يقوم الأسلوب التكاملى فى بناء المجتمع على أساس من تآزر المعارف المختلفة وتكاملها حول محور معين . وقد يكون هذا المحور مشكلة ملحة تواجه التلاميذ ويرغبون فى البحث عن حل لها أو موضوع ما يشعرون بحاجاتهم إلى دراسته وهم فى كل هذه الأحوال يقومون بالبحث عن المعلومات التى تساعدهم فى حل المشكلة أو معالجة الموضوع الذى يكون موضوع اهتمامهم ويتم ذلك بالرجوع إلى العديد من المواد الدراسية المنفصلة لكى يأخذوا منها ما يساعدهم فى حل مشكلتهم أو دراسة موضوعهم دون الإشارة إلى المسميات التقليدية لهذه المواد الدراسية .
وعلى ذلك يمكننا القول بأن الأسلوب التكاملى فى بناء المنهج يعتبر مرحلة متوسطة بين منهج المواد الدراسية المنفصلة وبين أسلوب الدمج وذلك أنه فى الوقت الذى يعترف فيه بالمواد الدراسية المنفصلة بل ويستخدمها ، إلا أنه يتجاهل الحدود التى تفصل بينها ويعتبرها عند الحاجة خلال عملية التدريس لكى يرتبط بينها دون ويعتبرها عند الحاجة خلال عملية التدريس لكى يربط بينها دون أن يدمجها . ويحصل التلاميذ على معلومات ومعارف متكاملة نتيجة قراءتهم وأبحاثهم ودراساتهم كما أنهم يكتسبون الكثير من الاتجاهات والقيم والميول والمفاهيم والتعميمات والمهارات المختلفة وأساليب التفكير السليم والتذوق وغيرها .
ويهدف الأسلوب التكاملى فى بناء المنهج إلى تمكين التلميذ من المحافظة على تكامل شخصيته وذلك من خلال ما يقدمه له من معارف متكاملة . وما يكسبه له من مهارات متنوعة بحيث تنمى جميع جوانبه العقلية والجسمية والانفعالية والاجتماعية وبذلك يسهل عليه التكيف مع بيئته الاجتماعية والمادية . وهذا يعنى أن التكامل ليس معناه دراسة موضوع ما أو مشكلة وتتأثر به شخصيته ويبدوا واضحا فى سلوكه ، والتكامل بهذا عملية تحدث فى الفرد نفسه لذلك يصبح ما يتعلمه جزءا من شخصيته وليس مجرد شىء يضاف إلى مجموع ما لدية .
غير أن استخدام الأسلوب التكاملى فى بناء المنهج بالصورة المرجوة ، والطريقة التى تمكنه من تحقيق أهدافه لا يمكن أن يتم إلا من خلال مدرس يكون متفهما تماما لفلسفة التكامل وفكرته وأسسه والإجراءات التربوية اللازمة لتحقيقه فضلا عن إيمانه بهذا كله وتمكنه منه .
النظريات التى يقوم عليها أسلوب التكامل :
يقوم الأسلوب التكاملى على أساس من أساس من عدة نظريات يعتمد عليها فى بنائه وتنظيمه وهذه النظريات فى نظرية المعرفة ونظرية التعليم والنظرية الأخلاقية وكلها على أساس تكاملى وذلك على النحو التالى :
أ- نظرية المعرفة :تقوم هذه النظرية على أساس من حرية التلميذ فى إشباع رغبته فى معرفة كل ما يقع عليه بصره عن طريق ما يثيره من أسئلة واستفسارات يمكن أن تهذب بالتدريج حتى تأخذ طابع أنظمة التفكير العلمى السليم . ويصبح الناتج النهائى عبارة عن أشكال مختلفة من المعرفة .
إن كل ما يثيره التلميذ من تساؤلات ، يكون عبارة عن وسائل لحل ما يواجهه من مشكلات فى حياته . ويستخدم فى ذلك الأسلوب التالى :
(أ) يقوم بتحديد المشكلة .
(ب) يقوم بتجميع أكبر قدر ممكن المعلومات التى يمكن أن تساعده فى حل مشكلته وذلك عن طريق ما يثيره من أسئلة واستفسارات .
(جـ) يقترح بعض الحلول المؤقتة للمشكلة فى ضوء ما يقوم بتجميعه من معلومات عنها .
( د ) يقوم بتجريب هذا الحلول علميا . فإذا حلت المشكلة كان بها ، وإن لم تحل فعلية أن يقوم بتعديل هذا الحل أو يلغيه نهائيا إذا تطلب الأمر ذلك .
ويمكن أن يستخدم هذا الأسلوب العلمى فى التفكير للإجابة على أى تساؤلات ولحل أى مشكلة وتكون المعرفة الناتجة عبارة عن فرضية مؤقتة ويعاد صياغتها إذا لزم الأمر ذلك .
وعليه فإن الأسلوب العلمى فى التفكير يمكن أن يستخدم فى كل مجالات الحياة ويترتب عليه كيانات من المعرفة تتميز بمفاهيمها التنظيمية الخاصة بها كما نميز بين التاريخ والجغرافيا مثلا .
وينظر إلى تكامل المعرفة على أنه ضرورة ملحة إذا ما أردنا التوصل إلى صورة عن الواقع تكون أكثر صدقا وشمولا ، حيث أن تقسيم المعرفة وتفتيتها – كما هو متبع فى منهج المواد المنفصلة – هو شئ مصطنع ولا بعكس بصورة صحيحة وسليمة الوحدة الجوهرية للواقع وطريقتنا المعتادة فى البحث والاستكشاف وكلها أمور يجب أن تشجعها المدرسة من خلال تهيئة بيئة غبية ومثيرة لهذه الأمور .
والأسلوب التكاملى لا يهمل المواد الدراسية ، بل يتمسك بها . ولكنه يقدمها إلى التلاميذ فى ثوب جذاب وبأسلوب وظيفى يتعلمون الكثير من المعارف أثناء دراستهم لموضوع ما أو حل مشكلة تحتاج إلى الاستعانة بعدد كبير من الحقائق والمعارف وهنا سوف يلجأ التلاميذ ولكن دون ذكر مسمياتها .
ب- نظرية التعليم :ينظر إلى التعلم الحقيقى على أنه عملية كلية تشمل الإنسان بأكمله عقلا وجسما ونفسا على أساس من نشاط المتعلم نفسه أثناء تفاعله مع بيئته بهدف إشباع حاجاته المختلفة وتؤدى إلى إكسابه خبرات متعددة الجوانب معرفية ووجدانية وسلوكية يستفيد منها فى مواجهة مواقف الحياة ومشكلاتها .
ينظر علم النفس الحديث إلى حياة الإنسان باعتبارها عملية تفاعل مستمر بينه وبين البيئة التى يعيش فيها مستخدما فى ذلك عقله الذى يمده بالتفكير السليم . ويساعده على ابتكار المعرفة والحلول واكتساب العديد من القيم والاتجاهات والميول وأنماط السلوك المرغوب فيها وغيرها . وبهذا يعتبر التعليم عملية يقوم بها الإنسان للتغلب على مشكلاته.
ومن الملاحظ أن الإنسان أثناء تفاعله مع بيئته يكون مدفوعا فى نشاطه بهدف إشباع حاجاته الأساسية كالحاجة إلى التقدير أو الحب أو الأمن أو الحصول على طعامه وغير ذلك أو يكون مدفوعا لكى يرد عن نفسه ضررا ، وهو فى كل موقف من هذه المواقف يؤثر فى البيئة ويتأثر بها وهذا هو ما نسميه بالخبرة ، فهى إذن عملية تأثير وتأثر يربط الفرد بينهما وهو فى كل هذه العملية هذه العمليات يستفيد من ذلك فى تعديل سلوكه وتزداد قدرته على توجيه خبراته التالية والسيطرة عليها أى أنه تعلم .
والخبرة المتكاملة كمفهوم معناه تحقيق الكلية والوحدة والشمول فيما يكسبه الفرد من خبرات تفاعله مع بيئته . وهى بهذا تشمل أنواع العلاقات المختلفة بين الفرد وبيئته مثل أفعاله وأقواله وأفكاره وعلاقاته وانفعالاته أثناء تفاعله معها .
وبهذا يمكننا القول بأن الخبرة المتكاملة مرادفة للتعلم بمعناه العام لما تحدثه من تغيير فى الإنسان يشمل الجانب الإدراكي والوجداني والسلوكي فيه نتيجة لما يتعلمه من معلومات ومفاهيم وما يكتسبه من مهارات وقيم واتجاهات وميول وتذوق ، وتقدير وأساليب وغيرها من أوجه التعليم .
وينظر إلى التعلم فى الأسلوب التكاملى على أنه عملية تجديد شاملة للنفس ولكن بأسلوب تكاملى فما يتعلمه الفرد يضاف إلى مجموع ما يضاف إلى ما لديه وبذلك ترقى نفسه وتنمو شخصيته بطريقة متكاملة ويتغير سلوكه .
جـ- النظرية الأخلاقية :إن هذه النظرية تأتى كإجابة للسؤال التالى : ما هدف التربية ؟
ويمكن الإجابة على هذا بأن هدفها هو مساعدة الفرد على إشباع حاجاته الشخصية المختلفة الذى يعيش فيه على نحو يمكنه من مواصلة حياة الجماعة وتطويرها من ناحية ، وتنمية شخصية المتفردة للقيام بأدوار اجتماعية متكاملة الوظائف والمسئوليات من ناحية أخرى وعلى ذلك يمكننا القول بأن التربية عملية اجتماعية وخلقية يضلع بها المجتمع من أجل بناء شخصيات أفراده بما يساعدهم على التكليف مع بيئتهم وذلك على النحو التالى :
1- تعمل التربية باستمرار على تشكيل الفرد اجتماعيا بما يتلاءم مع مجتمعه وذلك عن طريق إكسابه الاتجاهات والقيم والميول والمهارات الاجتماعية المرغوب فيها من مجتمعه . كما أنها تعمل على استخراج ما لديه من إمكانيات وقدرات فى الإطار العام الذى يعيش فيه وتوجه نموه الاجتماعى توجيها سليما وذلك عن طريق تبصيره بأهدافه وأهداف مجتمعه الذى يعتبر عضوا فيه .
2- تنمى التربية فى الفرد القدرة على التذوق والحكم على الأمور حكما سليما . كما تنمى فيه سلوكيات الآداب واللياقة الخاصة بالعلاقات الإنسانية وغيرها مما يساعد على التفاعل الاجتماعى الناجح مع أفراد مجتمعه .
3- تهدف التربية إلى تعليم الفرد المعرفة الوظيفية التى يستخدمها فى حل ما يواجهه من مشكلات ، وفى تحسين أحواله المعيشية ، وفى تسخير بيئته لتلبية احتياجاته منها . وبذلك تعتبر التربية أداة هامة لتحكم الإنسان فى بيئية .
4- تهدف التربية أيضا إلى مساعدة الفرد على النمو المتكامل الذى يجعله يشعر بالسعادة والاطمئنان والثقة بالنفس والتكيف الناجح مع بيئته .
هذه هى أهم النظريات التى يقوم عليها الأسلوب التكاملى فى بناء المنهج ويستمد منها أهدافه ويراعيها عند تخطيطه وتنفيذه .
الشروط التى يجب مراعاتها عند تخطيط وبناء المنهج بالأسلوب التكاملى :
قد يعتقد البعض أن التكامل يتم بمجرد خلط بعض المواد الدراسية بطريقة معينة ولكن هذا الاعتقاد بجانبه الصواب كثيرا من وجهة نظر المهتمين بالأسلوب التكاملى والمتخصصين فيه ولكى يضمنوا سلامة بناء وتنفيذ المنهج بأسلوب التكامل . قاموا بوضع بعض الشروط التى يجب مراعاتها منها :
1- أن تدور الدراسة حول محور وقد يكون هذا المحور موضوعا من الموضوعات التى تتطلب دراستها الاستعانة بعدد كبير من المواد الدراسية أو مشكلة يتطلب حلها جمع كم كبير من المعلومات المتنوعة حولها أو مفهومها معينا .
2- تدريب التلاميذ على مهارات البحث والاستكشاف وكلها أساليب مهمة للدراسة التكاملية وللحصول على خبرة متكاملة .
3- يتم التعاون بين عدد كبير من المواد الدراسية – التى قد يرجع إليها التلاميذ لدراسة موضوع ما – بطريقة فنية وتربوية دقيقة .
4- يجب على من يتصدى لبناء منهج ما بأسلوب تكاملى أن يكون ملما بالنظم التكاملية سواء بين فروع المعرفة المختلفة أو فى الأنشطة التعليمية أو فى أساليب التقويم .
5- لابد أن يؤخذ فى الاعتبار تكامل كل من المحتوى والطريقة حتى يتحقق التكامل بالصورة المرجوة .
6- لا يتم التكامل على الوجه السليم إلا من خلال تعاون عدد كبير من المدرسين فى مختلف التخصصات عند دراسة أى موضوع .
7- أن تبنى المدارس بطريقة خاصة لكى تناسب طبيعة أسلوب التكامل وتلبى متطلباته التدريسية .
8- يتم إعداد المدرسين الذين يقومون بتخطيط وتنفيذ المنهج المتكامل إعدادا خاصا مهنيا وعلميا ، فمن ناحية الأعداد العلمى ، يجب أن يكون المدرس ملما بعدد كبير من المعومات والمعارف المختلفة ومن الناحية المهنية يجب أن يكون على علم تام بفلسفة أسلوب التكامل وتنظيمه ، وكيفية الربط بين المواد الدراسية المختلفة وغيرها .
9- يراعى عند وضع الجدول المدرسى ، أن يتيح للمدرسين المشتركين فى مشروع التكامل فرص التعاون فيما بينهم ، ويوفر لهم الوقت اللازم للتخطيط لعملهم .
10- يجب الاهتمام بأساليب التقويم المختلفة التى تستخدم فى قياس مدى نمو التلاميذ وتقدمهم نحو الأهداف الموضوعية .
هذه هى أهم الشروط التى يجب مراعاتها عند تخطيط وتنفيذ المنهج المتكامل .
إن نقطة البداية فى أسلوب التكامل هى مراعاة ميول التلاميذ ، لذلك يجب على المدرس أن يثير هذه الميول عند دراسة مشكلة ما أو موضوع من الموضوعات حتى يحس به التلاميذ فيقبلون على دراسته . وفى أثناء قيامهم بالدراسة يشعرون بالحاجة إلى العديد من المعلومات والحقائق التى يحتاجون إليها لدراسة الموضوع أو الحل المشكلة ، فيتجهون إلى تحصيلها من مواد دراسية مختلفة دون الإشارة إلى مسمياتها .
كذلك فإن أسلوب التكامل يعتبر مجالا خصبا لإشباع حاجات التلاميذ سواء أكانت بيولوجية أو نفسية والتى يعتبر إشباعها ضرورة ملحة للمحافظة على تكامل شخصياتهم لذلك يجب على القائمين على أمر الأسلوب التكاملى فى بناء المنهج أن يضعوها فى اعتبارهم حتى يتسنى لهم العمل على إشباعها من خلال ما يقدمونه للتلاميذ من خبرات تربوية متكاملة .
إن التقدم الذى حدث فى الأسلوب التكاملى لبناء المنهج أصبح موضوع بحث وتجريب من مؤسسات مختلفة مثل جامعة لندن التى تسمى "جولد سميث" وعديد من المدارس مثل مدرسة فيولوب الثانوية الحديثة للبنات " حيث تقوم هذه المدارس بدراسة العديد من الموضوعات والمشكلات بطريقة متكاملة . ولم يقتصر الأمر على جامعات انجلترا ومدارسها بل انتشر هذا الاتجاه التكاملى فى جميع أنحاء العالم المتقدم . وأصبح من أحداث التنظيمات المنهجية التى تستطيع أن تحقيق أهداف التربية التقدمية .
الأسلوب التكاملى يعالج عيوب منهج المواد الدراسية المنفصلة :
كثر النقد الذى وجه إلى منهج المواد الدراسية المنفصلة من جوانب متعددة منها أنه لا يراعى ميول التلاميذ واحتياجاتهم وقدراتهم ، كما أنه يقدم المعارف للتلاميذ بصورة مفككة ومجزأة وبعيدة عن واقع حياتهم ومنظمة بأسلوب منطقى لا يتذوقه التلاميذ وخاصة فى المراحل الأولى من التعليم العام .
وبالإضافة إلى ذلك ، فإن هذا المنهج لا يهتم بالأنشطة التعليمية الهادفة ، ويكاد يقتصر العملية التعليمية على تلقين التلاميذ المعارف والمعلومات ويطالبهم بحفظها ويهمل باقى الأهداف التربوية التى لا تقل أهمية عن تحصيل المعارف المختلفة ، بل ربما تزيد عنها أهمية لأنها تعالج جوانب هامة من شخصية التلميذ مثل الجانب الانفعالى والجانب السلوكى .
ولقد بذلت محاولات عديدة لتخليص المنهج المنفصل من هذه العيوب وأهم هذه المحاولات كما عرفنا من قبل هو الاتجاه التكاملى ، واستخدامه كأسلوب تنظيم به المناهج المختلفة باعتباره من المنهج المنفصل على تحقيق أهداف التربية التقدمية . هذا بالإضافة إلى أنه قد تبين من بحيث قام به المؤلف ، أن أسلوب التكامل يمكنه أن يعالج معظم عيوب المنهج المنفصل وذلك على النحو التالى :
1- مشكلة تفتيت المعرفة :إن أسلوب التكامل الذى ينظر إلى الإنسان على أنه كل متكامل . ويسعى للمحافظة على هذا التكامل . فإنه يقدم المعارف المختلفة إلى التلاميذ فى صورة متكاملة على اعتبار أنها أهم وسائله فى المحافظة على تكامل التلميذ شخصية وسلوكا .
وأسلوب التكامل يقدم المعرفة إلى التلاميذ مركزه حول محاور تكون ذات أهمية وحيوية بالنسبة لهم . وهذه المحاور إما أن تكون مشكلة أو موضوع مثل الماء .
2- مشكلة عدم مراعاة طبيعة المتعلم :يركز المنهج المنفصل اهتمامه على المادة الدراسية على اعتبار إنها الوسيلة الوحيدة للمحافظة على تراث الأجداد ونقله إلى الأبناء وذلك من خلال التلاميذ الذى لا يقبل منه غير حفظ هذه المواد واستظهارها بصرف النظر عما إذا كانت هذه المواد ملائمة لميوله وتتمشى مع قدراته واستعداداته أم لا ، كذلك فإن مناهجه كانت تنظم محتوياتها بطريقة منطقية .
3- مشكلة انفصال الدراسة عن الحياة :يسعى أسلوب التكامل إلى إعداد التلميذ إعدادا شاملا ومتكاملا بحيث يتمكن من مواجهة مواقف الحياة ومشكلاتها التى تتسم بالتكامل ، فإنه يهتم بأن تتشابه المواقف التعليمية فى المدرسة مع المواقف حياة التلميذ خارجها .
والتربية فى ظل أسلوب التكامل تشمل كل ما يحدث فى داخل المدرسة وخارجها ، وعلى ذلك فالتلميذ يدرس المعرفة دراسة علمية عن طريق معالجة مواقف ومشكلات متصلة بحياته ليحصل على معلومات ومفاهيم وتعميمات وليكتسب مهارات مختلفة وقيم واتجاهات وأساليب تفكير سليمة وميول من النوع الذى يساعده التكيف مع البيئة المادية والاجتماعية .
4- مشكلة إغفال النشاط المدرسى ومشاركة التلميذ فيه :فى الوقت الذى يركز فيه المنهج المنفصل على تلقين التلاميذ المعارف والمعلومات المختلفة ويخصها بالجهد الأكبر من عنايته واهتمامه . فإنه يهمل النشاط المدرسى .
أما أسلوب التكامل الذى يؤمن بالمبدأ التربوى القائل بأن الفرد لا يتعلم إلا مما يعمل فإنه يقوم على أساس تهيئة مواقف خبرة يعيشها التلاميذ ويواجهونها بعقولهم ونفوسهم على السواء.
إن التلميذ فى مواقف الخبرة الجديدة . يعيد تنظيم خبراته السابقة ، وينظر إليها فى إطار جديد . وقد يدرك من علاقاتها ما لم يتيسر له إدراكه من قبل وهو فى كل ذلك يكون نشطا فهو يفكر ويلاحظ ويجرب مما قد يترتب عليه الوصول إلى مفاهيم جديدة ويكتسب ميولا جديدة ومهارات جديدة وهذا هو المعنى الحقيقى للتعلم .
5- مشكلة الاهتمام بجميع جوانب الخبرة :يهتم المنهج التكاملى اهتماما كبيرا بجميع جوانب الخبرة سواء منها المعرفى أو الوجدانى أو السلوكى ، ذلك لأن مفهوم الخبرة من وجهة نظره أنها عبارة عن وحدة متكاملة من وحدات شخصية الإنسان تشتمل على سلوك معين قائم على علم معين ومقترنة بانفعال معين .
لهذا فإن منهج التكامل يعتمد على الخبرة المتكاملة فى تحقيق هدفه الأساسى الذى يتمثل فى مساعدة التلميذ على النمو المتكامل الذى يشمل جميع جوانب شخصيته العقلة والوجدانى والسلوكى وذلك من خلال ما يكسبه له من مهارات وما يعمله له من معارف ومعلومات ومفاهيم تمكنه من التكيف مع بيئته بشقيها المادى والاجتماعى .
وسائل أسلوب التكامل فى المحافظة على تكامل الشخصية :
يمكن لأسلوب التكامل أن يحدثها فى الفرد بالوسائل الآتية :
1- مساعدة التلميذ على التكيف الناجح مع بيئته وذلك عن طريق ما يكسبه له من معارف ومعلومات ومفاهيم ومهارات وقيم واتجاهات وتذوق وأساليب تفكير سليمة .
2- تعويد التلميذ على المعالجة المتكاملة لكل ما يواجهه من كواقف ومشكلات فى حياته.
3- إشباع حاجات التلميذ المختلفة البيولوجية والاجتماعية والنفسية .
4- النمو المتكامل لجميع جوانب شخصية التلميذ .
5- تقديم العلاج اللازم لما قد يصيب التلميذ من علل نفسيه أو بدنية وذلك عن طريق الأخصائى الاجتماعى وطبيب الوحدة المدرسية .
المزايا التربوية للأسلوب التكاملى :
يتضح لنا مما سبق أن للأسلوب التكاملى فى بناء المنهج مزايا تربوية خاصة به ربما تجعله يفوق غيره من التنظيمات المنهجية الأخرى ويقدم برنج Bring ، بعض هذا المزايا يبرز بها وأهمها ما يلى :
1- يلائم طبيعة نمو التلميذ – فى مراحل التعليم عامة ومرحلة التعليم الأساسى خاصة – التى غالبا ما تتسم بالكلية إلا بالتفرد .
2- يراعى مطالب نمو التلميذ ويشبع حاجاته وينمى ميوله ويساعده على النمو بطريقة متكاملة .
3- يحقق تكامل المعرفة ووحدة التعليم ويكسب التلميذ النظرية الموحدة للحياة وللعالم الذى يعرف باتساعه وتغيره السريع .
4- يوفر الكثير من جهد المدرسين ووقتهم الذى قد يضيع جزء كبير منه نتيجة استخدام منهج المواد المنفصلة .
5- يساهم فى إعداد التلميذ بطريقة متكاملة بل والمحافظة على هذا التكامل .
6- يؤثر التعليم بالأسلوب التكاملى على جميع جوانب شخصية التلميذ .
7- يحقق الأهداف الوجدانية والنفسحركية للتربية .
8- نواتج التعليم بالأسلوب التكاملى تكون أكثر دواما وأقل عرضة للنسيان .
هذه هى بعض المزايا التربوية للأسلوب التكاملى فى بناء المنهج ولعل فيها ما يشجع على استخدامه وانتشاره فى عالمنا العربى أسوة بالدول المتقدمة فى جميع أرجاء العالم .
التنظيم المنهجى لأسلوب التكامل
تختلف المناهج الدراسية عن بعضها البعض اختلافا واضحا فى التنظيم ، حيث إن لكل منهج تنظيمه الخاص به الذى يميزه عن غيره من المناهج الأخرى .ولعل هذا الاختلاف فى تنظيمات المناهج يرجع بالدرجة الأولى إلى الاختلاف فى فلسفة وأهداف ووسائل كل منها .
ولأسلوب التكامل تنظيمه الخاص به الذى يمكنه تحقيق أهدافه وهذا ما سوف نوضحه فى هذا الفصل وذلك على النحو التالى :
الهيكل التنظيمى لأسلوب التكامل :
يقوم أسلوب التكامل على هياكل أساسية تنظيم محتواه بطريقة دقيقة بحيث يصبح قادرا على تحقيق التكامل بين خبراته ومعارفه وحقائقه المختلفة وأهم هذه الهياكل ما يلى :
أولا : أبعاد أسلوب التكامل :
وتشمل هذه الأبعاد ما يلى :
1- المجال Scope :إن تحقيق التكامل بين حقائق ومعارف وخبرات المنهج ليست مسألة سهلة كما قد يتصور البعض ذلك لأن تحقيقها يحتاج إلى توافر إمكانات عديدة مثل توفر المبانى المدرسية الملائمة لطبيعة الدراسة التكاملية وتوفر المعامل المزودة بالأجهزة العلمية ، والورش والمراسم والمكتبات التى تحوى ألوان المعرفة المختلفة والمعارض وقاعات المحاضرات والمسارح وغيرها . كذلك يجب توفر المدرس الكفء فى هذا المجال بمعنى أن يكون فاهما لفلسفة التكامل والإجراءات التربوية التى يتطلبها ربط الحقائق والمعارف المختلفة . كما يجب أن يكون مقتنعا ومؤمنا بهذا الأسلوب فى بناء المناهج حتى يمكنه تنفيذه بطريقة تحقق أهدافه ، كذلك يجب أن يكون الجهاز الإدارى بالمدرسة على نفس المستوى من الفاعلية بمعنى أن يكون متعاونا مع المدرس فيوفر له الخامات والمواد التعليمية التى يحتاج إليها .
غير أن هذه الإمكانات والاحتياجات ليس من الضرورى أن يتم توفيرها فى كل مجالات التكامل ، بمعنى أنه إذا كان مجال التكامل واسعا كان ذلك أدعى إلى توفير كل الإمكانيات الإدارية والمادية والتربوية لتحقيق هذا المستوى من التكامل ، أما إذا كان المجال محدودا ومتواضعا فليس هناك ضرورة للعمل على توفير كل هذه الإمكانات بنفس الدرجة ، هذا وسوف نذكر هنا أهم مجالات التكامل على النحو التالى :
(أ) تكامل على مستوى المادة الدراسية الواحدة :يحدث هذا النوع من التكامل بين محتوى وخبرات المادة الدراسية الواحدة ويكون مركزا حول أحد موضوعاتها . كالتكامل الذى يمكن أن يحدث حول أحد موضوعات مادة التاريخ مثل "حضارة مصر الإسلامية " ويدور التكامل فى هذا الموضوع بين الجوانب السياسة والاقتصادية والاجتماعية والعسكرية والثقافية لهذه الحضارة ، وفى هذا المستوى من التكامل يتعلم التلاميذ الكثير من المعارف والمعلومات المتكاملة عن هذا الموضوع كما يكتسبون العديد من الاتجاهات والقيم والميول والمفاهيم الخاصة به .
(ب) تكامل بين مادتين دراسيتين ينتميان إلى تنمى إلى مجال واحد :يمكن أن يحدث هذا التكامل بين فرعين من فروع المادة الدراسية الواحدة مثل التكامل بين الكيمياء والطبيعة حول موضوع "الماء" فى مجال العلوم والتكامل بين التاريخ والجغرافيا حول موضوع " قناة السويس " فى مجال المواد الاجتماعية وهكذا فى بقية المجالات الأخرى كاللغة العربية والرياضيات وفى هذا المستوى يقوم التلاميذ – تحت إشراف المدرس وتوجيهه – بجمع المعلومات والحقائق التى تفيدهم فى دراسة وتوضيح موضوع الدرس .
(جـ) تكامل بين جميع المواد الدراسية التى تنتمى إلى مجال واحد :وفى هذا المجال يتحقق التكامل بين جميع المواد الدراسية التى تقع فى مجال دراسى واحد. كالتكامل الذى يحدث بين جميع فروع المواد الاجتماعية فى التاريخ والجغرافيا والتربي الوطنية والاقتصاد .. الخ حول أحد موضوعاتها أو مشكلة تكون ذات طابع اجتماعى تواجه التلاميذ ويرغبون فى البحث عن حل لها أو التكامل بين جميع فروع اللغة العربية مثل القواعد والإملاء والنصوص .. الخ حول أحد موضوعات القراءة .
وهكذا فى بقية المجالات الدراسية الأخرى مثل العلوم والرياضيات وهذا المستوى من التكامل يتطلب إمكانيات وجهود أكثر من المستويات السابقة للتكامل ذلك لأن التلاميذ سوف يرجعون إلى جميع فروع المجال الواحد لجمع الحقائق والمعارف التى يحتاجون إليها لدراسة موضوع الدرس غير أن الدراسة طبقا لهذا المستوى تكون أكثر فاعلية فى تحقيق أهداف التكامل .
(د) تكامل بين جميع المجالات الدراسية :يتحقق فى هذا النوع ، التكامل بين جميع المجالات الدراسية مثل المواد الاجتماعية واللغة والعلوم والرياضيات والتربية الفنية والتربية الموسيقية والتربية الرياضية ، ويعتبر هذا المجال أقوى مستويات التكامل جميعا ، غير أن الدراسة طبقا له تتطلب وجود محور من النوع الواسع الذى يحتاج بحثه ودراسته إلى رجوع التلاميذ إلى كل المجالات السابقة للحصول على المعلومات والمعارف والحقائق التى تساعدهم على فهم موضوع المحور . ويحقق هذا المستوى فوائد تربوية كثيرة حيث يتعلم التلاميذ عن طريقة الكثير من الحقائق والمعارف المتكاملة كما يكسبهم العديد من القيم والاتجاهات والميول والمفاهيم التى تفيدهم فى حياتهم والتى تدور حول موضوع الدراسة . ويصلح هذا المستوى من التكامل لتلاميذ الحلقة الأولى من التعليم الأساسى حيث يتسم نموهم بالكلية لا بالتفرغ ولذلك يكونون فى حاجة ماسة إلى دراسة عامة وليست متخصصة حول موضوعات من النوع الذى يميلون إليه ويلمسون أثره فى حياتهم ويشاهدونه بيئتهم مثل موضوع " الأسرة " وموضع " محافظتى " وغيرها من الموضوعات التى يحسون بأثرها فى حياتهم .
2- الشدة Power :إن أسلوب التكامل يقوم على أساس من تآزر وترابط عدد من المعلومات والمعارف والحقائق التى تنتمى إلى مواد دراسية مختلفة لتجليه موضوع معين أو لحل مشكلة ما . غير أن شدة التكامل بين هذه المواد لا تكون واحدة فى كل الأحوال إذ أن بعض المناهج المتكاملة تحتوى على معلومات وحقائق تنتمى إلى بعض المواد الدراسية دون أن تكون بينها ترابط قوى بمعنى أن تظل هناك بعض العوامل التى تضعف درجة التكامل المرغوب فيه بين هذه المواد . وهذا النوع من التكامل يحدث عندما يكون هناك منهجين دراسيين مختلفين يدرسان الواحد بعد الآخر ويتأثران ببعضها أو قد يتم ذلك فى وقت واحد عندما يتفق مدرسو هذين المنهجين على دراسة موضوع ما بحيث يتناول كل منهم بطريقة تبرز ما بين هذين المنهجين من روابط ويطلق على هذه الدرجة من التكامل " التناسق " ذلك لأنه يتم على يد هيئة تخطيط واحدة ويكون لها هدف واحد ويعتبر التناسق أدنى مراتب الشدة فى التكامل .
وهناك مرتبة أخرى من مراتب التكامل تسمى " الترابط " وهذه المرتبة تكون أعلى من "التناسق" وتتم هذه المرحلة من مراحل التكامل فى حالة ترابط مجموعة من المواد حول موضوع معين أو فى حالة انتظام بعض الفصول من كتاب ما حول محور رئيسى .
أما إذا تناول المنهج عدد كبير من المعلومات والحقائق التى تدور حول محور معين من النوع الذى يرغب التلاميذ فى دراسته وتنتمى إلى مواد دراسية مختلفة ، فإن محتوى هذا المنهج سوف يتداخل مع بعضه بدرجة يصعب معها إدراك الفواصل بين المواد الدراسية المختلفة التى رجع إليها التلاميذ ليأخذوا منها معلوماتهم ومعارفهم التى تلزم لدراسة موضوع المحور ويطلق على هذه المرتبة من مراتب التكامل " الإدماج " .
3- التعمق Depth :إن التكامل – كما أن له درجات توضح مدى شدته – فإن له أيضا أبعادا تبين درجة عميقة مثل مدى ارتباط المنهج بالمناهج الدراسية الأخرى وبالبيئة المحلية للتلميذ وبحاجاته ، وهذا ما سوف نوضحه فيما يلى .
(أ) ارتباط المنهج بالمناهج الدراسية الأخرى :أن التكامل يكون عميقا وكاملا إذا ما كان الارتباط قويا ، بين أى منهج دراسى وبقية المناهج الأخرى ، وهذا الارتباط لا يتأتى إلا إذا أدبرت الدراسة حول محاور عامة وواسعة كأن تكون مشكلة أو موضوع أو مفهوم يميل التلاميذ إلى دراسته ويحتاج منهم لفهمه ووضوحه أن يرجعوا إلى جميع المواد الدراسية لكى يأخذوا منها الحقائق والمعارف التى تلقى الأضواء على موضوع . المحور من جميع جوانبه فيصبح بذلك أكثر وضوحا وفهما بالنسبة للتلاميذ .
وفى هذه الحالة سوف تتوفر فرصة طيبة لكى يقفوا بأنفسهم على الروابط والعلاقات التى تربط جميع المناهج الدراسية أثناء دراسة موضوع المحور وبذلك يدركون أن المعرفة وحدة متكاملة وأن الفواصل والحواجز التى تحدد الكيانات الخاصة بالمواد الدراسية إنما هى عملية مفتعلة كما أنها ضد الواقع وضد طبيعته المعرفية .
(ب) ارتباط المنهج بالبيئة المحلية :من الأبعاد الهامة التى تدل على مدى عمق التكامل أن يكون المنهج شديد الارتباط بالبيئة المحلية التى يعيش فيها التلاميذ ، وهذا البعد يحقق مزايا تربوية على درجة كبيرة من الأهمية للتلميذ مثل تبصيره بمشكلات بيئية وخلق روح الوعى الاجتماعى بينه وبين بقية أفراد المجتمع وتعرفه على النظم السائدة فى مجتمعه وعمل الخطط العلمية لاستغلال موارده .
والمنهج المتكامل يعتبر صورة مصغرة للبيئة المحلية إذ يعكس طموحات أبنائها وآمالها ومشكلاتهم والنظم السائدة فى هذه البيئة ، وكذلك فإن تدريسه يكون مرتبطا بواقع التلاميذ حيث يتخذون من البيئة ميدانا يمارس فيه التلاميذ أثناء هذا المنهج – نشاطهم المتنوع من خلال ما يقومون به من زيارات وجولات ومشاهدات وملاحظات وندوات وهم فى هذا كله يقومون بجميع الحقائق والمعلومات المتعلقة بجميع جوانب البيئية كما يكونون اتجاهات معينة نحو ما يسود فى هذه البيئة من عادات وتقاليد ونظم كذلك يكتسبون مفاهيم بيئية معينة .
(جـ) ارتباط المنهج بحاجات التلاميذ :يحاول الإنسان دائما إشباع حاجاته المختلفة منها وهو يبذل قصارى جهده لتحقيق هذا الهدف حيث أن الفشل فى إشباع هذه الحاجات يفقد الإنسان توازنه ويقلل من درجة تكامله وعلى ذلك توجد علاقة قوية بين إشباع حاجات الفرد وبين درجة تكامل شخصية .
ومن المعروف أن لكل فرد حاجات متعددة بعضها بيولوجى مثل حاجته إلى الطعام والشراب والإخراج والتبول وبعضها نفسى مثل حاجته إلى الحنان والعطف وبعضها الآخر اجتماعى مثل حاجته إلى التملك والزعامة وغيرها . الحاجات تتداخل مع بعضها تدخلا كبيرا حتى أن سلوك الفرد قد تحدده أكثر من حاجات فى وقت واحد كما أن السلوك الواحد قد يشبع أكثر من حاجة فى وقت واحد أيضا مثل التلميذ الذى يعاكس مدرسة ليجذب إليه انتباهه وفى نفس الوقت ليحظى بقبول زملائه .
ومن هنا ندرك مدى أهمية التعرف على حاجات التلميذ والعمل على إشباعها باعتبار أن ذلك الجانب يمثل بعدا هاما من أبعاد عمق المنهج المتكامل ولذلك يجب على واضعى هذه المناهج أن يق
ساحة النقاش