الموقع التربوي للدكتور وجيه المرسي أبولبن

فكر تربوي متجدد

إن مهارة الاستماع لها دور رئيس في نمو مهارة الكلام، فإذا ضعفت هذه المهارة فإنها تعوق عملية الكلام، ومن ثم تفشل عملية الاتصال، وقد يرجع الضعف في الاستماع إلي ما يلى:

(1) التشتت: ينبغي على المستمع أن يصر على متابعة تفكير المتكلم في شغف، مبتعدا- ما أمكن – عن المنعطفات التي تبعد به عن تتبع الفكرة، ولكى يربط بين ما يسمع وبين خبرته الشخصية، فعليه ألا يترك أفكاره تتجول بطريقة غير منطقية، وذهنه يشرد بعيدا عن الفكرة الآتية له.

(2) الملل: قد يصيب المستمع الملل قبل أن ينتهي المتكلم، وهنا ينبغي أن يكون مستقبلا نشطا، حتى إذا لم يجد ما يشبع شغفه، استمر في الاستماع.

(3) عدم التحمل: إن الاستماع يتطلب الكثير من المستمع، وإذا لم يكن المستمع مثابرا فلن يحدث الاستماع، ومن هنا كانت أهمية إعداد المستمع نفسه لعملية الاستماع.

(4) التحامل: عادة ما يقع من المتكلم بعض الأخطاء، ولكنها لا تصرف المستمع عن أفكار المتكلم، أما المستمع المغالي في النقد، فكثيرا ما يفقد لب ما يقال، ولا يقدر الحديث الذي يسمعه بمجرد شعوره بخطأ المتكلم في نقطة صغيرة.

(5) البلادة: ينبغي على المستمع الجيد أن يستحث نفسه دائما على فهم الحديث وإتباع المعاني؛ حيث إن الاستماع الجيد يتطلب كل النشاط العقلي، ولا يكتمل نشاط المستمع إلا إذا كان قادرا على إعطاء ملخص واف لما سمعه.

(6) التسرع في البحث عما هو متوقع، بدلا من الانتظار، حتى يكمل المتحدث فكرته.

أسباب عضوية تعوق عملية الاستماع:

هناك بعض الأسباب العضوية التي تعوق عملية الاستماع؛ منها ما هو موروث، وما هو مكتسب.

(أ)  أسباب خلقية وراثية: وهى ناتجة عن الأضرار التي تسببها الميكروبات، أو السموم، أو الفيروسات التي تنتقل من الأم إلي الجنين.

(ب) أسباب مكتسبة مثل: (1) حدوث خلل في توصيل الصوت نتيجة لانسداد الأذن الخارجية بجسم غريب. (2) التهاب الأذن الوسطى الصديدي. (3) بعض الأمراض؛ مثل الحصبة والغدد النكفية. (4) التهاب الأغشية السماتية المحيطة بالمخ .

تنمو قدرات الاستماع بالتتابع، وربما كان المستوى الأول في نمو الاستماع هو الدقة السمعية؛ وذلك أنه إذا لم تكن الأذن قادرة على الاستجابة لموجات الصوت وترجمتها عن طريق الجهاز العصبي، فكل مهارات الاستماع الأخرى تصبح معطلة أو لا وجود لها.

وبالإضافة إلي ما سبق، وقوع أحد الفصول بجوار بعض الطرق العامة المنبعثة عنها الضوضاء، وكذا عدم ضبط المعلم لفصله، وتشويش الطلاب على المتحدث، سواء أكان هذا المتحدث المعلم، أو الطالب نفسه.

تعقيب:

بعد عرض مهارات اللغة العربية والتكامل بينهما، بصفة عامة، ومهارات الاستماع بصفة خاصة، أمكن استخلاص ما يلى:

1- إن مهارات اللغة العربية تكاملية ومترابطة، ويؤثر بعضها في الآخر، ويتأثر به.

2- إن الاستماع مهارة قابلة للتعليم والتدريب، وبالتالي للنمو والتطور والتعليم.

3- إن الاستماع عملية عقلية مركبة، تتطلب من المستمع إضفاء بعض المعاني على الرموز المنطوقة التي يستمع إليها، في ضوء خبرته الخاصة، والألفة بالمادة المسموعة، وقد يصل المستمع فيها إلي استنتاجات مختلفة، وفهم أفضل لما وراء المسموع.

4- إن مهارات الاستماع مهارات تراكمية، يمهد السابق فيها إلي اللاحق، ويبنى عليه في ضوء خبرات المستمع.

5- وضع معدل الإلقاء Rate Delivery في الاعتبار عند صياغة النص المسموع، وذلك نظراً لما أكدته الدراسات من أن زيادة معدل الكلام يؤدى إلي تناقص الفهم الاستماع؛ لذا فقد تبنى الباحث معدل الإلقاء الذي تراوح عدد الكلمات داخله بين (130-160ك/د) عند نطق النص المسموع، واستماع التلميذ إليه، وهذا المدى يتناسب مع تلاميذ الصف الخامس الابتدائي، كما أشار بذلك المتخصصون.

6- نظرا للعلاقة بين الفهم الاستماعي، والقدرة على التذكر، وإلي الدور الذي تقوم به الذاكرة الحسية السمعية، والذاكرة قريبة المدى في التأثير على مهارات الاستماع والتداخل بينهما، فقد وضع الباحث هذا العامل في اعتباره أثناء بناء وتصميم اختبار الاستماع، فلم يتم عرض أسئلة الاختبار بعد استماع التلاميذ إلي النص المسموع مباشرة؛ بل يترك فاصل زمني مقداره (15) خمس عشرة ثانية (قيمة حجم الاحتفاظ بالمعلومات داخل الذاكرة الحسية، وقريبة المدى)، وبعده يتم تقديم أسئلة الاختبار على مسامع التلاميذ حتى يجيب التلاميذ على الأسئلة في ضوء معالجات الفهم الاستماعي، وليس من الذاكرة الحسية، أو قريبة الأمد.

7- في ضوء معيار تقديم المادة المسموعة للتلاميذ، والشكل الذي يتم من خلال تقديمها، فقد راعى الباحث تقديم اللغة المنطوقة من خلال بعض المواقف التي تشبه اللغة الأصلية Semi Authentic ، وذلك من خلال عملية المزج بين اللغة العامية الدارجة، واللغة الكلاسيكية التعقيدية التي تسير في إطار من القواعد النحوية البسيطة، وليست التراكمية structured حتى تتناسب مع تلاميذ الصف الخامس الابتدائي من ناحية، وتتواءم مع خصائص النص المسموع، الذي يبتعد عن حرفية التركيب اللغوي، والضبط النحوي والإعرابي.

ومن هنا فقد تم تسجيل نصوص الاختبار المسموع، والأنشطة والتدريبات داخل البرنامج الكمبيوتري، من خلال بعض المواقف، والحوارارت التي تتم بين شخصين، يتحدثان بلغة تجمع بين اللغة الدارجة، وبين اللغة الفصيحة المبسطة، التي تتمشى مع خصائص النص المسموع، وتظهر قدراً من الفروق بين النص المكتوب (القرائي) وبين النص المنطوق (المسموع)، مما يجعلنا نثق في توجيه بعض الفروق، في مهارات الاستماع أو القراءة إلي فاعلية أحد النصين (المكتوب- أو المسموع).

8- تم اختيار بعض النصوص المسموعة، التي تتناسب مع خصائص نمو الطلاب، ومما يدرسونه خلال هذه المرحلة، وبعد الاطلاع على قوائم المفردات الأكثر شيوعا لدى تلاميذ هذه المرحلة، حتى تتمشى مع المستوى العمري والعقلي للمستمعين.

المصدر: الدكتور وجيه المرسي أبولبن
  • Currently 15/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
5 تصويتات / 3767 مشاهدة
نشرت فى 29 مايو 2011 بواسطة maiwagieh

ساحة النقاش

الأستاذ الدكتور / وجيه المرسي أبولبن، أستاذ بجامعة الأزهر جمهورية مصر العربية. وجامعة طيبة بالمدينة المنورة

maiwagieh
الاسم: وجيه الـمـرسى إبراهيـــم أبولـبن البريد الالكتروني: [email protected] المؤهلات العلمية:  ليسانس آداب قسم اللغة العربية. كلية الآداب جامعة طنطا عام 1991م.  دبلوم خاص في التربية مناهج وطرق تدريس اللغة العربية والتربية الدينية الإسلامية. كلية التربية جامعة طنطا عام 1993م.  ماجستير في التربية مناهج وطرق تدريس اللغة العربية »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

2,643,446