الموقع التربوي للدكتور وجيه المرسي أبولبن

فكر تربوي متجدد

يشير البعض إلى أن كلمة" التعبير"لم تكن معروفة عند العرب القدماء بالمعنى الذي نشير إليه في مؤسساتنا التربوية بمعنى الإفصاح والبيان، غير أنه أشير في أكثر من معجم إلى أن التعبير بمعنى التفسير.وقد أورد صاحب (لسان العرب ) تحت مادة عبر) :عبر الرؤيا يعبرها عبرًا ( وعبارة ، وعبرها ، أخبر بما يؤول إليه أمرها قال تعالى " إن كنتم للرؤيا تعبرون " يوسف،آية ٤٣ (عبد الفتاح البجة ، ٢٠٠١ م ، ص ٥٢ ). وجاء في معجم القاموس المحيط:"عبر الرؤيا عبرًا وعبارة،وعبرها:فسرها،وأخبر بما يؤول إليه أمرها".

ويستنتج مما سبق أن المعاجم اللغوية لا تشير مباشرة إلى لفظة "التعبير"المعروفة لدينا بمعناها في العصر الحاضر، وإنما أشارت إلى دلالات تشير إليها هذه الكلمة ، وهي : الكشف، والتفسير، والإخبار، والبيان، والتوضيح ، ويرى البعض أن المقصود بالتعبير اصطلاحاً هو ما يكون لدى الفرد من إمكانية التعبير عن أحاسيسه وأفكاره ومشاعره في وضوحٍ وتسلسل .

ويلاحظ في هذا الرأي توضيحاً وبياناً لوظيفة التعبير، فهو وسيلة للتعبير عما يدور في نفس المتحدث من خواطر ومشاعر وآراء وأفكار ومعلومات وإبرازها في صورة لغة منطوقة، أو مكتوبة تتميز بالوضوح والتسلسل ، وأشار البعض  إلى أن التعبير هو إفصاح الإنسان بلسانه، أو بقلمه عما في نفسه من الأفكار والمعاني.

ويستمد التعبير أهميته من عدة نواح هي:

· أنه أهم الغايات المنشودة من دارسة اللغة؛ لأنه وسيلة الإفهام، كما أنه أحد جانبي عملية التفاهم.

· أنه وسيلة لتواصل الفرد مع غيره ، وأداة لتقوية الروابط الفكرية والاجتماعية بين الأفراد.

· إن العجز عن التعبير له أثر كبير في إخفاق الأطفال وتكرار ذلك يترتب عليه الاضطراب ، وفقد الثقة بالنفس ، وتأخر نموهم  الاجتماعي والفكري.

ويري الباحث – تأسيساً على ما سبق ذكره - أن أهمية التعبير تكمن في أنه أداه ماهرة لتوظيف المعارف والمفاهيم المستقاة من قنوات المعرفة المتنوعة – باستخدام العقل وكل الحواس لوصف الفرد وجهة نظره تجاه المثيرات الخارجية فضلاً عما تختلج نفسه من مشاعر وأحاسيس .

 وهناك مجموعة من الأسس التي تؤثر في تعبير الطلاب، ومنها أسس نفسية تتعلق بحاجات الطلاب وميولهم، وأسس لغوية تتعلق بثروة الطلاب اللغوية، وأسس تربوية، ويمكن إيجاز هذه الأسس فيما يلى:

·  التحدث باللغة العربية الفصيحة والمناسبة لقدراتهم .

·  عدم استخدام الأسلوب اللاذع فى النقد.

·  عدم التركيز على بعض الطلاب دون البعض الآخر.

·  إعطاء كل تلميذ الحق فى التعبير عما بداخله.

·  احترام وجهة نظر غيره وتلقى النقد بصدر رحب.

·  توزيع النظر بين جميع المستمعين توزيعا عادلا.

نوعا التعبير:

التعبير من حيث طريقة الأداء نوعان: شفوي وكتابي، وينقسم كل منهما إلى قسمين: تعبير وظيفى وتعبير إبداعي، وتأتى الكتابة بعد التحدث وسيلة للاتصال بين أفراد المجتمع، حيث يصرف البعض جزءا كبيرا من نشاطه إما ناقلا لأفكاره كتابة، وإما قارئا لما هو مكتوب .

أوجه الاختلاف بين اللغة المكتوبة واللغة المتحدثة :

يفسر نينان1999 ) ,Nunan (أوجه الاختلاف بين اللغة المكتوبة واللغة المتحدثة فى الآتى:

- إن الرسالة المكتوبة يمكن استقبالها وتخزينها وإعادتها مره ثانية فى أية وقت بينما اللغة المتحدثة تعد من الوسائل سريعة الزوال.

- قد يحدث انفصالاً جسدياً بين القارئ والكاتب، وهذا الانفصال يضع الكاتب  فى موضع مختلف من نقطة التواجه وجها لوجه، ولكن فى اللغة المتحدثة يمكن للمتحدث الحكم على اللغة المتحدثة من خلال النظر إلى استجابة الجمهور له بينما يختلف الوضع فى الكتابة.

- يستمتع الكاتب بميزه أخرى لا يتمتع بها المتحدث، حيث إن الكاتب يستطيع تحسين أدائه وتصحيح الأخطاء دون أن يدرك القارئ، أما فى الحديث يحدث تردد وتصحيحات يدركها المستمع جيداً على عكس الكتابة. لذلك يقضى الكاتب وقتاً كبيراً ويبذل جهداً وفيراً فى انتاج رسالة صحيحة ودقيقة خالية من الأخطاء على عكس المتحدث .

- هناك اختلاف آخر بين اللغة المكتوبة واللغة المتحدثه بها متعلق بتوضيح الرسالة نتيجة للبعد المكانى بين الكتاب والقارئ، فإن الكاتب ينبغى أن يوضح رسالته جيداً، وألا يأخذ فى الحسبان الخلفية المعرفية للقارئ.

- أما الاختلاف الهام والأخير بين الكتابة والتحدث فهو امكانية استخدام المتحدث للتعبيرات والإيماءات والإرشادات مثل: نغمة السؤال، التعجب، التوقف، وهذا غير موجود بالكتابة؛ بينما يستخدم الكاتب الخطوط العريضة فى الكتابة، أو وضع خطوط تحت أسطر معينة أو كتابة أسطر معينة كتابة مائلة للتوضيح أو للإشارة إلى أشياء معينة.

وبناء على ما سبق نلاحظ أن كل نوع من أنواع التعبير قد يختص بطرق تدريس تناسبه، وأحيانا يمكن الإفادة من نفس الطرق عند تدريس كلا من التعبير الكتابي أو التعبير الشفوي.

أولا:التعبير الشفوى:

يمثل التعبير الشفوى(التحدث) مركزاً هاماً فى المجتمع، وتبدو أهميته فى أنه أداة الاتصال السريع بين الفرد وغيره، والنجاح فيه يحقق الكثير من الأغراض فى شتى ميادين الحياة ودروبها. فالعصر الذى نعيشه يتسم بأنه عصر الانفجار المعرفى، فحجم المعرفة يتضاعف ، كما يتسم بأنه عصر العلم وتطبيقاته التكنولوجية، كما يتسم بأنه عصر المد الديمقراطى، وكل هذا يتطلب من الإنسان أن يفكر فيما يقول وأن ينتقى كلماته وأفكاره، ويعرض فكرة بصورة منطقية معقولة، ويخطط لما سيقول، ولا يمكن أن يحدث كل هذا إلا بنوع من التعلم المنظم، ومن أجل هذا يوجد اهتمام بالغ فى كثير من الدول المتقدمة بلغة الكلام، وبالشروط التى تساعد المتعلم على إتقان الحديث فى المجالات الحيوية المختلفة، ويهدف التعبير الشفوي إلي تحقيق عدة أهداف أشار إليها البعض، منها:

· تعويد المتعلم إجادة النطق وطلاقة اللسان وتمثيل المعاني .

· تعويد المتعلم التفكير المنطقي، وترتيب الأفكار، وربط بعضها ببعض.

· تنمية الثقة بالنفس من خلال مواجهة زملائه في الفصل أو المدرسة أو خارج المدرسة

· تمكين المتعلم من التعبير عما يدور حوله من موضوعات ملائمة تتصل بحياته وتجاربه وأعماله داخل المدرسة وخارجها في عبارات سليمة .

· تشجيع المتعلم على التلقائية والطلاقة والتعبير من غير تكلف.

· التغلب على بعض العيوب النفسية التي قد تصيب المتعلم وهو صغير كالخجل أو اللجلجة في الكلام أو الانطواء.

· زيادة نمو المهارات والقدرات التي بدأت تنمو عند المتعلم في فنون التعبير الوظيفي من مناقشة وعرض للأفكار والآراء وإلقاء الكلمات والخطب.

· الكشف عن الموهوبين من التلاميذ في مجال الخطابة والارتجال وسرعة البيان في القول والسداد في الأداء.

· تعزيز الجانب الآخر من التعبير وهو التعبير التحريري مما يكتسبه التلميذ من ثروة لغوية وتركيبات بلاغية ومأثورات أدبية.

· تهذيب الوجدان والشعور لدى المتعلم ليصبح فردًا في جماعته القومية والإنسانية .

· دفع المتعلم إلى ممارسة التخيل والابتكار .

· إكساب المتعلم القدرة على قص القصص والحكايات .

· إكساب المتعلم القدرة على مجالسة الآخرين ومجاملتهم بالحديث .

· إكساب المتعلم القدرة على التعليق على الأخبار والأحداث .

· إكساب المتعلم القدرة على البحث عن الحقائق والمعلومات والمفاهيم في مصادرها المختلفة والمتاحة.

· توفير الفرصة للمتعلم للتعبير عن ذاته وإثباتها واستقلال الشخصية، والكشف عن الاستعدادات القيادية.

· التغلب على بعض أمراض النطق كالفأفأة والثأثأة .

نوعا التعبير الشفوى:

ينقسم التعبير الشفوى إلى نوعين هما :

أ:تعبير شفوى وظيفى: وهو التعبير شفويا عن المواقف الحياتية فيما يتصل بأمور تهتم بقضاء حاجات الأفراد العامة ومن أهم مجالات التعبير الشفوى الوظيفى ما يلي:

المناقشة: تعد المناقشة أهم مجالات التعبير الشفهي الحي الذي يحبه المتعلمون على مختلف مستوياتهم التعليمية ويميلون إليه. وينبغي أن تحظى المناقشة بمكانة كبيرة في المدرسة لما لها من أهمية كبيرة في حياتنا، حيث يرى البعض أن حياتنا الحديثة بما تقتضيه من تخطيط وانتخابات ومجالس إقليمية ونقابات وما إلى ذلك ، تقتضي أن يكون كل فرد قادرًا على المناقشة كي يستطيع أن يؤدي واجبه كعضو في مجتمع ديمقراطي.

المحادثة:وهي النشاط اللغوي الشفهي الذي يستعمل بصورة أكثر تكرارًا في حياة الإنسان، كما أنها أعظم نشاط كلامي يمارسه الصغار والكبار على السواء.

الحوار:وهو حديث يجري بين شخصين أو أكثر في العمل القصصي. وقد يكون الحوار سلسلة من الأسئلة والأجوبة المختصرة بين فردين أو أكثر، ويختلف الحوار عن المناقشة في أن الهدف من المناقشة يكون أكثر تحديدًا وأكثر وضوحًا منذ البداية، والهدف في المحادثة يكون أقل تحديدًا منه في الحوار.

إلقاء الخطب والكلمات: تعد الخطابة فنًا من فنون اللغة الشفهية، حيث يحتاج إليها الإنسان في كثير من المواقف الحياتية، كإلقاء كلمة أو خطبة في مناسبة معينة كالمناسبات الدينية،أو الاحتفالات الوطنية، أوعرض تقرير عن مؤتمر أو رحلة .

القصص والنوادر: تمثل القصة عاملاً تربويًا مهمًا ليس فقط في تعليم اللغة، ولكن أيضًا في تهذيب الأحاسيس وترقية الوجدان؛ حيث تمد المتعلم بألوان من الأدب الراقي في تعبيره وفكره وألفاظه وأساليبه. والقصة بما تحويه من فكرة وخيال ومغزى وحوادث ولغة لها أثرها في تكوين الناشئة.

المقابلات الشخصية: وهى محادثة جادة موجهة نحو هدف محدد ، يستطيع الطلاب أن يجدوا الفرص للتدريب عليها من خلال مدرستهم ، فيمكن أن يوجهوا إلى عمل مقابلات مع مدير المدرسة حول الأنشطة المدرسية مثلاً أو إمكانية خدمة البيئة من خلال المدرسة.

إدارة الاجتماعات: تعد إدارة الاجتماعات صورة من صور النشاط الاجتماعي الذي تبدو فيه الحاجة ملحة إلى الاستعمال اللغوي شفهيًا. وهو نشاط يمارس باتساع وخاصة في المجتمعات التي أصبحت لها ركيزة من الديمقراطية واشتراك الشعب في تحمل المسئوليات الخاصة به.

الوصف: الحياة اليومية مليئة بالمواقف والأحداث التي تشكل مجالاً خصبًا للتحدث حولها، يمكن للمعلم استغلالها كموضوعات يتحدث فيعها المتعلمون لوصفها؛ مما يساعد على تنمية لغتهم الشفهية. ومواقف الوصف هي المواقف التي تتطلب من المتعلم أن يصف شيئًا معينًا أعجبه أو أثار انتباهه.

المناظرات: تؤدى المناظرات دورًا هامًا في تنمية اللغة الشفهية لدى المتعلمين ، حيث إنها صورة من صور الجدل الحاد،تعتمد على العرض المثير للمزايا والعيوب لموضوعات علمية أو ثقافية أو فلسفية أو دينية أو اجتماعية أو غيرها.

التعارف والترحيب: وهى من الأمور التي يجب أن يُدرِّب المعلم متعلميه عليها، خاصة وأن مواقف التعارف والترحيب تتكرر في حياة المتعلم في البيت والشارع والمدرسة والنادي إلى آخره.

ب:التعبير الابدعى:

وهو تعبير التلميذ عن مشاعره وأحاسيسه النابعة من وجدانه بأسلوب واضح ومؤثر، بحيث يعكس هذا التعبير ذاتيته ويبرز شخصية فى إطار أدبى يبرز كثيرا من خصائص الأسلوب الأدبى المؤثر فى الآخرين. وهذا النوع من التعبير له أهميته، لأنه يمكن التلاميذ من التعبير عما يرونه من أحداث وشخصيات وأشياء تعبيرا يعكس شخصياتهم، وبه تتضح ذاتهم ، كما يمكنهم من التأثير فى الحياة العامة بأفكارهم .

مهارات التعبير الشفوى: هناك العديد من التصنيفات التى تتصل بمهارات التعبير الشفوى ،حيث قسمتها بعض الدراسات إلى مهارات رئيسية تندرج تحتها مهارات فرعية، وكانت أهم المهارات التى انتهت إليها تلك الدراسات كما حددها البعض فيما يلى:

1-المقدمة.                  2-النطق الصحيح.

3-الطلاقة.                  4-الوقفة المناسبة.

5-الصوت المعبر.          6-الأسلوب.

7- الخاتمة.

وذكرها آخرون دون تصنيف لها،ويرى آخر أن التصنيف الأمثل لتلك المهارات هو ما يرتبط بطبيعة عملية التعبير وبمكونتها، ومن ثم فإن المكونات الأساسية لعملية التواصل الشفوى هى:-

(1) الجانب الفكرى :

* يستهل بمقدمه مشوقة .                          * يقدم حلولا ومقترحات.

* يعبر عن الفكرة بوضوح .                      * يستوفي العناصر الأساسية للموضوع.

* يرتب الأفكار ترتيبا منطقيا أوتاريخيا.           * يسوق أدلة متنوعة لتدعيم الأفكار .

* يولد فكرة كم أخرى .                            * يستخلص النتائج .

(2) الجانب اللغوى:

* يستخدم كلمات مناسبة للسياق .                 * يعبر بكلمات محددة الدلالة .

* يستخدم جملا صحيحة فى تراكيبها .            * يستخدم أنماطا متنوعة للجمل .

* يستخدم جملا تعبر عن المعنى.                 * يوظف الصور البلاغية خدمة للمعنى.

(3) الجانب الصوتى:

* يتحدث بصوت واضح .                         * يتحدث بثقة فى النفس ودون ارتباك.

* يستخدم طبقة صوتية مناسبة .                  * يتحدث بالسرعة المناسبة .

* يراعى مواطن الفصل والوصل .                       * يميز بين الظواهر الصوتية المختلفة.

 (4) الجانب الملمحى:

* يحرك أعضاء جسمه وفق المعنى .         * يستخدم تعبيرات وجهه وفق المعنى المعبر عنه.

* يستخدم الإيماءات المناسبة .                * يواجه المستمعين ويجول بنظره فى جميع الأركان.

* يستخدم حركات وإشارات تسهم فى جذب انتباه المستمعين إليه.

ويندرج تحت كل محور المهارات المكونة له .

ثانيا:التعبير الكتابى (التحريرى):

هو أحد أهم فنون اللغة الأربعة وهو من أهم أدوات الإنسان فى التواصل التى تتيح له التعبير عن حاجاته ومشاعره وأفكاره، وتصله بالعالم من حوله تراثا وفكرا. وتتعدد تعريفات التعبير الكتابى من قبل الباحثين والمختصين فى مجال تعليم اللغة العربية ، حيث يعرفه البعض بأنه: قدرة التلميذ على أن يكتب فى قوة ووضوح وحسن عرض ودقة؛ ليعبر عما يجول بفكره وخاطره وعما يدور بمشاعره وإحساساته، كل ذلك فى تسلسل وانسجام وترابط فى الفكرة، ويعرفه البعض بأنه قدرة الفرد على الاتصال بالآخرين للتعبير عن الأفكار والآراء مما يساعد على تنظيم حياة الأفراد وسد حاجاتهم ، ويحتوى التعريفان السابقان على أهم مهارات الكتابة وأهدافها وهى؛ الدقة والوضوح، أما الهدف فهو الإفصاح عما يجول بداخل الإنسان من مشاعر وأحاسيس.

أغراض التعبير الكتابي(التحريرى):

تصنف الكتابة من حيث أغراضها إلى ثلاثة أنواع : النوع الأول وهو الكتابة التعبيرية Expressive Writing وتدور حول مشاعر الكتاب وخبراته، وانطباعاته وشخصيته، وتهدف إلى مساعدة القارئ فى فهم شىء ما عن الكاتب، أو عن أسلوب إدراكه الأشياء، وذلك كان يكتب خطاباً لأحد الزملاء يصف له فيه مشاعره أو علاقاته الخاصة .

وينحصر هدف الكاتب فى هذا النوع، فى التعبير عن نفسه وما يدور بداخله للآخرين، أما النوع الثانى فهو الكتابة التفسيرية Explanatory Writing ويهدف الكاتب من خلاله إلى تقديم وجهة نظره أو تفسيره للأشياء، رأيا كانت أو اتجاهاً أو ملاحظة، أو اقتراحاً، فهو لا يهدف فى هذا النوع إلى التعبير عن مشاعره كسابقه، وإنما يقدم من خلاله معلومات للقارئ تعبر عن تفسيره ورؤيته لعديد من الظواهر أو القضايا. والواقع أن معظم كتاباتنا تفسيرية، ومن أمثلة هذا النوع من الكتابة أن يكتب أحد الناس إلى زميله يصف له مكان إقامته؛ حتى يستطيع الوصول إليه، أو أن يكتب تعليقاً لأحد زملائه يشرح له فيه كيفية حصوله على صور فوتوغرافية لأحد المشاهير عن طريق البريد أو المراسلة. أو أن يكتب احد الطلاب مقالاً لأستاذ علم النفس يفسر له فيه الأسباب التى تؤدى إلى ترويج الإشاعات بين الناس، وفى الحقيقة فإن مثل هذا النوع لا يركز على القارئ، من حيث اتجاهاته، أو آرائه، أو وجهة نظره، وإنما يهتم بالموضوع الذى يكتب فيه بالدرجة الأولى، أما النوع الثالث فهو الكتابة الإقناعية Persuasive Writing ، وينصب فيها الاهتمام على القراء، وخصائصهم، وما لديهم من معلومات أو أفكار أو اتجاهات أو آراء، ولا يهدف الكاتب إلى تزويدهم بالمعلومات فحسب، وإنما يسعى إلى حفزهم نحو تغيير أرائهم ، أو اتجاهاتهم ، أو أفكارهم؛ لاتخاذ موقف مختلف عن موقفهم الحالى فى أحدى المسائل أو القضايا الجدلية. وهى تصمم لدحض الأسباب الكامنة وراء اقتناع القراء برأى مخالف.

وعادة ما تتداخل هذه الأهداف أثناء الكتابة، حيث يتداخل الوصف أو التفسير مع الكتابة التى تستهدف الإقناع ، إلا أن الإقناع فى تلك الحالة يبقى هدفاً رئيساً فى هذا النوع؛ إذ يكون لمعظم مواقف الكتابة هدف رئيس واحد. وعن طريق احتفاظ الكتاب بهذا الهدف وتركيزهم عليه ، يمكنهم اختيار الاستراتيجيات المثلى لتحقيقه ، وتحديدها .

أقسام التعبير الكتابي:

ينقسم التعبير الكتابى إلى قسمين : 

أ:التعبير الكتابي الإبداعي: وهو نشاط لغوى يظهر فيه التلميذ مشاعره وأحاسيسه حول ما سمعه أو شاهده، ولذا فهو يتسم بالذاتية الواضحة في التعبير عن فكر صاحبها وخواطره وأحاسيسه.

 وهناك من يعرفه بأنه: القدرة على التعبير عن الشعور والإحساس واستخدام اللغة المجازية وفنيات الصياغة الأدبية البليغة، ولا تقف عند هذا الحد بل تتعداه إلى أصالة الأفكار وعمقها، وجدتها، وأصالة أساليب التعبير عنها، والإبداع في عرضها وفى إبراز الصور المتخيلة، وبناء الصور اللفظية، كما أنها تشمل كل مراحل الكتابة بدءًا بالفكرة وانتقاء الألفاظ ، وانتهاءً بالشكل التنظيمي لما تم إنشاؤه عقلاً.

مجالات التعبير الكتابي الإبداعي:

من خلال متابعة الأدب التربوى ونتائج البحوث والدراسات فى هذا المجال، تبين أن التلاميذ يميلون إلى الفنون الأدبية التى تمنحهم القدرة على التعبير عما بداخلهم، وتسعى إلى تنمية القدرة على التعبير عن الذات والاتصال بالمجتمع، وبناء الشخصية. ونظراً لأن التلاميذ يتمتعون بخيال خصب وعقل فتي، فإنهم يميلون أيضاً إلى المجالات الكتابية التى تتسع لهذه الإبداعات ولا تقيدها معايير الشكل التى قد تحول – أحياناً – من الوصول إلى الإبداع .ومن أهم مجالات التعبير الكتابى الإبداعى ما يلى:

القصـة: تنمى القصة خيال الطفل وتوسع مداركه ، وتكسبه القدرة على التعبير، كما تنمى ثراءه اللغوي والفكري، وتشكل نوعاً من أنواع اللعب الإيهامى للطفل، ولها أكبر الأثر فى تنمية الإبداع لديه، حيث تحقق ما يطلق عليه المختصون المناخ الإبداعى، ولذلك يميل التلاميذ فى المراحل التعليمية المبكرة إلى قص القصص وكتابتها وقراءاتها.

ويذكر آخر أن هناك عدة عناصر يجب مراعاتها فيما يبدعه التلاميذ من قصص ودون أن يتدخل المعلم فى أصالة هذه الأفكار التى يوردها التلاميذ.

اليوميات: تعرف أحياناً بالمذكرات الشخصية، وهى نشاط اجتماعى يكثر تناوله بين الناس ويشترط أن يكون نابعاً من حاجات حقيقية تدفع التلميذ إلى التعبير عنها كالخبرات الشخصية التى يمر بها الإنسان أو وصف معين لحدث أو مشاهدات ولكن بأسلوب منظم، ولها عناصر رئيسة يجب أن تتوافر عند كتابتها وهى: ( الزمان – المكان – الأشخاص – الموضوع – التعليق ).

الوصف: يعد فن الوصف من أكثر مجالات التعبير الكتابى الإبداعى شيوعاً، ،فلكل إنسان حواسه التى يدرك بها الأشياء، ويجد على الدوام فيما يرى أو يسمع شيئاً يستحق الوصف فى السماء وعلى الأرض.

ب:التعبير الكتابى الوظيفى:-

يقصد به التعبير كتابيا عن المواقف الحياتية فيما يتصل بأمور تهتم بقضاء المصالح والحاجات العامة، حيث يسعى الإنسان من خلال هذا النوع من التعبير إلى تحقيق حاجات الإنسان المادية.

مجالات التعبير الكتابى الوظيفى:

 حددت العديد من الدراسات بعض مجالات التعبير الكتابى الوظيفى فيما يلي:

الرسائل: يعد مجال كتابة الرسائل من أهم مجالات الكتابة الوظيفية فى حياة الإنسان، فهو فى حاجة أن يكتب رسالة إلى صديق، أو والد أو أخ أو نحو ذلك، كما أنه فى حاجة إلى أن يكتب رسائل عمل وغيرها، لذا فمجال الرسائل مجال واقعى يعيش فيه كل إنسان، كما أنه مجال اجتماعى لابد أن يمارسه كل إنسان، هذا بالإضافة إلى أن مجال الرسائل فيه إشعار بوظيفة الكتابة والتعبير بالنسبة للكاتب.

كتابة المذكرات: وهى ما يكتبه الفرد من معلومات لدى حضوره محاضرة أو ندوة أو اجتماع أو لدى زيارته لمؤسسة أو مصنع أو شركة بهدف كتابة تقرير عنها.

كتابة اليوميات: وهى من الخواطر التى يسجلها الكاتب فى مقالات أو موضوعات عن الأحداث والأشخاص والأشياء، ويعيد ترتيبها وتبويبها والاحتفاظ بها لتنشر فى الوقت نفسه أو بعد حين ومنها اليوميات التى يسجل فيها الإنسان نفسه لتسجيل حوادث أيامه.

الأحداث الجارية: وتعنى بالكتابة عن المشكلات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والمناسبات الدينية والقومية، والاتجاهات العامة، والموضوعات الدينية – أو التى تدعوا إلى القيم، والتطلعات والآمال وغيرها.

كتابة الشكاوى والتظلمات: من الأهداف العامة للتربية تكوين المواطن الصالح الذى يعرف واجباته فيؤديها على أفضل وجه ممكن.

كتابة الملاحظات والتعليقات: المقصود بكتابة الملاحظات والتعليقات ما يكتبه الفرد لدى بحثه عن المعلومات والأشياء والأحداث والأشخاص، كبيانات يستعين بها فى كتابة موضوع، أومقال، أو تقرير، أوبحث ، وذلك عن طريق استخدام بعض الحواس.

ملء الاستمارات: ومنها استمارات الامتحانات العامة، واستمارات الاستعارة من المكتبات، واستمارات تعريف بمن يتقدم لوظيفة، والفنادق والبنوك، ومكاتب البريد وغير ذلك.

كتابة وصف دقيق لحادثة أو منظر: يكون الوصف مجالاً للكتابة الإبداعية إذا اقترنت كتابته بالتصوير المجازى ومزج الخيال والصور الفنية، أما إذا كانت كتابته تصف شيئاً ما مهماً مثل تجربة علمية أو مكاناًَ تاريخياً، وكانت الكتابة خالية من المحسنات البديعية والمجاز فهو هنا من مجالات التعبير الوظيفى.

إعداد الإعلانات واللوحات: وهى أعمال كتابية تنتشر داخل المدرسة وخارجها، وتحتاج إلى عدد من المهارات، منها التنظيم والوضوح، والدقة فى البيانات، والإيجاز. وقد يكون موضوعها حفلاً، أو مباراة أو تمثيلية، أو أسماء طيور أو حيوانات أو نباتات هناك البطاقات التى تلصق على الحقائب عند السفر، والمعارض المدرسية والمناشط الرياضية، والإعلان عن الأشياء المنقودة، والاجتماعات المدرسية وغير ذلك.

إعداد قوائم المراجع و كتابة التوثيق والهوامش: يحتاجها الفرد المراحل التعليمية المتقدمة عند دارسة مشكلة معينة أو كتابة تقارير حول موضوع ما، كما يحتاج الفرد إلى إعداد القوائم عند القيام بعمليات الفهرسة ... إلى غير ذلك من المجالات التى يحتاج فيها الإنسان إلى إعداد قوائم المراجع. ولأهمية هذا المجال يجب تدريب الطلاب عليه فى مواقف طبيعية " ففى المدرسة مناسبات كثيرة لإعداد قوائم المراجع، فمثلاًٍ قد تقتضى دراسة مشكلة ما جمع بعض المراجع، وكذلك تقتضى التوصية بقراءة بعض القصص أوالمجالات تقديم قائمة المراجع المصاحبة لذلك.

إعداد المستندات:يعد هذا المجال مهما فى حياة الإنسان، وبخاصة فى العصر الحالى؛ وذلك نظراً لكثرة المعاملات التجارية والمادية بين الناس.

المقالات: وهو تعبير مكتوب عن نظرة أو رأى شخصى فى أمر من أمور الحياة،وتنقسم المقالة إلـى نوعين ؛ المقالة الذاتية: وهى التى تعبر عن مشاعر الكاتب وأحاسيسه فى مشهد من المشاهد أو حدث من الأحداث أو قضية من القضايا، وتعكس فى وضوح رؤية صاحبها الخاصة للموضع الذى تتناوله المقالة. والمقالة الموضوعية، وهى المقالة التى يكون بين محتواها وبين كاتبها صلة موضوعية.

التقارير: لكتابة التقارير قيمة تربوية فى التعليم لأنها تُتيح للتلميذ الفرصة لإظهار قدرته على التنظيم، والتقييم، والقدرة على الملاحظة وعلى التقييم.

التلخيص: ويقصد به التعبير عن المعانى الرئيسية التى يتضمنها نص ما فى كلمات أقل لا تُذْهِبْ بوضوح النص أو المعلومات الأساسية التى يتضمنها.

مراجعة المواد الدراسية:تظهر وظيفة هذا المجال فى تدريب التلميذ على تعرف النقاط الرئيسية فى الموضوع أو المادة المراد مراجعتها واستذكارها.

مهارات التعبير الكتابى:

من خلال مراجعة الأدبيات التربوية والبحوث والدراسات السابقة يتبين أن هناك تصنيفات متعددة لمهارات التعبير التعبير الكتابى، منها: دراسة الحسينى العجمى(1988م) التى هدفت إلى تنمية مهارات التعبير الوظيفى فى المدراس الثانوية الصناعية ، وانتهى فيها إلى أن كل مجال من مجالات التعبير له مهارات خاصة به، كما حدد مهارات مشتركة بين هذه المجالات تتمثل فى: المقدمة، العرض، الخاتمة.

أما دراسة طاهر علوان(1988م) فقد صنفت مهارات التعبير الكتابى إلى مهارات خاصة بهيكلة النص وتشمل :البناء العام، وتنظيم المحتوى، ومهارات خاصة بالمعجمية وتشمل؛ الملاءمة والتنوع، ومهارات خاصة بالنحو، ثم مهارات خاصة بالتهجى وعلامات الترقيم، وأصالة المحتوى.

كما صنفت دراسة عفت درويش(1988 م)مهارات التعبير الكتابى إلى مهارات رئيسية هى: المقدمة – الأسلوب – العرض – الخاتمة.

ويشير فتحى يونس(2000م)أن للكتابة مهارات من أهمها: مراعاة القواعد الهجائية، ومراعاة قواعد الشل فى الكتابة ، بالإضافة إلى مهارات تنظيم الكتابة. أى أن مهارات الكتابة تتمثل في: المهارات الفكرية، والمهارات الأسلوبية اللغوية، والمهارات التنظيمية.

وقد اتبع عبد الحميد عبد الله( 2003م) هذا التصنيف، وقسم مهارات الكتابة إلى ثلاثة محاور هي:

المحور الفكرى: وضم المهارات الفرعية التالية:

* يستهل الموضوع بمقدمه مشوقة.             *يعبر عن الفكرة بوضوح.

* يستوفي العناصر الأساسية للموضوع.                *يرتب الأفكار ترتيبا منطقيا أو تاريخيا.

* يسوق أدلة متنوعة لتدعيم الأفكار.           *يولد فكرة كم أخرى.

*يستخلص النتائج .                            *يقدم حلولا ومقترحات إذا تطلب الأمر.

المحور اللغوى:واشتمل على المهارات التالية:

* يستخدم كلمات مناسبة للسياق.               *يعبر بكلمات محددة الدلالة.

* يستخدم جملا صحيحة فى تراكيبها.          *يستخدم أنماطا متنوعة للجمل .

* يستخدم جملا تعبر عن المعنى.              *يوظف الصور البلاغية خدمة للمعنى.

المحور التنظيمي:وتكون من سبع مهارات ى.

* يكتب بخط واضح ومقروء.                  *يراعى قواعد التهجى.

* يقسم الموضوع إلى فقرات.                  *يعبر عن كل فكرة فى فقرة.

* يستخدم علامات الترقيم.                     *يبرز كتابة العناوين الفرعية إذا تطلب الأمر.

* يراعى الهوامش المناسبة.

وهناك مهارات ترتبط بكل مجال من مجالات التعبير الكتابي على حدة، فكتابة القصة تتطلب مهارات معينة تختلف عن مهارات كتابة الخطاب أو البرقية، فعلى سبيل المثال تتطلب القصة مهارات مثل:الحوار، وعرض الشخصيات الأساسية والثانوية، والحبكة، والعقدة الصراع، وتسلسل الأحداث.

المصدر: الدكتور وجيه المرسي أبولبن
  • Currently 15/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
5 تصويتات / 806 مشاهدة
نشرت فى 29 مايو 2011 بواسطة maiwagieh

ساحة النقاش

الأستاذ الدكتور / وجيه المرسي أبولبن، أستاذ بجامعة الأزهر جمهورية مصر العربية. وجامعة طيبة بالمدينة المنورة

maiwagieh
الاسم: وجيه الـمـرسى إبراهيـــم أبولـبن البريد الالكتروني: [email protected] المؤهلات العلمية:  ليسانس آداب قسم اللغة العربية. كلية الآداب جامعة طنطا عام 1991م.  دبلوم خاص في التربية مناهج وطرق تدريس اللغة العربية والتربية الدينية الإسلامية. كلية التربية جامعة طنطا عام 1993م.  ماجستير في التربية مناهج وطرق تدريس اللغة العربية »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

2,659,861