موقفهم من النصوص التي تكفر العصاة :
هناك نصوص تدل بظاهرها على أن العاصي يكفر بمعصيته فهي تشهد لمذهب الخوارج .
من هذه النصوص :
ما روي عن عبد الله بن مسعود قال : قال رسول الله r : " سباب المسلم فسوق وقتاله كفر " ( 1 ) .
وما روي أن النبي r قال : " من حلف بغير الله فقد كفر " ( 2 ) .
وما روي أن النبي r قال : " لا ترجعوا بعدي كفاراً يضرب بعضكم رقاب بعض " ( 3 ) .
وقد ذهب أهل السنة في هذه الأحاديث وأمثالها مذاهب متعددة :
فمن قائل : إن المراد : من استحل هذه المعاصي .
ومن قائل : إن المراد : التحذير والترهيب .
ومن قائل : إن من فعل هذا فقد فعل فعل الكفار .
يقول النووي في قوله عليه الصلاة والسلام : " سباب المسلم فسوق ، وقتاله كفر " ، وأما معنى الحديث : فسبّ المسلم بغير حق حرام بإجماع الأمة ، وفاعله فاسق كما أخبر به النبي r .
وأما قتاله بغير حق فلا يكفر به عند أهل الحق كفراً يخرج به عن الملة ، كما قدمناه في مواضع كثيرة ، إلا إذا استحله .
{ 43 }
فإذا تقرر هذا فقيل في تأويل الحديث أقوال :
أحدها : أنه في المستحلّ .
الثاني : إن المراد : كفر الإحسان والنعمة وأخوة الإسلام ، لا كفر الجحود .
الثالث : أنه يئول إلى الكفر بشؤمه .
الرابع : أنه فعل فعل الكفار ( 1 ) .
ويقول ابن حجر في نفس الحديث :
الحديث وإن كان ظاهره يقوي مذهب الخوارج الذين يكفرون بالمعاصي ، إلا أنه لا متمسك للخوارج فيه لأن ظاهره غير مراده فالقتال لَمَّا كان أشد من السباب ، لأنه مفضٍ إلى إزهاق الروح ، عبر عنه بلفظ أشد من لفظ الفسق وهو الكفر ، ولم يرد حقيقة الكفر التي هي الخروج عن الملة ، بل أطلق عليه الكفر مبالغة في التحذير ، معتمداً على ما تقرر من القواعد أن مثل ذلك لا يخرج عن الملة ، مثل حديث الشفاعة ، ومثل قوله تعالى : ] إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ [ أو أطلق عليه الكفر لشبهه به ، لأن قتال المؤمن من شأن الكافر ( 2 ) .
وقيل : أراد بقوله كفر : أنه قد يئول إلى الكفر ، وهذا بعيد ، وأبعد منه حمله على المستحل لذلك ، لأنه لا يطابق الترجمة ( 3 ) ولو كان مراداً لم يحصل التفريق
{ 44 }
بين السباب والقتال ، فإن مستحل لعن المسلم بغير تأويل يكفر أيضاً .
ويقول ابن حجر مرة أخرى في نفس الحديث :
( تقدم توجيه إطلاق الكفر على قتال المؤمن ، وإن أقوى ما قيل في ذلك أن أطلق عليه مبالغة في التحذير من ذلك ، لينزجر السامع عن الإقدام عليه ، أو أنه على سبيل التشبيه ، لأن ذلك فعل الكافر ) ( 1 )
ويقول النووي في قوله r : " لا ترجعوا بعدي كفاراً يضرب بعضكم رقاب بعض "
( قيل معناه سبعة أقوال :
أحدها : أن ذلك كفر في حق المستحل للقتل بغير حق .
والثاني : المراد كفر النعمة وحق الإسلام .
والثالث : أنه يقرّب من الكفر ويؤدي إليه .
والرابع : أنه فعل فعل الكفار .
والخامس : المراد حقيقة الكفر ، ومعناه : لا تكفروا بل دوموا مسلمين .
والسادس : حكاه الخطابي وغيره : أن المراد بالكفار المتكفرون بالسلاح يقال : تكفر الرجل بسلاحه إذا لبسه ..
والسابع : قاله الخطابي معناه : لا يكفر بعضكم بعضاً فتستحلوا قتال بعضكم بعضاً.
ثم قال : وأظهر الأقوال الرابع وهو اختيار القاضي عياض رحمه الله) ( 2 )
ويقول ابن حجر في نفس الحديث : ما قاله النووي ويزيد قولاً فيقول جملة ما فيه من الأقوال ثمانية :
أحدها : قول الخوارج إنه على ظاهره .
{ 45 }
ويقول في النهاية وبعد عرض الأقوال يقول : ( ثم وجدت تاسعاً وعاشراً ذكرتهما في كتاب الفتن ) .
ونأتي إلى كتاب الفتن فنراه يقول :
( وجملة الأقوال ثمانية ثم وقفت على تاسع : وهو أن المراد ستر الحق ، والكفر لفة الستر ، لأن حق المسلم على المسلم أن ينصره ويعينه ، فلما قاتله كأنه غطى على حقه الثابت له عليه .
وعاشر : وهو أن الفعل المذكور يفضي إلى الكفر ، لأن من اعتاد الهجوم على كبار المعاصي جره شؤم ذلك إلى أشد منها ، فيخشى أن لا يختم له بخاتمة الإسلام ) ( 1 ) .
والحديث الثالث وهو قول الرسول r : " من حلف بغير الله فقد كفر " لا يخرج عن هذه التأويلات .
ونرى الإمام البخاري ينحو منحى آخر فيبين أن كل المعاصي يطلق عليها جاهلية ، أي يطلق عليها كفراً ، وأن المراد من هذا الإطلاق ، كفر النعمة لا كفر الجحود فيقول في كتاب الإيمان :
باب المعاصي من أمر الجاهلية ، ولا يكفَّر صاحبها بارتكابها إلا بالشرك ، لقول النبي r : " إنك امرؤ فيك جاهلية " وقول الله تعالى : ] إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ [ .
وبعد هذه الترجمة يسوق حديث أبي ذر الذي أشار إليه فيقول :
حدثنا سليمان بن حرب قال : حدثنا شعبة عن واصل الأحدب عن المعرور قال : لقيت أبا ذر بالرّبذة ( 2 ) وعليه حلّة ، وعلى غلامه حُلّة ، فسألته عن ذلك فقال
{ 46 }
إني سببت رجلاً فعيرته بأمه ، فقال لي النبي r : " يا أبا ذر أعيرته بأمه ؟ إنك امرؤ فيك جاهلية ، إخوانكم خولكم جعلهم الله تحت أيديكم ، فمن كان أخوه تحت يده فليطعمه مما يأكل ، وليلبسه مما يلبس ، ولا تكلفوهم ما يغلبهم ، فإن كلفتموهم فأعينوهم " .
ويقول ابن حجر في شرح الحديث : إن كل معصية من ترك واجب أو فعل محرم هي من أخلاق الجاهلية ( 1 ) ، ولا يكفر صاحبها بارتكابها ولكنه يكفر بالشرك فقط .
ثم يقـول :
ومحصل الترجمة : أن الإمام البخاري لما قدم أن المعاصي يطلق عليها الكفر مجازاً ، على إرادة كفر النعمة ، لا كفر الجحد ، أراد أن يبين أنه كفر لا يخرج عن الملة ، فالكفر المخرج عن الملة هو الشرك .
ومعنى هذا أن الإمام البخاري يحمل الكفر في النصوص النبوية على المعصية ولا يفسرها بغير ذلك ، فلا يحملها على المستحل أو المكذب .
وقد خالف الخوارج فكفروا بالذنوب ، ونص القرآن يرد عليهم ، وهو قوله سبحانه : ] إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ [ فصيّر ما دون الشرك تحت إمكان المغفرة ، والمراد بالشرك في هذه الآية الكفر ، لأن( 2 ) من جحد نبوة محمد r مثلاً كان كافراً ، ولو لم يجعل مع الله إلهاً آخر ، والمغفرة منتفية عنه بلا خلاف " .
{ 47 }
ثم يقـول :
وعرض البخاري الرد على من يكفر بالذنوب كالخوارج ويقول : إن من مات على ذلك يخلد في النار ، والآية ترد عليهم ، لأن المراد بقوله : ( ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ) من مات على كل ذنب سوى الشرك .
ثم قــال :
وأما قصة أبي ذر فإنما ذكرت ليستدل بها على أن من بقيت فيه خصلة من خصال الجاهلية سوى الشرك ، لا يخرج عن الإيمان ، سواء كانت من الصغائر أو الكبائر ( 1 ) .
ونرى البخاري يقول مرة أخرى : باب كفران العشير وكفر دون كفر .
ثم يسوق حديث ابن عباس الذي يقول فيه : قال النبي r : " أريت النار فإذا أكثر أهلها النساء يكفرن ، قيل : أيكفرن بالله ؟ قال : يكفرن العشير ، ويكفرن الإحسان ، لو أحسنت إلى إحداهن الدهر ، ثم رأت منك شيئاً قالت : ما رأيت منك خيراً قط " .
ويبين ابن حجر : أن الإمام البخاري يطلق على المعاصي كفراً ، لكنه لا يريد الكفر المخرج عن الملة ( 2 ) .
ونفهم من صنيع البخاري هذا : أنه يختار رأياً واحداً لا يذكر غيره وهو : أن المراد من إطلاق الكفر على المعاصي : كفر النعمة لا كفر الجحود .
ونفهم أيضاً : أن الكفر عنده كفران : كفر الجحود ، وكفر النعمة .
{ 48 }
ونرى ابن القيم يسلك هذا المسلك فيقول :
الكفر كفران : كفر أكبر ، وهو الذي يخرج عن الملة ، ويكون بمعنى الجحود أو الإنكار لما جاء به النبي r أو بعض ما جاء به مما علم من دينه بالضرورة .. وكفر أصغر ، ويشمل سائر المعاصي ، ويكون بمعنى جحد النعمة ، والكفر بالمعنى الأول يقابله الإيمان .
والكفر بالمعنى الثاني يقابله الشكر الذي هو العمل بالطاعة ( 1 ) .
يقول أبو عبيد القاسم بن سلام بعد أن ساق كثيراً من النصوص التي عرضناها سابقاً ، وبعد أن ذكر كثيراً من الآراء التي سقناها ولم يرتضها ، يقول :
( وإن الذي عندنا في هذا الباب كله أن المعاصي والذنوب لا تزيل إيماناً وتوجب كفراً ، ولكنها تنفي( 2 ) من الإيمان حقيقته وإخلاصه الذي نعت الله به أهله واشترطه عليهم في مواضع من كتابه ، فقال سبحانه : ] إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ [ إلى قوله تعالى: ] التَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ الْحَامِدُونَ السَّائِحُونَ الرَّاكِعُونَ السَّاجِدُونَ الْآَمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَالْحَافِظُونَ لِحُدُودِ اللَّهِ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ [ .
وقال : ] قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ . الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ [ إلى قوله سبحانه: ] وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ . أُولَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ . الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ [ .
وقال : ] إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آَيَاتُهُ
{ 49 }
زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ . الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ . أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَهُمْ دَرَجَاتٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَمَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ [ .
قال أبو عبيد : فهذه الآيات التي شرحت وأبانت شرائعه المفروضة على أهله ونفت عنه المعاصي كلها ، ثم فسرته السنة بالأحاديث التي فيها جلال الإيمان ، فلما خالطت هذه المعاصي هذا الإيمان المنعوت بغيرها ( 1 ) .
قيل : ليس هذا من الشرائط التي أخذها الله على المؤمنين ، ولا الأمارات التي يعرف بها أهل الإيمان ، فنفت عنهم حينئذ حقيقته( 2 ) ، ولم يزل عنهم اسمه .
فإن قال قائل : كيف يجوز أن يقال : ليس بمؤمن ، واسم الإيمان غير زائل عنه ؟
قيل : هذا كلام العرب المستفيض عندنا ، غير المستنكر في إزالة العمل عن عامله إذا كان عمله على غير حقيقته .
ألا ترى أنهم يقولون للصانع إذا كان ليس بمحكم لعمله : ما صنعت شيئاً ولا عملت عملاً ، وإنما وقع معناها هنا على نفي التجويد ، لا على الصنعة نفسها ، فهو عندهم عامل بالاسم ، وغير عامل في الإتقان ، حتى تكلموا به فيما هو أكثر من هذا ، وذلك كرجل يعق أباه ، ويبلغ منه الأذى فيقال : ما هو بولدي ، وهم يعلمون أنه ابن صلبه ، ثم يقال مثله في الأخ والزوجة .
ثم قال أبو عبيد : وكذلك الأحاديث التي فيها البراءة فهي مثل قوله : من فعل كذا وكذا فليس منا ، لا ترى شيئاً يكون معناه التبرؤ من رسول الله r ، ولا من ملته ، إنما مذهبه عندنا أنه ليس من المطيعين لنا ، ولا من المقتدين بنا ، ولا من المحافظين على شرائعنا .
{ 50 }
وأما الآثار المرويات بذكر الكفر والشرك ووجوبهما بالمعاصي ، فإن معناها عندنا ليست تُثْبت على أهلها كفراً ولا شركاً يزيلان الإيمان عن صاحبه ، إنما وجوبها أنها من الأخلاق والسُّنن التي عليها الكفار والمشركون ) ( 1 ) .
ويلاحظ مما تقدم :
أن مذاهب أهل السنة قد اتفقت جميعها على أن مرتكب الكبيرة لا يكفر بكبيرته ، ولا يخلد في النار ، وأنه إن مات من غير توبة فأمره إلى الله إن شاء عفا عنه وإن شاء عذبه .
ومع هذا الاتفاق نرى أنها قد اختلفت في تأويل النصوص التي تخالف هذه القواعد ، وإن كل مذهب ينتصر لتأويله ، ولا حرج في التأويل مادام الجميع تجمعهم قاعدة واحدة .
******
هل الأعمال لا قيمة لها ؟
إذا كان ترك العمل لا يخرج عن الإيمان في مذاهب أهل السنة بصرف النظر عن كونه جزءاً من ماهيته وحقيقته أو شرط كمال ، فإن التساؤل الذي يطرح نفسه : هل الأعمال لا قيمة لها في الإسلام ؟
الجواب : أن العمل لابد منه لكي ينجو الإنسان من عقاب الله يوم القيامة ، وقد اتفقت مذاهب أهل السنة على هذا وإن اختلفت في تعريف الإيمان ، فقد قال علماء أهل السنة :
إن الإيمان الذي ينجي صاحبه يوم القيامة هو الذي يجمع بين التصديق بالقلب والإقرار باللسان والعمل بالجوارح .
{ 51 }
يقول ابن حجر :
( ولا خلاف بين أهل السنة أن تعريف الإيمان بالإقرار والتصديق بالعمل ، إنما هو بالنسبة إلى ما عند الله تعالى : يعني أن المؤمن الذي يستحق المدح ، ويستحق دخول الجنة وعدم الخلود في النار هو من جمع في إيمانه بين هذه الأمور الثلاثة أما الإيمان بالنظر إلى أحكام الدنيا ، فهو مجرد الإقرار ، فمن أقر أجريت عليه الأحكام في الدنيا ، ولم يحكم عليه بكفر ، إلا إذا جاء بما ينقضه من القول والعمل ) ( 1 ) .
ويقول النووي :
( إن الإيمان الذي يستحق به العبد المدح هو إتيانه بهذه الأمور الثلاثة : التصديق بالقلب ، والإقرار باللسان ، والعمل بالجوارح ... ولا خلاف بين العلماء في أن من أقر بالله تعالى وبرسله صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين ولم يعمل بالفرائض لا يسمى مؤمناً بالإطلاق ، وإن كان في كلام العرب يسمى مؤمناً بالتصديق ، فذلك غير مستحق في كلام الله تعالى ، لقوله عز وجل : ] إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آَيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ . الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ . أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا [ ، فأخبرنا سبحانه وتعالى أن المؤمن من كانت هذه صفته ) .
ثم قـال :
( فإن قيل : إن الإيمان هو التصديق ؟
قيل : التصديق هو أول منازل الإيمان ، ويوجب للمصدق الدخول في الإيمان ، ولا يوجب له استكمال منازله ولا يسمى به مؤمناً مطلقاً ) .
{ 52 }
ثم قـال :
( هذا مذهب جماعة أهل السنة ، وهو قول مالك والنووي والأوزاعي ، ومن بعدهم من أرباب العلم والسنة الذين كانوا مصابيح الهدى وأئمة الدين من أهل الحجاز والعراق والشام وغيرهم ) .
ثم قـال :
( وهذا المعنى ( 1 ) أراد البخاري رحمه الله إثباته في كتاب الإيمان عندما بوب أبوابه كلها فقد قال : باب أمور الإيمان ، وقال : باب الصلاة من الإيمان ، وباب الزكاة من الإيمان ، وباب الجهاد من الإيمان .. ( 2 ) .
وقد قصد بهذا الرد على المرجئة في قولهم : إن الإيمان قول بلا عمل وتبيين غلطهم وسوء اعتقادهم ومخالفتهم للكتاب والسنة ومذاهب الأئمة ) ( 3 ) .
ويقول البغدادي تحت عنوان : بيان الأصول التي اجتمع عليها أهل السنة :
( إن أصل الإيمان المعرفة والتصديق بالقلب ، وإنما اختلفوا في تسمية الإقرار وطاعات الأعضاء الظاهرة إيماناً مع اتفاقهم على وجوب جميع الطاعات وعلى استحباب النوافل ...
وقالوا : إن اسم الإيمان لا يزول بذنب دون الكفر ، ومن كان ذنبه دون الكفر فهو مؤمن وإن فسق بمعصيته .
وقالوا : لا يحل قتل امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث : من ردة ، أو زنى بعد إحصان أو قصاص بمقتول هو قتله .
وهذا خلاف قول الخوارج في إباحة قتل كل عاص لله تعالى ، ولو كـان المذنبون كلهم كفرة ، لكانوا مرتدين عن الإسلام ، ولو كانوا كذلك لكان الواجب
{ 53 }
قتلهم دون إقامة الحدود عليهم ، ولم يكن لوجوب قطع يد السارق وجلد القاذف ورجم الزاني المحصن فائدة ، لأن المرتد ليس له حد إلا القتل ( 1 ) .
ويقول صاحب شرح العقيدة الطحاوية :
( ولا خلاف بين أهل السنة أن الله تعالى أراد من العباد القول والعمل ، وأعني بالقول : التصديق ( 2 ) بالقلب والإقرار باللسان ، وهذا الذي يُعنى به عند إطلاق قولهم : الإيمان قول وعمل ، لكن هذا المطلوب من العباد : هل يشمله اسم الإيمان ؟ أم الإيمان أحدهما ، وهو القول وحده ، والعمل مغاير له لا يشمله اسم الإيمان عند إقراره بالذكر ، وإن أطلق عليهما كان مجازاً ؟ هذا محل النزاع ) .
ثم قـال : ( وقد أجمعوا على أنه لو صدق بقلبه وأقر بلسانه وامتنع عن العمل بجوارحه أنه عاص الله ورسوله مستحق للوعيد .. " ( 3 ) .
وإذا كانت مذاهب أهل السنة تتفق على أن العمل لابد منه للنجاة ، وأن صاحب الكبيرة لا يكفر بكبيرته ولا يخلد في النار يكون الخلاف في حقيقة الإيمان خلافاً لفظياً منصباً على كون الإيمان يتناول في مفهومه الأعمال أم لا ، فإذا تناولها يكون تسمية الأعمال حقيقة ، وإذا لم يتناولها يكون تسمية الأعمال إيماناً مجازاً ، وهذا الخلاف لا يترتب عليه فساد اعتقاد ، فالكل مجمع على أن الإيمان الذي ينجي صاحبه لابد وأن يكون معه عمل .
وفي ذلك يقول صاحب شرح العقيدة الطحاوية بعد أن استعرض آراء العلماء في مفهوم الإيمان :
( والاختلاف الذي بين أبي حنيفة والأئمة الباقين من أهل السنة اختلاف صوري ، فإن كون أعمال الجوارح لازمة لإيمان القلب ، أو جزءاً من الإيمــان
{ 54 }
مع الاتفاق على أن مرتكب الكبيرة لا يخرج عن الإيمان بل هو في مشيئة الله إن شاء عذبه وإن شاء عفا عنه ، نزاع لفظي لا يترتب عليه فساد واعتقاد ) ( 1 ) .
ويقول ابن تيمية وهو يناقش الحنفية :
( إذا كان أصل الإيمان التصديق فهو تصديق مخصوص .. وهذا التصديق له لوازم ، وقد صارت لوازمه داخلة في مسماه عند الإطلاق فإن انتفاء اللازم يقتضي انتفاء الملزوم ويبقى النزاع لفظياً :
هل الإيمان دال على العمل بالتضمن أو باللزوم ؟
ومما ينبغي أن يعرف أن أكثر التنازع بين أهل السنة في هذه المسألة هو نزاع لفظي ، وإلا فالقائلون بأن الإيمان قول من الفقهاء كحماد بن أبي سليمان – وهو أول من قال ذلك ، ومن اتبعه من أهل الكوفة وغيرهم – متفقون مع جميع علماء السنة على أن أصحاب الذنوب داخلون تحت الذم والوعيد ، وإن قالوا : إن إيمانهم كامل بإيمان جبريل فهم يقولون : إن الإيمان بدون العمل المفروض ومع فعل المحرمات يكون صاحبه مستحقاً للذم والعقاب ، كما تقوله الجماعة والذين ينفون عن الفاسق اسم الإيمان من أهل السنة متفقون على أنه لا يخلد في النار .
فليس بين فقهاء الملة نزاع في أصحاب الذنوب إذا كانوا مقرين باطناً وظاهراً بما جاء به الرسول ، فقد قالوا جميعاً : إنهم من أهل الوعيد ، وإن من دخل النار منهم لا يخلد فيها . وقالوا : إن هؤلاء ليسوا مرتدين مباحي الدماء ( 2 ) .
{ 55 }
هل يجتمع الإيمان مع الكفر والنفاق ؟
علمنا أن المعاصي قد يطلق عليها كفراً أو جاهلية .. ومعنى هذا أن الإيمان قد يجتمع مع الكفر والجاهلية .
نعم يجتمع الإيمان مع الكفر والنفاق ، والإيمان الذي يجتمع معهما إنما هو الإيمان الناقص الذي يكون بلا عمل ، أو يكون مع المعاصي ، وكذلك يجتمع الإيمان مع النفاق ( 1 ) .
والمراد بالنفاق الذي يجامع الإيمان هو نفاق العمل مثل الكذب في الحديث وخلف الوعد ..
والمراد بالإيمان الذي يجتمع مع هذا النفاق هو الإيمان الناقص ( 2 ) .
وعلى هذا : فالمؤمن إذا ارتكب معصية أو ترك واجباً ، يكون قد ارتكب خصلة من خصال الكفار أو من خصال الجاهلية ، أو من خصال المنافقين ، يعني تخلق بأخلاق هؤلاء ، وفي الوقت نفسه يكون معه إيمان ناقص .
{ 56 }
ويدل على ذلك قول رسول الله r لأبي ذر : " إنك امرؤ فيك جاهلية " .
وقوله r : " آية المنافق ثلاث : إذا حدث كذب ، وإذا وعد أخلف ، وإذا اؤتمن خان " ( 1 ) .
وقوله عليه الصلاة والسلام : " أربع من كن فيه كان منافقاً خالصاً ، ومن كانت فيه خصلة منها ، كانت فيه خصلة من النفاق حتى يدعها : إذا حدث كذب ، وإذا وعد أخلف ، وإذا عاهد غدر ، وإذا خاصم فجر " ( 2 ) .
ويدل عليه أيضاً : الأحاديث التي أطلقت الكفر على بعض المعاصي والتي تحدثنا عنها فيما مضى . وقد ذهب إلى هذا جميع علماء أهل السنة .
يقول ابن حجر أثناء عرض مذاهب العلماء في تعريف الإيمان :
( .. فمن أقر أجريت عليه الأحكام في الدنيا ولم يحكم عليه بكفر ، إلا إن فعل فعلاً يدل على الكفر ، كالسجود لصنم ، فإن كان الفعل لا يدل على الكفر كالفسق ، فمن أطلق عليه الإيمان فبالنظر إلى إقراره ومن نفى عنه الإيمان فبالنظر إلى كماله ، ومن أطلق عليه الكفر فبالنظر إلى أنه فعل فعل الكافر ) ( 3 ) .
ويقول ابن حجر في شرح قوله r " آية المنافق ثلاث .. " :
( هذا الحديث عده جماعة من العلماء مشكلاً ، من حيث أن هذه الخصال قد توجد في المسلم المجمع على عدم الحكم بكفره ... وليس فيه إشكال ، بل معناه صحيح ، والذي قاله المحققون : إن معناه : إن هذه خصال نفاق ، وصاحبها شبيه بالمنافقين في هذه الخصال ومتخلق بأخلاقهم ) ( 4 ) .
{ 57 }
ثم قـال :
( وقيل في الجواب عنه : إن المراد بالنفاق نفاق العمل ، وهذا ارتضاه القرطبي واستدل له بقول عمر لحذيفة : هل تعلم فيّ شيئاً من النفاق ؟ فإنه لم يرد بذلك نفاق الكفر وإنما أراد نفاق العمل ) ( 1 ) .
ويقول ابن تيمية :
( إن بعض الناس قد يكون معه شعبة من شعب الكفر ومعه إيمان أيضاً ، وإن الكفر الذي يجتمع مع الإيمان إنما هو الكفر الأصغر ، أي المعاصي ، فكل أنواع المعاصي قد يطلق عليها كفراً .
ثم يبين أن الخوارج والمعتزلة رفضوا هذا وقالوا : لا يجتمع في العبد إيمان وكفر ، لأنه لا يعقل أن يجتمع في الشخص الواحد طاعة يستحق بها الثواب ، ومعصية يستحق بها العقاب ، ولا يتصور أن يدخل الشخص الواحد الجنة والنار معاً ، فمن دخل أحدهما ، لا يدخل الأخرى ) ( 2 ) .
ولهذا أنكروا أن يخرج أحد من النار ، وأنكروا الشفاعة في أحد من أهل النار .
{ 58 }
ثم بين ابن تيمية : أن قول الخوارج والمعتزلة مرفوض عند علماء أهل السنة .
وبين أيضاً : أن المؤمن العاصي يسمى مؤمناً ناقص الإيمان ، أو مؤمناً فاسقاً ، عند أهل السنة ، يعني يسمى مؤمناً بهذا القيد أو ذاك .
وتساءل : هل يسمى المؤمن العاصي مؤمناً مطلقاً ؟
وأجاب : بأن بعض أهل السنة نفى عنه الإيمان ، فقال : ليس بمؤمن ( 1 ) وأن بعضاً آخر سماه مؤمناً بهذا الإطلاق وبلا قيد ( 2 ) .
ثم قال : والصحيح التفصيل :
ففي أحكام الدنيا يسمى مؤمناً مطلقاً ، يعني يعطى اسم الإيمان المطلق وكذلك في خطاب المؤمنين في مثل قوله سبحانه : ] يا أيها الذين آمنوا [ وفي أحكام الآخرة لا يسمى مؤمناً مطلقاً ، بل يسمى مؤمناً ناقص الإيمان ، أو مؤمناً فاسقاً ، فلابد من القيد لأن معه إيماناً وفسقاً ، فهو مؤمن بإيمانه فاسق بكبيرته .
وهذا النوع ليس مؤمناً مطلقاً ، لأن المؤمن المطلق هو الذي يستحق المدح وهو الموعود بالجنة .
أما هذا فمعه إيمان يمنعه من الخلود في النار ، ويدخل به الجنة بعد أن يعذب في النار ، إن لم يغفر الله له ( 3 ) .
ويقول أيضاً :
إن خير المؤمنين في أعلى درجات الجنة ، أما المنافقون ففي الدرك الأسفل من النار ، وإن كانوا في الدنيا مسلمين ظاهراً تجري عليهم أحكام الإسلام الظاهرة فمن كان فيه إيمان ونفاق يسمى مسلماً ، إذ ليس هو دون المنافـق المحض ، وإذا
{ 59 }
كان نفاقه أغلب لم يستحق اسم الإيمان ، بل اسم المنافق أحق به ، فإن ما فيه بياض وسواد ، وسواده أكثر من بياضه هو باسم الأسود أحق منه باسم الأبيض ، كما قال تعالى : ] هُمْ لِلْكُفْرِ يَوْمَئِذٍ أَقْرَبُ مِنْهُمْ لِلْإِيمَانِ [ ، وأما إذا كان إيمانه أغلب ، ومعه نفاق يستحق به الوعيد ، لم يكن أيضاً من المؤمنين الموعودين بالجنة – أي مع السابقين – إن استحقها بإيمانه بعد العذاب إن لم يشفع له أو يعف الله عنه .
ومن أدلة ابن تيمية على أن القلب قد يكون فيه إيمان ونفاق : قوله عليه الصلاة والسلام : " أربع من كن فيه كان منافقاً خالصاً ... " .
ووجه الاستدلال : أن من كانت فيه خصلة من النفاق ، كان فيه أيضاً كثير من خصال الإيمان فيجتمع الإيمان والنفاق في القلب .
ما روي عن ابن مسعود أنه قال : الغناء ينبت النفاق في القلب كما ينبت الماء البقل ( 1 ) .
وقد عقب ابن تيمية بعد أن ذكر هذا القول فقال :
وهذا كثير من كلام السلف : كلهم بين أن القلب قد يكون فيه إيمان ونفاق .
ومن أدلته على أن القلب قد يكون فيه إيمان وكفر :
قوله r : " لا ترجعوا بعدي كفاراً يضرب بعضكم رقاب بعض " .
فقد سمى رسول الله r من يضرب بعضهم رقاب بعض بلا حق كفاراً ، ويسمى هذا الفعل كفراً ، ومع هذا فقد قال تعالى : ] وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا [ إلى قوله : ] إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ [ فبين أن هؤلاء لم يخرجوا من الإيمان بالكلية ، ولكن فيهم ما هو كفر وهي هذه الخصلة ، كما قال بعض الصحابة : كفر دون كفر ( 2 ) .
{ 60 }
هل يصح الحكم على شخص معين بأنه من أهل النار أو الجنة ؟ وهل يصح الحكم بتكفير شخص معين ؟
يقول صاحب العقيدة الطحاوية : " ولا ننزل أحداً منهم جنة ولا نار " .
ويقول الشارح :
( يريد : أنا لا نقول عن أحد معين من أهل القبلة إنه من أهل الجنة أو من أهل النار ، إلا من أخبر الصادق r أنه من أهل الجنة كالعشرة رضي الله عنهم ، وإن كنا نقول : إنه لابد أن يدخل النار من أهل الكبائر من شاء الله إدخاله النار ، ثم يخرج منها بشفاعة الشافعين ، ولكنا نقف في الشخص المعين ، فلا نشهد له بجنة ولا نار إلا عن علم ، لأن الحقيقة باطنة وما مات عليه لا نحيط به ، لكن نرجو للمحسنين ، ونخاف على المسيئين ) ( 1 ) .
ويقول شارح العقيدة الطحاوية أيضاً :
إن الشخص المعين إذا قيل : هل تشهدون أنه من أهل الوعيد وأنه كافر ؟
فهذا لا نشهد عليه إلا بأمر تجوز معه الشهادة ، فإنه من أعظم البغي أن تشهد على معين أن الله لا يغفر له ولا يرحمه بل يخلده في النار ، فإن هذا حكم الكافر بعد الموت ، ولهذا ذكر أبو داود في سننه في كتاب الأدب : " باب النهي عن البغي " ، وذكر فيه عن أبي هريرة t قال : سمعت رسول الله r يقول : " كان رجلان في بني إسرائيل متواخيين ، فكان أحدهما يذنب ، والآخر مجتهد في العبادة ، فكان لايزال المجتهد يرى الآخر على الذنب ، فيقول : أقصر ، فوجده يوماً على ذنب فقال له : أقصر ، فقال : خلّني وربي ، أبعثت عليّ رقيباً ؟ فقال : والله لا يغفر الله لك ، أو لا يدخلك الله الجنة ، فقبض أرواحهما ، فاجتمعا عند رب العالمين ، فقال لهذا المجتهد : أكنت بي عالماً ؟ أو كنت على ما يدي قادراً ؟ وقال للمذنب : اذهب فادخل الجنة برحمتي وقال للآخر : اذهبوا به إلى النار " .
{ 61 }
قال أبو هريرة : والذي نفسي بيده لتكلم بكلمة أو بقت دنياه وآخرته ) .
ثم قال الشارح :
( ولأن الشخص المعين يمكن أن يكون له إيمان عظيم وحسنات توجب له رحمة الله ) ( 1 ) .
ويقول ابن تيمية :
( إن القول قد يكون كفراً ، فيطلق القول بتكفير صاحبه ويقال : من قال هذا فهو كافر ، لكن الشخص المعين الذي قاله لا يحكم بكفره ، حتى تقوم عليه الحجة التي يكفر تاركها .
وهذا كما في نصوص الوعيد ، فإن الله يقول : ] إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا [ فهذا ونحوه من نصوص الوعيد حق ، لكن الشخص المعين لا يشهد عليه بالوعيد ، فلا يشهد على معين من أهل القبلة بالنار ، لجواز أن لا يلحقه الوعيد ، لفوات شرط ، أو ثبوت مانع ، فقد لا يكون التحريم بلغه ، وقد يتوب من فعل المحرم .. وقد تكون له حسنات عظيمة تمحو عقوبة المحرَّم .. وقد يبتلى بمصائب تكفر عنه ، وقد يشفع فيه شافع مطيع ) .
ثم قـال :
( وهكذا الأقوال التي يكفر قائلها ، قد يكون الرجل لم تبلغه النصوص الموجبة لمعرفة الحق .. وقد تكون بلغته ولم تثبت عنده ، أو لم يتمكن من فهمها وقد تكون عرضت له شبهات يعذره الله بها ، ومذاهب الأئمة مبنية على هذا التفصيل بين النوع والمعين ) .
( 1 ) متفق عليه .
( 2 ) أخرجه الحاكم في المستدرك وقال الذهبي في التلخيص صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه .
( 3 ) متفق عليه .
( 1 ) صحيح مسلم بشرح النووي ( 2 / 54 ) .
( 2 ) هذا التأويل على أن الكفر المراد به الكفر الحقيقي .
( 3 ) يقصد ما ذكره البخاري من عنوان قبل أن يسوق هذا الحديث فقد قال : باب خوف المؤمن من أن يحبط عمله وهو لا يشعر ، وهذا التأويل لا يناسب العنوان أو الترجمة .
ويلاحظ أن ابن حجر قد ضعف القول الثالث ، مع أنه لم يضعفه في قوله r " لا ترجعوا بعدي كفاراً يضرب بعضكم رقاب بعض " ، بل استحسنه ، كما سنرى .
ثم هو في الوقت نفسه لا يخالف الترجمة .
( 1 ) فتح الباري ( 1 / 113 ) .
( 2 ) صحيح مسلم ( 2 / 55 ) .
( 1 ) فتح الباري ( 12 / 194 ) .
( 2 ) موضع بالبادية قريب من المدينة .
( 1 ) الجاهلية : ما قبل الإسلام ، فإذا أطلقت على شخص فالمراد بها : الحالة التي كان عليها قبل الإسلام .
( 2 ) سياق قوله تعالى : ( إن الله لا يغفر أن يشرك به ) يدل على أن المراد بالشرك هنا هو : جحد بنوة محمد r ، فقد قال سبحانه قبل هذه الآية : ( ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدي ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيراً ) .
( 1 ) انظر : فتح الباري ( 1 / 84 ) وما بعدها .
ويلاحظ : أن البخاري استدل على أن المؤمن إذا ارتكب معصية لا يكفر ، بأن الله تعالى أبقى عليه اسم المؤمن فقال : ( وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا ) إلى أن قال : ( إنما المؤمنون إخوة فأصلحوا بين أخويكم ) .
( 2 ) انظر : فتح الباري ( 1 / 83 ) وما بعدها ، وانظر : إيثار الحق على الخلق لأبي عبد الله محمد بن مرتضى اليماني : 430 وما بعدها .
( 1 ) انظر : مدارج السالكين ( 1 / 348 ) ، وظاهرة الغلو في التفكير للدكتور القرضاوي : 41 وما بعدها .
( 2 ) يلاحظ أن ابن سلام يقسم النصوص المخالفة لمذهب أهل السنة تقسيمات متعددة ، فالنوع الأول هو ما يزيل اسم الإيمان عن المؤمن بارتكابه بعض المعاصي ، والنوع الثاني هو البراءة من النبي r له ، والنوع الثالث هو : تسميه بعض المعاصي كفراً أو شركاً .
( 1 ) يقصد : أن المعاصي عندما تحدث ، لا تحدث مع الإيمان الذي وصف في القرآن والسنة .
( 2 ) يقصد حقيقة الإيمان التي وصفت في القرآن والسنة ، فحقيقته الموصوفة في القرآن والسنة أنه إيمان لم يختلط بشيء من المعاصي .
( 1 ) كتاب الإيمان للدكتور / محمد نعيم ياسين نقلاً عن رسالة الإيمان لأبي عبيد القاسم بن سلام : 89 .
( 1 ) فتح الباري ( 1 / 46 ) بتصرف .
( 1 ) يقصد : أن الإيمان قول وعمل .
( 2 ) هذا التبويب يدل على أن الأعمال من الإيمان .
ساحة النقاش