بقلم : أمجد المصرى
من رحم الانكسار يولد الانتصار ... كلمات تعودنا ان نتداولها كثيراً عبر تاريخنا حتى صارت جزءا من الموروث الفكرى المكنون فى وجدان هذا الشعب فهل تتكرر المعجزه ..!!
قبل ان نسقط فى فخ التمنى الاجوف والشعارات التى تم استهلاكها طويلاً فى اعمالنا السينيمائيه والغنائيه طوال عقود طويله سنبحر قليلا فى اجواء المجتمع المصرى فى الفتره التى سبقت انتصار اكتوبر العظيم لنقارنها بما نعيشه اليوم لعلنا نجد تشابهاً عالياً بين الفترتين وبالتالى يصبح لدينا مبررا قويا وحجه للمطالبه باستدعاء هذا الأمل من عبق صفحات التاريخ والاعتقاد الذى قد يصل لدرجة اليقين بان ما حدث قديما يمكن ان يحدث مجدا الان..!!
يخطىء من يظن ان انتصار اكتوبر كان عسكرياً فقط فلم يكن الجيش المصرى المنهك بعد هزيمة يونيو ومع أمتناع الغرب عن تسليحه بالاسلحه الحديثه والتكنولوجيا المتطوره واعتماده على التسليح البسيط من المعسكر الشرقى قادراً على تحقيق الانتصار دون تواجد المعجزه البشريه التى تعاملت مع اقل الامكانيات لتصنع بها مجداً ونصراً يتغنى به العالم طوال عقود .. كيف كان المجتمع المصرى فى الفتره من انكسار 67 او قبلها بسنوات وحتى انتصار 73 .. هل كنا حقا فى اعلى درجات الاصطفاف والتركيز والازدهار السياسى والاقتصادى وقتها ام ان الحال ربما كان اسؤا مما نعيشه الان .. التاريخ يقول ان هذه الفتره كانت من اضعف الفترات فى تاريخ مصر سياسيا واقتصاديا بل واجتماعيا حيث غابت التعدديه السياسيه وظهرت مراكز القوى وغُيب شباب الوطن تماماً بين الافلام الهابطه وتقاليع الازياء الغربيه الباليه وانحسر تماما اى دور على الارض للشباب او منظمات المجتمع المدنى حتى كانت نكسة 67 ليشعر المصريون وقتها بالخوف على مصيرهم ومستقبل ابناؤهم فيأتى التحول المفاجىء والذى قد يوصف بانه اعظم تحول سيكولوجى ومجتعى يحدث فى دوله ما خلال فتره قصيره جدا من الزمن .. فجأه يتحول هؤلاء الذي كانوا منذ قليل تائهين مستهترين بما يحدث حولهم الى وحوش ضاريه تعرف عدوها الحقيقى وتصمم على الانتقام والثأر للارض والدم والعرض الذى اهين فى فترة النكسه .. انه التحول من الظلام الى النور فنفس الجيش الذى هزم فى 6 ساعات وعاش فى غيبوبه لا مثيل لها طوال سنوات هو نفسه الذى انتفض سريعا ليستعيد وعيه وينقض على العدو الغادر ليلحق به شر هزيمه رغم الضعف المادى والعسكرى ... انها الروح التى ولدت من رحم الهزيمه والتى ربما رايناها بشكل اخر خلال احداث يناير 2011 فهذا الشباب الذى ظل لسنوات طويلا بعيدا عن كل ما يتعلق بالسياسه وتم تغييبه تماما تحت تاثير المخدرات والافلام السنيمائيه ومباريات كرة القدم هو نفس الشباب الذى رايناه خلال ايام يناير وما بعدها رائعاً فى ميادين الثوره واللجان الشعبيه حامياً ومدافعاً عن المال والارض والعرض حتى وان اختلفنا او اتفقنا فى سبب تواجدهم او الاغراض الحقيقيه التى تم الدفع بهم الى الشارع من اجل تحقيقها .. انها روح اكتوبر ولدت مره اخرى ثم اختفت سريعا بفعل فاعل خبيث لا يريد ابدا لهذا الروح ان تستمر او ربما هى عوامل الزمن التى قدرت لهذا الشعب ان يمر دائما بهذه المرحله من الغياب ثم العوده مجددا من الخلف حيث لا يتوقع احداً له ان يعود ..!!
اليوم ونحن فى اشد حالات الغياب ربما كما يراه معظم المحللون والمتابعون ومع انصراف الشباب بقوه وقسوه عن المشهد الداخلى والسياسى والعوده مجددا الى حالة اللا تواجد او الغيبوبه المؤقته المصحوبه دائما بالاستغراق فى التفاهات كالافلام ومتابعة نجوم الفن ولاعبى كرة القدم ..هل نشهد صحوه جديده وهل يكرر هذا الجيل من الشباب ما حدث مرارا من قبل ويعودون مره اخرى ليذهلوا العالم باصطفافهم خلف الوطن ونصرته ... ربما لا نكون الان فى حالة حرب كما حدث فى اكتوبر وشبابها كما اننا لسنا فى حالة ثوريه مثلما حدث فى يناير وابناؤها ولكننا الان احوج ما نكون الى هذه الروح التى تبنى وتعلم وتطور وتصنع لهذا الوطن الغالى نوعا من التواجد الدولى القائم على العلم والابتكار وتحويل الدوله المصريه الشابه بطبعها الى مركزا للاشعاع ينطلق منه شباب مصر لغزو العالم بذكاؤهم ونبوغهم الفطرى فى كل مجالات العلم والبحث ... هل نشهد هذه العوده سريعا ام ان شبابنا ما زالوا غير مدركين لقدراتهم المكنونه وطاقاتهم الخفيه التى صنعت المستحيل منذ عقود والتى ما زالت قادره دائماً وابداً على تغيير وجه الحياه وكتابة تاريخ جديد لهذا الجيل المميز الذى ربما يمتلك ما لم تتحصل عليه الاجيال السابقه من الاطلاع والاطلال على العالم الخارجى والتعامل بكل سهوله ويسر مع التكنولوجيا الحديثه التى حرم منها اباؤهم وابناء الاجيال السابقه .
فى النهايه نذكر انفسنا ونذكر شبابنا بأننا لم نكن فى اعظم حالاتنا حين انتصرنا ولم نكن فى قمة التقدم حين عبرنا ولكنهم كانوا رجالاً ادركوا اللحظات الفارقه فى تاريخ امتهم فتخلصوا سريعا من اى عوار الم بهم وارتدوا ثوب الابداع والاجاده ليحققوا لانفسهم ولوطنهم ما لم يتوقعه احد .... حفظ الله شباب مصر وأرشدهم الى عبوراً جديداً لهم ولوطنهم .
نشرت فى 8 يونيو 2017
بواسطة luxlord2009
صدى الأخبار العربية
Sada Arabic News شعارنا الشفافيه »
صدى العربية
تسجيل الدخول
عدد زيارات الموقع
460,660
صدى العربية
شارك في نقل الحـدث
ساحة النقاش