الموقع التربوي للدكتور وجيه المرسي أبولبن

فكر تربوي متجدد

تهدف التربية الإسلامية إلى إعداد الإنسان لعبادة الله وحده ولعمارة الأرض والاستفادة من خيراتها ومن ثم شكر الله وحمده على نعمه، وطاعته وتوحيده بالعبادة وتطبيق شرعه.

كما توجه التربية الإسلامية تحقيقاً لهذا الهدف إلى النظر وإعمال الفكر في هذا الكون ثناء وحمداً للمنعم ومحاولة لكشف السنن والأنظمة المحكمة التي تنظم الحياة في هذا الكون بدقة متناهية.

وقد تحقق للعلوم الطبيعية التي تدرس هذا الكون وما فيه تقدم مذهل في هذا العصر هيأ للإنسان سبل الراحة.

ومن المعروف أن القرآن الكريم يشتمل على ما يقارب (750) سبعمائة وخمسين آية تحث وتدعو إلى إعمال الفكر في هذا الكون وما فيه من مخلوقات مسخرة للإنسان. هذا الكون الذي هو ميدان العلوم الطبيعية.

وبرغم ذلك نلحظ عدم الاعتناء الكافي من المسلمين قديماً وحديثاً بتوجيه القرآن الكريم ودعوته بما يكفي لازدهار العلوم الطبيعية التي هي علوم التفكر والتسخير وتعميق الإيمان في النفوس، وتأثر كثير من علماء الطبيعة المسلمون حديثاً بالفلسفات المادية الغربية المعاصرة، نظراً لتقدم الغربيين في هذه العلوم، ودراسة كثير من العلماء المسلمين هذه العلوم في الغرب.

بالإضافة إلى ضعف الرابطة بين علماء الدين، وبين علماء الطبيعة في العالم الإسلامي المعاصر. وتشير بعض الدراسات إلى وجود علاقة ترابط وتكامل بين معطيات العلم الحديث وما جاءت به آيات القرآن الكريم، وأن العلوم الطبيعية بالرغم من مظهرها الموضوعي إلا إنها تحمل كثيراً من القيم، والأفكار، والمعتقدات التي توجه تقدم هذه العلوم كما توجه استثمارها وتطبيقاتها، كما أن التخلف العلمي والتقني في العالم الإسلامي، والتقدم غير المنضبط في العالم الغربي من أهم أسباب الانهيار القيمي والأخلاقي لدى الشباب في العالم الإسلامي، حيث يولد هذا التخلف الشعور بالانهزامية الذاتية، ومحاولة تقليد الآخرين في استهلاك معطيات العلوم المعاصرة.

أن التربية العلمية الإسلامية الصحيحة هي التي تبين للتلاميذ أسرار خلق ودقة الصنع، وتهيئة الكون وما فيه لحياة الإنسان وكل ذلك مما يقوي الإيمان، ويدعمه في النفوس، ويعد تخلف العلوم الطبيعية في العالم الإسلامي، وقلة الوعي العلمي العام وإدراك العلاقة الصحيحة بين الأسباب والنتائج وراء كثير من صور التأخر والتخلف في النواحي الصحية، والاجتماعية والاقتصادية، ويظهر ذلك في انتشار السحر والشعوذة والخرافات التي توجه سلوك كثير من الناس.

تحتل العلوم الطبيعية مكانة هامة في هذا العصر لأنها أساس التقدم في مجالات الطب، والهندسة، والزراعة، والالكترونيات وغيرها. ولا يمكن التربية الإسلامية أن تؤدي وظيفتها على الوجه الأكمل حتى يتحقق لها الارتباط بالتنمية الاجتماعية والاقتصادية، وتعايش مشكلات المجتمعات الإسلامية المعاصرة.

ويعد من أسباب تخلف الأمة الإسلامية علميا شيوع التربية التقليدية والجمود الفكري الذي انتشر في الأمة الإسلامية ابتداء من القرن التاسع الهجري (الخامس عشر الميلادي) التي كان شعارها (ليس بالإمكان أفضل مما كان) و (لم يترك الأول للآخر شيئاً) وبالتالي حصر عمل العقل في فهم، وشرح، واختصار ودراسة علوم السابقين وتقديس آرائهم بلا تمحيص بالإضافة إلى عدم إدراج الأهداف التربوية الإسلامية في مناهج العلوم في معظم دول العالم الإسلامي، وإهمالها للجانب الإيماني، والتفكر العلمي في مخلوقات الله. وهناك أسباب أخرى منها مايلي: -

·تأثير كثير من المؤلفات في العلوم الطبيعية المكتوبة باللغة العربية بالنظريات الإلحادية كنظرية دارون في الأحياء، ونظريات تشكل الأرض في الجيولوجيا.

·تأثر العلوم الاجتماعية والإنسانية بنظرية دارون وبوجه خاص التربية وعلم النفس وعلم الاجتماع وعلم الأخلاق.

·قلة توظيف الإنتاج العلمي للمسلمين في مناهج العلوم في العالم الإسلامي.

·عدم كفاية التأهيل العلمي والتربوي لمعلمي العلوم في مراحل التعليم العام مقارنة مع بعض الدول المتقدمة كألمانيا واليابان.

·أن ضعف اتجاه المعلمين نحو العلوم ونحو تدريسها يرتبط بضعف إعداد المعلمين.

·قلة الوعي العلمي في العالم الإسلامي وارتباط ذلك بانتشار الأمية.

·وجود حاجة لتدريس مقررات علمية لنشر الوعي بحقائق العلوم الطبيعية ونظرياتها وأهميتها لكافة المراحل وكافة التخصصات.

·أثبتت تجارب الأمم وخبراتها أن التربية هي الأداة الرئيسية في إحداث أي تغير مطلوب سواء في المجال العلمي أو الاجتماعي.

·أن التربية العلمية في الإسلام تعني تكامل أنواع المعرفة، والشرعية والاجتماعية، والطبيعية.

·أن العقيدة، والأخلاق والتربية في الإسلام علوم أساسية ينبغي أن تقوم عليها العلوم الطبيعية في الإسلام.

·أن التفكر في خلق الله يعزز ويتكامل مع النهج التجريبي المتبع في العلوم الطبيعية، لأن التفكر الدقيق يستلزم الملاحظة الدقيقة، وإجراء الدراسات المقارنة.

·أن من أهداف العلوم الطبيعية في التربية الإسلامية تعميق الإيمان في النفوس وإيضاح وبيان معاني بعض آيات القرآن الكريم، وبيان الإعجاز العلمي للقرآن الكريم، والاستجابة إلى دعوة الله عز وجل في الاستفادة مما سخره الله لعباده.

·أن المخاطر التي تتعرض لها بيئة الكرة الأرضية في هذا العصر نتيجة للتقدم العلمي غير الأخلاقي في الغرب وانعدام التربية البيئية الإسلامية.

·أن التربية البيئية المتوازنة لا تتحقق إلا بالوازع الداخلي الذي تبنيه التربية الإسلامية التي توازن بين الحقوق والواجبات.

·أن البحث في العلوم الطبيعية استثمار له عوائده الاقتصادية العالية والمتحددة.

·أن تحقيق التقدم في العلوم الطبيعية لا بد أن يصاحبه تقدم في النظام الاجتماعي و القيمي يما يهيئ الناس لاستيعاب التقدم والتكامل معه بإيجابية.

·أن ما يرصد للبحث العلمي من ميزانيات في العالم الإسلامي قليل جداً مقارنة بالمعايير الدولية.

·أن الوعي العلمي، وتطبيق المنهج العلمي في حل المشكلات يرتبط بالمستوى التعليمي.

·أن منهج التربية الإسلامية يتفق مع منهج العلوم الطبيعية التجريبي في رفض الأسباب الخيالية، والخرافات التي تربط بين بعض الظواهر الطبيعية وبعض الأحداث، وأن ذلك قد يصل حد الإشراك بالله أو يؤدي إليه إذا تطور هذا الاعتقاد إلى حد القول بتأثير بعض الظواهر والمخلوقات في الأحداث.

·أن العلوم الطبيعية، والتطبيقية تسمو وتزدهر وتتقدم إذا استنبتت وزرعت في داخل البيئة، وتفشل إذا نقلت واستوردت

·تخلف المناهج في العالم الإسلامي عن التطورات الحاصلة في علم المناهج الذي يراعي الأسس النفسية والعقلية للتلاميذ، ويهتم بمفهوم تفريد التعليم ويراعي المواهب ويركز على تفتيح الطاقات العقلية من الداخل بدلاً من التشكيل من الخارج.

·وجود صراع قيمي بين قيم التخلف والجمود والتعصب الأعمى وبين القيم العلمية والعقلية المرتبطة بالتقدم العلمي

·وجود ازدواجية في النظام التعليمي بين التعليم التقليدي والتعليم الحديث يسهم في خلخلة المجتمع وينتج اتجاهات متباينة في مخرجات النظامين.

·أن الساعات الدراسية المقررة على طلاب التعليم العام، والتعليم العالي في كثير من البلاد أقل من نظيراتها في الدول المتقدمة علمياً.

·إهمال دور الإعلام العلمي، وتدني مستواه في العالم المعاصر.

·أن طريقتي الاستكشاف والاستقصاء من أهم طرق التعليم وأكثرها فاعلية في تدريس العلوم.

·أن مادة العلوم الطبيعية يمكن الاستفادة منها في التربية الاقتصادية والحد من الاستهلاك، والاستفادة من إمكانات البيئة، وعدم الإسراف.

·ضعف التنسيق والتكامل والتعاون في البرامج العلمية، وتبادل المعلومات العلمية بين الدول الإسلامية مع شدة حاجتها لذلك، ووجود مثل هذا التعاون في الدول الأوربية مثلاً وهي الأكثر تقدماً ومقدرة على الصرف في مجالات البحث العلمي.

 

المصدر: الدكتور وجيه المرسي أبولبن
  • Currently 15/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
5 تصويتات / 554 مشاهدة
نشرت فى 28 مايو 2011 بواسطة maiwagieh

ساحة النقاش

الأستاذ الدكتور / وجيه المرسي أبولبن، أستاذ بجامعة الأزهر جمهورية مصر العربية. وجامعة طيبة بالمدينة المنورة

maiwagieh
الاسم: وجيه الـمـرسى إبراهيـــم أبولـبن البريد الالكتروني: [email protected] المؤهلات العلمية:  ليسانس آداب قسم اللغة العربية. كلية الآداب جامعة طنطا عام 1991م.  دبلوم خاص في التربية مناهج وطرق تدريس اللغة العربية والتربية الدينية الإسلامية. كلية التربية جامعة طنطا عام 1993م.  ماجستير في التربية مناهج وطرق تدريس اللغة العربية »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

2,643,619