الاتجاهات الدينية:
نظراً لأهمية الاتجاهات في التوجيه التربوي التعليمي والتوجيه المهني، فإن كثيراً من المربيين وواضعي المناهج في المؤسسات التعليمية يعطونه الاهتمام الكبير وخاصة في علم النفس الاجتماعي، لأن الاتجاهات النفسية تعتبر من أهم نواتج عملية التنشئة الاجتماعية، لأن الاتجاهات تعتبر محددات موجهة ضابطة ومنظمة للسلوك الاجتماعي.
ورغم هذه الأهمية إلا أنه يلاحظ أن هناك طرقاً مختلفة ومحاولات عديدة لتعريف الاتجاهات وهى تعريفات لا تختلف في توجيهاتها الأساسية من حيث طبيعة الاتجاه ومصادره ومكوناته وأنواعه وآثاره وأساليب اكتسابه، وأساليب تغييره.
حيث البعض الاتجاه بأنه ميل مكتسب ثابت نسبياً للسلوك بطريقة معينة إما سلباً، أو إيجاباً نحو أشياء، أو مواقف، أو أشخاص أو هو استعداد نفسي، أو تهيؤ عقلي عصبي متعلم للاستجابة الموجبة، أو السالبة نحو أشخاص، أو موضوعات، أو مواقف، أو رموز في البيئة التي تسيطر على هذه الاستجابة.
ولما كانت كل مادة دراسية يمكن أن ينمى تدريسها مجموعه من الاتجاهات المناسبة لدى الطلاب، فان تنمية هذه الاتجاهات يكون مرهونا بما يقدم لهؤلاء الطلاب من معلومات صحيحة شاملة حول موضوع الاتجاه، وتهيئة الجو الانفعالي المناسب لتكوينه.
وتهدف التربية الإسلامية ضمن ما تهدف إليه إلى إكساب الطلاب الاتجاهات الدينية الإيجابية وبالتالي فان مقررها يتضمن من المواقف والقضايا والأحكام ما يمكن أن يكسب الطالب اتجاها دينيا إيجابيا أو تغيره إذا كان الاتجاه سلبيا.
ومن خلال دراسة الاتجاهات يلاحظ أن هناك علاقة وثيقة بين طبيعة الاتجاهات ومادة التربية الإسلامية، فمن خلال استعراض خصائص الاتجاهات - يلاحظ أنها مكتسبة ويمكن تغيرها - ترتبط بالجانب الانفعالي تتأثر بالتوجيه الصحيح سواء من القرآن أو من الهدى النبوي الصحيح أو من مواقف الصحابة، فهي تهدف إلى إكساب الاتجاهات الإيجابية للطلاب.
ومحتوى مادة التربية الإسلامية، يشتمل على العديد من الاتجاهات الدينية ما نستطيع من خلالها أن يعدل ويغير من اتجاهات الطلاب، كما أنها تشتمل على المواقف الانفعالية التي ترتبط بهذه الاتجاهات. ومن خلال التعرض لمثل هذه الاتجاهات داخل حجرة الدراسة يمكن أن تظهر وجهات نظر عديدة للطلاب تحببهم في دراستها وتجعلهم يقبلون علي بذل بشغف.
مكونات الاتجاه:
تعد الاتجاهات أساليب متعلمة تدفع الأفراد إلى الاستجابة للموضوعات أو المفاهيم المختلفة بطريقة ثابتة إلى حد ما يمكن التنبؤ بها فأي موضوع يواجه الفرد لابد أن يخضع لتقويمه ومن ثم يٌكون اتجاهاً نحوه. ويرى " أرنووتيج " أن للاتجاه ثلاثة مكونات أساسية هي: -
· مكون معرفي: يتضمن الأفكار والمعلومات والمعتقدات التي يكتسبها الفرد حول موضوع الاتجاه.
· مكون وجداني: يمثل تأثر الفرد بموضوع الاتجاه والانفعال به بحيث يٌكون وجهة نظر معينة عنه تستقر في نفسه وتؤثر في سلوكه تجاه هذا الموضوع في المستقبل فالتلميذ الذي لديه اتجاه ايجابي نحو الرياضيات يشعر بالسعادة والاستمتاع عند دراسته لهذه المادة , أما التلميذ الذي لديه شعور سلبي تجاهها يشعر بالضيق والخوف عند دراستها.
· مكون سلوكي: يتضمن سلوك الفرد أو استجابته لموضوع الاتجاه.
العوامل التي تؤثر في تكوين الاتجاهات:
يتفق علماء النفس على أن الاتجاهات مكتسبة وليست موروثة أو نظرية ويساعد في تكوين الاتجاهات لدى الأفراد عوامل مختلفة.
ومن أهم هذه العوامل ما يلي:
أ- الممارسة: الممارسة شرط هام من شروط التعلم، فمن يتعلم يجب أن يمارس وهذا المبدأ ينطبق تماماًً على تكوين الاتجاهات لدى الطلاب، وإن ما يمارس يجب أن يقوم في المواقف الطبيعية التي يتعرض لها الطالب. فالاتجاهات التي تتكون عن طريق الممارسة في مواقف مختلفة في مناسبات متعددة تكتسب بدورها صورة حوافز السلوك، فلم تقتصر الممارسة على التكرار الرتيب الممل وإنما يقصد بها التكرار المعزز الموجه لفرض معين، وبالتالي ستؤدى حتماً إلى تكوين ما تريد من اتجاهات ويتم مرغوب فيها لدى الطالب.
ب-الخبرات: الخبرات التي تثير انفعالات قوية تؤثر في اتجاه الفرد، فإن مر الفرد بخبرات انفعالية ناتجة عن موقف معين وكانت خبرات سارة أدى ذلك إلى تكوين اتجاه موجب لما تتقبل به هذه الخبرة، أما إذا كانت خبرات مؤلمة فيتكون اتجاه سالب نحو الموقف الذي تتقبل به هذه الخبرة.
جـ- تعرف الطلاب على الحقائق الأساسية التي تتصل بالموضوع: تعمل المعلومات والحقائق التي تتوفر لدى الفرد عن موضوع معين على تكوين اتجاهات جديدة، أو تغيير اتجاهات قائمة كما أن نقص المعلومات والحقائق لدى الأفراد يفسر جانبا كبيرا من الاتجاهات غير السليمة التي يؤمنون بها.
د- الدوافع والاتجاهات والرغبات: يتم إشباع الحاجات والدوافع أحيانا دون مجهود يذكر، ولكن يعترضها صعاب تحول دون إشباعها على الإطلاق، لذلك فان تلك العملية تساعد الفرد على تكوين اتجاهاته حيال الأشياء والأشخاص الذين يتفاعل معهم أثناء محاولات الإشباع، فتتكون لدى الفرد اتجاهات إيجابية أي في صالح الأشياء أو الأشخاص التي تساعده على إشباع حاجاته وبالعكس فانه يكون اتجاهات مضادة أو سلبية تجاه من يعترضون سبيل تحقيق أهدافه.
و- التأثير الشخصي: يؤدى التأثير الشخصي دورا كبيرا في تكوين الاتجاهات فان البيئة التي ينتمي إليها الفرد تؤثر في اكتسابه الاتجاهات السليمة، فالمعلم يعتبر من الشخصيات المهمة التي تؤثر في اتجاهات تلاميذه، فالطالب باستمرار ينظر إلى المدرس على انه شخص كبير مثقف مر بخبرات عديدة جعلته أكثر إلماما بحقائق الأمور، وهذه النظرية تجعل التلاميذ أكثر استعدادا لتقبل آراء مدرسيهم واتجاهاتهم في كثير من الأمور خاصة إذ كانت علاقاتهم بمدرسيهم مبنية على حسن التفاهم والتقدير، وإلا أصبحت هذه الآراء والاتجاهات فرضا تزول بانتهاء التأثير المؤقت للمدرسين.
أهم طرق تغيير وإكساب الاتجاهات:
تهدف جميع المؤسسات المعنية بالتربية إلى تغيير الاتجاهات الغير مرغوب فيها وبالرغم من صعوبة هذه العملية إلا انه بالإمكان تحقيق ذلك، ولكي يتم ذلك يجب أن يكون بطريقه متدرجة، بل أن تعديل الاتجاه ممكن أن يتم من خلال موقف واحد في كلتا الحالتين فانه يجب تزويد الفرد المراد تغيير اتجاهه بموقف أو بمواقف عديدة متنوعة تجعله يسلك السلوك المرغوب فيه، أي أن العملية أساسا في عملية تعديل السلوك أو التعلم السابق ومن أهم طرق تغيير وإكساب الاتجاهات ما يلي:
1- إتاحة الظروف المناسبة للفرد والاتصال المباشر بموضوع الاتجاه: قد تبلغ شدة إقناع الفرد بالاتجاه الجديد درجة كبيرة في الوقت الذي لا توجد ظروف مناسبة تسمح للفرد بممارسته فلن يمكنه ممارسة الاتجاه الجديد فعليا، فقد يؤدى اتصال الفرد اتصالا مباشرا بموضوع الاتجاه، بحيث يسمح للفرد بالتعرف عليه من جوانب جديدة إلى تعديل اتجاهه ولكن فاعلية تلك المعلومات الجديدة التي يتلقـاها وأثرها في تعديل الاتجاه إنما يتوقف على النحو الذي يدرك عليه الفرد هذه المعلومات.
2- التعلم المدرسي: أن للمدرسة دورا كبيرا في تطبيع الفرد اجتماعيا، ومن ثم فان التعليم داخل المدرسة والمؤسسات التربوية الأخرى يؤدى إلى تغيير وتعديل العديد من اتجاهات التلاميذ نحو أشياء وموضوعات معينة سواء كان ذلك بطريقه مقصودة أو غير مقصودة، وعملية اكتساب التلاميذ الاتجاهات الإيجابية - وتعديل وتغيير الاتجاهات السلبية ومن أهم الأهداف التي تسعى المدرسة إلى تحقيقها من خلال مناهجها الدراسية والمعلم وطرق التدريس والوسائل والأنشطة.
3- القدوة: قد يغير الفرد من اتجاهاته لتتفق مع اتجاهات من له مكانه خاصة في نظره، وفى دراسة قام بها بروان ( Brown ) طلب من 300 طالب أن يقدموا العوامل المختلفة التي لها اثر في تشكيل الشخصية وسمات السلوك فقرر الأغلبية أن شخصيات معلميهم عامل هام في تحقيق ذلك حيث يعتقد( 65.%) من العينة أن تأثير المعلم عليهم مفضل، وأوصت بتنمية علاقات المعلمين والتلاميذ.
4- تغيير الجماعة المرجعية: إذا غير الفرد الجماعة المرجعية التي كان ينتمي إليها أو التي حددت اتجاهاته وقيمه، والتي تكونت في ضوء معاييرها. وانتمى إلى جماعه أخرى ذات اتجاهات وقيم وعادات مختلفة فانه مع الوقت يميل الفرد إلى تغيير وتعديل اتجاهاته السابقة إذا اتخذ الجماعة الجديدة كجماعه مرجعيه.
5- الإقناع الفكري: يمكن أن يغير الفرد اتجاهاته نتيجة وقوفه على حقائق ومعلومات دقيقة تقنعه بضرورة هذا التغيير، وتقوم وسائل الإعلام بتقديم المعلومات والحقائق والآراء حول موضوع الاتجاه، ويتوقف بتأثير الفرد بالمعلومات على اتجاهه نحو مصدرها، وعلى طريقه تقديمها، وعلى شخصيته، وقد وجد أن الترغيب وعدم الالتجاء أي ( التخويف ) في إعلام الأفراد بموضوع الاتجاه يزيد فرصة الإقناع والتأثير في تغيير الاتجاه.
6- طرق التدريس: لطرق التدريس أهمية كبرى في تنمية وتعديل الاتجاهات , وقد أجريت العديد من الدراسات التي استخدمت طرق التدريس غير التقليدية في مادة التربية الإسلامية , وقد أثبت فعاليتها بإيجابية عن طرق التدريس التقليدية , وقد توصلت هذه الدراسات إلى وجود آثار إيجابية نحو هذه المادة وتعديل اتجاه الطلاب نحوها بعد استخدام طرق تدريس أخرى.
ساحة النقاش