يعد تعليم التراث مسئولية تشترك فيها العديد من المواد الدراسية كاللغات والأدب والفن وغيرها ، وتتحمل مناهج العلوم الشرعية قدرا كبيرا من المسئولية فى تعليم التراث ، وذلك نظرا لتوافق محتواها بشكل كبير مع مختلف أنواع التراث ، سواء كان ذلك من خلال مناهج السيرة أو مناهج الفقه والعقيدة وعلم الحديث ؛ بالرجوع إلى أمهات الكتب والمخطوطات وأماكن ومواقع الأحداث التى مرت بها الدعوة الإسلامية كغزوة أحد والخندق وموقع مؤتة ، فعلى سبيل المثال يمكن تعليم التراث من خلال العديد من الموضوعات كالغزوات والفتوح ، وهناك الأماكن التاريخية سواء ما كان منها كاملا أو ما تبقى منها من أطلال كالقلاع والحصون والأبراج ، وهناك المواقع الأثرية التى تمثل متاحف مفتوحة فى كثير من دول الوطن العربى ، وهناك الأدوات والآلات والمصنوعات على اختلاف أشكالها وألوانها ، هذا فضلا عن الوثائق والمخطوطات والمذكرات وغيرها من الموضوعات التاريخية التى ترتبط بالدعوة الإسلامية والتى يمكن من خلالها تنمية العديد من مهارات التفكير الناقد .
أهمية التعلم من خلال التراث :
هناك العديد من المزايا التى يمكن تحقيقها من خلال استخدام التراث فى العملية التعليمية ، منها :
· تنمية إحساس المتعلمين واتصالهم المستمر بتاريخهم وثقافتهم ، وتشجيعهم على التفكير فيهما والتخطيط لمستقبلهم .
· احترام المتعلمين للتنوع الثقافى وتفاعلهم مع ما حولهم من الثقافات على مستوى العالم من خلال تقديم أمثلة من هذه الثقافات .
· اكتساب المتعلمين المعارف والمهارات والاتجاهات التى تعزز قدرتهم .
· استخدام المعارف والمعلومات المتصلة بالإنسان وثقافته والبيئة المادية كمصادر أصلية فى التعليم والتعلم. (2: (Hunter, Kathleen;, 1988,
· اكتساب العديد من مهارات الاتصال والعمل الجماعى والفردى والعمل فى فريق .
· تنمية خيال المتعلمين من خلال فحصهم مخطوطات العلماء السابقين ، وكيف أنهم بذلوا جهدا فى وضعها.
· تنمية مهارات التفكير الناقد من خلال حل ألغاز الماضى وتعرف الكيفية التى فكر بها السابقون.2000: 2) Brown, Gail William)
· تحسين وتطوير الثقافة العامة ، وذلك من خلال تنقية التراث واستبعاد الأوهام والخرافات والأساطير ، وجعله تراثا حيا يصلح إدماجه فى الواقع المعاصر .(والى عبد الرحمن 2006: 17)
· يعتبر التراث سندا نفسيا ومعنويا قويا لاستجماع قوى المجتمع والنهوض بحضارته أو التخلص من التبعية والتحرر من القهر والهزيمة .
· ما تزال كتب التراث والمخطوطات والوثائق القديمة مصدرا لجمع المادة العلمية والأخذ منها والتعويل عليها فى حل كثير من مشكلات العصر الحالى .(مبارك الهاشمى2002 : 154 : 159 )
· الإيمان بتكامل الأفكار والتجارب الجديدة مع جهود السابقين .
· قبول التأثيرات الثقافية الجديدة . 1988 :3) , Hunter, Kathleen)
ثانيا: العقيدة الإسلامية مفهومها ، خصائصها ، تدريس مفاهيمها :
ترجع أصول كلمة العقيدة إلى الفعل الثلاثى (عقد ) العين والقاف والدال أصل واحد يدل على شَدٍّ وشدة وثوق، وعاقدته مثل عاهدته ، والعقد عقد اليمين .(أحمد بن فارس 1980 جـ 4 :86) .
وتطلق اصطلاحا على:ما كُلِّف المسلم بالإيمان به والتصديق بأنه حق من مسائل الغيب. ويشمل هذا التكليف أركان الإيمان الواردة في حديث جبريل:أي الإيمان بالله، وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر خيره وشره.
ووجه تسمية الإيمان بهذه الأركان عقيدة أنه مطلوب من المكلف أن يعقد عليها قلبه فلا يداخله فيها الشك بحال؛ إذ التردد في بعضها كالإيمان بالله أو بالرسل صلوات الله وسلامه عليهم أو إنكار البعض الآخر من غير شبهة تأويل كإنكار القضاء والقدر أصلا؛ كفر وضلال.
وإذا كانت أركان الإيمان تشكل في مجموعها عقيدة المسلم؛ فإن الالتزام بهذه العقيدة يعني الحرص كل الحرص على تحقيق الانسجام بين مفرداتها وبين حياة المسلم بمختلف جوانبها وأبعادها.
ففي مجال الفكر والعلم تقتضي العقيدة مثلا أن يكون الوحي مصدرا من مصادر المعرفة المعتبرة سواء تعلق الأمر بالماضي الذي لم ندركه أو بالمستقبل الذي لا نعرفه. وفي مجال العبادات تقتضي العقيدة مثلا أن يحافظ المسلم على الصيغ التي حددها الوحي للشعائر طريقة ومقدارا وتوقيتا، وأن يستحضر –وهو يقوم بها- كل معاني التذلل والخشوع والمحبة نحو خالقه سبحانه وتعالى.وفي مجال السلوك الشخصي والعلاقات الاجتماعية تقتضي العقيدة مثلا أن يتصرف المسلم انطلاقا من نظام من القيم لا يحيد عنه؛ كالصبر على المصائب والرضا بما قدر الله تعالى عليه مما لا يستطيع مدافعته، ونبذ الخيانة والكذب اللذين لا يتصور صدورهما من مؤمن حقيقي، وإطعام الجار الذي لا يجد ما يسد به رمقه.. وقد أشار النبي صلى الله عليه وسلم: « لا يومن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه» رواه الشيخان.
ولذلك نجد كثيرا من نصوص الشرع تطلق على الأعمال اسم الإيمان؛كقوله عز وجل مخاطبا الصحابة مطمئنا إياهم على قبول صلواتهم إلى بيت المقدس قبل تحويل القبلة:(وما كان الله ليضيع إيمانكم)(البقرة 143)
وفي الحديث الصحيح: «الإيمان بضع وسبعون – أو بضع وستون شعبة- فأفضلها قول لا إله إلا الله وأدناها إماطة الأذى عن الطريق. والحياء شعبة من الإيمان» رواه الشيخان.
ساحة النقاش