الموقع التربوي للدكتور وجيه المرسي أبولبن

فكر تربوي متجدد

 

ج

أدرك الإنسانُ منذُ القدم مفهوم الفروق الفردية، وأهميتها في حياته وفى حياةِ الجماعة التي ينتمي إليها، بل تجاوز إدراكه حياته البشرية إلى حياة الكائنات المختلفة التي تحـيط به،  فوجد اختلافات جوهرية في الحيوانات التي يرعاها والطيور التي يسـتأنس بها، وامتـدت ملاحظاته حتى شملت النباتات التي يقتات منها.

 وقد أشارَ الله سبحانه وتعـالى إلى ذلـك في أكثر من موضعِ في كتابه العزيز حيث يقول عز وجل: ] وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّلْعَالِمِينَ [ (الروم 22)، ويقول سبحانه وتعالى: ] انظُرْ كَيْفَ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَلَلآخِرَةُ أَكْبَرُ دَرَجَاتٍ وَأَكْبَرُ تَفْضِيلاً [ " الإسراء 21"ويقول أيضا] أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَةَ رَبِّكَ نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُم مَّعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُم بَعْضاً سُخْرِيّاً وَرَحْمَتُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ [" الزخرف32).ويقول سبحانه وتعالى] وَمِنَ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالْأَنْعَامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ كَذَلِكَ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ [ " فاطر 28 "

كما أنَّ اختلاف الناس في الاستعداداتِ والقدرات البدنية والعقلية يؤدى بطبيعة الحال إلى اختلاف قدراتهم في العمـلِ والكسب وتحصيل العلم، وتختلف تبـعًا لذلك واجباتهم ومسؤلياتهم، وفى ذلك يقـولُ سبحانه وتعـالى: ] لاَ يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلاَ تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْراً كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلاَ تُحَمِّلْنَا مَا لاَ طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنتَ مَوْلاَنَا فَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ [ ( البقرة 286)، ويقول سبحانه وتعالى: ] لِيُنفِقْ ذُو سَعَةٍ مِّن سَعَتِهِ وَمَن قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا مَا آتَاهَا سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْراً [ (الطلاق 7)، ويقول المولى سبحانه وتعالى: ] وَلَا نُكَلِّفُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَهَا وَلَدَيْنَا كِتَابٌ يَنطِقُ بِالْحَقِّ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ [" المؤمنون 62).   

ومن الواضح أن إشارات القرآن الكريم إلى وجودِ الـفروق الفردية بين الأفراد، وأنَّ الله لا يكلف البشر إلا بما في وسعهم وقدر طاقتهم- إنما هي الفكرة الأساسية فيما وصل إليه علم النفس الحـديث من الاهتمام بقياس الفروق الفردية بين الأفراد في الاستعدادات والقدرات لتنظيم عملية التعلم بحيث يوجه كل فرد إلى نوع التعليم المناسب لاستعداداته وقدراته".

 ولا شك أن أنماط التعلم تعد بعدًا للفروق الفردية، حيث تشمل كل من: الأنشطة الإدراكية والعقلية.  فكلمة نمط تعنى طـريقة مميزة تـلازم سـلوك الفرد في نطاق واسـع  وسميت بالأسلوب المعرفي، لأنها تشــمل كل الأنشطة المعرفية.

من الأدلةِ المتجمعة نتيجة لسنواتِ عديدةٍ من الأبحاثِ في المراكزِ المختلفة، يمكن القول بأنَّ الأفراد لهم أساليب مميزة، تظهر من خلال الأنشطة الإدراكية والعقلية بطريقة ثابتة جدا تسمى تلك الأساليب الأدائية  "بأنماط التعلم" وأن هذه الأنماط لها فوائد عديدة في مجالِ التربيةِ.

وقد كان اتجاه العلماء للاهتمام بموضوع أنماط التعلم هو مفتاح الأداة لإعادة تشكيل سير العملية التعليمية في مدارس الولايات المتحدة في الثمانينات وكانَ له أثر طيب في تطوير العملية التعليمية.

وأصبح من الثابت في السنواتِ القليلة الماضية وجود اتجاه قوى لزيادة الاهتمام بالمتعلمين أنفسهم لإكسابهم المزيد من المعرفة من خلالِ تعلمهم وفق ما يناسب أنماط تعلمهم مما يجعلهم يحققون تعلما أكثر وأعلى مما لو تعلموا وفق اتجاهات لا تتناسب وأنماط تعلمهم.

ويعد المنهج منهاجاً ينمّي مهارات التفكير وأنماطه إذا:

·   تضّمنت أهدافه قدراً (معقولاً) من الأهداف التي تتعلق بعمليات أو مهارات عليا في التفكير كالتنبؤ والاستدلال والتحليل وتفسير البيانات واختبار الأفكار والتركيب والتقويم.

·   اشتملت الأساليب والأنشطة التي يتضّمنها على قدر (معقول) من الأساليب والأنشطة الاستقصائية التي تتيح للطلبة فرصاً كافية لتوليد المعرفة انطلاقاً من معرفتهم القبلية ولتطبيقها ولتقويمها.

·   تضمنت الأساليب والوسائل التقويمية التي يقترحها لتقويم تعلم الطلبة قدراً (معقولاً) يتطلب استخدام مهارات التفكير العليا مثل حل المشكلات وإجراء الاستقصاءات وإبداع أفكار أو طرائق عمل أو تصميمات جديدة.

وأيضا يعتبر المنهج منميّاً للقدرة على استخدام المعرفة في الحياة والعمل إذا:

·            اشتمل على قدر كافٍ من التطبيقات الحياتية والعملية.

·     تضمّن أنشطة وأسئلة تتعلق باستخدام المعرفة في الحياة والعمل كما هي الحال في استقصاء الأحداث وحل المشكلات والأحاجي العملية.

·            اشتملت أهدافه على بعض الأهداف المتعلقة باستخدام المعرفة في الحياة والعمل.

ويعد المنهج مقدما لمعرفة نافعة للطلاب تعينهم على الفهم والتفسير إذا:

·  قدّم معرفة وثيقة الصلة بحياة الطلبة واهتماماتهم وحاجاتهم الشخصية والاجتماعية.

·  شملت المعرفة المقدمة المفاهيم والأفكار الأساسية التي تعين على الفهم والتفسير.

·  نُظمت المعرفة المقدّمة على نحو متدرج في بنى (خرائط) مفاهيمية ووُضّح استخدامها في الفهم والتفسير.

·  رُبطت عناصر المعرفة معاً على نحو يحقق التكامل في المعرفة المقدّمة.

 مما وجود علاقة بين أنماطِ التعلم لدى الطلاب، وأهمية اختيار أسلوب التدريس المناسب لكلِّ نمط تعلم، لما في ذلك من تأثير إيجابي في تنميةِ مهارات القراءة على اختلافِ مستوياتها.

المصدر: الدكتور وجيه المرسي أبولبن
  • Currently 15/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
5 تصويتات / 748 مشاهدة
نشرت فى 28 مايو 2011 بواسطة maiwagieh

ساحة النقاش

الأستاذ الدكتور / وجيه المرسي أبولبن، أستاذ بجامعة الأزهر جمهورية مصر العربية. وجامعة طيبة بالمدينة المنورة

maiwagieh
الاسم: وجيه الـمـرسى إبراهيـــم أبولـبن البريد الالكتروني: [email protected] المؤهلات العلمية:  ليسانس آداب قسم اللغة العربية. كلية الآداب جامعة طنطا عام 1991م.  دبلوم خاص في التربية مناهج وطرق تدريس اللغة العربية والتربية الدينية الإسلامية. كلية التربية جامعة طنطا عام 1993م.  ماجستير في التربية مناهج وطرق تدريس اللغة العربية »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

2,643,760