كتب/احمدالمعداوى.
فى مركز قوص جنوب مدينة قنا تقع أقدم معصرة للزيوت النباتية الطبية والعطرية، فمعصرة الحاج يونس زارع عمرها قرنين من الزمان، أنشت المعصرة عام 1190 هجرية ولا تزال حتى الآن تحتفظ بعبق الماضي، تعمل على استخلاص الزيوت النباتية الطبية بنفس الطريقة التى كانت تعمل بها منذ نشاتها، وتم اعتبارها كمبنى أثرى مؤخرا.
معصرة الحاج يونس تقع شرق مدينة قوص جنوب قنا وهى عبارة عن مبنى قديم جدا وبداخله غرفة صغيرة لبيع الزيوت المستخرجة ومكان لطحن البذور وغرفة أخرى لكبس البذور المطحون لاستخراج الزيوت بالتنقيط.
وتبدأ طريقة استخراج الزيوت في الـ 8 صباحا، يبدأ عاملين بالمعصرة بطحن البذورعن طريق المطحنة التى تتكون من حجرين بالجرانيت وقائم خشبي يأخذ شكل متوازي المستطيلات مثقوب ثقبين إسطوانيين يثبت بأحدهما قائمان وتتحرك بواسطة بقرة لهرس البذور وتستمر تلك المرحلة لمدة ساعتين، أما عن المرحلة الثانية فتوضع البذور التي هرست بـ"البرشة"، وهي عبارة عن حلقة مستديرة مصنوعة من "زعف النخيل" ويتم وضع الحلقات واحدة فوق الأخرى، ويتم الضغط عليهم بالكابس اليدوي لاستخلاص الزيت بالتنقيط وتستمر هذه المرحلة 24 ساعة.
وأما عن الزيوت المستخرجة فربما تصل إلى 40 نوعا منها زيوت طبية، وزيوت عطرية، كانت تستخلص من عصور الفراعنة مثل زيت الخس، والجزر، والقرطم، والبصل، والثوم، والفجل، والبقدونس، وحبة البركة، والزيتون، والكافور، والجرجير، والخروع وغيرها.
ويرجع سبب شهرة هذه الزيوت وإقبال الناس عليها هي أنها تطحن على الطريقة الباردة باستخدام الأدوات التقليدية التى تحافظ على درجة حرارة مسحوق البذور مما يمكنها من الحفاظ على مكوناتها من الزيوت الطيارة، وهي المواد الفعالة فيها كما هي، ودون أن تفقد الزيوت لزوجتها وخصائصها وفوائدها، فمثلا زيت حبة البركة وهو أشهر الزيوت التي يتم إستخلاصها وله فوائد عديدة منها أنه يقوي جهاز المناعة، والزيت الطيار أو المادة الفعالة في حبة البركة تسمي النيجللون أو النيجيلاساتيفا، وهذا الزيت الطيار يفقد عند ارتفاع درجة الحرارة عند35 درجة تقريبا، وبالنسبة للزيوت العطرية تتكون من مواد فعالة تستخدم كعلاج أو مقويات أو مراهم أو أي استخدامات طبية وعلاجية أو غذائية وعند ارتفاع درجة الحرارة لتلك الزيوت بواسطة الحركة يؤدي ذلك الى تطاير هذا الزيت الذي يحمل معظم الفائدة فيه.
ومؤخرًا تم إعتبار المبنى كمبنى أثرى بشرط عدم التطوير فيه، إلا أن محمد يونس زارع، أحد أبناء مؤسس المعصرة، رفض إدخال أي تحديثات أو أعمال تطوير على المعصرة، لأنه يرى أن التطوير سوف يكون بمثابة القضاء على تاريخها ومكانتها الذين اكتسبتهما من الفترة الزمنية التي مرت عليها، ويرى أنه ليس كل شئ هو جمع المال وفقط بل إن المحافظة على تراث بهذا الحجم هو الأهم، والدليل على ذلك أنه ربط أجيال "زارع" ممن تجاوزوا العاشرة والعقد الثاني والثالث بالمعصرة على الرغم من حصولهم علي المؤهلات الجامعية، وهم حريصون على الاستمرار في صون تراث الآباء والأجداد.
ساحة النقاش