الموقع التربوي للدكتور وجيه المرسي أبولبن

فكر تربوي متجدد

اللغة وأهميتها :

تعد اللغة من أهم الظواهر الاجتماعية التي أنتجها التطور البشري , فبدأ العلماء يحللون ما يحيط بهم تحليلاً واعياً، و يلاحظون ما يحيط بهم من علاقات متبادلة بين اللغة ومختلف النشاطات الإنسانية الأخرى، ويسجلون تأملاتهم، وملاحظاتهم عن دور اللغة في المجتمع , فهى منهج الحياة الذى يسع الحياه علماً، وفناً ، وعملاً .

ومما لا شك فيه أن اللغة لها وظائف عديدة،  تتضاعف هذه الوظائف مع تعقد الحياة وتعدد قنوات الاتصال، وأهم هذه الوظائف على الإطلاق هى الوظيفة الاتصالية، حيث لا سبيل
أمام الفرد للتواصل وقضاء معظم حاجاته إلا بالتواصل والتفاهم مع الآخرين، ولا بد للتفاهم من لغة، ويؤكد ذلك اللغويون والتربويون قديماً وحديثاً .

فلما عّرف ابن جني اللغة بأنها : "أصوات يعبر بها كل قوم عن أغراضهم" (7: 31)، فإن تعريفه للغة يشتمل على منظومة اللغة وهي : أن اللغة أصوات، وتعبير، وفى الوقت نفسه أداة يعبر بها كل قوم عن أغراضهم، وهذا تعريج واضح من (ابن جني) على أن أهم وظائف اللغة، هي الوظيفة الاتصالية.

وفي العصر الحديث أكد العلماء المعاصرين هذا المفهوم ، فقد أكد كل من (فتحي يونس 1999) (62)،
(ورشدي طعيمة 1998) (27)، (فايزة السيد 1998) (57) و(على مدكور 1995)(51) على أن اللغة منهج للتواصل الاجتماعي يستعملها الفرد لأداء وظائف مختلفة، وللتأثير على الآخرين.

ومما سبق يتبين أن اللغة لها قيمة عظمى في التعبير عن الحاجات والمشاعر ، وعند استخدامها كأداة للتواصل،  "فلكي يعيش الفرد مع الجماعة لابد من الاتصال بأفرادها، ومن الطبيعي أن تكون لغته هي الأداة في هذا الاتصال، وعن طريق إحدى مهاراتها (الاستماع أو التحدث أو القراءة أو الكتابة) يستطيع أن يخرج من حدود الجماعة الصغيرة ويتصل بالمجتمع ليحقق مطالبه، ويطلع على ما يجرى فيه من أحداث، وتطورات، ويكتسب خبرات واسعة، ومعلومات أكثر" (نايف خرما وعلي حجاج 1988) (82: 187).

ويضيف الباحث إلى ما سبق : أن أهمية اللغة كأداة للتواصل تتضاعف بالنسبة للمجتمع والإنسانية ككل وليست مهمة للفرد فحسب، ؛ فهي أداة الاندماج الحقيقية بين أفراد المجتمع ، وهى الرباط الوثيق الذي ضمن للتطور الإنساني التاريخي البقاء عبر السنين، والجانب المعنوي الذي حفظ الحضارة لكل الأمم والشعوب.

وقد عبر عن ذلك كل من (فتحي يونس، كامل النحاس، أحمد النحاس،
أحمد حسن حنوره 1986): بأن اللغة أصل، وجذر لكل ما يمكن أن نتصوره عن عوامل تكوين المجتمع، كالتاريخ المشترك، والدين المشترك، والأدب والفكر، والإحساس والإدارة، والعمل المشترك فلا يمكن تصور تاريخ بلا لغة، ولا دين بلا لغة، فاللغة منهج اتصال يتمثل فى فنون أربع هى (الاستماع، والتحدث، والقراءة، والكتابة) والنحو والبلاغة عاملان مشتركان بين هذه الفنون. (60 : 25)

و أساس هذه النظرة – كما يرى الباحث -  هو الاهتمام بوظيفة اللغة، ودورها في حياة البشر، وقد ترتب على هذه النظرة الاهتمام بعملية التواصل نفسها وبجوانبها المكونة لها، (الرسالة، والوسيلة، والمرسل والمستقبل) والنية أو العزم على تبليغ الرسالة، وما ينبغي أن يكون عليه كل جانب من هذه الجوانب، كما ترتب على تلك النظرة أيضاً الاهتمام باستخدام اللغة وممارسة أنشطتها بدلاً من التركيز على حفظ قواعدها، فالمهم هو إتاحة الفرصة للطلاب لاستخدام اللغة وظيفياً، وهنا يأتي دور الكتاب المدرسي لتعليم للغة العربية- ولاسيما لغير الناطقين بها- لخلق الظروف والمواقف الحياتية من خلال محتوى ثقافي معين يكون صالحاً لأن يمتزج بمحتوى لغوى مناسب يتم من خلاله ممارسة فنون اللغة وإتقان مهاراتها.

وأخيراً إذا كان قد استخلص من خلال الحديث عن اللغة وأهميتها أن أهم وظائف اللغة على الإطلاق هي الوظيفة الاتصالية؛ فإن ذلك لا يعنى أن اللغة هي أداة الاتصال الوحيدة، أو أن الاتصال لا يتم إلا من خلال استخدام اللغة، ذلك لأن مفهوم الاتصال أشمل وأوسع من ذلك بكثير وذلك ما سيتم التعرف عليه من خلال الصفحات القادمة.

المصدر: د محمود حافظ
  • Currently 15/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
5 تصويتات / 2203 مشاهدة
نشرت فى 25 يونيو 2011 بواسطة maiwagieh

ساحة النقاش

الأستاذ الدكتور / وجيه المرسي أبولبن، أستاذ بجامعة الأزهر جمهورية مصر العربية. وجامعة طيبة بالمدينة المنورة

maiwagieh
الاسم: وجيه الـمـرسى إبراهيـــم أبولـبن البريد الالكتروني: [email protected] المؤهلات العلمية:  ليسانس آداب قسم اللغة العربية. كلية الآداب جامعة طنطا عام 1991م.  دبلوم خاص في التربية مناهج وطرق تدريس اللغة العربية والتربية الدينية الإسلامية. كلية التربية جامعة طنطا عام 1993م.  ماجستير في التربية مناهج وطرق تدريس اللغة العربية »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

2,604,309