الموقع التربوي للدكتور وجيه المرسي أبولبن

فكر تربوي متجدد

ينتمي التدريس التبادلي إلى نموذج التعلم التضافري، وهو نشاط تعليمي يأخذ شكل حوار بين المعلمين والطلاب، أو بين الطلاب بعضهم البعض، بحيث يتبادلون الأدوار طبقًا للاستراتيجيات الفرعية المُتضمنة( التنبؤ – والتساؤل - والتوضيح - والتلخيص ) بهدف فهم المادة المقروءة، والتحكم في هذا الفهم عن طريق مراقبته، وضبط عملياته. 

وقد يختلط هذا المفهوم بطريقة طرح الأسئلة، وهي الطريقة التقليدية المعروفة في الأدبيات التربوية، والخلاف بين المفهومين أو الطريقتين كبير، صحيح أن المعلم يقود زمام المناقشة في التدريس التبادلي، لكن هذه الطريقة تفسح المجال للطالب لأن يقود النقاش الجماعي والحوار مع زملائه كفريق من أجل إثراء الموضوع ذاته عند مستوى معرفي معين يتناسب مع إدراك الطلاب. 

وقد نشأ التدريس التبادلي وتطور من خلال سلسلة من الأبحاث التي أجرتها كل من أن ماريAnn Marie وزميلتها آن برون Ann Brown؛ حيث حاولتا إيجاد طريقة جديدة لتدريس وتنمية ماوراء المعرفة من خلال تحسين فهم المقروء لدى الطلاب الذين يعانون من صعوبة في الحصول على المعنى والمعرفة من النص. 

والتدريس التبادلي يأخذ شكل استراتيجيـات يوظفها المعلم في شكل متتال تسلم كل منها للأخرى، وهي استراتيجيات يعتمد بعضها على تنظيم الطالب لتفكيره ويعمل على تنميته، مما جعل البعض يصنفها باعتبارها استراتيجيات ماوراء معرفية، وتكاد تجمع الأدبيات التربوية في هذا المجال على أن هذه الاستراتيجيات أربع، وهي:

أولاً: التلخيص: ويعني القدرة على تحديد المعلومات المهمة في الموضوع وارتباطاتها في صورة محكمة، ويتطلب هذا أن يقوم الطالب باستدعاء وفهم ما قرأه وتنشيط خلفيته المعرفية، حتى يحدث تكاملا للمعلومات بالموضوع، وهذا ما يتيح الفرصة أمامه؛ لتنظيم إدراك العلاقات بين أجزاء الموضوع. 

ثانياً: توليد الأسئلة: ويقصد به قيام الطالب بطرح عدد من الأسئلة التي يشتقها من الموضوع المقترح، ومن أجل ذلك يلزم الطلاب أن يحددوا أولاً نوع المعلومات التي يودون الحصول عليها من الموضوع حتى تطرح الأسئلة حولها، مما يعني تنمية قدراتهم على التمييز بين ما هو أساس يسأل عنه وما هو ثانوي لا يؤثر كثيراً في تلقي الموضوع، وطرح الأسئلة ليس مسألة سهلة، فطرح سؤال جيد يعني فهماً جيداً للمادة؛ تمثلاً لها وقدرة على استثارة الآخرين للإجابة. 

ومن معايير التوليد الجيد للأسئلة أن تستثير الطلاب للإجابة وأن تساعدهم على توليد أسئلة جديدة، فالسؤال الجيد يستثير سؤالاً جيداً آخر، وأن تساعد الأسئلة على الأداء الجماعي وليس فقط الإجابة الفردية من طالب معين، ولقد تستلزم الإجابة على الأسئلة الجيدة مراجعة قراءة الموضوع للبحث عن الإجابة المناسبة، وهذا أيضاً من معايير جودتها. 

ثالثاً: الاستيضاح: ويقصد به تلك العملية التي يستجلي بها الطلاب أفكاراً معينة من الموضوع أو قضايا معينة أو توضيح كلمات صعبة أو مفاهيم مجردة يصعب إدراكها من الطلاب، وفي هذه العملية يحاول الطلاب الوقوف على أسباب صعوبة فهم الموضوع، وبلغة اصطلاحية يحاولون تحديد أسباب تدني فهم الموضوع، كأن تكون به كلمات صعبة أو جديدة، أو مفاهيم مجردة أو معلومات ناقصة. . وغيرها. 

رابعاً: التنبــؤ: يقصد به تخمين تربوي يعبر به الطالب عن توقعاته لما يمكن أن يكون تحت هذا العنوان من أفكار، وما يمكن أن يعالجه الكاتب من قضايا، وتتطلب هذه الاستراتيجية من الطالب أن يطرح فروضاً معينة حول ما يمكن أن يقوله المؤلف في الموضوع كلما خطى في قراءته خطوات معينة، وتعد هذه الفروض بعد ذلك بمثابة هدف يسعى الطالب لتحقيقه، سواء بتأكيد الفروض أو رفضها.  ويساعد التنبؤ الطالب على فهم بنية اللغة وما تحمله من دلالات، فقراءة عنوان الموضوع وتقسيمه إلى موضوعات أصغر فرعية، وغيرها. . كل هذا يمكن أن يعد مؤشرا يستطيع الطالب من خلال فهمه توقع ما يرد في الموضوع، وتكمن مهارة الطلاب في هذه العملية في استرجاع ما لديهم من معلومات سابقة بالموضوع وربطها بما يجد أمامهم من معلومات جيدة في هذا الموضوع، وكذلك في قدرتهم على التقويم الناقد لأفكار المؤلف، فضلاً عن استثارة خيالهم. 

المبادئ التي يقوم عليها التدريس التبادلي:

يوجد بعض المبادئ التي يبنى عليها التدريس التبادلي منها: زيادة فهم الموضوع لدى الطلاب، وذلك بإمدادهم بالاستراتيجيات اللازمة لمراقبة وفهم وتركيب المعنى، وإيجاد معلمين وطلاب مشاركين في مسئولية التعلم الاستراتيجي مع الانتقال التدريجي لهذه المسئولية من المعلم للطلاب خلال خطوات التدريس، مع تشجيع المعلم لطلابه على المشاركة في المناقشات، والتأكيد على أن الطلاب تعلموا ضبط الحوار. 

نموذج لدرس تربية إسلامية باستخدام التدريس التبادلي:

·          يقود المعلم الحوار من خلال تحديد موضوع التربية الإسلامية. 

·    يعرض المعلم على الطلاب كيفية استخدام الاستراتيجيات من خلال التفكير بصوت عال؛ لتوضيح العمليات العقلية التي استخدمها- كل منها على حدة- مع توضيح المقصود بكل نشاط، والتأكيد على أن هذه الأنشطة يمكن أن تتم في أي ترتيب. 

·    يوزع المعلم بطاقات المهمات المتضمنة في الاستراتيجيات الفرعية على الطلاب أثناء جلوسهم في الوضع المعتاد. 

·    يطلب المعلم من الطلاب بدء التدريبات الموجهة، ،  على أن يتبادل الطلاب مناقشة الأفكار بشكل جماعي طبقا لبطاقات المهمات مع كل منهم. 

·          يراجع المعلم المهمات المتضمنة بالاستراتيجيات من خلال طرح بعض الأسئلة. 

·          يقسم المعلم الطلاب إلى مجموعات غير متجانسة في مستويات التحصيل، بحيث تصمم كل مجموعة(6) طلاب طبقا للاستراتيجيات الفرعية المتضمنة. 

·    يقوم المعلم بتعيين قائد لكل مجموعة(يقوم بدور المعلم في إدارة الحوار) مع مراعاة أن يتبادل دوره مع غيره من أفراد المجموعة بعد كل حوار جزئي حول الموضوع. 

·          يقوم المعلم بتوزيع نسخة من الأفكار الفرعية المقترحة على كل طالب في المجموعات المختلفة. 

·    يدير القائد (المعلم) عمل المجموعات، ويقوم كل فرد داخل مجموعة بعرض مهمته لباقي أفراد المجموعة، ويجيب عن استفساراتهم حول ما قام به. 

·    يوزع المعلم أوراق لكتابة الموضوع بشكله النهائي بعد الانتهاء من الحوارات حولها، ويراجع المعلم عمليات التفكير التي تمت للتأكد من أنها ساعدت على إنتاج أفكار جديدة. 

·    يكلف المعلم فردا واحدا من كل مجموعة بالبدء في عرض ما تم استخلاصه من أفكار، مع توضيح الخطوات التي اتبعتها المجموعة، والإجراءات التي استخدمها كل منهم لأداء المهمة المحددة. 

·    يناقش المعلم الطلاب فيما تم كتابته مع توجيههم لما وقعوا فيه من أخطاء ترتبط بشكل أو مضمون ما تم استخلاصه من أفكار، ويطلب منهم تعديلها. 

المصدر: دكتور /وجيه المرسي أبولبن
  • Currently 15/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
5 تصويتات / 198 مشاهدة
نشرت فى 28 مايو 2011 بواسطة maiwagieh

ساحة النقاش

الأستاذ الدكتور / وجيه المرسي أبولبن، أستاذ بجامعة الأزهر جمهورية مصر العربية. وجامعة طيبة بالمدينة المنورة

maiwagieh
الاسم: وجيه الـمـرسى إبراهيـــم أبولـبن البريد الالكتروني: [email protected] المؤهلات العلمية:  ليسانس آداب قسم اللغة العربية. كلية الآداب جامعة طنطا عام 1991م.  دبلوم خاص في التربية مناهج وطرق تدريس اللغة العربية والتربية الدينية الإسلامية. كلية التربية جامعة طنطا عام 1993م.  ماجستير في التربية مناهج وطرق تدريس اللغة العربية »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

2,659,728