الموقع التربوي للدكتور وجيه المرسي أبولبن

فكر تربوي متجدد

الكمبيوتر وتعليم القراءة:

يمثل الكمبيوتر قمة ما أنتجته التقنية الحديثة ، فقد دخل الكمبيوتر شتى مناحى الحياة بدءاً من المنزل وانتهاء بالفضاء الخارجي. وأصبح يؤثر في حياة الناس بشكل مباشر أو غير مباشر. ولما يتمتع به من مميزات لا توجد في غيره من الوسائل التعليمية فقد اتسع استخدامه في العملية التعليمية.

وتعد التفاعلية من أهم مميزات استخدام الكمبيوتر؛ حيث يقوم الكمبيوتر بالاستجابة للحدث الصادر عن المتعلّم فيقرر الخطوة التالية بناءً على اختيار المتعلّم ودرجة تجاوبه. ومن خلال ذلك يمكن مراعاة الفروق الفردية للمتعلّمين. وفي مقابل هذه المميزات هناك سلبيات لاستخدام الكمبيوتر في التعليم من أهمها افتقاده للتمثيل (الضمني) للمعرفة.

 فكما هو معلوم فإن وجود المتعلم أمام المعلم يجعله يتلقى عدة رسائل في اللحظة نفسها من خلال تعابير الوجه ولغة الجسم والوصف والإشارة واستخدام الإيماء وغيرها من طرق التفاهم والتخاطب  (غير الصريحة) والتي لا يستطيع الكمبيوتر تمثيلها بالشكل الطبيعي.

لقد تغير دور المعلم تغيرا ملحوظا من العصر الذي كان يعتمد على الورقة والقلم كوسيلة للتعلم والتعليم إلى العصر الذي يعتمد على الكمبيوتر والانترنت وهذا التغير جاء انعكاسا لتطور الدراسات في مجال التربية وعلم النفس وعلم النفس التعليمي بخاصة وما تمخضت عنه من نتائج وتوصيات ، حيث كانت قديما تعتبر المعلم العنصر الأساسي في العملية التعليمية والمحور الرئيسي لها ، ولكنها الآن تعتبر الطالب المحور الأساسي ، وتبعا لذلك فقد تحول الاهتمام من المعلم الذي كان يستأثر بالعملية التعليمية إلى الطالب الذي تتمحور حوله العملية التعليمية وذلك عن طريق إشراكه في تحضير وشرح بعض أجزاء المادة الدراسية ، واستخدام الوسائل التعليمية والقيام بالتجارب المخبرية والميدانية بنفسه والقيام بالدراسات المستقلة وتقييم أدائه أيضا . هذا التغير لم يحدث بشكل مفاجئ ولكنه جاء بشكل متدرج ومر بعدة مراحل متداخلة نوجزها في النقاط التالية :

1- دور الملقن وحشو ذهن الطالب بالمعلومات .

2- دور الشارح للمعلومات.

3- دور المستخدم للوسائل التعليمية .

4- دور القائم بالتجارب المخبرية  .

5- دور المشرف على الدراسات المستقلة .

6 - دور المخطط للعملية التعليمية . (أفنان نظير دروزة1999)

ولقد أحدث دخول الكمبيوتر كمستحدث تكنولوجي فى مجال التعليم دويا هائلاً بين أوساط المربين والمعلمين والمسئولين ، ويعده البعض بمثابة ثورة على نظم التعليم التقليدي بكافة صوره وأساليبه القديمة ، إلى الحد الذى اعتبر "بيرج" "Berg 1995  "أن ظهور الكمبيوتر حول بعض ألأمم من مجتمعات صناعية إلى مجتمعات معلوماتية.(Berg. S .L 1995 :22)

وفى السنوات الأخيرة بدأ الكمبيوتر يأخذ مكانة مهمة فى التعليم بكافة مراحله ، ويعود ذلك بدرجة كبيرة لظهور أجيال جديد من الكمبيوتر ؛ رخيصة الثمن ، سهلة التداول ، متعددة الوظائف والقدرات . وساعد على نمو هذا الاتجاه التنبه إلى الامكانات الكبيرة التى يوفرها الكمبيوتر إمكانية استخدامه فى مجالات متعددة فى كافة أنواع المعرفة الإنسانية .

وتتعدد مجالات استخدام الكمبيوتر فى التعليم على النحو التالى :

المجال الأول : تعلم عن الكمبيوتر: ويتضمن دراسة الكمبيوتر كمقرر دراسى ضمن المنهج الدراسى حيث أصبحت معرفة الكمبيوتر وطرق التحكم فيه واستخدامه من المهارات التى تتزايد أهميتها ، ويمكن تصنيف مقررات الكمبيوتر إلى :

·        مقررات لنشر استخدام المعرفة عن الكمبيوتر فى مرحلة ما قبل الجامعة وتكون على هيئة برامج إعلامية .

·        مقررات لنشر استخدام الكمبيوتر ويتضمن تشغيل الكمبيوتر والأجهزة المساندة له إعداد المبرمجين .

·        مقررات المختصين فى علوم الكمبيوتر ونظم المعلومات ، وتشمل المقررات الأسس النظرية للكمبيوتر ، وترتيب البيانات ، وتعميم لغات البرمجة ، ونظم التشغيل ، وتكون تلك المقرارات فى مراحل الدراسة الجامعية وما فوقها .

المجال الثانى : تعلم من الكمبيوتر Learning from Computer :ويتضمن استخدام الكمبيوتر كمصدر لتصميم وإنتاج البرامج والمواد التعليمية " البرمجة "؛حيث يمكن الاستفادة من الكمبيوتر فى هذا المجال فى تصميم وإنتاج بعض البرامج التعليمية مثل أى مادة دراسية معينة أو إنتاج مواد تعليمية عالية الجودة مثل :

·        إنتاج شفافيات وشرائح .

·        إنتاج تسجيلات صوتية عالية الجودة .

·        إنتاج صورة ثابتة ومتحركة .

المجال الثالث : تعلم مع الكمبيوتر Learning with computer:ويتضمن عدة أنماط منها:

 

التعليم المدار بالكمبيوترComputer Managed instruction

وفى هذا النمط يقوم الكمبيوتر بالعديد من المهام التى تساعد المعلم فى إدارة التعليم دون القيام الفعلى بالتدريس ، ومن هذه المهام :

·        تقديم المادة التعليمية .

·        يتولى عملية التفاعل Interaction مع التلاميذ وفق احتياجات وطريقة وقدرات كل فى استقبال المعلومات .

·        إدارة الاختبارات والتمارين التدريبية للتلاميذ .

·        تقويم وتقدير درجات إجابة الاختبارات .

·        تقديم التغذية المرتجعة الفورية .

·        إدارة الاختبارات القبلية .

·        إدارة وترتيب المواد والمصادر التعليمية .

·        تجميع بيانات التلاميذ وحساب متوسطات الدراجات لكل تلميذ .

·        تقدير مستوى التلميذ إن كان متفوقا أم يحتاج إلى مزيد من التعليم والاستيعاب .

وقد كان من المعتقد أن استخدام نظام (   C.M.I) سوف يوفر على المعلمين الكثير من الأعمال أو يتيح فرصة للتلميذ لممارسة التعليم المفرد ، إلا أن العديد من المعلمين رفضوا التنازل عن بعض أدوارهم التقليدية . ولذلك فإن معظم المعلمين يعتبر استخدام (   C.M.I) عملا زائد عن الحاجة. (عادل سرايا 1998: 35)

ب- الكمبيوتر كمعلم خاص Computer Tutorial :

ويعرف هذا النمط باسم " الكمبيوتر كنظام توجيه للمتعلم " وفيه يقدم الكمبيوتر المادة التعليمية للتلميذ على حده ، مع متابعة تقديمه فى هذه المادة ، ويقوم كذلك بتقديم التغذية المرتجعة الفورية للتلميذ عندما يخطئ فى الإجابة عن سؤال .

جـ- التعليم بمعاونة الكمبيوتر Computer Assisted Instruction  :

ويعتبر هذا النمط من أفضل التطبيقات التربوية للكمبيوتر فى مجال التعليم بصفة عامة / ومجال تدريس العلوم بصفة خاصة،حيث يقوم الكمبيوتر بتقديم المادة التعليمية ضمن استراتيجية تدريسية محددة ، والتعليم بمعاونة الكمبيوتر يساهم فى توفير التعليم الفعال من خلال قدرة الكمبيوتر على توفير التعليم المفرد وتقديم تغذية مرتجعة فورية ، كما أن هذا النمط يتيح للتلميذ فرصا عديدة من المحاولات لحل المشكلات وتصحيح الأخطاء ، مع زيادة على قدرته على التفكير بعمق فى الموضوعات الدراسية.(محمد فهمى 1987: 2)

كما أن هذا النمط يمكن أن يجعل عملية التعليم أكثر فاعلية ؛ مما يجعل المتعلم أكثر نشاطا ، وهناك عدة طرق أو برامج تستخدم فى تحقيق التعليم بمساعدة الكمبيوتر منها:

1- التدريب والممارسةDrill & practice

2- الألعاب التعليمية Instructional Games

3- المحاكاة "تمثيل  المواقف "Simulation

4-المنظم المتقدم   Advance organizer

ومن أبرز الأسباب التي جعلت الالتقاء بين الكمبيوتر وتعليم القراءة حتميا ، ما يلى :  

·        يتعلم التلاميذ القراءة بصورة أفضل وأسرع ، إذا استخدم الكمبيوتر ووظف لهذا الغرض بشكل جيد .

·          وجد أن الكمبيوتر وذلك عن طريق برنامج العروض يقلل من الوقت عما لو كان التلاميذ يقرءون بالطرق التقليدية .

·        الكمبيوتر عندما يستخدم فى برنامج العروض يختصر كثيرا من وقت المعلم والمتعلم.

·        انتشار الكمبيوتر الشخصى  والمنزلى وشغف الأطفال بالألعاب الإلكترونية ,وما استتبع ذلك من سهولة تعامل الطفل العادى مع الكمبيوتر.

·        أن الكمبيوتر يوفر مرحا وابتهاجا للمتعلم حيث يشعره بمتعة أفضل مما كانت عليه عملية التعليم سابقا .

·        أن الكمبيوتر يساعد التلاميذ الضعاف فى الفصل لأن التلميذ إذا ما أخطأ يقول له الكمبيوتر" عليك أن تحاول مرة أخرى فى الحل " ويعطيه أكثر من فرصة وأخيرا يذكر له الإجابة التى لم يتوصل إليها دون تأنيب أو توبيخ ومن ثم لا يشعر التلميذ بالخجل أو الخوف من الخطأ .

·        ما يتميز به هذا البرنامج من التفاعل الايجابى مع التلميذ فكل استجابة من التلميذ يجد لها تأثيرا ايجابيا سواء أكان ذلك فى شكل سؤال تابع أم فى شكل مدح وثناء أم فى شكل إرشاد كما أنه يجعل الموقف التعليمى متكاملا.( الكندرى , 1998 : 12 )

وفى البحث الحالى ، يقدم الكمبيوتر المادة التعليمية مستعيناً بأسلوب المنظمات المتقدمة باعتبارها موجهات أولية يعتمد عليها المتعلم فى تكوين المفاهيم والأفكار حولها والتى على أساسها يتم الارتباط بينهما وبين المعلومات الجديدة المراد تعلمها فى الموضوعات المقررة عليها فى مادة اللغة العربية بهدف العمل على علاج صعوبات تعلم القراءة لدى تلاميذ الصف الثالث الابتدائى ذوى العمى اللفظى .

ويهدف استخدام الكمبيوتر كمعاون فى علاج صعوبات تعلم القراءة للصف الثالث الابتدائى إلى تحقيق ما يلى:

- القدرة على استيعاب أكبر قدر ممكن من المعلومات التى تتصل بمقرر الصف الثالث الابتدائى .

- تنمية الاتجاهات الإيجابية نحو اللغة العربية .

- القدرة على تنمية الابتكار فى اللغة العربية لدى تلاميذ الصف الثالث الابتدائى.

- الرغبة فى استمرار تحصيل  التلميذ للمعلومات عن جميع المواد مدى الحياة.

- تحقيق استراتيجيات تدريسية مختلفة كالتعليم حتى التمكن .

ثانيا :صعوبات تعلم القراءة لدى التلاميذ ذوى العمى اللفظى :

يمكن وصف تعليم القراءة فى ثلاث مستويات مختلفة :

-القراءة النمائية Developmental reading :ويقصد بها تعلم الطفل أو الراشد ( الأمى ) القراءة حسب قدراته ومستوى نموه ، ويشمل هذا النوع ما بين 85 و 90% من نشاط تعليم القراءة تقريباً وهى التى تتم بصورة منتظمة فى مدارس المرحلة الأولى وفصول محو الأمية .

-القراءة التصحيحية Corrective reading  :ويقصد بها تصحيح أخطاء تعلم القراءة فى المرحلة النمائية متمثلة فى صعوبة التعرف على الكلمة أو فهم المفردات أو الجملة أو الفقرة أو بطء سرعة القراءة ويمثل هذا النشاط ما بين 15- 10 % من نشاط تعليم القراءة ، ويمكن للمدرس العادى أن يمارسه فى الفصول العادية.   

- القراءة العلاجية Remedial reading  :ترجع إلى الإجراءات والأساليب المستخدمة مع الأطفال ممن لازالت مهارات القراءة عندهم غير متطورة بعد تعريضهم للقراءة النمائية وكذلك القراءة التصحيحية ، وأحياناً يطلق عليهم العمى اللفظى مما يدل على عجز جزئى لديهم فى القدرة على القراءة وفهم ما يتم قراءته – قراءة صامتة أو جهرية ، ومن الممكن أن يكون لديهم صعوبة خاصة فى الجوانب النمائية ( الانتباه ، الذاكرة ، الإدارك ، التفكير ، أو العجز اللغوى ) والتى بدورها تتداخل فى النجاح فى عملية القراءة ،وفى هذه الحالات يجب علاج تلك الصعوبات الخاصة بتلك الجوانب النمائية المرتبطة بمهام القراءة . ( نبيلة عبد الفتاح حافظ 1999 : 92 )

وتبدأ الغالبية العظمى من الأطفال ( 85- 90%) منهم بتحقيق تقدم ملموس فى القراءة بالطريقة العادية فى ظل برامج القراءة النمائية .أما النسبة المتبقية ( 10 إلى 15 % ) فإن معظمهم يعانون من صعوبات فى التعلم بشكل طبيعى وعالى ويمكن مساعدة معظم هذه الفئة عن طريق إجراءات القراءة التصحيحية باستخدام التدريب وطرق التدريس المباشرة . ونجد أن نسبة 1% إلى 2% من هذه المجموعة على أكثر تقدير لديهم صعوبة فعلية فى الجوانب النمائية مما يجعل عملية تعليمهم باستخدام طرق القراءة النمائية عملية صعبة ، ويحتاج مثل هؤلاء الأطفال إلى تدريب خاص من شأنه أن يصحح ويحسن صعوبات التعلم النمائية المرتبطة بالتدريب على القراءة.( كيرك و كالفانت 1984 : 55 -56 )

هذا ويعد الفشل فى تعلم القراءة من أكثر المشكلات شيوعاً لدى الأطفال ذوى صعوبات التعلم ومنهم ذوى العمى اللفظى ، إذ أن هناك شبة اتفاق بين التربويين على طبيعة ونوعية تلك الصعوبات التى يمكن أن تواجه القارئ بصفة عامة والمبتدئ فى تعلم القراءة بصفة خاصة ويمكن تصنيفها فى محاور على النحو التالى :

* صعوبات تتعلق بالنطق وتشمل : التقطيع , ونطق العبارات نطقا خطأ, والحذف والتكرار , والقلب , وعدم معرفة الأصوات , والإضافة ,والإبدال , والتخمين .

* صعوبات تتعلق بالفهم وتشمل : عدم القدرة على فهم إيحاءات النص , وعدم القدرة على ضم كلمتين فى كلمة واحدة , وعدم القدرة على التذكر , والضعف فى تسلسل الأحداث , وضعف تذكر المكتوب .

* صعوبات تتعلق بالسرعة فى القراءة وتشمل : البطء فى القراءة , والسرعة فى القراءة على حساب الدقة , وعدم القدرة على الكشط , وعدم القدرة على الموائمة بين معدل السرعة فى القراءة , وصعوبات المادة المقروءة , وصعوبات أخرى خاصة بمهارات البحث عن المعلومات.

المصدر: الدكتور وجيه المرسي أبولبن
  • Currently 15/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
5 تصويتات / 360 مشاهدة
نشرت فى 31 مايو 2011 بواسطة maiwagieh

ساحة النقاش

الأستاذ الدكتور / وجيه المرسي أبولبن، أستاذ بجامعة الأزهر جمهورية مصر العربية. وجامعة طيبة بالمدينة المنورة

maiwagieh
الاسم: وجيه الـمـرسى إبراهيـــم أبولـبن البريد الالكتروني: [email protected] المؤهلات العلمية:  ليسانس آداب قسم اللغة العربية. كلية الآداب جامعة طنطا عام 1991م.  دبلوم خاص في التربية مناهج وطرق تدريس اللغة العربية والتربية الدينية الإسلامية. كلية التربية جامعة طنطا عام 1993م.  ماجستير في التربية مناهج وطرق تدريس اللغة العربية »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

2,660,115