعبير عملا مهمة صعبة فإنه يتطلب تنظيما ذاتيا وتحكما من المتعلمين في عملية تعلمهم؛  إذ إن التعلم المنظم ذاتيا يمكن أن يسهم في تنظيم أنشطة الكتابة من خلال صياغة الأفكار بما يمكن أن يسهم في تحقيق معايير الجودة في الإنتاج اللغوي. 

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 4235 مشاهدة
نشرت فى 2 إبريل 2012 بواسطة maiwagieh

ساحة النقاش

master17

و ماذا عن المقاييس التى اصنف بها طلابي حسب مهارات التعلم المنظم ذاتياً

الأستاذ الدكتور / وجيه المرسي أبولبن، أستاذ بجامعة الأزهر جمهورية مصر العربية. وجامعة طيبة بالمدينة المنورة

maiwagieh
الاسم: وجيه الـمـرسى إبراهيـــم أبولـبن البريد الالكتروني: [email protected] المؤهلات العلمية:  ليسانس آداب قسم اللغة العربية. كلية الآداب جامعة طنطا عام 1991م.  دبلوم خاص في التربية مناهج وطرق تدريس اللغة العربية والتربية الدينية الإسلامية. كلية التربية جامعة طنطا عام 1993م.  ماجستير في التربية مناهج وطرق تدريس اللغة العربية »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

2,632,122