على مر العصور يحلم التربويون والمعلمون فى جعل العملية التعليمية أكثر ثراء ؛ فهم يأملون فى تعليم أعداد كبيرة من التلاميذ بطرق أحسن، وأسرع مما هو متاح لهم . وقد استمر هذا الحلم عبر التاريخ منذ اختراع أسلوب المحاضرة مروراً بأفلام الفيديو، والتليفزيون، والراديو، وشرائط الفيديو ... الخ واستمر هذا الحلم فى الثمانينات من هذا القرن من خلال استخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، وما يرتبط بهما من حاسبات آلية وشبكات نقل المعلومات وتبادلها، وقد أثارت تضمينات هذه الوسائل والتقنيات المتقدمة انتباه التربويين فيما يتعلق بالتعلم الذاتي، والتحرر من الأنشطة الروتينية المتكررة، والمرهقة، وعرض المحتوى العلمي بأكثر من طريقة عما هو متاح لمعلم الفصل التقليدي الحالي .
والتعليم المصري يمر حالياً بمشروع ضخم يطلق علية مشروع مبارك لتطوير التعليم ، الذى يزود المدارس بالإمكانيات، والأساليب، والمناهج المناسبة لإعداد المتعلمين ؛ لكي يعيشوا، ويتعايشوا مع مجتمع الموجة الثالثة ؛حتى يصبحوا منتجين فى مجتمعهم، ولن يتأتى ذلك إلا عن طريق تعليم تكنولوجيا المعلومات، والاتصالات المتقدمة، وتحديث التعليم ذاته بهذه التكنولوجيات، والتعرف على أبعادها وتطوراتها فى كثير من المجالات الحياتية .(محمد محمد الهادي، 1998، 98)
وهناك تطبيقات عديدة للتكنولوجيا فى التعليم وتكتسب الفصول الدراسية الآلية أهمية خاصة فى هذا المجال .
الفصول الدراسية الآلية : (محمد محمد الهادي ، 1997 ، 77)
تتمثل الرؤية المتصلة باستخدام الآلية فى التعليم بادراك الهدف من تكنولوجيا المعلومات بأنها وسيلة تسهم فى إحلال الآلية محل العمالة البشرية التي قد تكون غير متوفرة، أو مكلفة، أو غير مؤهلة، أو غير موثوق منها للقيام بالمهام التعليمية المختلفة والمتعددة، والغرض الرئيسي لتكنولوجيا المعلومات فى التعليم هو توفير الأدوات اللازمة لمعالجة المواد الدراسية، وعرضها فى الفصل أو قاعة الدراسة التي يشار إليه هنا بالفصل الدراسي الآلي ويشمل ذلك ما يلي :
- جهاز الكمبيوتر المتحكم فيه المعلم :
هو جهاز مجهز ببرمجيات موجهة للمستخدم النهائي أي المتعلم، ويستخدم بواسطة المعلم فى الفصل الدراسي، حيث تكون التكنولوجيا مثبتة على عربة تطلب عند الاستخدام . والهدف الرئيسي لهذا التوجه الآلي يتمثل فى تسهيل عرض الدرس، وتحرير المعلم من الكتابة على السبورة مما يجعل التدريس أكثر تشويقاً للطلاب وذا طابع حيوي غير جامد، ويساعد فى عملية التذكر.(محمد محمد الهادي ، 1997، 78)
وبذلك فإن استخدام جهاز الكمبيوتر المتحكم فيه من قبل المعلم يُبنى على افتراضات تربوية عديدة منها أن التدريس يكون لعرض المواد الدراسية، وتعمل تكنولوجيا المعلومات على تحسين عملية عرض المادة الدراسية، وتعزيز الناتج منها . ويحدث التحسن من خلال إستخدام الألوان، والرسومات، فقد وجد من الدراسات السابقة أن الألوان والرسومات تستطيع خلق الاهتمام، والقبول لدى المستخدمين، كما يمكنها أن تزيد من فهم المتعلمين، وتسهم فى جعل المعلومات سهلة التذكر .(محمد محمد الهادي ، 1997،77)
- أجهزة الكمبيوتر الشخصية للطلاب:
يشتمل الفصل الدراسي الأكثر تقدماً على توفير أجهزة كمبيوتر شخصية لطلابه، بحيث يعمل كل طالب على جهاز مستقل به ، وتساعد هذه الأجهزة فى تقديم وصول مباشر للطلاب ؛ لحزم البرامج المتوفرة، والمتحكم فيها من قبل المعلم، ويسهم ذلك فى تعلم الطلاب نفس النمط الذى يستخدمه المعلم فى خطوات عرض البرامج المحددة التي يريد توجيهها لهم.
وفى إطار عملية التدريس والتعليم على كافة أنواعها وخاصة فيما يختص بالتعليم العالي، أو الجامعي توجد علاقة وثيقة بين تحكم الطلاب فى عملية التعلم وما يرتبط بذلك من تعزيز الدافعية والأداء، وبين المشاركة فى تحليل البدائل العديدة المتجهة لحل المشكلة المثارة فى الفصل الدراسي مما يسمح للطلاب من بناء المعرفة وتطويرها على الكمبيوتر .(محمد محمد الهادي ، 1997، 79-80)
- التدريس بمساعدة الكمبيوتر :
يعد التدريس بمساعدة الكمبيوتر CAI نوعاً من التعليم القائم على الكمبيوتر CBI وفيه يقوم الكمبيوتر بالتفاعل المباشر مع التلميذ، فور استجابة التلميذ يحصل على ما يبين مدى صحة استجابته، ثم تقدم له خطوة علاجية، أو خطوة جديدة، وفى بعض أنواع التعليم بمساعدة الكمبيوتر CAI يمكن للتلميذ أن يطلب المساعدة من البرنامج .(عبد اللطيف الجزار، 2000، 330 )
والتعليم بمساعدة الكمبيوتر CAI لا يعنى أن الحاسب سيحل محل المعلم، فالمعلم مرب وميسر وموجه للعملية التعليمية، ولا يمكن الاستغناء عنه فهو محور مهم في العملية التعليمية .(محمد إبراهيم يونس ، 2001 ، 166)
والتدريس بمساعدة الكمبيوترCAI يسهل تحميل وتخزين المعرفة من مصادر التعلم المتعددة، ويساعد المتعلمين في معالجة المعلومات المتضمنة فى النظام أثناء استخدامهم له، وبذلك يمكن النظر إلى طريقة التدريس بمساعدة الكمبيوتر بأنها تحسن معالجة المعلومات المعرفية للطلاب حيث أنها تجعل عملية التعلم مفضلة وموجهة أكبر نحو الطالب المستقل فى تعلمه .(محمد محمد الهادي، 1997، 82)
- التعليم من بعد : Distance Learning
ساعدت التكنولوجيا الحديثة في هذا العصر على التغلب على المسافات الواسعة، والمواقع الجغرافية المتباعدة فقد أصبح من الممكن التعليم وجهاً لوجه بغض النظر عن الأماكن التي يتواجد فيها الطلبة . ولهذا نجد أن التعليم ذهب إلى أبعد من الحرم الجامعي وغرفة الصف الدراسي، وأبعد من الكتاب المقرر، إلى قواعد البيانات متعددة الوسائط مثل الكتب الإلكترونية، والبريد الإلكتروني، وقواعد البيانات الإلكترونية وشبكة المعلومات العالمية، وقد تزامنت التطورات التقنية والوسائط التعليمية مراحل تقدم التعليم من بعد وانتشاره، وقد قسمت هذه المراحل إلى أربعة أجيال هي : (محمد محمود الحيلة ، 2001، 558)
الجيل الأول : وهو نموذج المراسلة وكان يعتمد على المادة المطبوعة واستخدام المراسلات البريدية التي توصل النصوص للدارسين.
الجيل الثاني : وهو نموذج الوسائط المتعددة ويعتمد على المادة المطبوعة، والشرائط السمعية، والمرئية، والتعلم بمساعدة الكمبيوتر، والأقراص المدمجة، والبث التليفزيوني، والإذاعي، وكذلك استخدام الهاتف في توصيل المعلومات للمتعلمين .
الجيل الثالث: وهو نموذج التعليم من بعد، ويشتمل على المؤتمرات المرئية و البيانية المسموعة، وبرامج الأقمار الصناعية .
الجيل الرابع : هو نموذج التعليم المرن يجمع هذا الجيل الوسائط المتعددة التفاعلية التي تقوم بتخزين الرسائل على شبكة الاتصالات العالمية ؛ حتى يكون المستقبل جاهزاً لقراءتها متى يريد حيث أن معظمها رسائل إلكترونية لا تزامنيه . ويضم هذا الجيل الأقراص المدمجة التفاعلية، وشبكة الاتصالات (الإنترنت )، وشبكات الاتصال بواسطة الحاسب، وكذلك الفصل الدارسى الافتراضي . كما أن هناك المكتبة الإلكترونية والكتب الإلكترونية، وقواعد البيانات التي توفر المعلومات للمتعلم عند الطلب بالإضافة إلى المحادثات ذات الاتصال المباشر .هذا وتعتبر شبكات الاتصال والمعلومات تطوراً حديثاً لهذا الجيل، وربما المدخل للجيل الخامس من بعد ، حيث أنها فتحت أفاقاً جديدة لأساليب تعلم من بعد أكثر فاعلية وأقل تكلفة من الوسائل الأخرى .
وقد ساعد على استخدام الإنترنت فى التعليم من بعد إستخدام طريق المعلومات السريع Information high way الذى يستخدم لنقل وتبادل المعلومات، ثم التطور الكبير الذى يتمثل فى إستخدام طريق المعلومات فائق السرعة Information supper high way، وهو يعتمد على ضغط المعلومات التي يتم نقلها ؛ حيث تتم نقل المعلومات عن طرق الألياف البصرية بدلا من الكابلات .(الغريب زاهر إسماعيل ، 2000، 111 )
ومن هنا سوف يتاح للمعلم مع تطور نقل المعلومات المضغوطة القدرة على الاستكشاف المكاني Spatial Navigation، وذلك يساعد فى أن يتجه إلى حيث توجد المعلومات بالتعامل مع نموذج لما هو فى الواقع الحقيقي، وسيكون بإمكانه تقريب الصور والنصوص أو إبعادها ، وأن ينشئ أماكن متخيلة خاصة به ترتبط بالمعلومات المعروضة مع الاعتماد على تكنولوجيا المحاكاة والواقع الافتراضيVirtual Realty . وعندما نتمكن من توفير هذه التكنولوجيا للمعلم على شبكة الإنترنت سوف يكون بإمكاننا استخدام التعلم من بعد ثنائي الاتجاه من حيث تقديم المعلومات للطالب فى أماكن تواجده، وإتاحة الفرصة أمامه للتحرك بداخل المعلومات، والتعامل معها، وحل التدريبات نظرياً وعملياً، وإدخالها إلى الشبكة ؛ لتقييمها، وهذه الطريقة تجذب الطالب وتزيد من تفاعله ونشاطه التعليمي .(الغريب زاهر إسماعيل ، 2000، 111)
ساحة النقاش