هناك العديد من الاتجاهات الحديثة المناسبة لتدريس التعبير الشفوي منها المدخل التفاوضيNegotiation Approach والذي يقوم على أساس إيجابية المتعلم ومشاركته مجموعة من المتعلمين حول وجهات نظر متعددة تتحمل رغباتهم وطموحاتهم ثم يتنافس الجميع للوصول إلى اتفاق يرضي الجميع، والتفاوض يكون على كيفية تحقيق وإتقان مهارة لغوية، وليس على أحد الأهداف من خلال بحث ونقاش فيما بين المتعلمين وبين المعلم(فايزة السيد، 2009: 57).
ويعد التفاوض Negotiation من أقدم مظاهر السلوك الإنساني الشائعة سواء على مستوى الأفراد أو الجماعات أو المنظمات أو الدول أو التكتلات العالمية السياسية والاقتصادية والعسكرية. فنحن نعيش عصر المفاوضات سواء بين الأفراد أو الشعوب حي أن كافة جوانب حياتنا هي سلسلة من المواقف التفاوضية.
ويستمد التفاوض أهميته من كونه الطريق الوحيد الممكن استخدامه لمعالجة القضايا الخلافية والوصول إلى حل المشكلة المتنازع عليها. فكل فرد مشارك في العملية التفاوضية لديه درجة معينة من السلطة والنفوذ لكنه في الوقت نفسه ليس لديه كل السلطة والنفوذ لإملاء إرادته على الطرف الآخر، ومن ثم يصبح التفاوض هو الأسلوب الوحيد المتاح لكل الأطراف للوصول إلى حل للمشكلة المتنازع عليها(أحمد أبو عايش، 2003م).
وقد أجريت في هذا المجال العديد من الدراسات منها: دراسة بوميرBoome , L.,(1990))بعنوان التفاوض في المنهج التعليمي في مقتبل القرن العشرين، تناول فيها تحليل بعض مناهج الدراسية لتعرف مدى تناولها لمهارات التفاوض.
دراسة فيرنبرج وآخرون(Vernberg et al. 1994)عن دور الاستراتيجيات التفاوضية في تكوين الصداقات بين الأفراد فى مرحلة المراهقة بعد الانتقال إلى بيئة مدرسية جديدة. أجريت الدراسة على(74)من المراهقين الذين بدءوا العام الدراسي في مدرسة جديدة بعد الانتقال إلى بيئة اجتماعية جديدة. ولقد لوحظ أن المراهقين ذوى الأداء المرتفع والمتوسط على مقياس المهارات التفاوضية بإمكانهم تكوين صداقات حميمة مع الآخرين خلال ثلاثة أشهر بينما لم يستطيع المراهقون ذوى التقييم المنخفض من حيث القدرة التفاوضية على الاندماج بسهولة وسط البيئة الجديدة.
دراسة أرنسون وآخرون( (Aronsson et al. 1996والتي تمت لمناقشة المراحل العمرية المختلفة لأفراد العائلة الواحدة والمشاكل المتعددة الأطراف التي تثير أسئلة عديدة لدى الأولاد في سن المراهقة وظهور المشاكل الخاصة بهم في هذه المرحلة العمرية الهامة في حياة الفرد والتي تبدو عادة في صورة ادعاءاتهم بإلقاء اللوم على الكبار في ظهور العديد من المشاكل، كما يدرس دور أسلوب المفاوضات الذي يناقش تلك المشاكل العائلية بين الأجيال المختلفة. وكيف أن المرشد النفسي يلعب دور المايسترو في الجلسات التفاوضية من خلال إجراء المناقشات إعادة بلورة المشاكل ووضع منظور جديد بين الآباء والأبناء.
دراسة لانتيري(Lantieri,1997)التي اهتمت بالتعرف على أسس واستراتيجيات التفاوض السلمية واستخدامها كأسلوب لفض المنازعات ما بين المراهقين وآبائهم خاصة أثناء المرحلة الدراسية الثانوية؛ حيث تساعد في الوصول إلى حل مقبول يلبى احتياجات الطرفين. كما يؤكد أيضاً على ضرورة تنمية المهارات التفاوضية لدى أفراد الأسرة والمبنية على أسس علمية سليمة.
دراسة كاندلر(Candier 2002)والتي هدفت التعرف على دور المناقشات والتفاوض حول محتوى القصص المدرسية وذلك على عينة من التلاميذ تتراوح أعمارهم ما بين(9-14)سنة. حيث تمت المقارنة بين طريقتين يتبعهما المعلم الطريقة الأولى بعيدة عن التفاوض؛ حيث يقوم المدرس بشرح وقراءة أجزء من القصة مع التركيز على الكلمات وكتابتها ونطقها. أما الثانية فتتم عن طريق المناقشة والتفاوض بين التلاميذ وبعضهم البعض وبين المعلم الذي يقود ورشة القراءة والكتابة، ولقد توصل الباحث إلى أفضلية الطريقة الثانية القائمة على المناقشة والتفاوض حيث تؤدى إلى فهم أكثر لأحداث القصة وعلاقة الشخصيات ببعضها البعض.
دراسة أوليفر(Oliver,2002)بعنوان أنماط التفاوض المستخدمة في تفاعل الأطفال وذلك بهدف التعرف على العوامل المؤثرة على عملية التفاعل بين الأطفال وبعضهم البعض. أجريت الدراسة على مجموعة من الأطفال تتراوح أعمارهم الزمنية 8-13 سنة وتم تقسيم المشاركين في هذه المجموعة إلى(96)مجموعة ثنائية على أساس التشابه في السن أو الجنس أو المواطنة. وتوصل الباحث إلى أن أهم متغير يؤثر على طريقة التفاوض وتفاعل الأطفال Child Interaction هو متغير المواطنة.
دراسة ثناء عبد المنعم رجب(2005)التي أكدت فاعلية استخدام المدخل التفاوضي وأسلوب الحافظة في تنمية مهارات التعبير الإبداعي والاتجاه نحو المادة لدى طلاب الصف الأول الثانوي.
دراسة سلوى عثمان، وهبه الدغيدي(2007)التي هدفت تعرف العلاقة بين تحقيق أغراض الحقيبة الوثائقية والقدرة على الحوار والتفاوض الفكري لدى طلاب كلية التربية.
دراسة دانليويتش((Danielowich,R.,2007 التي حاولت استخدام التفاوض لخلق صراع بين الأهداف والممارسات العقلية عن طريق وضع هذه الصراعات في سياقات متعددة في مادة العلوم. كما استهدفت دراسة دانيش((Danish,J.,2007 تعرف فاعلية استخدام المدخل التفاوضي في مرحلة رياض الأطفال لتمثيل بعض الدروس في مادة العلوم.
أما دراسة ليلى عبد الله(2008) فاستهدفت تعرف فاعلية المدخل التفاوضي في تنمية طبيعة العلم وتقدير العلماء لدى الطالبة المعلمة بكلية البنات.
ومن خلال ما سبق يتضح أن المدخل التفاوضي من المداخل التي تعتمد على النظرية البنائية؛ كما أنه يركز على التوصل إلى أفضل تعلم يمكن أن يحصل عليه المتعلم لأنه يحرر المتعلمين من الأساليب التقليدية في التفكير كما يشجعهم على الإبداع والابتكار، كما انه جزء من عملية التفاعل الطبيعي في أية جماعة وبالتالي يجعل التعلم أكثر فاعلية، كما انه يسهم في إنتاج وتوليد الأفكار الجديدة التي يبحث عنها المتحدث دائما؛ مما يزيد حب الاستطلاع المعرفي لديه.
ساحة النقاش